فتى دبي
06-11-2004, 02:27 PM
نري كثيرا من البشر يتقلبون في اللذات، ويتجبرون علي الخلق ويتكبرون وقد ضربت لهم كؤوس المنون فهم لها يتجرعون، وتركوا الأموال التي كانوا لها يجمعون، وفارقوا العيش الذي كانوا به يتمتعون، فلو رأيناهم وهم في حلل الندامة يساقون الي الموت وهم ينظرون (أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون).
(أفأمنوا مكر الله) أي بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) ولهذا قال الحسن البصري رحمه الله: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن، وها هو سيدنا أبوبكر الصديق يقول لو أن احدي قدمي في الجنة والأخري خارجها لم أأمن مكر الله.
فجدير بكل انسان ان يجدد العهد مع الله بالتوبة الصادقة والإنابة اليه، والعبودية الخالصة والتوحيد له وحده سبحانه وتعالي، وألا يصر علي المعاصي والذنوب فهو لا يدري متي يأتيه الموت ولا يدري ماذا ستكون خاتمته، والرسول صلي الله عليه وسلم كان يدعو ويقول: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا علي دينك ، ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار وهذا هو سوء الخاتمة والعياذ بالله، وقال العلماء: إنه لا يحتمل ان يكون عملا بالجوارح بل يكون بمقدار خاطر يختلج في القلب عند الموت، فيقتضي خاتمة السوء.
فيا مطلقا نظره في الشهوات ويا مستبيحا للحرمات ومغرورا باللذات الفانيات، هلا اعتبرت بأقوام اخرجوا من ديارهم وقد تمسكوا بذنوبهم وأصروا عليها، فلم يقبل منهم قول في اعتذارهم، وعن عبدالله بن المؤذن رحمه الله قال: كنت أطوف حول الكعبة وإذا برجل متعلق بأستارها وهو يقول: اللهم أخرجني من الدنيا مسلما لا يزيد علي ذلك شيئا، فنسأل الله ان يحفظ علينا ديننا.
وعن سفيان الثوري رضي الله عنه، انه خرج الي مكة حاجا وكان يبكي من أول الليل الي آخره، فقال له شيبان الراعي، يا سفيان لِمَ بكاؤك؟ إن كان لأجل المعصية فلا تعصه، فقال سفيان: ليس بكائي يا شيبان من أجل المعصية ولكن من خوف الخاتمة، لأني رأيت شيخا كبيرا كتب عنه العلم وعلم الناس اربعين سنة وجاور بيت الله الحرام سنين وكانت تلتمس بركته، فلما مات تحول وجهه عن القبلة ومات كافرا، فما أخاف إلا من سوء الخاتمة، فقال له: ان ذلك من شؤم المعصية والإصرار علي الذنوب، فكم أناس صالحين استبدلوا الكفر بالإيمان وانفصلوا بسوء خاتمة للموت وقد سلبوا دينا وايمانا.
وأشهر ما يروي في ذلك وهذا للاتعاظ والاعتبار أن أخوين كان احدهما عابدا والآخر مسرفا علي نفسه، فتمثل ابليس للعابد يوما وقال له: يا أسفا عليك ضيعت من عمرك أربعين سنة في حصر نفسك واتعاب بدنك، فأطلق نفسك في شهواتها وتلذذ ثم تب بعد ذلك وعد الي العبادة، فإن الله غفور رحيم، فقال العابد: أنزل الي أخي في أسفل الدار وأوافقه علي الهوي واللذات عشرين سنة ثم أتوب وأعبد الله في العشرين التي بقيت من عمري، فنزل، وقال أخوه المسرف علي نفسه، قد أفنيت عمري في المعصية وأخي العابد يدخل الجنة وأنا أدخل النار، والله لأتوبن، ونزل أخوه علي نية المعصية فزلت رجله فوقع علي أخيه فماتا جميعا، فحشر العابد علي نية المعصية، وحشر المسرف العاصي علي نية التوبة.
فكم من بعيد قُرِبَ، وكم من قريب أبعده وجفاه الأهل والجار، كان حظ الأول الجنة، وحظ الثاني النار، ندم العابد علي تغير نيته بلا شك وبكي علي تفريطه بعد عبادته إذ زل وهفا ويعلم انه بني علي شفا جرف هار.
ولذلك ينبغي ان يخاف المسلم عاقبة امره ويسأل الله تعالي حسن الخاتمة، فكم من نفس مُكر بها بعد ان كانت صائمة قائمة، وكم من صالح وقف بالليالي يبكي بالدموع وما له حظ سوي طول القيام، وكم من بعيد نال أعلي مقام. فنسأله سبحانه وتعالي حسن الخاتمة ونعوذ بالله من مكره تعالي (فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) ولله در القائل:
تتوب من الذنوب إذا مرضتا
وترجع للذنوب إذا برئتا
إذا ما الضر مسك أنت باكٍ
وأخبث ما يكون إذا قويتا
فكم من كربة نجاك منها
وكم كشف البلاء إذا بليتا
وكم غطاك في ذنب وعنه
مدي الأيام جهرا قد نهيتا
أما تخشي بأن تأتي المنايا
وأنت علي الخطايا قد دهيتا
وكم عاهدت ثم نقضت عهداً
وأنت لكل معروف نسيتا
فدارك قبل نقلك عن ديارك
إلي قبر اليه قد نعيتا
(أفأمنوا مكر الله) أي بأسه ونقمته وقدرته عليهم وأخذه إياهم في حال سهوهم وغفلتهم (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) ولهذا قال الحسن البصري رحمه الله: المؤمن يعمل بالطاعات وهو مشفق وجل خائف، والفاجر يعمل بالمعاصي وهو آمن، وها هو سيدنا أبوبكر الصديق يقول لو أن احدي قدمي في الجنة والأخري خارجها لم أأمن مكر الله.
