PDA

View Full Version : [ وما أفظع هذه الذكرى ، فهى جملة تأخذ من وقت القارىء أقل من ثانية من الزمن ]


07-04-2000, 11:17 AM

07-04-2000, 11:17 AM

07-04-2000, 11:17 AM

07-04-2000, 11:17 AM

reg
07-04-2000, 11:17 AM

النجدي
07-04-2000, 11:17 AM
السلام عليكم,,,

أوقف الإتصال مؤقتا بالإنترنت (الآن) وإقرأ هذا الجزء من ذكريات أحد إخواننا في الله,, في معتقل بلاده التي يفترض أ، ولاة الأمر فيه من "المسلمين",,, ولا حول ولا قوة إلا بالله.
---------------------
(الجزء الرابع - حسب نقل الذكريات)

معتقل القلعة

معتقل القلعة هو جزء من قلعة صلاح الدين ، القلعة التى قتل فيها محمد على المماليك ، وقد أعد الجزء الذى كنا نسكنه الإنجليز ، وهو لايتسع لأكثر من ثلاثمائة معتقل ، ويستعمل كمكتب للتحقيقات تابع للمباحث العامة .
وكان التحقيق يجرى هناك ، وفى داخل زنازينه الضيقة السيئة التهوية وضعنا أربعات أو خمسات رغم انها - أى الزنزانة - لاتتسع لأكثر من اثنين على الأكثر ، ولكن ، للضرورة أحكام كما يقولون .
وكان فى القلعة فى ذلك الوقت حوالى أربعمائة معتقل ، باكورة التحقيق التابع للمباحث العامة فى أيامه الأولى ، ناهيك عن التحقيق الآخر الذى يجرى فى السجن الحربى ، بالإضافة إلى وجود حوالى مائتين فى معتقل الفيوم ، وهم الذين أمضوا مدة عشر سنوات كاملة صادرة ضدهم من محكمة الشعب فى عام (1954) .
مكثت عدة أيام فى معتقل القلعة ورغم هذا فذكرياتى عن الطعام ضئيلة جدا ، ويبدو أنهم لم يكونوا يقدمون طعاما لأحد فيه ، والذى كنا فيه أعظم من الإحساس بالجوع أو البحث عن الطعام ، ولعلى لم أتذوق طعاما طيلة المدة التى قضيتها فى القلعة .
وأذكر أن أحد المخبرين قد أعطانى نصف كوب صغير من الشاى السيىء الصنع فى مساء سيىء العذاب .
وأذكر أيضا أننى حاولت ان اضع شيئا من الجبن فى فم زكريا المشتولى قبل أن يذهب إلى ربه ، ولست أدرى من أين أحضرت هذا الجبن .
وقد عرفت فيما بعد أن الطعام فى معتقل القلعة يقوم به متعهد أطعمة يأخذ على إطعام كل معتقل قدرا من المال ، وليست هناك فرصة للربح خيرا من تلك الظروف التى كنا فيها ، وا لمتعهد يعرف انه ليس هناك من يهتم بذلك الأمر البسيط ، الطعام .
كانت الزنازين فى سرداب مكشوف على الجانبين ، ينزل إليه بسلالم حجرية ، وكان ينادى على أى شخص للتحقيق ، فيفتح له رقيب عجوز باب الزنزانة ، وكان على هذا الشخص أن يذهب عدوا إلى مكان التحقيق ، ولابد له إذا أراد أن يرحم نفسه من بعض العذاب أن يقف عاريا أمام المحقق ، فعليه حيال هذا أن يخلع ملابسه أثناء عدوه سريعا والسياط تلاحقه ليوفر على نفسه (علقة الافتتاح) .
وكان يمكث أكثر من يومين فى التحقيق عاريا ، وعند عودته لزنزانته لايمكنه أحد من البحث عن ملابسه فى طريقه ، فإما أن يجدها مصادفة وقد تلوثت وتمزقت أو لايجدها ، ويذهب عاريا إلى الزنزانة .
وكان كل الموجودين فى القلعة مصابين بجروح قاتلة ، ولم يكن هناك أى إشراف طبى أو حتى أية إسعافات أولية ! كل هذا رغم وجود شخص سمين جدا يدعى ( موريس ) كانوا يدعونه بالطبيب ولكنه لم يقدم شيئا لإسعاف المصابين . والأنكى من هذا أننا سمعنا عن اشتراكه فى قتل عدد من المصابين بعد ذلك .
