PDA

View Full Version : ( حين تعرف الحكمـة ... ترتاح وتطمئن )


بو عبدالرحمن
16-03-2001, 08:52 AM
-
تسللت الحمى إلى عروقِ هذا الجسدِ الخائرِ ، فوق الفرشِ المتواضعِ ..
ارتجفَ البدنُ كلهُ ، هيبةً لهذا الزائرِ الثقيل ، الذي لا يدرى هل ستطولُ إقامتهُ أم أنها ستكونُ عابرةً قصيرة ..
ضحكتْ الحمى وهي تسري سريان النارِ في هذه الأوصال التي تئنُ وتتوجعُ ..
ثم همستْ في رثاءٍ وهي تواصلُ زحفها الكبير .. :
أيها الجسدُ الخامل.. ! استعدْ منذ الآن للزلزلة التي ستصيبكَ ، وتماسك إنْ كنتَ تستطيعُ ، لمطارقَ العذاب أكيلها عليك على مَـر الأنفاس ..!!

تمللْ الجسدُ المريض ، وهو يئنُ أنينهُ المتواصل ،
ثم قال _ وهو يجهد أن يرفعَ جفنيهِ المرتعشين بصعوبةٍ إلى السماءِ ، وفي نفس اللحظة كان يجهدُ أن يشير بسبابته المرتجفة إشارة التوحيد _ قال :

إلهي … مولاي .. أنت سيدي المتفضلُ عليّ .. وأنا عبدك الذي يحبك ..
إنْ لم يكنْ عليّ غضبٌ فلا أبالي ، بما يصيبني .. ولكن عافيتك ورحمتك أوسعُ لي ..
يا رب .. إنّ قلبي على أتم اليقين ، أنّ رحمتكَ بي أكبرُ وأعظمُ من رحمتي لنفسي ، وأنتَ أحنى عليّ ، من حنو أمي وأبي عليّ ..
وهذا الجسدُ المتدثرُ لن يتسخطَ أقداركَ .. وكيف يفعلْ ؟ وأنى له أن يفعلَ ؟! وأنت الحبيب المحسن الكريم المتفضل الرحيم الودود .. جل شأنك وتباركَ اسمك ..؟
أنتَ الذي طالما رأيتني منغمساً في المعصية ، فسترت ، وحلمت ، وصبرت ، وتجاوزت .. وأحسنت ولطفت ، وأكرمت ..
فلك الحمدُ حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما تحب وترضى ..
لك الحمدُ في الأولى ، ولك الحمدُ في الأخرى ..

انكمشتْ الحمى التي كانت تغلي ، انكماشا شديداً أمام حرارة الإيمان هذه ..حتى كادت أن تصبح برداً وسلاماً على صاحبها ….!!!
الجسدُ المريضُ لا يزال يتوهج بحرارته .. غير أن الروحَ تزغردُ بما نفحها الله سبحانه من لطائف معرفته ، والرضا بأقداره ..
فلما تلاقتْ روعة المعرفة ، بوهجِ حرارة الحمى ، أحالتْ لذعها لذةً ..!!
( ذلك فضل الله يؤتيه من يشاءُ ، واللهُ ذو الفضل العظيم )

في ضوء هذه المعاني الرائعة ..
رويت قصص عجيبة في هذا البابِ ، حكاها أصحابُ السير ، وهم يدونون تاريخَ عظماء هذه الأمة .. وإليك هاتان الوردتان :
مرضتْ إحدى الصالحات ، فأقبلتْ عليها صويحباتٌ لها يعدنها ليواسينها ، استقبلتهن باسمة ، وهي تقول :
لولا هذه المصائبُ ..لأتينا يوم القيامة مفاليس …..!!

وتعثر شيخ جليل كان يمشي مع بعض إخوانه وتلامذته ، فجرحتْ إصبعه جرحا بليغاً ، فأمسك بها ، وهو يتبسم …!!
فسئل عن سر تبسمه .. فقال : تذكرتُ أجرها عند الله فأعجبني …!!!

وفي الحديث الشريف يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم:
" ما يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ والمؤمنةِ في نفسهِ وولدهِ ومالهِ ، حتى يلقى اللهَ وما عليهِ خطيئة .."
فها أنت ترى البلاء هاهنا بمثابة النهر ، يغتسلُ فيه الإنسانُ جيداً حتى لا يدعْ في قلبه شيئا من غبار وأكدار وقذر ..!!
ولا يكون ذلك إلا للمؤمن ..

ومع هذا كله يبقى على المسلم أن يلهجَ دائما بسؤال الله العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة .. ولكنه يوطن نفسه إذا نزل البلاء أن يصبر ويصابر ويتقي الله ..
- -

Huda76
16-03-2001, 12:12 PM
أخي الكريم بو عبدالرحمن

هلا بك والله ..