فجدير بكل انسان ان يجدد العهد مع الله بالتوبة الصادقة والإنابة اليه، والعبودية الخالصة والتوحيد له وحده سبحانه وتعالي، وألا يصر علي المعاصي والذنوب فهو لا يدري متي يأتيه الموت ولا يدري ماذا ستكون خاتمته، والرسول صلي الله عليه وسلم كان يدعو ويقول: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا علي دينك ، ويقول الرسول صلي الله عليه وسلم: إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار وهذا هو سوء الخاتمة والعياذ بالله، وقال العلماء: إنه لا يحتمل ان يكون عملا بالجوارح بل يكون بمقدار خاطر يختلج في القلب عند الموت، فيقتضي خاتمة السوء.
فيا مطلقا نظره في الشهوات ويا مستبيحا للحرمات ومغرورا باللذات الفانيات، هلا اعتبرت بأقوام اخرجوا من ديارهم وقد تمسكوا بذنوبهم وأصروا عليها، فلم يقبل منهم قول في اعتذارهم، وعن عبدالله بن المؤذن رحمه الله قال: كنت أطوف حول الكعبة وإذا برجل متعلق بأستارها وهو يقول: اللهم أخرجني من الدنيا مسلما لا يزيد علي ذلك شيئا، فنسأل الله ان يحفظ علينا ديننا.
وعن سفيان الثوري رضي الله عنه، انه خرج الي مكة حاجا وكان يبكي من أول الليل الي آخره، فقال له شيبان الراعي، يا سفيان لِمَ بكاؤك؟ إن كان لأجل المعصية فلا تعصه، فقال سفيان: ليس بكائي يا شيبان من أجل المعصية ولكن من خوف الخاتمة، لأني رأيت شيخا كبيرا كتب عنه العلم وعلم الناس اربعين سنة وجاور بيت الله الحرام سنين وكانت تلتمس بركته، فلما مات تحول وجهه عن القبلة ومات كافرا، فما أخاف إلا من سوء الخاتمة، فقال له: ان ذلك من شؤم المعصية والإصرار علي الذنوب، فكم أناس صالحين استبدلوا الكفر بالإيمان وانفصلوا بسوء خاتمة للموت وقد سلبوا دينا وايمانا.
وأشهر ما يروي في ذلك وهذا للاتعاظ والاعتبار أن أخوين كان احدهما عابدا والآخر مسرفا علي نفسه، فتمثل ابليس للعابد يوما وقال له: يا أسفا عليك ضيعت من عمرك أربعين سنة في حصر نفسك واتعاب بدنك، فأطلق نفسك في شهواتها وتلذذ ثم تب بعد ذلك وعد الي العبادة، فإن الله غفور رحيم، فقال العابد: أنزل الي أخي في أسفل الدار وأوافقه علي الهوي واللذات عشرين سنة ثم أتوب وأعبد الله في العشرين التي بقيت من عمري، فنزل، وقال أخوه المسرف علي نفسه، قد أفنيت عمري في المعصية وأخي العابد يدخل الجنة وأنا أدخل النار، والله لأتوبن، ونزل أخوه علي نية المعصية فزلت رجله فوقع علي أخيه فماتا جميعا، فحشر العابد علي نية المعصية، وحشر المسرف العاصي علي نية التوبة.
فكم من بعيد قُرِبَ، وكم من قريب أبعده وجفاه الأهل والجار، كان حظ الأول الجنة، وحظ الثاني النار، ندم العابد علي تغير نيته بلا شك وبكي علي تفريطه بعد عبادته إذ زل وهفا ويعلم انه بني علي شفا جرف هار.
ولذلك ينبغي ان يخاف المسلم عاقبة امره ويسأل الله تعالي حسن الخاتمة، فكم من نفس مُكر بها بعد ان كانت صائمة قائمة، وكم من صالح وقف بالليالي يبكي بالدموع وما له حظ سوي طول القيام، وكم من بعيد نال أعلي مقام. فنسأله سبحانه وتعالي حسن الخاتمة ونعوذ بالله من مكره تعالي (فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) ولله در القائل:
تتوب من الذنوب إذا مرضتا
وترجع للذنوب إذا برئتا
إذا ما الضر مسك أنت باكٍ
وأخبث ما يكون إذا قويتا
فكم من كربة نجاك منها
وكم كشف البلاء إذا بليتا
وكم غطاك في ذنب وعنه
مدي الأيام جهرا قد نهيتا
أما تخشي بأن تأتي المنايا
وأنت علي الخطايا قد دهيتا
وكم عاهدت ثم نقضت عهداً
وأنت لكل معروف نسيتا
فدارك قبل نقلك عن ديارك
إلي قبر اليه قد نعيتا