PDA

View Full Version : ^^^^^فراشة بين أربعة جدران^^^^^^


زهر الليالي
03-06-2001, 12:06 PM
ضجر ملل كلمتان تخنقاني ترحلان وتعودان لتتجولان حولي .. أريد الهروب منهما ولكن دون جدوى أحاول الهروب منهما بالتجول بين غرف المنزل ولكنها كلها متشابهه كلها بأربع جدران ألا تتواجد غرف بثلاث فقط ؟ أريد أن أكون حرة ولو لمرة واحدة بعيدة عن هذا السجن لماذا أريد أن أكون حرة لا أعلم ولكنه شعور طالما راودني .. أشعر وكأنني أسمع هذه الكلمات ولكن من أين مصدرها من يتأفف مثلي من الضجر والملل .. قد يبدو لي إنها مجرد أوهام تعتريني ولكني أسمع هذه الكلمات تخرج من قعر كتابي الملقى على رف المكتبة .. توجهت إلى الكتاب وأخذت أقلب صفحاته بكل حذر.. فإذا بفراشة تنشر جناحيها الزاهيان وتقف لتصرخ في وجهي ضجر ملل .. أبتسمت وقلت لها ما بك ؟ قالت : ضجر ملل كنت سأختنق داخل هذا الكتاب .. أبتسمت وقلت لها ضجرة وماذا أفعل أنا المخنوقة وسط هذه الجدران ؟ قالت لي على الأقل أنت لديك متسع من الفراغ تمارسين فيه حريتك .. قهقهت ضاحكة ومستهزئة بكلام الفراشة ؟ هل حقا أنا حرة ؟ وهل الحرية هي متسع من الفراغ ؟ نظرت إلي وملئ عينيها الدهشة وقالت : ألا تمارسين حياتك في هذا الحيز .. ألا تأكلين وتشربين ؟ ألا يمكنك الرقص والغناء والحديث ؟ ألا تتجولين وتحركين ساقيكي ؟ ماذا أقول أنا المخنوقة في هذا الكتاب أنا المسجونة بين صفحتين لا مجال للفراغ بينهما ؟ وتستهزئين مني ؟ .. أبتسمت وأنا أنظر إليها كلماتها كانت مقنعه إلى حدا ما نعم أنا أمارس نشاطاتي اليومية وبحرية أكل وأشرب وأنام متى شئت ذلك .. ولكن الحرية أسمى من ممارسات يومية ثم إنني مجبرة على عملها دون الطعام ودون الراحة لن أستطيع الأستمرار في الحياة .. نظرت إلي الفراشة وأجابتني : ولكن حياتك هذه حرية .. بإمكانك إنهائها تماما كأس من السم أو سكين تقطع رأسك وتنتهي حياتك .. قطعت حديثها وبنبرة غاضبة قلت : فأل الله ولا فألك .. هل تريدين إنهاء حياتي ثم إن الإنتحار حرام لا أحد يرمي بنفسه في دراكات النار .. قاطعتني الفراشة : دركات النار .. هه هذه أيضا حرية أنت حرة في أختيار مصيرك .. أنت تريدين درجات الجنة وتأبين دركات النار .. لا أحد يجبرك على عبادة الرحمن وكذالك لا أحد يجبرك على عصيانه أنت مخيره في ذلك أليس في هذا حرية تمارسينها في هذا الحيز من المكان .. أجبتها : نعم نعم العبادة والعصيان حرية شخصية لا أحد يجبر عليها واستطيع أن أمارسها في هذا الحيز من المكان معك حق ولكن وقبل كل ذلك يجب أن يعتقد القلب بالإيمان .. قاطعتني الفراشة : هذا أعتقاد والإعتقاد حرية كل إنسان حر بما يعتقده عقله ويفكر به لا أحد يستطيع الدخول إلى عقلك وإجباره على الإعتقاد بشيء هو يأباه .. أجبتها : معك حق كل إنسان حر بتفكيره يرحل معه ألى أي مكان يريد ويعتقد ما يشاء فهو حر في ذلك ولكن بقدر وضمن حدود .. قاطعتني الفراشة : كيف ذلك كل إنسان حر في أعتقاده ، أجبتها : على الإنسان أن يفكر بالشكل السليم وأن لا يتعدى على حدود المعقول ولا يؤذي الناس بأفكاره .. أجابت الفراشة : نعم نعم ولكن هذه أيضا حرية أنت تختارين التفكير السليم والنقي من الشوائب وغيرك يختار الطريق السيء وإيذاء الناس كل ذلك حرية .. وكل هذه الحرية تكمن فقط في عقلك .. كلمات الفراشة تؤثر بي كثيرا وأخذت أتسائل هل الحرية تكمن حقا في العقل ؟ ارتفع صوتي وأنا اتسائل هل الحرية أعتقاد يكمن في العقل ؟ أجابتني الفراشة : طبعا الحرية مجرد شعور يكمن في عقلك حينما يشعر عقلك بأنه حر فإنه حر وحينما يشعر إنه مقيد فهو مقيد ،، بهرتني كلمات الفراشة حقا الحرية مجرد شعور .. ومتى أحس الإنسان إنه يفتقر إليه بات عابثا يبحث عنه .. نظرت إلى الفراشة وقلت لها : نعم نعم أنا أحد هؤلاء الذين يفتقرون إلى الحرية مسجونون بين أربعة جدران وسقف وأرضية ، صحيح أنا ضمن متسع من الفراغ صحيح أنا لدي حيزا أمارس فيه ما أشاء ولكنه حيزا ضيق يخنقني بقيوده ، أجابتني الفراشة : عن أي قيود تتكلمين ؟! أنت مخطئه ليس هناك قيود حولك بل على العكس أنت في جنة وتأبين ذلك أنت كالدرة الثمينة محفوظة ومصونة في قوقعتها الذهبية بعيده عن أيدي العابثين .. لماذا وألف لماذا يا صديقتي تريدين الخروج من هذه القيود كما تسمينها .. أنظري حولك وتأملي غيرك ممن سلبهم بريق الحرية إليه وخنقهم بقيوده وأوهامه البالية حتى صاروا كالحيوانات بدون هوية أو شخصية ، مسيرون لا مخيرون .. نظرت إلى الفارشة وبنبرة متعجبة قلت لها : مسيرون لا مخيرون ، مقيدون كيف ذلك؟ أجابتني الفارشة : طبعا مسيرون ومقيدون بأوهام عبثا يحاولون أثباتها .. أنظري لمدن الحرية لمدن الفسق والفجور لمدن الرذيلة لو صح التعبير .. أنظري لمن سلب حق الفقير وظلم البريء بأسم الحرية أنظري لمن سرق ونهب وقال هذه حرية أنظري لمن خرجت من بيتها عارية وقالت حرية .. أنظري لمن تنادي للحرية أنظري لمن تريد أثبات نفسها وأن تكون حرة بذاتها فأصبحة كالدمية تحركها منظمات ومؤسسات تستغلها في الدعايات أنظري لمن جعلوا المرأة رخيصة بأسم الحرية ترقص وتتمايل فوق المسارح تعرض جسدها لتشبع غرائزهم أنظري كيف أصبحت سلعة تشترى وتباع بأسم الحرية ، أبعد هذا الكلام تريدين الحرية عن أي حرية تنشدين ؟! ،، أجبتها على عجل وأخذت أدافع عن نفسي : لا لا أنا لا أريد أن أكون مثل أولائك النساء أنا لا أنشد هذه الحرية أنا أنشد الحرية التي منحها الله لي الحرية التي لا يأبها لا دين ولا تقاليد .. أليس من حقي أن أطالب بهذا ؟ أجابتني الفراشة : طبا من حقك المطالبة بما وهبه الله لك .. فهذا من حقك ولا أحد يمنعه عنك فالله كرم المرآة وأعطاها كامل حقوقها وحريتها التي تصون كرامتها .. إن الدين قد رفع من شأن المرأة وساوى بينها وبين الرجال ولكن لكل منكما طبيعته ولكل منكما دور في هذا الحياة يؤديه لو تبادلتم الأدوار تختل الموازين .. قاطعتها : ولكن المجتمع وتحت ستار العادات والتقاليد يعطي الرجل حقوقه ويسلبها من المرأة ويخنقها كما أختنق أنا ،، أجابتني الفراشة : أمازلتي تعتقدين إنك مخنوقة إن هذا المجتمع يأبى عليك الضياع ويحاول أن يصونك .. هو لا يحاول أن يهينك بل أن يرفع من شأنك أم تريدين أن تكوني كغيرك تبحثين عما ليس هو لك .. قاطعتها : وماذا أعطاني هذا المجتمع ؟ أجابتني بنبرة غاضبة : وهل تجهلين كم هذا المجتمع يصونك ويحترمك ويرفع من شأنك .. ما الذي سلب منك ؟ ها أنت تتعلمين وتذهبين للمدارس والجامعات ها أنت في مواقع العمل تتواجدين لا فرق بينك وبين رجل ،، كل ما وفره المجتمع من خدمات فهي لكلا الجنسين معا عن أي حقوق تبحثين ؟! .. لقد شاركت المرأة الرجل في كل شيء في هذا المجتمع الذي تتهمينه .. أجبتها : أنا لا أتهمه أنا لا أنكر ما وهبه ولكن .. قاطعتني الفراشة : أسمعيني يا صديقتي إذا كان الرجل قد رضى لنفسه أن يتواجد في بؤر الرذيلة وتريدين أنت أن تلحقيه إلى هناك فأفعلي ولكن أعلمي إن هذا المجتمع لن يغفر لكليكما ذلك وإن تناسى ما فعله الرجل ولم يتناسى ما فعلته المرأة فذلك لأنه تربى على عادات وتقاليد من يخترقها يتحمل نتائجها .. والناس كلهم محاسبون في الدنيا والأخرة .. صدقيني إن كان هذا الحيز سجن يخنقك فهو أفضل مكان تتواجدين فيه يصون لك كرامتك .. كلمات الفراشة تشتت عقلي وتأخذني لبعيد وتجعلني أفكر مرارا عن الحرية التي أنشدها وهل حقا هي مسلوبة مني ؟ وكأنني قد أقتنعة بكلامها .. أدرت وجهي لأقول لها صدقت وصدق كلامك ولكني لم أجدها توجهت لكتابي فإذا بها مجرد خطوط والوان مرسومة على صفحة من صفحات الكتاب بلا روح .. جعلت أتأملها وأتأمل نفسي معها وأتأمل الحرية التي أعيشها وأريد الهروب منها أبتسمت وأغلقت الكتاب ووضعته في مكانه على الرف بعد أن أستطاعت هذه الفراشة أن تقنعني بأن الحرية هي مجرد شعور يكمن بالعقل وإن النقص الذي أشعر به لم يتأتى إلا بسبب رغبات تراودني بين الحين والآخر ولكنها لا تعني بأنني لست حرة ...
الـمـالـود

