بنت الباطن
10-03-2002, 09:56 AM
تابعت بشيء من الاهتمام الحوار حول قضية (قيادة المرأة للسيارة) ابتداء بمقال الدكتور المبدع دائما عبدالله الفوزان وبتعقيب الأخوين الدبيان ثم العسيري وبقية الأخوة ما بين مؤيد ومعارض ولتأذن لي صحيفتنا "الوطن" بالمساهمة في هذه القضية فأقول:
أولا: يتضح في كتابات المعارضين لقيادة المرأة للسيارة التهويل و تصوير القضية على أنها من مسائل (الأمن القومي) وأن مجرد الإذن بقيادة المرأة للسيارة معناه بداية (الانحدار والفساد والفجور وانتشار الفتن) وقل ما شئت من عبارات الويل والثبور حتى بدت مقالات الأخوة تشكل ماراثونا مضحكا في تصوير الكارثة الوطنية والدينية والاقتصادية التي ستحل بالمجتمع بمجرد قيادة المرأة للسيارة
ثانيا: للأسف الشديد غالب الذين يتناولون هذه القضية يحاولون بشتى الطرق تصوير من يرى قيادة المرأة للسيارة بأنه (علماني خبيث يريد بالمرأة شرا وأنه ضمن مجموعة من العلمانيين الخبثاء الذين يخططون لتحرير المرأة وإفسادها) وهم بهذا يريدون إرهاب أي مواطن حتى لا يطرح رأيه إذا كان لا يتفق مع نظرتهم الضيقة المتشددة. فجل المعارضين لقيادة المرأة للسيارة يصورون القضية على أنها محرمة دينيا وأنه لا مجال البتة لمناقشتها وأنه لا يجوز بحال أن يخوض بها أحد من المواطنين وأن أي إنسان يرى جواز قيادة المرأة للسيارة فهو يخالف شرع الله وانه يدعو إلى إفساد المرأة كما ذكرت سابقا. هذا هو حال كثير من المقالات التي طرحت في "الوطن" وغيرها من الصحف والمجلات والفتاوى السعودية فهل صحيح أن قيادة المرأة للسيارة محرمة دينيا؟ الصحيح أنه ليس هناك نص صريح في تحريم قيادة المرأة للسيارة إطلاقا وإليكم الأدلة:
1- ثبت في النصوص الشرعية أن المرأة كاملة الأهلية لها مطلق التصرف في مالها وما تملك من مال منقول أو ثابت.
2- ثبت أن المرأة كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد خلفائه الراشدين تقود الإبل بنفسها و(الإبل) أحيانا لا تستطيع التحكم بها خلافا للسيارة فهي محكومة بقيادة الإنسان.
3- أهم ما تمسك به المحرمون لقيادة المرأة للسيارة هو (المصلحة).
والمصلحة هنا كلمة غامضة لا تنضبط بل تختلف باختلاف تشدد المفتي وتيسيره فمن المصلحة عند القرضاوي وعلماء الأزهر أن تقود المرأة السيارة وذلك تجنبا لخلوها مع السائق (وهو محرم بالإجماع) فها هنا المصلحة اختلف تقديرها من فقيه إلى آخر فمن الجناية على المرأة أن تربط أمورها بتقدير من لا يدرك حاجتها على حقيقتها.
