الفرزدق
13-10-2000, 03:22 AM
الحمد لله نعمه لا تعد ، و إحسانه لا يحد ، أحمده سبحانه و أشكره و أتوب إليه و أستغفره ، إليه المستند و عليه المعتمد ، و أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، و أشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده و رسوله المبعوث للأحمر و الأسود ، صلى الله و سلم و بارك عليه و على آله و أصحابه القدوة في سلامة الصدور و طهارة القلوب و الخلق الأمجد ، و التابعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :
فاتقوا الله أيها المسلمون ، و أصلحوا ذات بينكم ، و أطيعوا الله و رسوله إن كنتم مؤمنين .
معاشر الإخوة : أمة الإسلام في بنائها تقوم بعد ـ الإيمان بالله ـ على عواطف الحب المشترك ، و الود الصافي ، و البعد عن الحقد الكنود : " مثل المؤمنين في توادهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالشهر و الحمى " .
أمة الإسلام موصوفة في كتاب ربها من بعد سلفها الأخيار و من المهاجرين و الأنصار في قول الله تبارك و تعالى : " والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " .
أيها الإخوة في الله : حين تعيش هذه الأمة معتصمة بكتاب ربها ، مستمسكة بهدي نبيها محمد صلى الله عليه و سلم ، تعيش سليمة قلوبها، مبرأة من وساوس الضغينة نفوسها ، بعيدة عن ثوران الأحقاد صدورها . إذا رأت نعمة في بعض فئاتها أو في قطر من أقطارها سادها الرضا ، و أحست بفضل الله على إخوانها ، و استشعرت فقر خلائق الله إلى الله و تمثل أفرادها بالذكر المحمدي : " اللهم من أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد و لك الشكر " أخرجه أبو داود في سننه بإسناد جيد من حديث عبد الله بن غنام .
و إذا مس طائفة منها ضر أو لحق بها أذى أصابها الإشفاق و الحزن ، و سألت ربها تفريج الكروب و غفران الذنوب، و تعلقت بالدعاء المأثور : " اللهم رضنا بقضائك ، و بارك لنا فيما قدر لنا حتى لا نحب تعجيل ما أخرت و لا تأخير ما عجلت " أخرجه ابن السني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
تلك هي أمة الحق مع إخوانها و أصحابها في سرائها و ضرائها ، أما إذا غلبت الشهوات و الحظوظ ، و طغت الغفلة على البصائر ، و صحب ذلك إعراض عن الله و الدار الآخرة و تكمت فيها السياسات المقيتة ، و صار التطلع عندها إلى المناصب و الزعامات المجردة و المآرب الشخصية . . . مرجت عندها الأمور ، و حلت الحزازات ، و انتشرت الفرقة ، و انتثرت أحزاباً و شيعاً ، يذيق بعضها بأس بعض .
إن الأحقاد و الضغائن و طغيان المآرب الشخصية ـ يا عباد الله ـ أدواء خطيرة ، و أمراض فتاكة ، إذا فشت في الأمة كانت نذير هلاكها ، و إذا دبت في جماعة كانت سبيل فنائها ، إنها مصدر كل عداء ، و منبع كل شقاء ، هي السلاح البتار الذي يضرب بها الشيطان القلوب فيمزقها ، و الجماعات فيفرقها
، تغرس الضغينة ، و تنبت العداوة ، و تولد النفور ، و تفسد الود ، و تقتلع المحبة ، هادمة الدنيا ، و حالقة الدين .
معاشر المسلمين : قد ييأس الشيطان من إيقاع المسلم في الشرك و الوثنية ، و لكنه يعجز عن إبعاده عن ربه بزرع أسباب النفرة في طويته حتى يكون أضل من الوثني المخرف . . وسيلته في ذلك إيقاد نيران العداوة في القلوب ، حتى إذا اشتعلت استمتع بها الشيطان برؤيتها و هي تحرق حاضر الأمة و مستقبلها ، و تلتهم علاقات الود بينها ، و تدفن فضائلها ، وتمحو محاسنها ، و تجلب اليأس إلى قلوب أجيالها : إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب و لكنه لم ييأس في التحريش بينهم . . رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه .
و إذا تنافر الود و تمكن الشر عاد الناس إلى حال القسوة و العناد ، يقطعون ما أمر الله به أن يوصل و يفسدون في الأرض . و إن الإيمان ليتسرب من القلب الحقود كما يتسرب الماء من الإناء المثلوم .
و من هنا ـ يا عباد الله ـ فإن الحقد و الضغينة غليان شيطانيو هياج إبليسي . سبق به الشيطان الحاقدين حين أخذ على نفسه عهداً عند ربه " قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين " .
