PDA

View Full Version : * بــــر الأبــــنــــــا ء *


صدى الحق
19-11-2000, 10:06 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

هذه بعض الأخطاء التربوية التي ينبغي للآباء والمربين تحنبها حتى تكتمل مسيرة التربية بعيداً عن أي عقبات ومعوقات .

أولاً: التربيه بالقول دون الفعل :

فلا بد للمربي حتى يكون مؤثراً في الأبناء من أن يوافق قوله فعله، قال تعالى يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (2) كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون(3) سورة الصف .

وقال الشاعر :

ياأيها الرجل المعلم غيره *** هلا لنفسك كان ذا التعليم

لاتنه عن خلق وتاتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم


ولعل من أظهر الأمثلة في حياتنا ـ وهي كثيرة ـ أن يطرق رجل الباب فيسأل عن الأب ـ فيقول الأب لابنه: قل له أبي غير موجود.. فهذه كذبة .
أو تتصل امرأة بالأم فتقول لابنتها: قولي لها: أمي مشغولة وهي غير كذلك.. فهذه أيضاً كذبة.
وهذا إما أن يولِّد عند الأبناء تناقضاً في الشخصية ، أو تهاوناً بالكذب على الآخرين .
ففي سنن أبي داود(4970) عن عبدالله ابن عامر قال: "دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعد في بيتنا، فقال: هاه، فقالت أعطيك.. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما أردت أن تعطيه؟ قالت: أعطيه تمراً ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما أنك لو لم تعطه شيئاً، كتبت عليك كذبة"، قال أبوالطيب في عون المعبود 13-335 ( وفي الحديث أن ما يتفوه به الناس للأطفال عند البكاء مثلاً ، بكلمات هزلاً أو كذباً، بإعطاء شيء أو بتخويف من شيء، حرام داخل في الكذب ) .
وعند أحمد في المسند 2-452 عن أبي هريــرة ـ رضي الله عنه ـ قال رسول الله ص: "من قال لصبي تعال هاك ثم لم يعطه فهي كذبة"

صدى الحق
19-11-2000, 10:11 AM
وهذا يولد عند الأطفال عدم الثقة في النفس أو بلادة الحس أحياناً، لذا ينبغي للآباء والمربين أن يفرقوا بين الأخطاء الطفولية والأخطاء التربوية ، فالكذب خطأ وخلل تربوي ينبغي تصحيحه ، وكذلك التعدي والمشاغبة وحب التخريب ونحوها.
أما سقوط الكأس مثلاً من يد الطفل أو كثرة الحركة أو توسيخ الملابس أثناء اللعب ونحوها فأخطاء طفولية يوجَّه فيها الطفل بالرفق واللين ، فكم كسرت الأم من كأس أو صحن وهي تغسل الأواني، فهل هذا خطأ فاحش تعاقب عليه؟!
ورحم الله الشافعي حينما قال موجهاً المربين لهذه الحقيقــة: المؤدب اللبيب.. متغافل رفيق..

صدى الحق
19-11-2000, 10:35 AM
وبخاصة من الأمهات وقت الغضب.. ولذا يحذرنا النبي ص من ذلك بقوله: "لاتدعوا على أنفسكم.. ولاتدعوا على أولادكم ، ولاتدعوا على خدمكم ، ولاتدعوا على أموالكم ، لا توافقـــوا من الله ساعة يسأل فيها عطاء ، فيســــتجاب لكـــم" رواه مسلم .

ولقد كان الأنبياء والصالحون يدعون الله دائماً بصلاح الأبناء كما قال تعالى على لسان زكريا عليه السلام: رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء (آل عمران: 38) .

وقال على لسان إبراهيم عليه السلام ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك (البقرة: 128) .

وقال تعالى على لسان الصالحين في دعائهم رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأصلح لي في ذريتي (الأحقاف:15) .

وقال تعالى: والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين (الفرقان: 74) .

فمن البر بالأبناء الدعاء لهم بالصلاح والهداية ، فإن في صلاحهم خيراً لأنفسهم ووالديهم وفي ضلالهم شقاءً لهم جميعاً، نسأل الله أن يصلح لنا ذرياتنا جميعاً، وأن يحبِّب إليهم الإيمان.. ويزيِّنه في قلوبهم ، ويكرّه إليهم الكفر والفسوق والعصيان ويجعلهم من الراشدين .

صدى الحق
19-11-2000, 10:41 AM
وهذا نابع من حب تقليد الآباء وعدم القدرة أو الرغبة في تطوير الوسائل المناسبة لكل زمان ، حتى قال قائلهم: (نربي أبناءنا على ماربانا عليه أباؤنا) وليس هذا الكلام على إطلاقه .

فلاينكر أحد تغير الأحوال والبيئة والمفاهيم ، فما كان يصلح في السابق قد لايصلح في هذا الزمان.. فكثرة الضرب مثلاً كانت وسيلة منتشرة في السابق ، وقد لاتصلح في هذا الزمان ، والتهديد بالطرد من المنزل في الماضي كان كافياً لزجر وردع الأبناء ، وأما في زماننا فإن طرد الأبناء من المنزل ـ إلا في أضيق الحدود ـ قد يكون وسيلة لانحرافٍ أكثر وضلال أشد على الأبناء ، وبخاصة مع وجود التجمعات المنحرفة التي تتصيد الشباب لاستغلالهم.. وهكذا .

لذا ينبغي على الآباء والمربين مراعاة الأحوال وتطوير وسائل التربية وعدم الجمود على تقاليد الآباء والأجداد إلا فيما تبين أنه علاج ناجع..

صدى الحق
19-11-2000, 10:43 AM
فبعض الآباء يتعب ويحرص على تربية أبنائه وتوجيههم ولكنه يغفل جانب الرقابة والمتابعة، فلا يعلم متى يخرجون أو يعودون وإلى أين يذهبون ومع من يختلطون؟ ولعل هذا نابع من الثقة الزائدة في سلوك الأبناء، ولكن هذا المبدأ غير صحيح، فكم جرّ مبدأ ضعف الرقابة على الأبناء من ويلات إذا خالطوا من لا تصلح صحبتهم.

عن المرء لاتسل وسل عن قرينه
إن القرين بالمقارن يقتدي


ومهما كانت تربية الأبناء فإن للبيئة التي يختلطون بها تأثيراً على سلوكهم فليس من الحكمة أن نزج بأبنائنا في مواطن الشبهات أو أماكن الفساد بحجة صلاح تربيتهم، فإن الهدم أسرع كثيراً من البناء والإفساد أسهل من الإصلاح وبخاصة قبل أن يشتد عودهم، وتقوى مناعتهم..

ألقاه في اليـمِّ مكتوفاً وقال له
إياك إياك أن تبتل بالماء


فالإسلام دين قائم على مبدأ الوقاية خير من العلاج، لأن المحظور إذا وقع قد يصعب علاجه، أو قد تطول معاناته، وهذان أمران أحدهما مرّ وليس أبناؤنا محلاً للتجارب!!.


مجلة المجتمع