pliot
20-04-2001, 12:00 AM
كتبت الاخت فهده هذه القصه بداية القصة :
=================================================
في أوائل السبعينات الميلادية ... وبالتحديد ... في الثالث من أغسطس ... من العام الأول بعد السبعين والتسعمئة والألف من التاريخ الميلادي ... عدت الى المنزل ... لم يكن على كاهلي هموم ... سوى إرضاء الله والوالدين وإكمال مسيرتي العلمية ... رحم الله أبي وأطال في عمر والدتي ... كانت الرياض مدينة صغيرة ... نسبة كبيرة من شوارعها ترابية ... لم تلبس الرداء الإسفلتي ... وحال دخولي الى المنزل ... وإذا بأخي الكبير يقابلني ... كانت ملامح الرعب تبدوا على ... محياه ... وقال لي هل سمعت الخبر ... قلت له ومالخطب ... قال فهد صديقك الحميم ... قتل رجلا ً ... سألته أ انت جاد ... قال نعم .
كان فهد صديقي وأخي ... وتوأمي ... أكبره بسنه ... كان في الرابعة والعشرين ... وكنت في الخامسة والعشرين ... بدأت معرفتي به ... في الصف الأول المتوسط ... درسنا المرحلة الثانوية ... سافرنا الى بريطانيا ... ثم إلتحقنا في جامعة برنستاون ... لدراسة الأدب الإنجليزي ... وفي ذلك اليوم المشئوم ... كنا نتمتع بإجازة ... نقضيها في الوطن الغالي ... كنا نقتسم كل شيء ... الفرح والحزن ... والجد واللعب ... حتى الدواء ... كنا نقتسمه ... من باب الإشتراك في تحديد المصير ... لم تكن أمريكا كما هي الآن ... فقد كانت إحدى الجنان علىالأرض ... كان أشجع مني ... واجرأ ... وتعلمت منه أشياء كثيرة ... برغم إني أكبره بالعمر ... هو وحيد أمه وأبيه .
لم نكن في ذلك الوقت ... نملك سوى سيارة واحدة لعائلتنا الكبيرة ... التي يفوق عددها الخمسة عشر نفسا ً من أب وأم وإخوة وأخوات .
إستأذنت والدي ... بأن آخذ السيارة ... لأذهب وأستطلع الخبر ... فرفض خوفا ً علـّي ... من إشكالات قد أتعرض لها ... وألححت عليه ووافق ... ذهبت الى والده وكان في حوالي الخمسين من عمره، أما والدته فكانت تزيد قليلا ً عن الأربعين من عمرها ... وعندما طرقت الباب ... أجابتني أمه ... لم تكن تخفي وجهها عني ... بحكم نشأتي وصديقي ... القريبة جدا ً ... كانت آثار الدهشة ... تعتريها كما أعترت ... كل من حولنا ... أمسكت بيديّ الإثنتين ... وتوسلت إلي ان أفعل شيئا ً ... فأخبرتها إنني سوف أستطلع الخبر ... سألت عن والده ... قالوا لقد ذهب الى الشرطة ... كان هناك بعض الأقارب ... وسألتهم كيف حدث ذلك ... قالوا شجار بسيط ... تحول الى جريمة ... والمقتول هو ( فلان ) وهو في إسعاف مستشفى الشميسى الآن ... أعرفه ... رحمه الله ليس لي به علاقة ... كان رجلا ً يكبرنا ... له زوجة وثلاثة أطفال أصغرهم ... عمره سنه واحدة ... كان مشاكسا ً في معظم الأحيان ... يملك متجرا ً لا يتنازل عن حقه .
دخلت قسم الإسعاف ... وحاولت أن أستطلع الخبر ... لم يكن هناك تنظيم ... كما هو الآن ... وتشاء الصدف ... أن أدخل الى أحدى الغرف ... وكانت مكتبا ً ... وعلى أحد الطاولات ... ملفان ... كتب على الأول ... إسم القاتل ... نعم وبهذا اللفظ وكان فهد ... وعلى الثاني ... إسم المقتول ... أيقنت ... ان هناك خطب ٌ جلل ... فأحسست ثقلا ً بدأ يسري في ساقـّي .
