PDA

View Full Version : إذا أردت أن تندم فاكسر هذه الزجاجة


أبو لـُجين ابراهيم
17-09-2000, 06:55 AM
إذا أردت أن تندم فاكسر هذه الزجاجة

للبشر كرامة وكبرياء لا ينبغي التعرض لهما بشيء من التجريح أو الإساءة ، فكم من الجرائم ارتكبت نتيجة الشعور بالإهانة وجرح الكرامة ، فرب إشارة مهينة لا تجعل الإنسان ينام الليل من الضيق والألم ، ورب كلمة تكون عاقبتها قتلاً أو سجناً أو تشريداً

إن قلب الإنسان كالزجاجة إذا كسرت لا يمكن إصلاحها ، والزجاجة المكسورة تؤذي وتجرح ، وخير للإنسان أن يتجنب كسرها ، نعم ، إن في كسر زجاجة القلوب ندامة محققة وخسارة راجحة ، وصدق الشاعر إذ يقول : ـ

واحرص على حفظ القلوب من الأذى

فرجوعها بعد التنافر يصعب

إن القلوب إذا تنافر ودها

مثل الزجاجة كسرها لا يشعب

ويحسن بالإنسان استخدام بعض الكلمات التي تعبر عن التقدير والاحترام ، فيكسب بها قلوب الآخرين وينال مقصوده ، فمثلاً : إذا أردت شيئاً بإمكانك أن تقول للطرف الآخر : افعل كذا ، أو أكلفك بفعل كذا ، أو آمرك أن تذهب إلى مكان كذا ... إلخ ، ولكن هذه الكلمات تفتقر إلى التقدير والاحترام ، والأجدر أن تقول : لو سمحت يا أخي افعل كذا ، أو من فضلك اذهب إلى المكان الفلاني ، أو لو تكرمت لا تفعل كذا ، ... إلخ ، وبعد الانتهاء من العمل ينبغي أن تشكر فاعله على اجتهاده وتثني على صنيعه

إن الفرق كبير بين الأسلوبين سالفي الذكر ، إنك في الحالة الأولى قد يتحقق لك إنجاز العمل ولكن لن تستطيع كسب محبة الآخرين ، بينما في الحالة الثانية سيتم كسب محبة الآخرين ، بينما في الحالة الثانية سيتم كسب محبة الآخرين ، وكذلك إنجاز العمل بإخلاص وإتقان ، ولذلك ننصح بعدم استخدام أسلوب الأمر والنهي ما أمكن ذلك

ومن تقدير الآخرين واحترامهم احترام آرائهم وأفكارهم ، ولذلك فإن ثمة وصية ثمينة نوصي بها وهي تجنب تخطئ الآخرين صراحة ، فمثلاً ، لا تقل لشخص ( أنت مخطئ وسوف أعلمك بالصواب ) أو ( أسمع يا هذا ، ساثبت لك بطلان ما تقول ) ـ

إنك باستخدامك مثل هذه العبارات كأنك تقول للطرف الآخر : إنك أيها الرجل بليد لا تفهم ، تعوزك براعتي وينقصك ذكائي ، ولا شك أن هذا الأمر إهانة لا يقبلها أحد ، إن بإمكانك أن تثبت أن كلامه خطأ ولكن بأسلوب آخر فيه أدب وأحترام ، كأن تقول له : تعال ندرس الموضوع من كل جوانبه ، أو تبين خطأه بسؤال أو استفسار يضطر عند الإجابة عليه أن يخطئ نفسه

ومن الأمثلة الراقية في هذا الموضوع ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم مع مرضعته ، حيث روى أن ظئر رسول الله صلى الله عليه وسلم ( أي مرضعته ) التي أرضعته جاءت إليه فبسط لها رداءه ، ثم قال لها : مرحباً بأمي ثم أجلسها على الرداء ، ثم قال لها : اشفعي تُشَفّعي وسلي تعطي ، فقالت : قومي ، فقال : أما حقي وحق بني هاشم فهو ذلك ، فقام الناس من كل ناحية وقالوا : وحقنا يارسول الله ، ثم وصلها بعد وأخدمها ووهب لها سهمانة بحنين ، ولربما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأتيه وهو على وسادة جالس ولا يكون فيها سعة يجلس معه ، فينزعها ويضعها تحت الذي يجلس إليه فإن أبى عزم عليه حتى يفعل

المرجع : الكنز الذي لا يكلف درهما