تسلم وجزاك الله ألف خير على هذه المعاني الرائعة والتي لا يملك قارئها سوى القول لا اله الا الله محمد رسول الله .. وسبحان الله ..

نسأل الله العفو والعافية ..

تحياتي لك

هبه الرحمن
16-03-2001, 01:35 PM
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

الحمد لله على سلامتك ...

ليس بدعاً ان نقف لنقرأ ماذا يسطر قلمكم ولكن ما تحتوية نفوسكم الطيبة خوفاً وحرصاً على المجتمع ككل ...

هي كلمات تخاطب الأنا في النفس ... هبه الرحمن

فلونة
16-03-2001, 01:46 PM
سبحان الله حين يبتلى عباده

فيأتون يوم القيامة وقد سقطت عنهم أوزراهم..


شكرا لك على هذا الموضوع الرائع


فلونة

بدون زعل
16-03-2001, 11:01 PM
عزيزي بو عبدالرحمن
وصف رهيب حقا للمرض والدواء ..... وكما قلت فان المؤمن مبتلى .. فالمرض للمسلم تكفير لذنوبه...
ولتذكير فقط يجب علىالمؤمن ان يذكر الله في السراء والضراء ولا يكن كما قال تعالى ((فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون)) .....
وجزاك الله خير
بدون زعل

بو عبدالرحمن
17-03-2001, 03:14 PM
-
الأخت الفاضلة / Huda76
.............. حفظك الله ورعاك

جزاك الله خير الجزاء على هذه المتابعة
التي أسأل الله سبحانه أن ينفعك بها في دنياك وأخراك
لتنفعي بها سواك ..
فتكونين مباركة حيمثا كنت ، وأينما حللت ..
تنتقين أطايب الكلام ، كما ينتقي العقلاء أطايب الثمر ..
لك مني الشكر .. ولك من الله الأجر ..
ولا نطلب منكم سوى الدعاء الخالص الطيب المبارك .

شاهيناز
17-03-2001, 03:22 PM
بو عبدالرحمن...
جزاك الله خير...على هذا الموضوع وبحق ان الله سبحانه وتعالى

بذكره تطمئن القلوب....

بو عبدالرحمن
17-03-2001, 03:24 PM
-
الأخت الفاضلة / هبه الرحمن
.............. حياك الله وبياك وجعل الجنة مأواك

بارك الله فيك أختي الكريمة ..
ما شاء الله لا قوة إلا بالله .
كلمات قليلة ، غير أنها محسوبة بحساب دقيق
فجاءت معبرة ..
بارك الله لك في هذا القلم المشرق ..
وبارك الله لك في هذا الوعي الواضح .
جزاك الله خير الجزاء ..
ونفعنا الله بك وبدعواتك ..

بو عبدالرحمن
18-03-2001, 07:43 AM
-
الأخت الفاضلة / فلونه
............. حفظك الله ورعاك

أشكر لك هذه المتابعة الواعسة التي أرجو من الله أن ينفعك بها ، في دنياك وأخراك ..
جزاك الله خير الجزاء ..
أسأل الله أن يبارك فيك حيثما كنت ..
الإنسان لا يزال مبتلى ، ولكن يبقى كيف يواجه هذا البلاء النازل به ..؟
على قدر قوة الإيمان ومعرفة الله ، يسهل الأمر ن وتهون الشدة ..
نسأل الله سبحانه أن يحبب إلينا الإيمان ويزينه في قلوبنا .
إنه نعم المجيب .

بو عبدالرحمن
18-03-2001, 11:51 AM
-
أخي العزيز / بدون زعل ..
............ رعاك الله ورفع قدرك

أشكر لك هذا الحضور وهذا التعقيب ، وهذه الكلمات الطيبة
جزاك الله خير الجزاء ..
وبارك الله فيك ..
ونسأل الله أن يعافينا وإياكم من كل بلاء ، برحمته ولطفه ..
إنه نعم المسؤول ..

بو عبدالرحمن
18-03-2001, 06:46 PM
-
الأخت الفاضلة / شاهيناز
............ بورك فيك ، ورفع الله قدرك

أشكر لك هذه المتابعة الواعية والتي أسأل الله العلي القدير أن ينفعك بها في دنياك وأخراك معا ..
جزاك الله خير الجزاء ..
وبارك الله فيك ..

وبهذا الكلمات أكون وصلت إلى أخر رد ..
لأقول لكم وداعا.. ولقد قلت كلمتي في هذا الرابط ..
http://www.swalif.net/sforum/showthread.php?threadid=84026

أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ..
واسأله سبحانه أن يجعل مجالسكم تطيب بذكره ،
وأن يعافيكم من تضييع الأوقات في الحديث عن هامشيات الحياة ..التي قد تضر ولا تنفع ..