وحالا ً ... إتجهت الى قسم الشرطة ... وجدت أبا فهد حائرا ً لا يدري ماذا يفعل ... وسألت عن فهد ... وبعد إصرار وترجي ... وبعد أن أخذوا هويتي ... وكانت تلك الهوية ... دفترا ً صغيرا ً أزرقا ً يسمى ... تابعية ... أوقفوني أمامه ... بيني وبينه باب حديدي ... به بعض الفتحات ... تكفي بأن تدخل يدك ... ويمسكها من هو خلف هذا الباب ... ليشعر ... بطمأنينة مؤقته .
تسمرت عيناي ... بعينية ... لم أرمش ... لا أدري ما أقول ... فبادرني بالسؤال قائلا ً ... هل مات فلان ؟ ... فوكزته بسؤالي وقلت ... مالذي حصل؟ ... قال أردت إستبدال سلعة فرفض ... فدخلت الى متجره ... وتلفظت عليه ... فصفعني ... ثم تناولت مفكا ً صغيرا ً وضربته في صدره ... لا لأقتله ... ولكن لأنتقم للصفعة ... وأعاد علـّي السؤال ... هل مات ؟ ... قلت وبكل صعوبة (نعم) ... قال لا أصدق ... قلت ليس وقت التصديق الآن ... دعني أذهب لأقف مع أهله ... ونحاول أن نصل الى شيء إيجابي ... وقبل أن أودعه ... سألته ... هل تريد شيئا ً ؟ ... قال أمي وأبي أمانة في عنقك ... فقلت له وهل توصيني بأمي وأبي يافهد... لا عليك سوف أطلب منهم الإكثار من الدعاء ... وأخبر والدتك بأنك بصحة جيدة ... وسوف نحاول إعادتك الى المنزل .
ذهبت الى عائلة المقتول ... لم أجد ترحيبا ً ... كان كل شخص ... يحاول التهرب مني ... أيقنت ان الوقت ليس مناسبا ً لوجودي ... في اليوم التالي ... وفي الجامع الكبير ... صلينا على القتيل ... وذهبنا الى منزله لتقديم العزاء ... وبقيت طوال اليوم ... واليومين التاليين ... كنا نتحدث عن كل شيء ... وكنت أتطرق كثيرا ً الى قصص القضاء والقدر ... وانتهت أيام العزاء ... فذهبت الى والدي ... وطلبت منه ... ان يتدخل ... وشرحت له القضية ... كان يفهمها أكثر مني رحمه الله ... وبدأت المساومات ... هم يريدون القصاص ... ونحن نريد العفو ... كان كل يوم يمر كأنه الدهر ... فمصير فهد مجهول ... وتدخل كبار القوم ... وعرضوا المبالغ ... فكان جوابهم دائما ً ... نعطيكم ضعفها ... وأعيدوا لنا إبننا ... وهذه كلمة بحد ذاتها ... قاتلة .
صدر الحكم الشرعي ... بالقصاص من فهد ... على أن يؤجل ... حتى يبلغ الورثة ... ويعاد طلب العفو ... نقل فهد الى السجن العام ... وهو أكبر سجن بالرياض في ذلك الوقت ... ووضع في عنبر الدم ... وهو العنبر الأحمر المخيف ... كيف لا وعزرائيل ... يتجول داخل أروقته ... كيف لا ونزلائه ... لا يعرفون طعم النوم ... وخصوصا ً ليلة الجمعة ... حيث يقضونها جالسين ... صامتين ... لا يقوون على إخراج الكلمة ... فقط عيونهم شاخصة ويتنفسون وبلا صوت .
إقترب موعد الدراسة ... والعودة الى الجامعة ... في أمريكا ... كنا نذهب الى بيروت وثم الى لندن وبعدها الى نيويورك ... أوصيت أبي بالقضية ... فنهرني رحمه الله ... بأن لا أوصيه على واجبا ً يقوم به ... ذهبت الى هناك ... وجمعت كل متعلقات فهد ... وإحتفظت بها لأعود بها في السنة القادمة .