فراولة الحامضة
03-06-2001, 12:14 PM
ابداع
لقد وصفت الملل كما لم تصفه امرأة :)
كم هو جميل و معبّر :)

زهر الليالي
03-06-2001, 01:08 PM
صراحة هذا الموضوع أعجبني ونقلته نظرا لطرافته

لكن أعتقد أن الحرية للإنسان، هدف المرسلين وأوصيائهم عليهم السلام وغاية المصلحين الصادقين، وغاية الدين لرب العالمين.. وهي كذلك مطلب إنساني ملّح، ولكن ليس له واقع في تاريخ الإنسانية إلا ما ندر.. والحرية حلم الملايين من البشر من الأولين والآخرين، مثلما هي شعار السياسيين وطلاب الحكم.. والحرية فخ الخبثاء وخيمة الشيطان الوردية.. وهي موضوع الفلاسفة والمتكلمين.. وفيها قصائد الشعراء، وهي سياسة المنتفعين، وهي كذلك عدوة الجبابرة والطغاة والمستكبرين.

تحياتي :)

توتة
03-06-2001, 02:45 PM
جميل أن نرى قلما مبدع مثل قلمك هنا اخي الكريم زهر ...
و لو انني عاتبة عليك لأنك لم تزر قسم النكت من فترة .. :(
أسلوب أكثر من متميز :)
يعطيك العافية يا زهر

زهر الليالي
03-06-2001, 03:17 PM
الله يسلمك ويخليك :)

أنشاء الله جايكم قريب