عابر99
22-01-2000, 04:50 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :
انفذ من ساحة الصدر إلى مشاهدة القلب تجد ملكاً عظيماً جالساً على سرير مملكته، يأمر وينهى، ويولى ويعزل. وقد حف به الأمراء والوزراء والجند، كلهم في خدمته، إن استقام استقاموا وإن زاغ زاغوا، وإن فسد فسدوا.
فعليه المعول، وهو محل نظر الرب تعالى، ومحل معرفته، ومحبته وخشيته، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والرضى به، وعنه، والعبودية عليه أولاً وعلى رعيته وجنده تبعاً.
فأشرف مافي الإنسان قلبه.
فهو العالم بالله، الساعي إليه، المحب له، وهومحل الإيمان والعرفان. وهو المخاطب المبعوث إليه الرسل، المخصوص بأشرف العطايا، من الإيمان والعقل. وإنما الجوارح أتباع للقلب يستخدمها استخدام الملوك للعبيد، والراعي للرعية، والذي يسري إلى الجوارح من الطاعات والمعاصي، إنما هي آثاره.
فإن أظلم أظلمت الجوارح، وإن استنار استنارت، ومع هذا فهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عزوجل.
فسبحان مقلب القلوب ومودعها مايشاء من أسرار الغيوب الذي يحول بين المر وقلبه، ويعلم ماينطوي عليه من طاعته ودينه، مصرف القلوب كيف أراد وحيث اراد. أوحى إلى قلوب الأولياء أن أقبلي إلي، فبادرت وقامت بين يدي رب العالمين، وكره عز وجل انبعاث آخرين فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين.
كانت اكثر يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا ولامقلب القلوب" وكان من دعائه "اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك" قال بعض السلف: القلب أشد تقلباً من القدر إذا استجمعت غليانها. وقال الآخر: القلب أشد تقلباً من الريشة بأرض، فلاة في يوم ريح عاصف.
ولما خلق القلب للسفر إلى الله والدار الآخرة وحصل في هذا العالم ليتزود منه افتقر إلى المركب والزاد لسفره الذي خلق لأجله.
فأعين بالأعضاء والقوى، وسخرت له، وأقيمت له في خدمته لتجلب له ما يوافقه من الغذاء والمنافع، ويدفع عنه مايضره ويهلكه، فافتقر إلى جندين: باطن، وهو الإرادة والشهوة، والقوى. وظاهر وهو الأعضاء. فخلق في القلب في الإرادات والشهوات ما احتاج إليه.
وخلقت له الأعضاء التي هي آلة الإرادة. واحتاج في دفع المضار إلى جندين: باطن، وهو الغضب الذي يدفع المهلكات، وينتقم به من الأعداء. وظاهر وهو الأعضاء التي ينفذ بها غضبه، كالأسلحة للقتال. ولايتم ذلك إلا بمعرفته مايجلب ومايدفع، فأعين الجند من العلم بما يكشف له حقائق ماينفعه ومايضره.
ولما سلطت عليه الشهوة والغضب والشيطان أعين بجند من الملائكة، وجعل له محل من الحلال ينفذ فيه شهواته، وجعل بإزائه أعداء له ينفذ فيهن غضبه، فما ابتلى بصفة من الصفات إلا وجعل لها مصرفاً ومحلاً ينفذها فيه.
فجعل لقوة الحسد فيه مصرفاً، وهو المنافسة في فعل الخير، والغبطة عليه، والمسابقة إليه.
ولقوة الكبر مصرفاً وهو التكبر على أعداء الله تعالى وإهانتهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن رآه يختال بين الصفين في الحرب "إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن" وقد أمر الله سبحانه بالغلظة على اعدائه.
وجعل لقوة الحرص مصرفاً، وهو الحرص على ماينفع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "احرص على ماينفعك"
ولقوةالشهوة مصرفاً. وهو التزوج بأربع، والتسري بماشاء. ولقوة حب المال مصرفاً، وهو إنفاقه في مرضاته تعالى، والتزود منه لمعاده.
ولمحبة الجاه مصرفاً، وهو استعماله في تنفيذ أوامره، وإقامة دينه، ونصر المظلوم، وإغاثة الملهوف، وإعانة الضعيف، وقمع أعداء الله.
وجعل لقوة اللعب واللهو مصرفاً، وهو لهوه مع امرأته، أو بقوسه وسهمه، أو تأديبه فرسه، وكان مااعان على الحق.
وجعل لقوة التحيل والمكر فيه مصرفاً، وهو التحيل على عدوه وعدو الله تعالى بأنواع التحيل، حتى يراغمه ويرده خاسئاً، ويستعمل معه من أنواع المكر ما يستعمله عدوه معه.
وهكذا جميع القوى التي ركبت فيه جعل لها مصرفاً.
وقد ركبها الله فيه لمصالح اقتضتها حكمته ولايطلب تعطيلها، وإنما تصرف مجاريها من محل إلىمحل، ومن موضع إلىموضع. ومن تأمل هذا الموضع وتفقه فيه علم شدة الحاجة إليه، وعظم الانتفاع به.