=================================================
في أوائل السبعينات الميلادية ... وبالتحديد ... في الثالث من أغسطس ... من العام الأول بعد السبعين والتسعمئة والألف من التاريخ الميلادي ... عدت الى المنزل ... لم يكن على كاهلي هموم ... سوى إرضاء الله والوالدين وإكمال مسيرتي العلمية ... رحم الله أبي وأطال في عمر والدتي ... كانت الرياض مدينة صغيرة ... نسبة كبيرة من شوارعها ترابية ... لم تلبس الرداء الإسفلتي ... وحال دخولي الى المنزل ... وإذا بأخي الكبير يقابلني ... كانت ملامح الرعب تبدوا على ... محياه ... وقال لي هل سمعت الخبر ... قلت له ومالخطب ... قال فهد صديقك الحميم ... قتل رجلا ً ... سألته أ انت جاد ... قال نعم .
كان فهد صديقي وأخي ... وتوأمي ... أكبره بسنه ... كان في الرابعة والعشرين ... وكنت في الخامسة والعشرين ... بدأت معرفتي به ... في الصف الأول المتوسط ... درسنا المرحلة الثانوية ... سافرنا الى بريطانيا ... ثم إلتحقنا في جامعة برنستاون ... لدراسة الأدب الإنجليزي ... وفي ذلك اليوم المشئوم ... كنا نتمتع بإجازة ... نقضيها في الوطن الغالي ... كنا نقتسم كل شيء ... الفرح والحزن ... والجد واللعب ... حتى الدواء ... كنا نقتسمه ... من باب الإشتراك في تحديد المصير ... لم تكن أمريكا كما هي الآن ... فقد كانت إحدى الجنان علىالأرض ... كان أشجع مني ... واجرأ ... وتعلمت منه أشياء كثيرة ... برغم إني أكبره بالعمر ... هو وحيد أمه وأبيه .
لم نكن في ذلك الوقت ... نملك سوى سيارة واحدة لعائلتنا الكبيرة ... التي يفوق عددها الخمسة عشر نفسا ً من أب وأم وإخوة وأخوات .
إستأذنت والدي ... بأن آخذ السيارة ... لأذهب وأستطلع الخبر ... فرفض خوفا ً علـّي ... من إشكالات قد أتعرض لها ... وألححت عليه ووافق ... ذهبت الى والده وكان في حوالي الخمسين من عمره، أما والدته فكانت تزيد قليلا ً عن الأربعين من عمرها ... وعندما طرقت الباب ... أجابتني أمه ... لم تكن تخفي وجهها عني ... بحكم نشأتي وصديقي ... القريبة جدا ً ... كانت آثار الدهشة ... تعتريها كما أعترت ... كل من حولنا ... أمسكت بيديّ الإثنتين ... وتوسلت إلي ان أفعل شيئا ً ... فأخبرتها إنني سوف أستطلع الخبر ... سألت عن والده ... قالوا لقد ذهب الى الشرطة ... كان هناك بعض الأقارب ... وسألتهم كيف حدث ذلك ... قالوا شجار بسيط ... تحول الى جريمة ... والمقتول هو ( فلان ) وهو في إسعاف مستشفى الشميسى الآن ... أعرفه ... رحمه الله ليس لي به علاقة ... كان رجلا ً يكبرنا ... له زوجة وثلاثة أطفال أصغرهم ... عمره سنه واحدة ... كان مشاكسا ً في معظم الأحيان ... يملك متجرا ً لا يتنازل عن حقه .
دخلت قسم الإسعاف ... وحاولت أن أستطلع الخبر ... لم يكن هناك تنظيم ... كما هو الآن ... وتشاء الصدف ... أن أدخل الى أحدى الغرف ... وكانت مكتبا ً ... وعلى أحد الطاولات ... ملفان ... كتب على الأول ... إسم القاتل ... نعم وبهذا اللفظ وكان فهد ... وعلى الثاني ... إسم المقتول ... أيقنت ... ان هناك خطب ٌ جلل ... فأحسست ثقلا ً بدأ يسري في ساقـّي .