ومما أذكره فى هذه الأيام التى قضيتها فى معتقل القلعة ذلك الشاب الوسيم الظريف الذى كان يقف خجلا فى عنبر التحقيق ، ولم اكن أعرف هويته ، بل ظننته للحظة أحد المعتقلين ، كنت أراه ينظر فى إشفاق بالغ إلى الذين يحقق معهم ، ثم فهمت بعد ذلك انه ضابط صغير تحت التمرين ، وسرعان ماسلمونى إليه ليتمرن على التحقيق معى .
وعلى طاولة صغيرة كانت بعض الأوراق الخاصة بى ، خطابات شخصية نسيت مضمونها ومرسلها، بعض الدراسات عن المسيحية والتاريخ الإسلامى ، مفكرة صغيرة لعام (1965) وقلب الشاب الوسيم الظريف هذه الأوراق ، ثم اقترب منى وسألنى :
- هل لديك هاتف فى منزلك ؟
وكانت إجابتى :
-لا..
وإذا بهذا الشاب الوسيم الظريف يصفعنى صفعة هائلة كادت أن تقلع عينى ، واقترب أكثر ، ثم كلمنى فى صوت كالفحيح :
- سنبدأ بالكذب يا ابن الكلب ؟
وانتابنى الذهول فعلا لم يكن فى منزلى هاتف ، وقلت له وأنا اتهاوى من فرط الدهشة والألم .
- أقسم لك أنه لايوجد فى منزلى هاتف .
وانهالت الصفعات والركلات من الشاب الوسيم الظريف ، الذى كان ينظر إلينا منذ لحظات بإشفاق ، وجعلت أؤكد له انه لايوجد هاتف فى بيتى ، وأخبرته أنه يمكنه التأكد من هذا بسؤال مصلحة التليفونات عن طريق الهاتف الموجود فى المعتقل ، ثم ما أهمية أن أنكر وجود هاتف فى بيتى وخاصة أن الحكومة لم تحرم التلفونات بعد ، كل هذا بلا فائدة .
كان الضابط شديد الغباء ، وأحسست أنه سوف يقضى على ، وفى النهاية لم أجد فائدة من المقاومة ، واعترفت بحيازتى لتليفون فى المنزل بين ابتسامات الظفر التى علت وجهه الوسيم الظريف .
وتصورت أن الأزمة قد مرت بسلام ولكننى فوجئت به يسألنى عن رقمه وارتبكت ، وهممت أن أذكر له أى رقم ، لولا أننى لاحظته ينظر فى المفكرة الصغيرة الموضوعة على الطاولة والتى كانت تخصنى.
وتذكرت يوم اشتريت هذه المفكرة فى أول العام ، وكيف كنت أملأ البيانات المكتوبة فى الصفحة الأولى ، الاسم . . العنوان . . رقم التليفون .. وكان ذلمك فى منزل أحد الاصدقاء الذى اقترح على أن أضع رقم تليفونه فى الخانة الخاصة برقم التليفون ، وأسرعت بترديد الرقم ، وانهال على الضرب من الشاب الوسيم ومساعديه ، وصارت الشتمات واللعنات تنصب فوق رأسى كأنها الحمم وصاحبنا يتمتم :
- ما فائدة الإنكار؟ نحن نعرف عنك كل شىء يا ابن الكلب .
وانقذنى منه ضابط يدعى عبد المنعم الصيرفى ، ولكنه ضربنى بعد ذلك فى هذا اليوم حتى أوشكت على الموت ، فقد كان يفترض أننى فى قيادة تنظيم الإخوان ، وعلى هذا فكان لزاما على أن أخبره ببيانات مفصلة عن قيادة التنظيم ، ورغم أن هذا هو المحال بعينه فإننى لم أجد هناك جدوى من الإنكار ، فقد كات يجب على العاقل أن يبدأ بالإجابة ، أية إجابة ، فور سماعه السؤال ، وكان عليه ألا يتوانى والا يتردد ، بل يتكلم ويتكلم ، وبطلاقة ، معترفا بأشياء لم يرتكبها ، وأن يكون واسع الخيال ، فلا بد لقصته من حبكة وعقدة ، ولايجب أن يشم منها المحقق رائحة الكذب ، هذا أو العذاب المهين .
أخذنى عبد المنعم الصيرفى إلى فناء المعتقل ، وانتحى بى ناحية وصار يتودد إلى توددا ظاهرا ، فبدأت ا لطمائينة تغزو قلبى ، ثم سأننى ببساطة ، للمرة العشرين ، عن تنظيم الاخوان واللجنة الخماسية القائدة . وتصورت أن الحديث قد أخذ جانبا بشوشا ، وأن الرجل سوف يصدقنى وقلت له ببساطة أنا الآخر :
- لا علم لى باللجنة الخماسية ، ولا أظن أن هناك مايسمى بهذا الاسم .
- ولماذا تظن هذا ؟
- هذا هو انطباعى ، ومدى علمى أيضا .