إن من دلائل الصغار و خسة الطبع . . ترسب الغل في أعماق النفس ، فلا يخرج منها بل يظل يموج في جوانبها كما يموج البركان المكتوم . و كثير من أصحاب القلوب الحاقدة لا يستريحون إلا إذا أرغوا و أزبدوا ، و آذوا و أفسدوا ، و تلذذوا بنشر المعايب ، و انبلجت أساريرهم بإذاعة المثالب .
يقول علماؤنا رحمهم الله : إن الغيظ إذا كظم لعجز صاحبه عن الانتقام و التشفي رجع إلى الباطن فاحتقن فصار حقداً و علامته دوام البغض و النفور . فالحقد ثمرة الغضب ، و الحسد من نتائج الحقد ، و الحقد أصل البشر ، ومن أضمر الشر في قلبه أنبت له نباتاً من المذاق ، نماؤه الغيظ ، و ثمرته الندم .
و لتعلموا رحمكم الله أن من لوازم الحقد و مظاهر الحسد ، سوء الظن ، و تتبع العورات ، و الهمز ، و اللمز ، و تعيير الناس ، و شيوع السباب ، و التعريض أو التصريح بالمعايب النفسية و البدنية . و إن الحاقدين ليجدون في الغيبة متنفساً لأحقادهم المكظومة و صدورهم الفقيرة إلى المحبة و الود و الصفار .
يود الحاقد لو أصبح أهل النعم محرومين ، و يتمنى لو باتوا ضائعين مشردين . إن لم ينطق ذلك بلسانه فلتعرفنه في لحن القول و شزر النظرات ، إذا رأى في أخيه نعمة بهت ، و إذا علم له عثرة شمت ، لا ينقطع غمه ، و لا يستريح قلبه ، و لا تسكن ثائرته . . ساخط على ربه و على الناس ، معذب النفس ، منغص البال ، دائم الهم .
و لعمر الله إن تلمس العيوب و إلصاقها بالناس دليل خبث الطويه و دناءة الهمة . و إن التلهي بسرد الفضائح و كشف الستور و إبداء السوءات من سيما الحاقدين و حيل العاجزين . و إن وسائل الإعلام في بعض بلاد المسلمين تحمل من هذا وزراً كبيراً ، و إثماً عظيماً .
و الطريق الصحيح و المسلك السوي ـ أيها الإخوة المسلمون ـ أن من سمع شيئاً من هذا فلا يوسع الخرق على الراقع . فرب كلمة شر تموت في مكانها لو تركت حيث قيلت ، و لرب مقالة سوء أيقظت فتنة و سعرت حرباً ، لأن غراً من الأغرار نقلها أو حاقداً سيء الطوية نفخ فيها ، فأصبحت ناراً تنقل الويلات و تنشر الخطوب .
و لماذا كل هذا يا أمة محمد ؟ لماذا كل هذا يا أهل الإيمان ؟ و قد قسم الله الأرزاق بين خلقه فوسع على أقوام ، و قدر رزقه على آخرين ، رفع بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ، و رحمة ربك خير مما يجمعون . هو سبحانه البصير بخلقه ، المحيط بشئون ملك ، و تلك سنته في الأولين و الآخرين ، و لن تجد لسنة الله تبديلاً ، و لن تجد لسنة الله تحويلاً .
و قد حاولت دولة ـ عدت من عظمى دول هذا العصر ـ أن تخرج على سنة الله في قسمة الأرزاق ، و تفاضل الأقوات ، فكان مصيرها الفشل و الضعف و التمزق هي و من يدور في فلكها " أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا * أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا " .
و ورد في الخبر : إن لنعم الله أعداء . قيل : و من أولئك قال الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله .
و كلما ازدادت النعم كثر الحساد و ازداد الناقمون ، و قد يسهل أن ترضي الساخطين ، إلا الحسود فلا يرضيه إلا زوال النعمة .
و لكني من لطف الله و حكمته أن المحسود محفوظ ، لا يضره حسد الحاسدين ، و نعمه باقية لا تزيلها ضغائن الحاقدين ، و الله واهب النعم و سالبها ، و هو أحكم الحاكمين . و لو كانت النعم تزول بالحسد لما بقى في الدنيا محسود لأن كل ذي محسود .
فاتقوا الله يرحمكم ، و اعرفوا نعم الله عليكم ، و اشكروها و أصلحوا ذات بينكم ، و توجهوا إلى ربكم ، واسألوه من فضله ، و كونوا عباد الله إخوانا .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
" ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما " .
http://www.envy.nu/aasaal/jom025.htm
أما بعد :
فاتقوا الله أيها المسلمون ، و أصلحوا ذات بينكم ، و أطيعوا الله و رسوله إن كنتم مؤمنين .
