PDA

View Full Version : وقال عند الكبر !!


فتى دبي
06-06-2001, 04:39 PM
ولمـــــــا تخطي مرحلة عنفوان الشباب وبلغ الثلاثينات من عمره جلس ذات يوم حبيس فراش المرض يحاسب نفسه علي ما فعل وما فرط من الأمر ويحيط به ندم عظيم من كل جانب وينطوي بين ضلعيه ألم عظيم بعد ذاك الذي سمعه من الطبيب عند الصباح.

حيث قال له الطبيب: ان احد الشرايين المتصلة بصمام قلبك فيها انسداد ويعود سبب ذلك الي شربك الخمرة.. فهيا اقلع عنها فعسي ربك ان يرحمك ويشفيك.. اما انا لا استطيع ان افعل لك شيئا مهما حاولت.. بل كل الذي بمقدوري فعلته، والبقية علي الله. مع انني يائس من نجاح ما فعلته من اجل استعادة صحتك.. فليس لدي الآن ما افعل سوي ان اوصيك مشددا ومؤكدا علي ضرورة امتناعك عن شرب الخمرة (قاتلها الله).

فصار الرجل يفكر في كلام الطبيب ويفكر في مرضه.. يفكر في مصير اطفاله من بعده لو ان هذا المرض قد اخذه بغتة وترك وراءه صغارا لا حول لهم ولا قوة.. صغارا ومعهم أُما ليس لها من الدراية بأمور الحياة الكثير لأنها لم تعش تجارب الحياة لتستفيد منها في المحافظة علي هؤلاء الصغار من بعده.

ومرت الايام والمرض يتأسد في قلبه ويستبد في شريانه المصاب ويستتبع ذلك مضاعفات تؤثر علي نظام الدورة الدموية لديه.. وهكذا يستمر حاله في التدهور يوما عن آخر من سييء الي أسوأ.

فذلكم هو قابع في فراشه بالمستشفي وهو يردد قائلا: ألا.. ليتني قد جددت.. ألا ليتني كنت جادا ومهتما بصحتي منذ الوهلة الاولي حين علمت ان الخمرة ستصل بي الي هذه النهاية المرة.

ولكن للأسف لا يفيد الندم بعد ان يحل السوء ويحيط بأهله. صحيح ان ذلك قضاء الله وقدره ولكن في انقضاء الاجل.. انما في ان يشرب الشارب هذا الشراب الخبيث ويقول: ان الله قد كتب علي هذا.. فهذا قول مردود علي صاحبه.. لأن الله سبحانه وتعالي بين لنا اضراره ولعن صانعها وبائعها وناقلها والمنقولة اليه وكاتب عقد بيعها ومشتريها وشاهد العقد وشاربها وبين لنا ايضا انها حرام.

هذا بالإضافة الي ما تفعله الخمرة من فساد العقل فلا تجعل شاربها يدرك الخير من الشر ويعرض نفسه لاختراق الآداب ويعيش الانحطاط الخلقي وفساد القيم. ولنعلم علم اليقين لو ان فيها صلاحا وفائدة للانسان لما حرمها الله تحريما قاطعا مؤبدا باتا.

والخمرة (قاتلها الله) هي أم المعاصي وتجر للمعاصي بشتي اشكالها.. وقد تصل بشاربها الي ان يعق والديه (وهذه احدي الكبائر الموبقات) وقد تصل به الي اهمال زوجته واولاده وبيته وضياع من يعولهم.. وقد تصل به الي الفقر وتراكم الديون.. وقد تجعله ذليلا حقيرا في سبيل ان يطلب كأسا منها ليشربه من شخص أرذل منه وأحقر منه. فحفظنا الله وإياكم وأصلح ذرياتنا وأحيانا علي صراطه المستقيم (اللهم آمين).