انفذ من ساحة الصدر إلى مشاهدة القلب تجد ملكاً عظيماً جالساً على سرير مملكته، يأمر وينهى، ويولى ويعزل. وقد حف به الأمراء والوزراء والجند، كلهم في خدمته، إن استقام استقاموا وإن زاغ زاغوا، وإن فسد فسدوا.
فعليه المعول، وهو محل نظر الرب تعالى، ومحل معرفته، ومحبته وخشيته، والتوكل عليه، والإنابة إليه، والرضى به، وعنه، والعبودية عليه أولاً وعلى رعيته وجنده تبعاً.
فأشرف مافي الإنسان قلبه.
فهو العالم بالله، الساعي إليه، المحب له، وهومحل الإيمان والعرفان. وهو المخاطب المبعوث إليه الرسل، المخصوص بأشرف العطايا، من الإيمان والعقل. وإنما الجوارح أتباع للقلب يستخدمها استخدام الملوك للعبيد، والراعي للرعية، والذي يسري إلى الجوارح من الطاعات والمعاصي، إنما هي آثاره.
فإن أظلم أظلمت الجوارح، وإن استنار استنارت، ومع هذا فهو بين إصبعين من أصابع الرحمن عزوجل.
فسبحان مقلب القلوب ومودعها مايشاء من أسرار الغيوب الذي يحول بين المر وقلبه، ويعلم ماينطوي عليه من طاعته ودينه، مصرف القلوب كيف أراد وحيث اراد. أوحى إلى قلوب الأولياء أن أقبلي إلي، فبادرت وقامت بين يدي رب العالمين، وكره عز وجل انبعاث آخرين فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين.
كانت اكثر يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا ولامقلب القلوب" وكان من دعائه "اللهم يامقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك" قال بعض السلف: القلب أشد تقلباً من القدر إذا استجمعت غليانها. وقال الآخر: القلب أشد تقلباً من الريشة بأرض، فلاة في يوم ريح عاصف.
ولما خلق القلب للسفر إلى الله والدار الآخرة وحصل في هذا العالم ليتزود منه افتقر إلى المركب والزاد لسفره الذي خلق لأجله.
فأعين بالأعضاء والقوى، وسخرت له، وأقيمت له في خدمته لتجلب له ما يوافقه من الغذاء والمنافع، ويدفع عنه مايضره ويهلكه، فافتقر إلى جندين: باطن، وهو الإرادة والشهوة، والقوى. وظاهر وهو الأعضاء. فخلق في القلب في الإرادات والشهوات ما احتاج إليه.
وخلقت له الأعضاء التي هي آلة الإرادة. واحتاج في دفع المضار إلى جندين: باطن، وهو الغضب الذي يدفع المهلكات، وينتقم به من الأعداء. وظاهر وهو الأعضاء التي ينفذ بها غضبه، كالأسلحة للقتال. ولايتم ذلك إلا بمعرفته مايجلب ومايدفع، فأعين الجند من العلم بما يكشف له حقائق ماينفعه ومايضره.
ولما سلطت عليه الشهوة والغضب والشيطان أعين بجند من الملائكة، وجعل له محل من الحلال ينفذ فيه شهواته، وجعل بإزائه أعداء له ينفذ فيهن غضبه، فما ابتلى بصفة من الصفات إلا وجعل لها مصرفاً ومحلاً ينفذها فيه.
فجعل لقوة الحسد فيه مصرفاً، وهو المنافسة في فعل الخير، والغبطة عليه، والمسابقة إليه.
ولقوة الكبر مصرفاً وهو التكبر على أعداء الله تعالى وإهانتهم، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم لمن رآه يختال بين الصفين في الحرب "إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن" وقد أمر الله سبحانه بالغلظة على اعدائه.
وجعل لقوة الحرص مصرفاً، وهو الحرص على ماينفع، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم "احرص على ماينفعك"
ولقوةالشهوة مصرفاً. وهو التزوج بأربع، والتسري بماشاء. ولقوة حب المال مصرفاً، وهو إنفاقه في مرضاته تعالى، والتزود منه لمعاده.
ولمحبة الجاه مصرفاً، وهو استعماله في تنفيذ أوامره، وإقامة دينه، ونصر المظلوم، وإغاثة الملهوف، وإعانة الضعيف، وقمع أعداء الله.
وجعل لقوة اللعب واللهو مصرفاً، وهو لهوه مع امرأته، أو بقوسه وسهمه، أو تأديبه فرسه، وكان مااعان على الحق.
وجعل لقوة التحيل والمكر فيه مصرفاً، وهو التحيل على عدوه وعدو الله تعالى بأنواع التحيل، حتى يراغمه ويرده خاسئاً، ويستعمل معه من أنواع المكر ما يستعمله عدوه معه.
وهكذا جميع القوى التي ركبت فيه جعل لها مصرفاً.
وقد ركبها الله فيه لمصالح اقتضتها حكمته ولايطلب تعطيلها، وإنما تصرف مجاريها من محل إلىمحل، ومن موضع إلىموضع. ومن تأمل هذا الموضع وتفقه فيه علم شدة الحاجة إليه، وعظم الانتفاع به.