وحالا ً ... إتجهت الى قسم الشرطة ... وجدت أبا فهد حائرا ً لا يدري ماذا يفعل ... وسألت عن فهد ... وبعد إصرار وترجي ... وبعد أن أخذوا هويتي ... وكانت تلك الهوية ... دفترا ً صغيرا ً أزرقا ً يسمى ... تابعية ... أوقفوني أمامه ... بيني وبينه باب حديدي ... به بعض الفتحات ... تكفي بأن تدخل يدك ... ويمسكها من هو خلف هذا الباب ... ليشعر ... بطمأنينة مؤقته .
تسمرت عيناي ... بعينية ... لم أرمش ... لا أدري ما أقول ... فبادرني بالسؤال قائلا ً ... هل مات فلان ؟ ... فوكزته بسؤالي وقلت ... مالذي حصل؟ ... قال أردت إستبدال سلعة فرفض ... فدخلت الى متجره ... وتلفظت عليه ... فصفعني ... ثم تناولت مفكا ً صغيرا ً وضربته في صدره ... لا لأقتله ... ولكن لأنتقم للصفعة ... وأعاد علـّي السؤال ... هل مات ؟ ... قلت وبكل صعوبة (نعم) ... قال لا أصدق ... قلت ليس وقت التصديق الآن ... دعني أذهب لأقف مع أهله ... ونحاول أن نصل الى شيء إيجابي ... وقبل أن أودعه ... سألته ... هل تريد شيئا ً ؟ ... قال أمي وأبي أمانة في عنقك ... فقلت له وهل توصيني بأمي وأبي يافهد... لا عليك سوف أطلب منهم الإكثار من الدعاء ... وأخبر والدتك بأنك بصحة جيدة ... وسوف نحاول إعادتك الى المنزل .
ذهبت الى عائلة المقتول ... لم أجد ترحيبا ً ... كان كل شخص ... يحاول التهرب مني ... أيقنت ان الوقت ليس مناسبا ً لوجودي ... في اليوم التالي ... وفي الجامع الكبير ... صلينا على القتيل ... وذهبنا الى منزله لتقديم العزاء ... وبقيت طوال اليوم ... واليومين التاليين ... كنا نتحدث عن كل شيء ... وكنت أتطرق كثيرا ً الى قصص القضاء والقدر ... وانتهت أيام العزاء ... فذهبت الى والدي ... وطلبت منه ... ان يتدخل ... وشرحت له القضية ... كان يفهمها أكثر مني رحمه الله ... وبدأت المساومات ... هم يريدون القصاص ... ونحن نريد العفو ... كان كل يوم يمر كأنه الدهر ... فمصير فهد مجهول ... وتدخل كبار القوم ... وعرضوا المبالغ ... فكان جوابهم دائما ً ... نعطيكم ضعفها ... وأعيدوا لنا إبننا ... وهذه كلمة بحد ذاتها ... قاتلة .
صدر الحكم الشرعي ... بالقصاص من فهد ... على أن يؤجل ... حتى يبلغ الورثة ... ويعاد طلب العفو ... نقل فهد الى السجن العام ... وهو أكبر سجن بالرياض في ذلك الوقت ... ووضع في عنبر الدم ... وهو العنبر الأحمر المخيف ... كيف لا وعزرائيل ... يتجول داخل أروقته ... كيف لا ونزلائه ... لا يعرفون طعم النوم ... وخصوصا ً ليلة الجمعة ... حيث يقضونها جالسين ... صامتين ... لا يقوون على إخراج الكلمة ... فقط عيونهم شاخصة ويتنفسون وبلا صوت .
إقترب موعد الدراسة ... والعودة الى الجامعة ... في أمريكا ... كنا نذهب الى بيروت وثم الى لندن وبعدها الى نيويورك ... أوصيت أبي بالقضية ... فنهرني رحمه الله ... بأن لا أوصيه على واجبا ً يقوم به ... ذهبت الى هناك ... وجمعت كل متعلقات فهد ... وإحتفظت بها لأعود بها في السنة القادمة .