علي الشمري
30-08-2004, 06:03 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
ذهبت مع صديقي الى محل للهواتف النقاله..من اجل تعريب هاتفي النقال..
فأنا لا أطيق النظر الى حروف الانجليزيه..لأني لا اجيدها.
أعطيت الجهاز الى عامل المحل..وفي ظرف عشر دقائق..أعاده لي معربا..
همس صديقي في اذني قائلا : صراحه..ابداع..في غضون عشر دقائق قام
بتحويله الى العربيه..
نظرت الى صديقي مستنكرا وقلت : من المبدع..صانع الجهاز الذي جعله
قابل للتعريب بضغطة زر..ام هذا العامل الذي قام بضغطه ؟؟..
حار صديقي في الجواب خوفا من ان يجيب بشئ لا يعجبني فتضيع عليه
عزيمة العشاء التى كنت قد وعدته بها بعد الانتهاء من محل الهواتف.
الحداثه .. عنوان كبير لمنظومه ذات رأسين.. الأول مادي والآخر فكري..
ولم تكن من صنع أيدينا نحن العرب..في يوم من الأيام..بل هي مستورده
من الخارج...بالكامل.
أما الشق المادي فلا جدال فيه بأنه اقتحم حياتنا كسيل جرار..لا يصد
ولا تثريب في ذلك..خلا بعض الغبار الذي يثيره بعض أبناء جلدتنا
جراء الإستخدام السيئ لهذه الحداثه الماديه.
أما المعضله الاكبر..فهي الحداثه ذات الشق الفكري..وهي تعتبر في ((ظني ))
انها النسخه الجديده من الغزو الفكري..وقد يكون كلاهما وجهان لعمله واحده
..هي العولمه...وان كانت لفظة الغزو توحي بانها شر محض الا انها
ليست كذلك..وهذا حال الأفكار
دائما وأبدا..دائما ما تتراكم امامها العوائق بكافة اشكالها (( مصافي – قناطر-
سدود – جدران – زوابع ))..ولكن مايجب التنبيه عليه والتشديد فيه
ان أحوالنا مع الحداثه الماديه هي ذات احوالنا مع الحداثه الفكريه..ففي كلا الأمرين
نقوم بدور (( المستهلك )) فقط..فعندما اشتري جهاز كمبيوتر وهو من نتاج
الحداثه الماديه واقوم ببعض التطبيقات عليه واكتشاف الأسرار المودعه فيه
لا أختلف عمن أشترى فكرا حداثيا وقام ببعض التطبيقات عليه مكتشفا
الأسرار المودعه فيه..ففي الحالتين نكون مستهلكين..لا أكثر.
ان الحداثيين العرب..الذين استوردوا الحداثه الفكريه من منابعها الغربيه
لم يكونوا سوى (( مترجمين )) لها..اعجبتهم اللعبه كثيرا..فظنوا انهم
هم من أبدع هذه الحداثه..فأختلط عليهم الأمر..كما اختلط الأمر على صديقي
فظن ان العامل الذي قام بتعريب – ترجمة – هاتفي النقال هو المبدع
مع انه لا إبداع في ذلك..إنما الإبداع ينصرف الى الصانع الأصلي
للهاتف النقال..ووضع فيه ميزة التعريب.
ومن المجالات الثقافيه التى طالتها يد الحداثه..الشعر.
حيث ظهر شعراء أشبه بقناطر مررت عبر الشعر فكرا حداثيا لا يمت
لنا نحن العرب المسلمين باي صله..وهذا غير مستغرب..لأنهم رضوا ان يكونوا مترجمين..
فنقلوا لنا الفكر الغربي بعجله وبجله..فكان ان قاموا بإنشاء هيكلة جديده للشعر العربي على مستوى المضمون والشكل.
اما المضمون فكان مفخخا بآراء فلسفيه تصل الى الزندقه والإلحاد ولا يجادل في
هذا الا مكابر..طبعا مع تزويق هذه الآراء بشئ من البهارج الكلاميه والخطابيه
وشئ من الضرورات العقليه المتفق عليها عند جميع خلق الله..لتسهيل عملية
مرور هذه الفلسفات ولتجميع أكبر قدر من الجمهور حولها..مع استحداث تقنيات
جديده للقصيده اهمها وعلى رأسها..الغموض الصارخ..وتفجير نسق القصيده
التقليديه فيما يختص بالشكل.
حتى تتضح الرؤيه أكثر..فقد قام الشعراء العاميين بنفس حركة الترجمه
التى قام بها شعراء الفصحى .. فأحدثوا نصوصا تحاكي نصوص الفصحى
المترجمه من النصوص الغربيه .. ولكن هنا الى العاميه..مع التحفظ الشديد
عند شعراء العاميه على مضمون الحداثيين سابق الذكر..لأسباب أعتقد انهالا تخفى
عليكم..لذلك اكتفوا بالشكل وتركوا المضمون..ولا يستثنى من ذلك الا القليل.
الآن..وبعد ان عرفنا ان الحداثه صناعه غربيه صرفه..وما نحن الا مستهلكين
عيال على تلك الحداثه..هل يحق لنا ان نعطي انفسنا اكبر من حجمها..وان نتعملق
ونحن بحجم عقلة الأصبع..ونتحدث عن (( ما وراء الحداثه ))..وكأننا نحن من
صنع الحداثه..حتى نصنع ماوراءها...صحيح اللى اختشوا ماتوا.
واخيرا.. من المبدع..صانع الهاتف النقال..ام عامل المحل ؟؟..
وهل يحق لعامل المحل.. ان يتحدث فيـ (( ماوراء )) الهاتف النقال؟؟..