معاشر الإخوة : أمة الإسلام في بنائها تقوم بعد ـ الإيمان بالله ـ على عواطف الحب المشترك ، و الود الصافي ، و البعد عن الحقد الكنود : " مثل المؤمنين في توادهم و تعاطفهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالشهر و الحمى " .
أمة الإسلام موصوفة في كتاب ربها من بعد سلفها الأخيار و من المهاجرين و الأنصار في قول الله تبارك و تعالى : " والذين جاؤوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم " .
أيها الإخوة في الله : حين تعيش هذه الأمة معتصمة بكتاب ربها ، مستمسكة بهدي نبيها محمد صلى الله عليه و سلم ، تعيش سليمة قلوبها، مبرأة من وساوس الضغينة نفوسها ، بعيدة عن ثوران الأحقاد صدورها . إذا رأت نعمة في بعض فئاتها أو في قطر من أقطارها سادها الرضا ، و أحست بفضل الله على إخوانها ، و استشعرت فقر خلائق الله إلى الله و تمثل أفرادها بالذكر المحمدي : " اللهم من أصبح بي من نعمة أو بأحد من خلقك فمنك وحدك لا شريك لك فلك الحمد و لك الشكر " أخرجه أبو داود في سننه بإسناد جيد من حديث عبد الله بن غنام .
و إذا مس طائفة منها ضر أو لحق بها أذى أصابها الإشفاق و الحزن ، و سألت ربها تفريج الكروب و غفران الذنوب، و تعلقت بالدعاء المأثور : " اللهم رضنا بقضائك ، و بارك لنا فيما قدر لنا حتى لا نحب تعجيل ما أخرت و لا تأخير ما عجلت " أخرجه ابن السني من حديث ابن عمر رضي الله عنهما .
تلك هي أمة الحق مع إخوانها و أصحابها في سرائها و ضرائها ، أما إذا غلبت الشهوات و الحظوظ ، و طغت الغفلة على البصائر ، و صحب ذلك إعراض عن الله و الدار الآخرة و تكمت فيها السياسات المقيتة ، و صار التطلع عندها إلى المناصب و الزعامات المجردة و المآرب الشخصية . . . مرجت عندها الأمور ، و حلت الحزازات ، و انتشرت الفرقة ، و انتثرت أحزاباً و شيعاً ، يذيق بعضها بأس بعض .
إن الأحقاد و الضغائن و طغيان المآرب الشخصية ـ يا عباد الله ـ أدواء خطيرة ، و أمراض فتاكة ، إذا فشت في الأمة كانت نذير هلاكها ، و إذا دبت في جماعة كانت سبيل فنائها ، إنها مصدر كل عداء ، و منبع كل شقاء ، هي السلاح البتار الذي يضرب بها الشيطان القلوب فيمزقها ، و الجماعات فيفرقها
، تغرس الضغينة ، و تنبت العداوة ، و تولد النفور ، و تفسد الود ، و تقتلع المحبة ، هادمة الدنيا ، و حالقة الدين .
معاشر المسلمين : قد ييأس الشيطان من إيقاع المسلم في الشرك و الوثنية ، و لكنه يعجز عن إبعاده عن ربه بزرع أسباب النفرة في طويته حتى يكون أضل من الوثني المخرف . . وسيلته في ذلك إيقاد نيران العداوة في القلوب ، حتى إذا اشتعلت استمتع بها الشيطان برؤيتها و هي تحرق حاضر الأمة و مستقبلها ، و تلتهم علاقات الود بينها ، و تدفن فضائلها ، وتمحو محاسنها ، و تجلب اليأس إلى قلوب أجيالها : إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب و لكنه لم ييأس في التحريش بينهم . . رواه مسلم في صحيحه من حديث جابر رضي الله عنه .
و إذا تنافر الود و تمكن الشر عاد الناس إلى حال القسوة و العناد ، يقطعون ما أمر الله به أن يوصل و يفسدون في الأرض . و إن الإيمان ليتسرب من القلب الحقود كما يتسرب الماء من الإناء المثلوم .
و من هنا ـ يا عباد الله ـ فإن الحقد و الضغينة غليان شيطانيو هياج إبليسي . سبق به الشيطان الحاقدين حين أخذ على نفسه عهداً عند ربه " قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم * ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين " .
إن من دلائل الصغار و خسة الطبع . . ترسب الغل في أعماق النفس ، فلا يخرج منها بل يظل يموج في جوانبها كما يموج البركان المكتوم . و كثير من أصحاب القلوب الحاقدة لا يستريحون إلا إذا أرغوا و أزبدوا ، و آذوا و أفسدوا ، و تلذذوا بنشر المعايب ، و انبلجت أساريرهم بإذاعة المثالب .
