PDA

View Full Version : صبـــــاح الرحيل ...إلى أين ..؟!


حروف سوالف
21-03-2006, 04:04 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

صباحات يوم غائم و أشعة شمس تحاول الوصول مخترقة طبقات السحب المتراصة ، تهبط سيارتي الطريق السريع وتصطف مع سيل من المركبات ، يزعجني صوت المركبة على الطريق بل المركبات ، أهرب لصوت المذيع ، تطنطن موسيقى معلنتنا بداية جديده أو نهاية جديده لا اعلم ..!!،يعود لي صوت رجولي وكأني أسمع ترنيمة موسيقية اخرى بصوت بشري ، تندمج أفكاري لا شعوريا بتلك الترنمية .

تعلن أضواء المركبة أمامي حالة التوقف ...

طريق سريع ..!!

توقف ..!!

إزدحام ...!!

أخرج بمركبتي هاربا لطريق فرعيه ، أتوقف عند إشارة ضوئية ...

يهتز هاتفي معلننا قدوم اتصال ..

أخاطب داخلي متسائلا بل متعجبا ...من يتصل في هذا الوقت ..!!

- نعم ..

- صباح الخير ، المهندس محمد ؟.

- معك ..من معي ؟!.

- زميلك في العمل ..ألم تعرفني ؟!.

- اهلا مهندس ماجد ، أسف لم أميز صوتك ، أمر ..

- أحتاج لمتبرع دم .

يقفز سؤال الى رأسي لماذا يطلب متبرعا ..!!، لم أسئل بل أجبته سريعا ...

- حاضر ، أنت في أي مستشفى ..؟

- مستشفى (...) .

- أبشر ، عشر دقائق وأكون عندك .

إنتهت المكاملة ...غيرت إتجاهي للمستشفى ..مكالمة سريعة لعملي معتذرا عن تأخري بظرف زميلي ، بدى لي المسؤول متفهما .

أوقفت سيارتي وترجلت احث الخطى ، تجاوزت البوابة الزجاجية ووقفت امام طاولة رخامية يجلس خلفها شاب أسمر البشرة.

- لو سمحت ، أين بنك أو مختبر الدم ...أين مكان التبرع بالدم ؟!.
- التبرع بالدم ، تلك البوابه .
وأشار الى بوابة صغيرة على يساره .

أتصلت بالرقم الذي أتصل منه زميلي ، أستمر الهاتف يطنطن وما من إجابة ، كررت الأتصال ....بدأت أقلق ، تتبعثر أفكار سوداء في رأسي ..!!

رن هاتفي ، فأجبت بسرعة دون أن أنظر رقم المتصل ...

- ماجد ..؟

- محمد أين أنت ؟

- عند الأستقبال .

- انتظرني سأكون عندك ..

أغلق الخط ..

دقائق مرت بطيئة ثقيله ، جال بخاطري كل فكرة وسؤال لم يبقى أحتمال لم أفكر به ، ولا فكرة لم أبعدها خوفا من ألم أخر يسجله التاريخ ضدي ..!!

بقيت واقفا أتمعن معناه الألم في وجوه البشر أفحص الحزن في أعين أختزنت الدمع ...

صوت مخنوق من خلفي ينادي ...

- محمد ..
- هلا ماجد ..

مصافحة باردة ....

- أسفا أزعاجك .

يدعك جبينه بإبهامه ..

- لا أبدا لا أزعاج ..سلامات ..!

بعد لحظات من الصمت ، كنت أحوال أستشفاف إجابتي من خلال النظر في عينيه .

- اخوي محمد ، حصل له حادث اليوم فجرا ، واحتاج لعمليه ...ودم ....

- .......

انتظرت ان يكمل ، يتكلم بهدوء ...أدركت أن هناك مصيبة قادمه....

- محمد ........... مات ....

وأنهار باكيا ، لم يخفي دموعه عني كم يفعل باقي (الرجال) أقتربت منه ، أمسكت به ثم احتضنته ...لا أدري كم مضى من الزمن ونحن نقف هكذا ...

اجلسته على الكرسي .

- الله يغفر له ويرحمه ويسكنه فسيح جنانه .... أصبر أخي ..ليس له منكم الأن الا الدعاء ...

تدافعت الكلمات بيننا بين دعاء ودعوة للصبر ...

مضى الزمن بنا لا أعلم الى ين ولكني صحوت أخيرا أقول له ...

- الله يغفر له ولجميع موتى المسلمين ...



( أحترت أين أضع الموضوع ..!)

لكم مني أرق تحيه
حروف سوالف

بو هلال
21-03-2006, 05:07 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

اللهم اغفر له ولجميع المسلمين

قصة من كاتب حروف سوالف

حياك الله اخي

اخويك بو هلال

ميس الريم
21-03-2006, 10:58 PM
صباح الرحيل !! ..

كم من صبح جديد ينتهي قبل اكتمال إشراقةِ شمسه؟؟
وكم من يوم يتوقف بصاحبه فلا يكمله حتى نهايته ..فتكون بداية النهاية !!

نسأل الله الرحمة لنا ولموتى المسلمين..


رحمه الله إن كان من كتبت عنه شخص حقيقي

تحياتي
//ميس الريم

حروف سوالف
22-03-2006, 08:47 AM
اهلا بأخي بو هلال

اللهم اغفر لموتنا موتا المسلمين ، شاكرا لك حضورك وتعليقك ..

لك مني ارق تحيه
حروف سوالف

بو عبدالرحمن
23-03-2006, 06:04 AM
أخي الحبيب / حروف سوالف
......... رحم الله والديك ورفع الله قدرك

عرض بديع ، وأسلوب جميل ، وسرد موفق

رحم الله صديقك هذا وغفر له وجعل قبره روضة من رياض الجنة

ونسأله أيضا أن يرحم موتانا وموتى المسلمين تحت كل سماء

اللهم آمين

يبقى أن ننتظر منك مثل هذا الإبداع

وتذكر أن قلم الكاتب لا يزال يصقل في كل مرة ، ما دام يكتب ويكتب

واستعن بالله ولا تعجز

بشاير
23-03-2006, 12:51 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه الحكاية نموذج من حكايات تحدث في أقسام المستشفيات

أتساءل أحيانا كيف يتحمل من في قسم الحوادث من أطباء وممرضات وكتاب وعمال كل هذا الكم من حوادث الموت وردات الفعل من ذويهم

ثم استدرك الموقف واردد الحمد لله إني لم أكن منهم

والشئ الأخر الذي يرد في خاطري عند التفكير بهم إن الله يقسم لكل إنسان ما هو قدر طاقته

رحم الله موتانا وموتى المسلمين

جزاك الله خير أخي حروف وبارك الله فيك