PDA

View Full Version : أليس من حق العراقيين أن يتحرروا؟


رفعت اسماعيل
11-01-2002, 06:50 AM
منذ ثلاثة وأربعين عاما تقريبا والعراق يخرج من أزمة ليدخل أخرى ومجمل الأزمة العراقية سياسي، فإذا ما استثنينا ما قبل العهد الملكي من أوضاع سياسية مضطربة فإن ما بعد سقوط الملكية وقيام النظام الجمهوري في 14 (تموز) 1958 عاش العراق منذ ذلك التاريخ في خضم أزمات متلاحقة فلقد تسلطت عليه الانقلابات العسكرية اذ بعد انقلاب 14 تموز 1958 بقيادة الزعيم الركن عبدالكريم قاسم وبعد سنوات من عمليات التمرد والانقلابات الفاشلة نجح التحالف القومي والبعثي في إطاحة قاسم واعدامه وعشرات من أعوانه وتنصيب المشير عبدالسلام عارف رئيسا للجمهورية، وبعد أقل من نصف عام تخلص عارف من البعثيين وأحبط أكثر من محاولة انقلاب عسكري أشهرها انقلاب رئيس الوزراء وقائد القوى الجوية اللواء عارف عبدالرزاق عام 1964 لكن عبدالسلام عارف قتل في حادث تحطم طائرة هيلوكوبتر عام 1965 وفرض الجيش أخاه الفريق عبدالرحمن عارف رئيسا للجمهورية ليسدوا الطريق على أقوى المرشحين المدنيين الدكتور عبدالرحمن البزاز، وقد واجه عارف الثاني اكثر من محاولة إنقلاب كان من أشهرها محاولة عارف عبدالرزاق للمرة الثانية الاطاحة بالحكم العارفي، لكن عبدالرحمن عارف أحبط المحاولة ونجا منها غير ان عمر حكمه لم يطل إذ استولى تحالف من البعثيين والقوميين وهؤلاء الآخرون ممثلون بضابطين كبيرين هما عبدالرزاق النايف وإبراهيم الداود وتآمروا من الداخل وأطاح التحالف عبدالرحمن عارف في 17 يوليو (تموز) 1968 ولأنه تحالف انتهازي فإنه لم يستمر لأكثر من 12 يوما إذ جرد البعثيون حلفاءهم القوميين عبدالرزاق النايف رئيس الوزراء وإبراهيم الداود وزير الدفاع وناصر الحاني وزير الخارجية من السلطة في 30 يوليو (تموز) 1968، وبصرف النظر عما حدث لحلفاء الأمس من مطاردات وتصفيات جسدية فإن انفراد البعثيين بالسلطة لم يضع حدا للصراع عليها فلقد تفجر العداء بين البعثيين أكثر من مرة وجرت عدة محاولات إنقلابية للإطاحة بحكم الرئيس أحمد حسن البكر الذي كان رئيسا اسميا، بينما كانت السلطة الفعلية بقبضة نائب رئيس مجلس قيادة الثورة صدام حسين، ومن أشهر محاولات الإطاحة بحكم البعث على أيدي بعثيين آخرين محاولة ناظم كزار مدير الأمن العام وعبدالخالق السامرائي نائب رئيس الجمهورية والمفكر البعثي التقدمي وتنحية حردان التكريتي من منصب نائب رئيس الجمهورية ثم تصفيته جسديا في الكويت ثم مجزرة القيادة التي ارتكبها صدام حسين ضد رفاقه بعد استيلائه على السلطة في 17 يوليو (تموز) .1979
وإذا كان حكم وتحكم صدام حسين بمصير العراق وشعبه قد بدأ في 17 تموز 1968 غير ان انفراده المطلق بالسلطة بعد تنحية أحمد حسن البكر وتصفيته 22 من قيادات حزب البعث مكنته من فتح باب جهنم على العراقيين وجيرانهم، فلم يمض عام على انفراده بالسلطة إلا وقد أشعل نيران حريق السنوات الثماني مع إيران ولم يمض عامان على وقف اطلاق النار بين البلدين 8/8/1988 حتى كان صدام حسين يجتاح دولة الكويت في 2/8/1990 ويحتلها ويعلن إلغاء وجودها السياسي، ولم يخرج منها إلا مكرها وذليلا ومهزوما في 26/2/.1991 وما ان شعر العراقيون ان قوة هذا المستبد قد ضعفت إلا وهبوا من شمال وجنوب العراق ثائرين ضد النظام وقواته ومؤسساته ومضحين في سبيل حريتهم وانسانيتهم وكرامتهم الوطنية التي صادرها صدام حسين وأتباعه عقودا من الزمن، لكن هذه الانتفاضة الباسلة لم تجد من قوات التحالف من يناصرها بل ويا للغرابة ان يستخدم طائراته لقصف القوى العراقية المناوئة له.
وبعد عقد ونيف هل تغير شيء في العراق؟ ها هو نظام صدام حسين بعقليته نفسها وخيلائه نفسه واستبداده نفسه يتحكم بمصير العراقيين ويتحرش بالجيران ويتحدى المجتمع الدولي، وإذا كان النظام العراقي قد أضاع فرصة ذهبية هي مواكبة العصر بالانفتاح سياسيا على شعبه وفتح المجال للتعددية السياسية التي تتيح للعراقيين اختيار نظام الحكم الذي يحظى بتأييد الأغلبية، إذا كان النظام قد أضاع هذه الفرصة فلأنه يعلم أنه ليس من ضمن خيارات الشعب العراقي لأنه يعلم أن هذا الشعب قد كفر به وكذلك فإنه يصر على فرض فكره بالقوة وبالقهر وبشراء الذمم وإفساد الضمائر والأخلاق.
لكن ما ذنب ملايين العراقيين؟ أليس من حق هؤلاء أن يعيشوا أحرارا في وطنهم يتبادلون المحبة والمصالح مع بعضهم ومع جيرانهم؟ أليس من حق العراقيين على العالم الحر أن يهب لتحرير العراقيين من هذا السجن الكبير؟!