تحياتي للجميع
محبكم
هيرو بن اكسبرس الشمري
ذهبت مع صديقي الى محل للهواتف النقاله..من اجل تعريب هاتفي النقال..
فأنا لا أطيق النظر الى حروف الانجليزيه..لأني لا اجيدها.
أعطيت الجهاز الى عامل المحل..وفي ظرف عشر دقائق..أعاده لي معربا..
همس صديقي في اذني قائلا : صراحه..ابداع..في غضون عشر دقائق قام
بتحويله الى العربيه..
نظرت الى صديقي مستنكرا وقلت : من المبدع..صانع الجهاز الذي جعله
قابل للتعريب بضغطة زر..ام هذا العامل الذي قام بضغطه ؟؟..
حار صديقي في الجواب خوفا من ان يجيب بشئ لا يعجبني فتضيع عليه
عزيمة العشاء التى كنت قد وعدته بها بعد الانتهاء من محل الهواتف.
الحداثه .. عنوان كبير لمنظومه ذات رأسين.. الأول مادي والآخر فكري..
ولم تكن من صنع أيدينا نحن العرب..في يوم من الأيام..بل هي مستورده
من الخارج...بالكامل.
أما الشق المادي فلا جدال فيه بأنه اقتحم حياتنا كسيل جرار..لا يصد
ولا تثريب في ذلك..خلا بعض الغبار الذي يثيره بعض أبناء جلدتنا
جراء الإستخدام السيئ لهذه الحداثه الماديه.
أما المعضله الاكبر..فهي الحداثه ذات الشق الفكري..وهي تعتبر في ((ظني ))
انها النسخه الجديده من الغزو الفكري..وقد يكون كلاهما وجهان لعمله واحده
..هي العولمه...وان كانت لفظة الغزو توحي بانها شر محض الا انها
ليست كذلك..وهذا حال الأفكار
دائما وأبدا..دائما ما تتراكم امامها العوائق بكافة اشكالها (( مصافي – قناطر-
سدود – جدران – زوابع ))..ولكن مايجب التنبيه عليه والتشديد فيه
ان أحوالنا مع الحداثه الماديه هي ذات احوالنا مع الحداثه الفكريه..ففي كلا الأمرين
نقوم بدور (( المستهلك )) فقط..فعندما اشتري جهاز كمبيوتر وهو من نتاج
الحداثه الماديه واقوم ببعض التطبيقات عليه واكتشاف الأسرار المودعه فيه
لا أختلف عمن أشترى فكرا حداثيا وقام ببعض التطبيقات عليه مكتشفا
الأسرار المودعه فيه..ففي الحالتين نكون مستهلكين..لا أكثر.
ان الحداثيين العرب..الذين استوردوا الحداثه الفكريه من منابعها الغربيه
لم يكونوا سوى (( مترجمين )) لها..اعجبتهم اللعبه كثيرا..فظنوا انهم
هم من أبدع هذه الحداثه..فأختلط عليهم الأمر..كما اختلط الأمر على صديقي
فظن ان العامل الذي قام بتعريب – ترجمة – هاتفي النقال هو المبدع
مع انه لا إبداع في ذلك..إنما الإبداع ينصرف الى الصانع الأصلي
للهاتف النقال..ووضع فيه ميزة التعريب.
ومن المجالات الثقافيه التى طالتها يد الحداثه..الشعر.
حيث ظهر شعراء أشبه بقناطر مررت عبر الشعر فكرا حداثيا لا يمت
لنا نحن العرب المسلمين باي صله..وهذا غير مستغرب..لأنهم رضوا ان يكونوا مترجمين..
فنقلوا لنا الفكر الغربي بعجله وبجله..فكان ان قاموا بإنشاء هيكلة جديده للشعر العربي على مستوى المضمون والشكل.
اما المضمون فكان مفخخا بآراء فلسفيه تصل الى الزندقه والإلحاد ولا يجادل في
هذا الا مكابر..طبعا مع تزويق هذه الآراء بشئ من البهارج الكلاميه والخطابيه
وشئ من الضرورات العقليه المتفق عليها عند جميع خلق الله..لتسهيل عملية
مرور هذه الفلسفات ولتجميع أكبر قدر من الجمهور حولها..مع استحداث تقنيات
جديده للقصيده اهمها وعلى رأسها..الغموض الصارخ..وتفجير نسق القصيده
التقليديه فيما يختص بالشكل.
حتى تتضح الرؤيه أكثر..فقد قام الشعراء العاميين بنفس حركة الترجمه
التى قام بها شعراء الفصحى .. فأحدثوا نصوصا تحاكي نصوص الفصحى
المترجمه من النصوص الغربيه .. ولكن هنا الى العاميه..مع التحفظ الشديد
عند شعراء العاميه على مضمون الحداثيين سابق الذكر..لأسباب أعتقد انهالا تخفى
عليكم..لذلك اكتفوا بالشكل وتركوا المضمون..ولا يستثنى من ذلك الا القليل.
الآن..وبعد ان عرفنا ان الحداثه صناعه غربيه صرفه..وما نحن الا مستهلكين
عيال على تلك الحداثه..هل يحق لنا ان نعطي انفسنا اكبر من حجمها..وان نتعملق
ونحن بحجم عقلة الأصبع..ونتحدث عن (( ما وراء الحداثه ))..وكأننا نحن من
صنع الحداثه..حتى نصنع ماوراءها...صحيح اللى اختشوا ماتوا.
واخيرا.. من المبدع..صانع الهاتف النقال..ام عامل المحل ؟؟..
وهل يحق لعامل المحل.. ان يتحدث فيـ (( ماوراء )) الهاتف النقال؟؟..
تحياتي للجميع
محبكم
هيرو بن اكسبرس الشمري