- اذن فلا علاقة لك بالإخوان وبالتنظيم ؟
-كلا
- يبدو أن الذوق لن ينفع معك .
وانقلب الرجل إلى وحش كاسر ، وصاح صيحة عظيمة ، أتاه الزبانية بعدها من كل مكان ، وخلعوا عنى ملابسى التى كان قد سمح لى بارتدائها وأصعدونى إلى عنابر التعذيب بالصفع والركل والشتم .
ولم يكن هناك ليل أو نهار ، فقد كان المشهد مستمرا بلا انتهاء ، وبلا أمل فى الانتهاء ، فمرة نجد أنفسنا فى عنابر التعذيب ، ومرة أخرى فى الزنازين ، أو فى دورات المياه ، والحوادث تجثم على صدورنا بثقلها فنشعر بالاختناق .
مواطنون أبرياء جاءوا بهم من كل مكان بلا ذنب ولا جناية ، ومحققون يضربون الناس بحثا عن سر لايعرفونه ، والكل تطحنه رحى ثقيلة من العذاب .
وانتهت مجزرة القلعة ذات صباح وكان نتيجتها ثلاثة من القتلى وربما أكثر من ذلك وحوالى أربعمائة جريح بجروح بالغة.
وأخرجونا من الزنازين أربعات أربعات ، وملأنا فناء المعتقل ، واختفت الهراوات والسياط وآلات التعذيب ، حتى وجوه المعذبين لم نعد نراها ، ولم يكن بين الجالسين من يدرك معنى لهذا إلإجراء .
ومن تلك الكوة التى دخلنا منها يوم ودعنا العالم دخل كهل فى الخمسين ، نحيل القد ، دقيق القسمات ، وفى جانب من فمه تقبع سيجارة مشتعلة لم يمسها بأصابعه ، وفى صحبته شاب فى الثلاثين ، أسمر اللون ، بليد القسمات .
وتكلم هذا الشاب :
- حضرة الطبيب يريد أن يكشف عليكم لاتخافوا لن يكون هناك تعذيب بعد اليوم .
- كل من فى جسمه إصابة بالغة يرفع يده .
ورفع أغلب الناس أيديهم ، فقد كانت إصابتهم أكثر من بالغة .
وصار الطبيب يمر بين الصفوف وعلى وجهه علامات الألم والإشفاق والحزن ، وكان يلعن الجلادين جهرا كلما رأى إصابة بالغة ، ويأمر مرافقه الشاب بكتابة اسم صاحبها فى كشف معه ، وتشجع الجميع ، وصاروا يسبون الحكومة ويلعنون الظلم والظالمين ، والطبيب يهز رأسه موافقا ومشجعا ومواسيا ثم ينصرف إلى آخرين حتى مر بنا جميعا .
كان هذا الطبيب هو العميد أحمد رشدى قائد معتقل التعذيب بأبى زعبل بعد ذلك بساعات
قلائل قلائل وقد أحضر كل من قيد اسمه فى الورقة وضربه ضربا قاتلا ، ورغم أننى لم أسجل نفسى فى كشفه الا أننى لم أنج من هذا الضرب القاتل عندما ذهبنا إلى أبى زعبل ، فقد اكتنفنى لحظة مروره شعور غامض منعنى من أن أريه الإصابات التى أصبت بها.
وركبنا ( شاحنات ) مغطاة فى الطريق إلى أبى زعبل ، وفى بابها الخلفى يقبع مجموعة من جند الشرطة بملابسهم الرسمية فيظن من يراها فى الشارع العام أن الشاحنة مليئة بالجنود ، وفى حقيقة الأمر أنها زاخرة بالمعتقلين من الداخل ، وكم كنت أرى قبل هذه التجربة كثيرا من الشاحنات على النحو الذى وصفت به ولم أعرف إلا فى هذه اللحظة أنها كانت تقل إخوة سبقونا فى هذا الطريق ، كنا حوالى ثلاثين فى الشاحنة التى ركبتها ، وكان معنا بدر القصبى الذى حملناه فى بطانية نظرا لإصابته الخطرة .
وفى الطريق كنت أرى الناس يعيشون كما كانوا والحياة لم يتغير فيها شىء ، ولا أحد يهتم بما يدور ، وربما كانوا لايعلمون شيئا عما جرى فى المقشرة (المقشرة هو اسم سجن التعذيب أيام سلاطبن المماليك) السيارات تزمجر والمارة يصخبون وشاب يغازل فتاة على محطة الأتوبيس ، والحياة فى تدفق سيال .
وأذكر ان جميع من كان معى فى الشاحنة ، كانوا يبتسمون ابتسامات سعيدة تعك

الوحيد
09-04-2000, 06:15 PM
ر ف ع ل ل م و ض و ع