ابو مهدى
28-12-2001, 03:32 AM
خــــــــيولنا التي لا تصهــــــــل
بقلم : فهمـي هـويـــدي
هذا الذي يحدث الآن يفوق كل خيال: المدي الذي ذهب إليه الاستقواء الأمريكي, والصمت المطبق علي الشارع العربي, وإذا كان الاستقواء يدهشنا, فإن الصمت بما يوحي به من استسلام واستضعاف يصدمنا ويحيرنا, الأمر الذي يجدد طرح السؤال: هل مات الشارع العربي أم أن صوته الذي انحبس؟.. نحن الذين استفز كبرياءنا في خمسينيات القرن الماضي صدور كتاب العرب ظاهرة صوتية, ثم فوجئنا في مستهل القرن الجديد بأنهم تخلوا عن تلك القشة التي تعلقوا بها في إثبات الوجود, حتي أصبحوا أقرب إلي الظاهرة الجغرافية, منسوبة إلي المكان ومقطوعة الصلة بالزمان.
(1)
خلال الأسابيع الأخيرة, حمل السفير الأمريكي في إحدي العواصم العربية مذكرة مكتوبة من حكومته إلي المسئولين في القطر الشقيق, طلبت اتخاذ إجراءات محددة لتجفيف ينابيع التطرف والإرهاب, وركزت المذكرة علي مناهج التعليم الديني بوجه أخص, حيث دعت إلي اختصار ساعات تدريس مواد العلوم الدينية من20 ساعة في الأسبوع إلي أربع ساعات فقط, وبحيث لا يتجاوز تدريس تلك المواد حدود الأمور العبادية المباشرة, التي تنصب علي علاقة المرء بربه, الأمر الذي يعني استبعاد كل ما يتعلق بنظم المعاملات والحياة العامة, وعلاقة المسلمين بغيرهم من المناهج, كما طلبت الرسالة أن يبادر المسئولون عن قطاع التربية والتعليم, إلي مراجعة كل كتب العلوم الدينية في ضوء تلك المقترحات, وعلي وجه السرعة, بحيث تطبق المناهج الجديدة ابتداء من العام الدراسي المقبل.
في حدود علمي, فإن الرسالة خضعت للدراسة والمناقشة علي أعلي المستويات في القطر الشقيق, وأن توجيهات صدرت لاتخاذ إجراءات تنفيذها, استجابة للرغبة الأمريكية, وحتي لا تتجه الأمور إلي ما هو أسوأ, إذا ما تم التقاعس في تلبية تلك الرغبة.
أضم هذه المعلومة إلي ما سبق أن ذكرت في الأسبوع الماضي, عن مطالبات أمريكية لبعض الحكومات العربية والإسلامية بمراجعة وتنقيح مناهج التعليم الديني في مدارسها, واستبعاد ما يظن أنه يشكل مدارك التلاميذ ومعارفهم علي نحو لا تستريح له السياسات الأمريكية, من قبيل ما يتعلق بالجهاد مثلا, أو ما يذكر بجرائم وممارسات بني إسرائيل, ولن أستغرب أن تشمل المطالبة لاحقا إجراء تنقيح مماثل في كتب التاريخ, لحذف كل ما يتعلق بصلاح الدين واسترداده لبيت المقدس, فذلك مطلب إسرائيلي قديم وملح, أشرت إليه في كتابات سابقة, ذلك طبعا إلي جانب المطالب الأخري التقليدية التي يدعون فيها إلي تحسين صورة إسرائيل في وجدان الأجيال الجديدة, أما صورة العرب المتوحشين والأوغاد في الكتب المدرسية الإسرائيلية, فلن تمس بطبيعة الحال!
ما لفت نظري في المذكرة الأمريكية, أنها لم تكتف بطلب المراجعة والتنقيح في هذا المدي إلي ما هو أبعد بكثير, حيث حددت ساعات الدراسة, والإطار الذي ينبغي أن تتم المراجعة في حدوده, حتي يظن المرء أنهم بعد ذلك سيحددون أسماء بذواتها للقيام بمهمة التدريس, ويستبعدون أسماء أخري, أو أنهم سيطلبون من المدرسين حلق لحاهم, ويفرضون عليهم أزياء معينة!
(2)
القتل بغير حساب في أفغانستان ـ يوم السبت12/22 ـ نشرت الصحف أن الطائرات الأمريكية قصفت موكبا من14 سيارة كانت متجهة إلي كابول, مما أدي إلي وقوع مذبحة راح ضحيتها65 شخصا, ولم يكن أولئك الأشخاص أفرادا عاديين, ولا أعداء من تنظيم القاعدة أو حركة طالبان, وإنما كانوا من زعماء القبائل وشيوخها وقادة المجاهدين السابقين, الذين اعتزموا المشاركة في الاحتفال بتنصيب الحكومة الجديدة في العاصمة الأفغانية.