يقول علماؤنا رحمهم الله : إن الغيظ إذا كظم لعجز صاحبه عن الانتقام و التشفي رجع إلى الباطن فاحتقن فصار حقداً و علامته دوام البغض و النفور . فالحقد ثمرة الغضب ، و الحسد من نتائج الحقد ، و الحقد أصل البشر ، ومن أضمر الشر في قلبه أنبت له نباتاً من المذاق ، نماؤه الغيظ ، و ثمرته الندم .
و لتعلموا رحمكم الله أن من لوازم الحقد و مظاهر الحسد ، سوء الظن ، و تتبع العورات ، و الهمز ، و اللمز ، و تعيير الناس ، و شيوع السباب ، و التعريض أو التصريح بالمعايب النفسية و البدنية . و إن الحاقدين ليجدون في الغيبة متنفساً لأحقادهم المكظومة و صدورهم الفقيرة إلى المحبة و الود و الصفار .
يود الحاقد لو أصبح أهل النعم محرومين ، و يتمنى لو باتوا ضائعين مشردين . إن لم ينطق ذلك بلسانه فلتعرفنه في لحن القول و شزر النظرات ، إذا رأى في أخيه نعمة بهت ، و إذا علم له عثرة شمت ، لا ينقطع غمه ، و لا يستريح قلبه ، و لا تسكن ثائرته . . ساخط على ربه و على الناس ، معذب النفس ، منغص البال ، دائم الهم .
و لعمر الله إن تلمس العيوب و إلصاقها بالناس دليل خبث الطويه و دناءة الهمة . و إن التلهي بسرد الفضائح و كشف الستور و إبداء السوءات من سيما الحاقدين و حيل العاجزين . و إن وسائل الإعلام في بعض بلاد المسلمين تحمل من هذا وزراً كبيراً ، و إثماً عظيماً .
و الطريق الصحيح و المسلك السوي ـ أيها الإخوة المسلمون ـ أن من سمع شيئاً من هذا فلا يوسع الخرق على الراقع . فرب كلمة شر تموت في مكانها لو تركت حيث قيلت ، و لرب مقالة سوء أيقظت فتنة و سعرت حرباً ، لأن غراً من الأغرار نقلها أو حاقداً سيء الطوية نفخ فيها ، فأصبحت ناراً تنقل الويلات و تنشر الخطوب .
و لماذا كل هذا يا أمة محمد ؟ لماذا كل هذا يا أهل الإيمان ؟ و قد قسم الله الأرزاق بين خلقه فوسع على أقوام ، و قدر رزقه على آخرين ، رفع بعضهم فوق بعض درجات ليتخذ بعضهم بعضاً سخرياً ، و رحمة ربك خير مما يجمعون . هو سبحانه البصير بخلقه ، المحيط بشئون ملك ، و تلك سنته في الأولين و الآخرين ، و لن تجد لسنة الله تبديلاً ، و لن تجد لسنة الله تحويلاً .
و قد حاولت دولة ـ عدت من عظمى دول هذا العصر ـ أن تخرج على سنة الله في قسمة الأرزاق ، و تفاضل الأقوات ، فكان مصيرها الفشل و الضعف و التمزق هي و من يدور في فلكها " أم لهم نصيب من الملك فإذا لا يؤتون الناس نقيرا * أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وآتيناهم ملكا عظيما * فمنهم من آمن به ومنهم من صد عنه وكفى بجهنم سعيرا " .
و ورد في الخبر : إن لنعم الله أعداء . قيل : و من أولئك قال الذين يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله .
و كلما ازدادت النعم كثر الحساد و ازداد الناقمون ، و قد يسهل أن ترضي الساخطين ، إلا الحسود فلا يرضيه إلا زوال النعمة .
و لكني من لطف الله و حكمته أن المحسود محفوظ ، لا يضره حسد الحاسدين ، و نعمه باقية لا تزيلها ضغائن الحاقدين ، و الله واهب النعم و سالبها ، و هو أحكم الحاكمين . و لو كانت النعم تزول بالحسد لما بقى في الدنيا محسود لأن كل ذي محسود .
فاتقوا الله يرحمكم ، و اعرفوا نعم الله عليكم ، و اشكروها و أصلحوا ذات بينكم ، و توجهوا إلى ربكم ، واسألوه من فضله ، و كونوا عباد الله إخوانا .
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم :
" ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله إن الله كان بكل شيء عليما " .
http://www.envy.nu/aasaal/jom025.htm