تسجيل الدخول

View Full Version : وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا


أبو لـُجين ابراهيم
16-07-2000, 03:10 PM
وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا


أصل هذه القاعدة هو قول الله تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ(6) الحجرات .

( يقول الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى ـ في ( أضواء البيان : 7/627 ) : وقد دلت هذه الآية من سورة الحجرات على أمرين :

الأول : أن الفاسق إن جاء بناء ممكن معرفة حقيقته ، وهل ما قاله فيه الفاسق حق أو كذب ، فإنه يجب فيه التثبت .

والثاني : هو ما استدل عليه بها أهل الأصول من قبل خبر العدل : لأن قوله تعالى : (إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا )

يدل بدليل خطابه ، أعني مفهوم مخالفته أن الجائي بنبأ إن كان غير فاسق بل عدلاً لا يلزم التبين في نبئه على قراءة : فتبينوا ، ولا على التثبت على قراءة : فتثبتوا ، وهو كذلك ( انتهى كلام الشنقيطي ) .

إن الله عز وجل بيّن أن التثبت في خبر الفاسق واجب ، فأول شيء قبل التثبت من الخبر هو النظر في حال صاحبه ، هل هو عدل أم فاسق ؟

ولذلك ينبغي النظر في حال الجارح ، فقد يكون بينه وبين المجروح عداوة ، أو حسد أو بغضاء ، أو تنافس مذموم ، أو هو من قبيل كلام الأقران بعضهم في بعض ، أو يكون الجارح أصلاً غير مرضي في دينه وأمانته .. إلخ .

قال السخاوي في ( فتح المغيث 3 / 328 ) : رأى ابن عبد البر أن أهل العلم لا يقبل فيهم الجرح إلا ببيان واضح فإذا انظم لذلك عداوة فهو أولى بعدم القبول . ( انتهى كلام السخاوي ) .

ويقول السبكي في (طبقات الشافعية الكبرى 2/9 ) : بل الصواب عندنا أن من ثبتت إمامته وعدالته ، وكثر مادحوه ومزكوه ، وندر جارحوه ، وكانت هناك قرينة دالة على سبب جرحه من تعصب مذهبي أو غيره ، فإنا لا نلتفت إلى الجرح فيه ، ونعمل فيه بالعدالة ، وإلا لو فتحنا هذا الباب ، أو أخذنا تقديم الجرح على إطلاقه لما سلم لنا أحد من الأئمة ، إذ ما من إمام إلا وقد طعن فيه طاعنون ، وهلك فيه هالكون ( انتهى كلام السبكي ) .

ولا يعني ذلك رفض الحق ، أو العدول عن النصيحة ، أو عدم قبول النقد والتوجيه ، كما لا يعني ذلك مخالفة الأثر الذي يقول : ( الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها ) .

ولكن المقصود من كلامنا هذا أن لا نقدم حسن الظن بأعداء الله وأهل السوء والفساد ، بل ينبغي أن نكون على حذر منهم ، كما وري عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث قال : ( أحذروا من الناس بسوء الظن ) ، وهؤلاء ، كما أخبر الله عنهم : (كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ(8)اشْتَرَوْا بِآيَاتِ اللَّهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ(9)لَا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُعْتَدُونَ(10) التوبة .

لذلك يتحتم على المسلم ينظر في حال الجارح ومثير الشبه والتهم ، فإن كان على غير صلاح وتقوى وأمانة وعلم فلا يصدق ما جاء به ، ولا يقبل منه حتى يتثبت من كلامه ويتأكد من زعمه ، قبل أن يكون المسلم أداء بيد هؤلاء .

نعم ، قد يخرج الصواب ( أحيانا ) على لسان العدو ، وقد يصدُقك الكاذب ، وربما ينطق المجنون بشيء من الحكمة ولكن ذلك هو الشاذ القليل النادر ، أما عادة العدو المكر ، وشأن الكاذب الكذب وديدن المجنون الهذر الذي لا ينفع ولا يفيد ، فعلام نتشبث بالشاذ المخالف للعادة ونترك الأصل الذي فطر الناس عليه .

وصدق الله العظيم إذا يقول :

(الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لَا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِدًا كَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ(58) الأعراف .

المرجع : منهجية التعامل مع الشبهات وقواعد دحضها .


------------------
abulojin@yahoo.com

زمردة
17-07-2000, 03:04 PM
جزاك الله خيراً ..

------------------
(( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين )) .