زين العابدين
04-06-2001, 03:34 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هاهي الشمس تخرج في استحياء من قبل المشرق لتبث نورها وحرارتها في أرجاء المعمورة معلنتاً إطلالة يوم جديد ومع تباشير الصباح أخذت العصافير تشدوا بالتغريد لتطرب الآذان والأزهار بدأت بالتفتح نافضة عنها النعاس الطويل وانسلت أشعة الشمس إلى غرفتي لتداعب بشرتي والمنبه بدأ بالرنين ليدعوني إلى الاستيقاظ ولسان حاله يقول استيقظ أيها الكسول استيقظ يا كتلة اللحم المتكدسة إن صوته المزعج وصراخه المستمر الذي يصم الآذان ويسمع بيت الجيران يكاد يصيبني بالجنون.
فتحت عيني في خمول وبدأت أجرجر بدني في كسل إن أصعب لحظة في حياتي هي مغادرة سرير النوم في الحقيقة أنا أحتاج لرافعة (ونش) لكي تقوم بإزاحتي من على الفراش. وقفت أتأمل نفسي أمام المرآة لقد بدا شكلي كمومياء مصرية قامت من سبات عميق لتبث الرعب في قلوب الناس أو كجثة طفل فلسطيني مزقته أيادي الصهيونية القذرة فالعينين ضامرتين والشفاه ذابلة يتدلى اللسان من بينها كأنه يبحث عن الحرية والشعر أشعث أغبر والبشرة رمادية مائلة إلى الاصفرار والوجه عابس. دلفت إلى الحمام وغسلت وجهي بالماء والصابون ودعكت أسناني بالفرشاة والمعجون أسناني التي تبدوا كأطلال خربة عفا عليها الزمان وتحتاج إلى ترميم وسن العقل الذي يعاني من هجمات السوس اللعين. يبدوا أنني سؤغامر وأقوم بزيارة خاطفة إلى طبيب الأسنان رغم عدم ثقتي في أطباء هذا الزمان فكم من صاحب قبر لقي حتفه على أيديهم وأنا مازلت في عنفوان الشباب وكالزهرة اليانعة تخاف أن تلعب بها الريح.
لبست ملابسي وربطت الغترة على راسي وأخذت أعدل من هندامي وتعطرت بمختلف العطور التي حصلت عليها من بعض صديقاتي اللواتي سقطن في شباكي فبدوت كالعريس في ليلة زفافه بعدها قصدت غرفة الطعام وإذ المائدة مزدانة بأصناف وألوان شتى من الطعام فكأنما أعدت خصيصاً للجيش الأمريكي القابع في الخليج ليستولي على ثرواتنا وخيراتنا.
حملت الحقيبة المدرسية المحشوة بالكتب والدفاتر المليئة بالحشو والتكرار ووضعتها على ظهري فأحسست أن ثقلاً قد وضع على كاهلي فالحقيبة تحتاج إلى أولي الإربة من الرجال لحملها فما بالك بشخص نحيل كالبعوضة مثلي!!
بعد ذلك ذهبت لاستقل الحافلة قاصداً المدرسة لأبدأ يوماً دراسياً مملاً فركبت تلك الحافلة العتيقة التي لا تصلح إلا للعرض في إحدى المتاحف كقطعة أثرية فما أن تجلس في إحدى المقاعد المهترئة والممزقة حتى تشعر بالاهتزازات تسري في جسدك مسرى الدم في العروق وتشعر بالدوار والغثيان ووقت الظهيرة تكاد حرارة الشمس تلفح وجهك فتحيله إلى كومة من الرماد المحترق فمكيفات الهواء عاطلة عن العمل والجو خانق ورائحة العرق تكاد تطغى على المكان. كل لحظات العذاب التي أعيشها هي بسبب والدي فكلما فاتحته بموضوع الاستعانة بالسائق الأجنبي يثور كما يثور البركان ويخور كالثور ويكاد الشرر يطير من عينيه فهو يدعي الغيرة على أم العيال وبناتها ويرفض أن يترك ذئباً مع قطيع من الأغنام حتى ولو بحراسة كلب مثلي!! رغم أن العديد من الأقارب والأصدقاء نزعوا الغيرة من قلوبهم وقاموا بجلب السائق الأجنبي لعائلاتهم ليش وحنا غير عن الناس ألا يقول المثل الدارج على ألسنة الكثيرين الحشرة مع الناس عيد!!!
