سنفور غبي
28-08-2000, 10:00 PM
كنت أحبو في عالم الصحافة عندما قبلتني احدى الجرائد للعمل لديها كمراسل لها. كنت سعيدا. خيل الي أنني أستطيع أن أحقق الكثير. سأقابل أحد المسؤولين الرياضيين ذوي الوزن الثقيل.. وسيكون سبقا صحفيا. هكذا فكرت. حملت حقيبتي التي لاتحوي شيئا في الواقع، لكنها ضرورية. لايمكن أن أطلب مقابلة صحافية وأنا أحمل قفة مثلا. ذهبت الى المكتب الذي يفترض أن يوجد به صاحبنا ودخلت محاولا أن أبدو واثقا. كان الجميع ينظرون الي باستغراب و كأني قط أخرق جاء يجالس مجموعة من الأسود الحانقة. اقتربت من أحدهم وألقيت عليه السلام فرد سلامي وعيناه تتفحصاني. منتظرا مبادرتي. سألته عن المسؤول فأجابني أنه غير مكتبه الى موقع اخر بل انه -تصوروا هذا! - أعطاني العنوان الجديد .في شهامة لم أعتدها. شكرته وخرجت وأنا أحس أن النظرات تكاد تخترق قفاي النحيلة وصلت الى المكتب وأنا ألهث كمقظورة عجوز. المسافة كانت بعيدة، وترف ركوب المواصلات بعيد كل البعد عن مراسل مبتدئ مثلي. ترددت للحظة في طرق الباب، .لكني لم أحبذ فكرة التراجع. كنت قد أعددت الأسئلة التي سأطرحها من قبل فتح لي الباب. أحدهم. خمنت أنه مساعده أو سكرتيره. هذا ليس مهما،المهم أن يكون هو موجودا. سألته فقال لي أنه غير موجود.. قلت له أني مراسل الجريدة الفلانية فتغيرت سحنته المتجهمة فجأة وظلب مني الدخول والانتظار حتى يخبره أني هنا. رباه ان هذا مرعب بالفعل. لم تمض سوى ثوان على قوله الأول، وها هو ذا يؤكد العكس دون أن تحمر أذناه خجلا. عاد الي بعد لحظات وبدأ يجاذبني أطراف الحديث في انتظار أن يستدعيني المسؤول. قال ان اسم الجريدة قريب من اسم برنامج تلفزي. من المؤكد أن هذا هو سبب ترحيبه بي. لقد اعتقدني مبعوثا من التلفزة. هذا جيد في كل الأحوال. دلفت الى المكتب و كان المسؤول جالسا خلف مكتبه. ان محاولتي ناجحة لحد الآن يبدو أنني شجاع أكثر مما أعتقد أو أني جبان الى درجة تبدو لي فيها هذه التفاهات. انجازات تستحق أن يهلل لها. كان ذلك المسؤول بدينا جداكجميع منهم في مثل وضعه من الواضح أنه لايفعل شيئا سوى الصراخ في الهاتف المحمول و شتم ذلك المساعد والحضور الى هذا المكتب لتكتمل الصورة التي يريدها لنفسه. انه عمل مرهق بحق لمن هم في مث ل حجمه. طلب مني الجلوس فامتثلت. خلف مكتبه توجد سمكة يتيمة.. حائرة.. تنظر الي بفضول. هي- حتما - تتساءل عن سبب معقول يجعل بني البشر يحضرونها من أعماق البحر لتشاهدهم وهم يعملون بعد أن أخبرت صاحبنا بسبب مجيئي طلب مني أن أناوله الأسئلة. نظر اليها بعين خاملة. . لم تكن هناك أية أسئلة محرجة. تعمدت هذا. لا أحب أن أبدو متحذلقا من أول تجربة. قال المسؤول أنه مشغول جدا وطلب مني أن أعود في الغد. ثم نهض معلنا انتهاء المقابلة. عدت في الغد فوجدت مساعده الذي من الواضح أنه يفعل كل شيء من اعداد الشاي الى كل أعمال السكرتارية ربما. قال لي أن المسؤول لم يعد من سفره بعد. أصابني اليأس. لست مستعدا لأن اتي يوميالكي يمن علي هذا السخيف في الأخير بحوار تافه سيتحدث فيه حتما عن انجازاته التي لاتضاهى قررت ألا أعود الى هنا ثانية. خرجت الى الشارع و أنا أفكر: ان البيروقراطية تنخر كيان مجتمعاتنا كالعتة. أخشى أن أجد - يوما- من يطلب مني أن أعود فيما بعد اذا ما أردت مقابلة نفسي. بدت لي الفكرة عابثة.. لست مهما الى هاته الدرجة على أية حال.
عبد الواحد استيتو- كاتب من المغرب
عبد الواحد استيتو- كاتب من المغرب