PDA

View Full Version : جاهد هواك ما استطعت !!


ناصر السنة
26-11-2004, 05:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

تأملت أمراً عجيباً ، وأصلاً ظريفاً ، وهو انهيال الابتلاء على المؤمن ، وعرض صورة اللذات عليه مع قدرته على نيلها ، وخصوصاً ما كان في غير كَلْفَةٍ من تحصيله ، كمحبوب موافق في خلوةٍ حصينة.

فقلت : سبحان الله ! ههنا يبين أثر الإيمان ، لا في صلاة ركعتين .
والله ما صعد يوسف عليه السلام ولا سِعِدَ إلاَّ في مثل ذلك المقام ، فبالله عليكم يا إخواني ، تأملوا حاله لو كان وافق هواه من كان يكون ؟
وقيسوا بين تلك الحالة ، وحالة آدم عليه السلام ، ثم زنوا بميزان العقل عُقبى تلك الخطيئة ، وثمرة هذا الصبر . واجعلوا فهْم الحال عُدَّةٌ عند كل مشتهى.

وإن اللذات لتعرض على المؤمن ، فمتى لقيها في صف حربه وقد تأخر عند عسكر التدبر للعواقب هُزِم .
وكأني أرى الواقع في بعض أشراكها ولسان الحال يقول له : قف مكانك ، أنت وما اخترت لنفسك .

فغاية أمره الندم والبكاء .

فإن أمن إخراجه من تلك الهوَّة لم يخرج إلا مدهوناً بالخدوش .
وكم من شخصٍ زلت قدمه فما ارتفعت بعدها .
ومن تأمل ذل إخوة يوسف عليه السلام يوم قالوا :
"وَتَصَدَّقْ عَلَيْنَا" عرف شؤم الزلل .

ومن تدبر أحوالهم قاس ما بينهم وبين أخيهم من الفروق ، وإن كانت توبتهم قبلت ، لأنه ليس من رَقَعَ وخاط كمن ثَوْبُهُ صحيح .

ورب عَظْمٍ لم ينجبر ، فإن جبر فعلى وَهًى .

فتيقظوا – إخواني – عرض المشتهيات على النفوس ، واستوثقوا من لُجُمُ الخيل ، وانتبهوا للغيم إذا تراكم بالصعود إلى تلعة ، فربما مدَّ الوادي فراح بالركب .



نقله : ناصر السنة - يوم الجمعة 13/10/1425 هـ ، الساعة 4:06 عصراً
من كتاب : "صيد الخاطر" للإمام ابن الجوزي ، فصل 73 ، ص 191 – 192

بشاير
27-11-2004, 06:47 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذا هو حال البشر أخي ناصر السنة

هم في جهاد مع النفس والهوى إلى أن يلقون الله وهم عنهم راض جعلنا الله منهم بفضله ومنه وكرمه

جزاك الله خير على هذا النقل وجعل لك من الاسم الذي اخترته النصيب الوافر

أبومروان
21-10-2005, 06:10 AM
( .... تأملت أمراً عجيباً ، وأصلاً ظريفاً ، وهو انهيال الابتلاء على المؤمن ، وعرض صورة اللذات عليه مع قدرته على نيلها ، وخصوصاً ما كان في غير كَلْفَةٍ من تحصيله ، كمحبوب موافق في خلوةٍ حصينة.

فقلت : سبحان الله ! ههنا يبين أثر الإيمان ، لا في صلاة ركعتين ..... )

لله درك با ابن الجوزي رحمك الله ورفع الله قدرك ....