كيف تعاملت واشنطن مع الخبر؟
أعلنت المتحدثة باسم وزارة الدفاع فيكتوريا كلارك, أن الوزارة لا علم لها بما أوردته وكالة الأنباء الأفغانية بشأن الموضوع, في حين تحدث وزير الدفاع دونالد رامسفيلد عن قصف موكب معاد مما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلي وتدمير عدة عربات
بقلم : فهمـي هـويـــدي
هذا الذي يحدث الآن يفوق كل خيال: المدي الذي ذهب إليه الاستقواء الأمريكي, والصمت المطبق علي الشارع العربي, وإذا كان الاستقواء يدهشنا, فإن الصمت بما يوحي به من استسلام واستضعاف يصدمنا ويحيرنا, الأمر الذي يجدد طرح السؤال: هل مات الشارع العربي أم أن صوته الذي انحبس؟.. نحن الذين استفز كبرياءنا في خمسينيات القرن الماضي صدور كتاب العرب ظاهرة صوتية, ثم فوجئنا في مستهل القرن الجديد بأنهم تخلوا عن تلك القشة التي تعلقوا بها في إثبات الوجود, حتي أصبحوا أقرب إلي الظاهرة الجغرافية, منسوبة إلي المكان ومقطوعة الصلة بالزمان.
(1)
خلال الأسابيع الأخيرة, حمل السفير الأمريكي في إحدي العواصم العربية مذكرة مكتوبة من حكومته إلي المسئولين في القطر الشقيق, طلبت اتخاذ إجراءات محددة لتجفيف ينابيع التطرف والإرهاب, وركزت المذكرة علي مناهج التعليم الديني بوجه أخص, حيث دعت إلي اختصار ساعات تدريس مواد العلوم الدينية من20 ساعة في الأسبوع إلي أربع ساعات فقط, وبحيث لا يتجاوز تدريس تلك المواد حدود الأمور العبادية المباشرة, التي تنصب علي علاقة المرء بربه, الأمر الذي يعني استبعاد كل ما يتعلق بنظم المعاملات والحياة العامة, وعلاقة المسلمين بغيرهم من المناهج, كما طلبت الرسالة أن يبادر المسئولون عن قطاع التربية والتعليم, إلي مراجعة كل كتب العلوم الدينية في ضوء تلك المقترحات, وعلي وجه السرعة, بحيث تطبق المناهج الجديدة ابتداء من العام الدراسي المقبل.
في حدود علمي, فإن الرسالة خضعت للدراسة والمناقشة علي أعلي المستويات في القطر الشقيق, وأن توجيهات صدرت لاتخاذ إجراءات تنفيذها, استجابة للرغبة الأمريكية, وحتي لا تتجه الأمور إلي ما هو أسوأ, إذا ما تم التقاعس في تلبية تلك الرغبة.
أضم هذه المعلومة إلي ما سبق أن ذكرت في الأسبوع الماضي, عن مطالبات أمريكية لبعض الحكومات العربية والإسلامية بمراجعة وتنقيح مناهج التعليم الديني في مدارسها, واستبعاد ما يظن أنه يشكل مدارك التلاميذ ومعارفهم علي نحو لا تستريح له السياسات الأمريكية, من قبيل ما يتعلق بالجهاد مثلا, أو ما يذكر بجرائم وممارسات بني إسرائيل, ولن أستغرب أن تشمل المطالبة لاحقا إجراء تنقيح مماثل في كتب التاريخ, لحذف كل ما يتعلق بصلاح الدين واسترداده لبيت المقدس, فذلك مطلب إسرائيلي قديم وملح, أشرت إليه في كتابات سابقة, ذلك طبعا إلي جانب المطالب الأخري التقليدية التي يدعون فيها إلي تحسين صورة إسرائيل في وجدان الأجيال الجديدة, أما صورة العرب المتوحشين والأوغاد في الكتب المدرسية الإسرائيلية, فلن تمس بطبيعة الحال!
ما لفت نظري في المذكرة الأمريكية, أنها لم تكتف بطلب المراجعة والتنقيح في هذا المدي إلي ما هو أبعد بكثير, حيث حددت ساعات الدراسة, والإطار الذي ينبغي أن تتم المراجعة في حدوده, حتي يظن المرء أنهم بعد ذلك سيحددون أسماء بذواتها للقيام بمهمة التدريس, ويستبعدون أسماء أخري, أو أنهم سيطلبون من المدرسين حلق لحاهم, ويفرضون عليهم أزياء معينة!
(2)
القتل بغير حساب في أفغانستان ـ يوم السبت12/22 ـ نشرت الصحف أن الطائرات الأمريكية قصفت موكبا من14 سيارة كانت متجهة إلي كابول, مما أدي إلي وقوع مذبحة راح ضحيتها65 شخصا, ولم يكن أولئك الأشخاص أفرادا عاديين, ولا أعداء من تنظيم القاعدة أو حركة طالبان, وإنما كانوا من زعماء القبائل وشيوخها وقادة المجاهدين السابقين, الذين اعتزموا المشاركة في الاحتفال بتنصيب الحكومة الجديدة في العاصمة الأفغانية.
كيف تعاملت واشنطن مع الخبر؟
أعلنت المتحدثة باسم وزارة الدفاع فيكتوريا كلارك, أن الوزارة لا علم لها بما أوردته وكالة الأنباء الأفغانية بشأن الموضوع, في حين تحدث وزير الدفاع دونالد رامسفيلد عن قصف موكب معاد مما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلي وتدمير عدة عربات