فما أكثر الأحاديث النبوية الشريفة ، التي تحذر من أن يضيّـع المسلم وقته بغير ذكر الله تعالى ..والتذكير .. والدعوة إلى الخير .. ونحو هذه المعاني التي تحتاجها امتنا اليوم أكثر مما تحتاجها في أي وقت آخر ..
أمة تذبح من الوريد إلى الوريد وشبابها مشغولون بألوان من لغو الحديث .. وهذر الحياة .. وسفساف الأمور ..إلا من رحم الله ..
والشكوى لغير الله مذلة ..
بارك الله فيكم ..
اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه ..
وأرنا الباطل باطلا وارزقنا اجتنابه .

سبحانك اللهم وبحمدك ... أشهد أن لا إله إلا أنت .. أستغفرك وأتوب إليك ..
- -
عنواني الجديد في الرابط التالي :
http://www.qal3ah.com/vb/forumdisplay.php3?forumid=2

غريب نجد
18-03-2001, 07:26 PM
الاخ العزيز بو عبدالرحمن حفظه الله

1^

واسعد الله اوقاتك وايامك بالايمان وحياك الله وارحب باطلاتك علينا والتي غدت مثل اطلالة البدر راس كل شهر وروؤس القوم حيارا في انتظاره ..

البسك اللا اولا لباس الصحة والعافية وجزاك الله خيرا على هذا الموضوع المتميز وجعلة الله في موازين حسناتك ونفع الله بك ..

اسمحلي اخي بهذة الاضافة بارغم انك وفيت وكفيت
قال الرسول صلى الله عليه وسلم ايكم يحب ان يصح جسمه فلا يسقم؟ فقالوا كلنا يارسول الله . قال أتحبون ان تكونا كالحمير الصواله (( يعني ترمح وتثب )), والاتحبون ان تكونا أصحاب بلاياوأصحاب كفارات ؟ والذي بعثني بالحق نبيا . أن الرجل لتكون له درجه في الجنه فلا يبلغها بشيء من عمله , فيبتليه الله تعالى ليبلغ درجة لا يبلغها بعملة . وعنه رضي الله عنه (( ما من مسلم يمرض مرضا الا حط الله من خطاياه كما تحط الشجرة ورقها ))

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنه يرفه (( يود اهل العافية يوم القيامة أن لحومهم كانت تقرض بالمقاريض , لما يرون من ثواب الله تعالى لاهل البلاء )) وروي عن ابو عتبة عن النبي صلى الله عليه وسلم (( إذا احب الله عبدا ابتلاه فإذاأحبه الحب البالغ اقتناه . قالوا: وما اقتناه ؟ قال : لا يترك له مالا ولا ولدا )) فسبحان الله له حكمه في ذلك ذوي البصيرة ادرى بها ..

ويحكى عن حل عروة بن الزبير الذي كان صبورا حين ابلتي ان الاطباء قال له اشرب وهو مرقد فقال : ما أحب ان أغفل عن ذكر الله تعالى , واحمى له منشار وقطعت رجلة فقال ضعوها بين يدي ولم يتوجع . ثم قال لئن ابليت في عضو فقد عوفيت في أعضاء .

وقد قال مطرف : ما نزل بي مكروه قط فاستعظمته إلا ذكرت ذنوبي فاستصغرته .

فالحمد لله على قضاء وقدرة ومرضك بالدنيا ولا عقابك بالاخرة ياكريم ..

تحياتي لكم جميعا

بو عبدالرحمن
18-03-2001, 09:04 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخي الحبيب / غريب نجد ..
............. رعاك الله ، ورفع قدرك بين خلقه

أحبك الله الذي أحببتني من أجله ..
وأسأله سبحانه أن يجمعنا على سرر متقابلين .. في مقعد صدق عند مليك مقتدر .. مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين .. برحمته وكرمه ومنه وفضله ..

سبحان الله ..
مع أني قلت أن كلماتي في ردي السابق ستكون الأخيرة ..
ولكن تعقيبك هذا ، الزمني أن أعود لأسجل هذه الكلمات شكراً لك ، وثناء عليك ، ودعاء لك .
ولقد باردت على الفور احتفظ بتعقيبك هذا ..
وكأنما لأول مرة تمر بي هذه النصوص . فجزاك الله عني خير الجزاء ونفعنا الله بك ..
وكثر الله من أمثالك .. ممن تتعطر بهم المجالس ، وتتهلل لهم الملائكة لأنهم يعيشون في أجوائها ..
تحياتي إليك ، وخالص دعائي لك...
ولا تنسني من دعائك يا أخي ..

- -