المهم دعونا من السائق الأجنبي فلو انتطحت الجبال أمام عيني والدي وزلزلت الأرض من تحت قدميه وعذب بشتى أنواع العذاب كما يعذب إخواننا المسلمين في المعتقلات الصربية فلن يغير رأيه فهو يتشبث برأيه أكثر من تشبث الطفل بدميته أو بتشبث الغريق بطوق النجاة.
بعد مرور بضعة دقائق في هذا العذاب إذا بي أتخطى بوابة المدرسة وأسلم على حارس البوابة بابو وأدعو له لأنه دائماً ما يفتح لي بوابة المدرسة للهروب آسف زلة لسان أعني للخروج الاضطراري من المدرسة لقضاء بعض الأعمال. يدق الجرس فيقدم الطلاب من كل حدب وصوب ليصطفوا أمام العلم وبدأت أصافح زملائي فهذا أصافحه بحرارة وذاك أصافحه ببرود ويعزف السلام الوطني فترى الجميع واقفين بخشوع كخشوعهم في الصلاة وبعدها يذاع على مسامعنا آيات من الذكر الحكيم فيبدأ الهرج والمرج فهذا الطالب يحادث زميله وذاك يشتمه والآخر يتشاجر معه فطلاب هذا الزمان لا يقيمون وزناً للدين فكأنه سبحانه وتعالى لم يدعونا إلا الإنصات إلى القرآن عند تلاوته.
وبعد أن انفض الطلاب توجهت إلى الفصل ذاك الفصل الذي تشققت جدرانه وانخلع بابه ونسيج العنكبوت يغلف محتوياته وكأنه قد هجر منذ سنين وأثاث الفصل الذي زخرف بالكتابات والعبارات فبدى كلوحات إعلانية. جلست في مكاني وولج علينا مدرس الدين ذلك الشخص البدين ذو الوجه الحزين الذي ما أن تسمع تلاوته حتى تستكين فتبدأ نفسك بالبكاء وتسأل المغفرة من رب السماء.
بعدها دخل علينا مدرس الأحياء ذاك الرجل فارع الطول الذي يبدو كناطحات السحاب ويكاد يلج من فتحة الباب ذو الشارب الأشقر الكث حليق اللحية فبشرته كالصحراء لا فيها زرع ولا ماء. وبدأ بتوزيع أوراق الامتحانات على الطلاب كانت الأسئلة تعجيزية وفي منتهى الصعوبة لا يحلها إلا فائقي الذكاء ويرتجف منها الأغبياء ولكن أنا عندي البراشيم ذلك الصديق الحميم فهو الوسيلة والغاية للحصول على العلامات العالية لأسعد بها أمي الغالية. وأثناء انهماكي في حل الأسئلة إذ يقف المدرس بمحاذاتي فانتصبت شعيرات جسمي وشعرت كأن الجليد بدأ يتكاثف فوق عمودي الفقري خوفاً من أن يفتضح أمري وينكشف المستور ولكن مرت العاصفة بسلام فهاهو يبتعد عن مجالي الجوي. سلمت ورقة الامتحان وأنا أشعر بالفرح كطفل نسيه أبواه في مخزن حلوى أو كأسد في وسط قطيع من الظباء فقد قمت بالإجابة على معظم الأسئلة وباقتدار يؤهلني للحصول على أعلى الدرجات.
وفي الفسحة بدأ فصل العراك والشجار على لغمة العيش كما تتعارك النمور على الفريسة وبدأت أشق طريقي وسط أكوام من الأجساد للحصول على ساندويتش جبن لا يكاد يسمن أو يغني من جوع فكأني في غزوة من الغزوات وقد خرجت بكم من العاهات.
وفي نهاية الدوام الدراسي بدأ الطلبة برمي الكراسي تعبيراً عن الفرحة فاليوم يوم الأربعاء نرتاح فيه من هذا العناء. وعند بوابة المدرسة إذا بأحد أصدقائي يدعونني لأشترك معهم في الشجار مع أحد أبناء القبائل الوافدة والتي أعقد صلحاً مع العديد من أفرادها ولكنني كاليهود لا أراعي عهداً ولا ذمة وأنا كالأمريكان لا أبحث إلا عن مصلحتي الشخصية ولولا ارتباطي بموعد مسبق مع ولد الجيران للتسكع حول مدرسة البنات القريبة من داري والبحث عن صيد ثمين لاشتركت معهم في تلك الحرب الطائفية ولكن دعوني الآن أذهب للبيت لآخذ قسطاً من الراحة لأبدأ بعدها يوماً حافلاً من يوميات مراهق.
