PDA

View Full Version : الزهرة الذابلة ؟


سيف التوحيد
02-04-2000, 10:43 PM

ها هو العقد الأول .. يلفظ أنفاسه الأخيرة
مؤذنا .. بميلاد عقد جديد في تاريخ زواجهما ..
أي شيء ترى .. يهديه إلى زوجته التي أسرته بحميد خصالها ..وكريم أفعالها ..
وبقدر ما هي سعيدة معه .. بقدر ما يشعر أنه بائسة للغاية .. لأنهما لم يرزقا بمولود حتى الآن ..
أخذ يحدق في سحنات وجهها البرئ
وهي تبحر في سباب عميق بعد يوم حافل بأعباء الحياة الزوجية ..
كم تبدو شاحبة الوجه .. متعبة القوى ..
وكأن ألوان الأسى كلها اجتمعت في ذلك المحيا
الذي لم يزل يهفو إلى مولود يعيد البسمة التي فارقت ثغرها الظمآن ..
يا رب .. ما كل هذا العناء .. ولم كل هذا الابتلاء ..
لم يلبث أن عاد فقال بصوت ملؤه الخشوع :
.. الحمد لله على كل حال .. اللهم لا اعتراض على حكمك ..
وبين ثنايا هذا الابتهال .. لم يشعر إلا والمسكينة .. تصحو مفزوعة .. من نومها فجأة .. وهي تصرخ .. ونشيجها يملأ الأرجاء .. أريد طفلا .. أريدطفلا
.. لم يشعر إلا وهو يضمها إليه .. ويربت على رأسها المتعب .. ويمسح بأنامله المرتشعة من هول الموقف .. ما لم يجف من عبراتها ..
لا عليك يا حبيبتي ..
إن الله معنا .. وهو أكرم الأكرمين ..
ذهب مسرعاً ليسعفها ببعض قطرات الماء ...
وحين رجع وجدها تقول محتسبة
والدمع ينهمر من عينيها المغرورقتين بغزارة ..
إن الله معنا ..
ارتشفت بعض الماء .. وابتسمت ابتسامة .. هادئة .. مصطنعة ..
لتخفف عن زوجها ما أصابه من هلع بشأنها ..
هل أنت بخير .. قال ذلك .. والقلق تجسد في ملامحه ..
قالت وقد اتضحت معالم ابتسامتها .. وبدت مشرقة الوجه للغاية
نعم إني كذلك .. لا عليك .. سامحني .. أتعبتك معي ..
توالت الأيام ..
وذات يوم كانت تشعر بإرهاصات الحمل ..
إنها تعرف كل شيء عه ..
وقرأت عنه الكثير ..
وتخيلت تلك العلامات كثيراً .. وفي كل مرة .. كانت تصدم بسراب الوهم الذي جعلها تتخيل ذلك ..
لكنها تحس بشيء غريب هذه المرة ..
لم تستعجل كعادتها في ابلاغ زوجها .. ل
أنها لا تريد أن يعيش ثانية .. ألم الخبر الكاذب ...
وبعد تفكير لم يدم طويلا .. هاتفته قائلة :
اني اريد أن اذهب للطبيبة ..
خير ان شاء الله ..
لا شيء سوى انني احس ببعض الأم الخفيف ..
ربما بعض الاضطراب الهضمي ..
سأخبرك بالتفاصيل لاحقاً ..
وحين عادت من المستشفى ..
رجعت مخلوقة أخرى ..
وكأنها عروس في أبهى حلة .. تزف للتو إلى بيت زوجها
ظهر من حسنها ما لم يبدو في أي وقت مضى ..
أسرعت الخطى لتتصل من المنزل على زوجها ..
لا شك أنه سيطير من الفرحة ..
ولكنها فوجئت بأنه ينتظرها بالداخل ..
والقلق قد ذهب به إلى أبعد مدى ..
ولكنه في الوقت ذاته كان مرتبكاً .. بشكل غريب ..
وكأنه قد انتهى من حينه من عملية قتل أو سرقة ‍‍‍‍؟
لم تبالي كثيراً .. بما كان يبدو على زوجها ...
ألقت بنفسها عليه وأخذت تبكي .. بشدة ..
الحمد لله لقد رزقنا الله ..
لكنها بقيت مشدوهة ..
وهي تحدق في زوجها الذي لم يظهر أي تفاعل مع هذا الخبر ..
بل كان يرمي ببصره إلى الأرض ..
ما بالك .. ألست سعيداً ..
نعم إني كذلك ..
قال تلك العبارة وليته لم يقلها ..
فقد خرجت منه بتكلف ظاهر ..
وكأنه يؤدي واجباً اجتماعياً محضاً ..
لم يلبث أن قال ..
سامحيني .. يا فلانة ..
لقد انفعلت اليوم بسبب تعليقات أصحابي في العمل ...
وطلقتك .. وخطبت أخت أحدهم ..
لا أدري كيف صنعت ذلك ..
لكن هذا ما حدث ..
لم يكد ينتهي .. من كلماته ..
حتى انهارت .. وأخذت تنحب بشكل جنوني ..
لا يهمني شيء .. أيها الخائن الغادر ..
إن طفلي بالنسبة لي كل شيء الان ..
ثم سقطت مغمى عليها ..
ولكنها كانت مبتسمة ابتسامة هي السحر بعينه ..
كزهرة ذابلة ..
إثر قطاف مراهق متهور !

------------------
لو كان لي قلبان عشت بواحدٍ .. وتركت آخر في هواك يعذب ُ

محرز
02-04-2000, 11:05 PM
أخي سيف التوحيد ..

هذه دروس وعبر الخالق عز وجل اقلها ظاهر واكثرها باطن لا يعرفها أحد .. وقد يكره الأنسان - احيانآ - شيئآ ما وهو خير له.