هاهي الشمس تخرج في استحياء من قبل المشرق لتبث نورها وحرارتها في أرجاء المعمورة معلنتاً إطلالة يوم جديد ومع تباشير الصباح أخذت العصافير تشدوا بالتغريد لتطرب الآذان والأزهار بدأت بالتفتح نافضة عنها النعاس الطويل وانسلت أشعة الشمس إلى غرفتي لتداعب بشرتي والمنبه بدأ بالرنين ليدعوني إلى الاستيقاظ ولسان حاله يقول استيقظ أيها الكسول استيقظ يا كتلة اللحم المتكدسة إن صوته المزعج وصراخه المستمر الذي يصم الآذان ويسمع بيت الجيران يكاد يصيبني بالجنون.
فتحت عيني في خمول وبدأت أجرجر بدني في كسل إن أصعب لحظة في حياتي هي مغادرة سرير النوم في الحقيقة أنا أحتاج لرافعة (ونش) لكي تقوم بإزاحتي من على الفراش. وقفت أتأمل نفسي أمام المرآة لقد بدا شكلي كمومياء مصرية قامت من سبات عميق لتبث الرعب في قلوب الناس أو كجثة طفل فلسطيني مزقته أيادي الصهيونية القذرة فالعينين ضامرتين والشفاه ذابلة يتدلى اللسان من بينها كأنه يبحث عن الحرية والشعر أشعث أغبر والبشرة رمادية مائلة إلى الاصفرار والوجه عابس. دلفت إلى الحمام وغسلت وجهي بالماء والصابون ودعكت أسناني بالفرشاة والمعجون أسناني التي تبدوا كأطلال خربة عفا عليها الزمان وتحتاج إلى ترميم وسن العقل الذي يعاني من هجمات السوس اللعين. يبدوا أنني سؤغامر وأقوم بزيارة خاطفة إلى طبيب الأسنان رغم عدم ثقتي في أطباء هذا الزمان فكم من صاحب قبر لقي حتفه على أيديهم وأنا مازلت في عنفوان الشباب وكالزهرة اليانعة تخاف أن تلعب بها الريح.
لبست ملابسي وربطت الغترة على راسي وأخذت أعدل من هندامي وتعطرت بمختلف العطور التي حصلت عليها من بعض صديقاتي اللواتي سقطن في شباكي فبدوت كالعريس في ليلة زفافه بعدها قصدت غرفة الطعام وإذ المائدة مزدانة بأصناف وألوان شتى من الطعام فكأنما أعدت خصيصاً للجيش الأمريكي القابع في الخليج ليستولي على ثرواتنا وخيراتنا.
حملت الحقيبة المدرسية المحشوة بالكتب والدفاتر المليئة بالحشو والتكرار ووضعتها على ظهري فأحسست أن ثقلاً قد وضع على كاهلي فالحقيبة تحتاج إلى أولي الإربة من الرجال لحملها فما بالك بشخص نحيل كالبعوضة مثلي!!
بعد ذلك ذهبت لاستقل الحافلة قاصداً المدرسة لأبدأ يوماً دراسياً مملاً فركبت تلك الحافلة العتيقة التي لا تصلح إلا للعرض في إحدى المتاحف كقطعة أثرية فما أن تجلس في إحدى المقاعد المهترئة والممزقة حتى تشعر بالاهتزازات تسري في جسدك مسرى الدم في العروق وتشعر بالدوار والغثيان ووقت الظهيرة تكاد حرارة الشمس تلفح وجهك فتحيله إلى كومة من الرماد المحترق فمكيفات الهواء عاطلة عن العمل والجو خانق ورائحة العرق تكاد تطغى على المكان. كل لحظات العذاب التي أعيشها هي بسبب والدي فكلما فاتحته بموضوع الاستعانة بالسائق الأجنبي يثور كما يثور البركان ويخور كالثور ويكاد الشرر يطير من عينيه فهو يدعي الغيرة على أم العيال وبناتها ويرفض أن يترك ذئباً مع قطيع من الأغنام حتى ولو بحراسة كلب مثلي!! رغم أن العديد من الأقارب والأصدقاء نزعوا الغيرة من قلوبهم وقاموا بجلب السائق الأجنبي لعائلاتهم ليش وحنا غير عن الناس ألا يقول المثل الدارج على ألسنة الكثيرين الحشرة مع الناس عيد!!!
المهم دعونا من السائق الأجنبي فلو انتطحت الجبال أمام عيني والدي وزلزلت الأرض من تحت قدميه وعذب بشتى أنواع العذاب كما يعذب إخواننا المسلمين في المعتقلات الصربية فلن يغير رأيه فهو يتشبث برأيه أكثر من تشبث الطفل بدميته أو بتشبث الغريق بطوق النجاة.
بعد مرور بضعة دقائق في هذا العذاب إذا بي أتخطى بوابة المدرسة وأسلم على حارس البوابة بابو وأدعو له لأنه دائماً ما يفتح لي بوابة المدرسة للهروب آسف زلة لسان أعني للخروج الاضطراري من المدرسة لقضاء بعض الأعمال. يدق الجرس فيقدم الطلاب من كل حدب وصوب ليصطفوا أمام العلم وبدأت أصافح زملائي فهذا أصافحه بحرارة وذاك أصافحه ببرود ويعزف السلام الوطني فترى الجميع واقفين بخشوع كخشوعهم في الصلاة وبعدها يذاع على مسامعنا آيات من الذكر الحكيم فيبدأ الهرج والمرج فهذا الطالب يحادث زميله وذاك يشتمه والآخر يتشاجر معه فطلاب هذا الزمان لا يقيمون وزناً للدين فكأنه سبحانه وتعالى لم يدعونا إلا الإنصات إلى القرآن عند تلاوته.
وبعد أن انفض الطلاب توجهت إلى الفصل ذاك الفصل الذي تشققت جدرانه وانخلع بابه ونسيج العنكبوت يغلف محتوياته وكأنه قد هجر منذ سنين وأثاث الفصل الذي زخرف بالكتابات والعبارات فبدى كلوحات إعلانية. جلست في مكاني وولج علينا مدرس الدين ذلك الشخص البدين ذو الوجه الحزين الذي ما أن تسمع تلاوته حتى تستكين فتبدأ نفسك بالبكاء وتسأل المغفرة من رب السماء.
بعدها دخل علينا مدرس الأحياء ذاك الرجل فارع الطول الذي يبدو كناطحات السحاب ويكاد يلج من فتحة الباب ذو الشارب الأشقر الكث حليق اللحية فبشرته كالصحراء لا فيها زرع ولا ماء. وبدأ بتوزيع أوراق الامتحانات على الطلاب كانت الأسئلة تعجيزية وفي منتهى الصعوبة لا يحلها إلا فائقي الذكاء ويرتجف منها الأغبياء ولكن أنا عندي البراشيم ذلك الصديق الحميم فهو الوسيلة والغاية للحصول على العلامات العالية لأسعد بها أمي الغالية. وأثناء انهماكي في حل الأسئلة إذ يقف المدرس بمحاذاتي فانتصبت شعيرات جسمي وشعرت كأن الجليد بدأ يتكاثف فوق عمودي الفقري خوفاً من أن يفتضح أمري وينكشف المستور ولكن مرت العاصفة بسلام فهاهو يبتعد عن مجالي الجوي. سلمت ورقة الامتحان وأنا أشعر بالفرح كطفل نسيه أبواه في مخزن حلوى أو كأسد في وسط قطيع من الظباء فقد قمت بالإجابة على معظم الأسئلة وباقتدار يؤهلني للحصول على أعلى الدرجات.
وفي الفسحة بدأ فصل العراك والشجار على لغمة العيش كما تتعارك النمور على الفريسة وبدأت أشق طريقي وسط أكوام من الأجساد للحصول على ساندويتش جبن لا يكاد يسمن أو يغني من جوع فكأني في غزوة من الغزوات وقد خرجت بكم من العاهات.
وفي نهاية الدوام الدراسي بدأ الطلبة برمي الكراسي تعبيراً عن الفرحة فاليوم يوم الأربعاء نرتاح فيه من هذا العناء. وعند بوابة المدرسة إذا بأحد أصدقائي يدعونني لأشترك معهم في الشجار مع أحد أبناء القبائل الوافدة والتي أعقد صلحاً مع العديد من أفرادها ولكنني كاليهود لا أراعي عهداً ولا ذمة وأنا كالأمريكان لا أبحث إلا عن مصلحتي الشخصية ولولا ارتباطي بموعد مسبق مع ولد الجيران للتسكع حول مدرسة البنات القريبة من داري والبحث عن صيد ثمين لاشتركت معهم في تلك الحرب الطائفية ولكن دعوني الآن أذهب للبيت لآخذ قسطاً من الراحة لأبدأ بعدها يوماً حافلاً من يوميات مراهق.