4- ومن أدلتهم درء المفسدة، وحجتهم في هذا أن المرأة إذا قادت السيارة ستضطر إلى الكشف عن وجهها أو بعض منه، وهنا أقول: مسألة وجه المرأة هل هو عورة أم لا؟ هذه المسألة أشبعها الفقهاء بحثا والرأي الذي عليه جماهير العلماء كأبي حنيفة والشافعي ومالك ورواية عن الإمام أحمد أن وجه المرأة ليس بعورة وهذا القول عليه جماهير فقهاء العالم الإسلامي اليوم ومنهم العلامة الألباني وله كتاب حافل في المسألة وبعض الذين لا يفقهون الشرع يحتجون بأن القائلين بجواز كشف الوجه يوجبون تغطيته عند أمن الفتنة وهذا لا صحة له البتة فحديث الخثعمية مع الفضل بن العباس دليل أن هذا التقيد لا اعتبار له شرعا فقد افتتن الفضل بن العباس بها ولم يأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم بتغطيته خوف الفتنة فهذا حكم الرسول ويجب علينا الإذعان له فالله يقول: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) وهاهن النساء الملتزمات في الكويت يقدن السيارة وهن منقبات وهذا أحفظ لهن مئة مرة من الركون مع السائق. أختم مقالي هذا بدعوة من يكتبون في هذا الموضوع أن يتقوا الله وألا يصوروا أن المخالفين لهم يريدون الفساد وليعلموا أننا أشد منهم غيرة على محارم الله وتقيدا بشرعه وليسوا بحمد الله أسعد منا بالدليل ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأننا رجالا ونساء مع المرأة المسلمة محتشمة عفيفة محجبة ومطالبتنا بقيادة المرأة إنما هو حرص عليها ودعوة إلى إعطائها بعض حقوقها التي أعطاها الله إياها وأن القائلين بحرمة القيادة لا يعدو قولهم اجتهادا بشريا أملته عليهم نظرتهم واجتهادهم وليس لأحد أن يلزم جمهور المسلمين رجالا ونساء بالتقيد به ومن زعم أنه يجب التقيد به فهو جاهل بدين الله وبشرعه وبمنزع الاجتهاد ومسائل الخلاف والله أعلم.
لطيفة السديري
(ماجستير في الفقه الإسلامي) - جدة
------
أولا: يتضح في كتابات المعارضين لقيادة المرأة للسيارة التهويل و تصوير القضية على أنها من مسائل (الأمن القومي) وأن مجرد الإذن بقيادة المرأة للسيارة معناه بداية (الانحدار والفساد والفجور وانتشار الفتن) وقل ما شئت من عبارات الويل والثبور حتى بدت مقالات الأخوة تشكل ماراثونا مضحكا في تصوير الكارثة الوطنية والدينية والاقتصادية التي ستحل بالمجتمع بمجرد قيادة المرأة للسيارة
ثانيا: للأسف الشديد غالب الذين يتناولون هذه القضية يحاولون بشتى الطرق تصوير من يرى قيادة المرأة للسيارة بأنه (علماني خبيث يريد بالمرأة شرا وأنه ضمن مجموعة من العلمانيين الخبثاء الذين يخططون لتحرير المرأة وإفسادها) وهم بهذا يريدون إرهاب أي مواطن حتى لا يطرح رأيه إذا كان لا يتفق مع نظرتهم الضيقة المتشددة. فجل المعارضين لقيادة المرأة للسيارة يصورون القضية على أنها محرمة دينيا وأنه لا مجال البتة لمناقشتها وأنه لا يجوز بحال أن يخوض بها أحد من المواطنين وأن أي إنسان يرى جواز قيادة المرأة للسيارة فهو يخالف شرع الله وانه يدعو إلى إفساد المرأة كما ذكرت سابقا. هذا هو حال كثير من المقالات التي طرحت في "الوطن" وغيرها من الصحف والمجلات والفتاوى السعودية فهل صحيح أن قيادة المرأة للسيارة محرمة دينيا؟ الصحيح أنه ليس هناك نص صريح في تحريم قيادة المرأة للسيارة إطلاقا وإليكم الأدلة:
1- ثبت في النصوص الشرعية أن المرأة كاملة الأهلية لها مطلق التصرف في مالها وما تملك من مال منقول أو ثابت.
2- ثبت أن المرأة كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وفي عهد خلفائه الراشدين تقود الإبل بنفسها و(الإبل) أحيانا لا تستطيع التحكم بها خلافا للسيارة فهي محكومة بقيادة الإنسان.
3- أهم ما تمسك به المحرمون لقيادة المرأة للسيارة هو (المصلحة).
والمصلحة هنا كلمة غامضة لا تنضبط بل تختلف باختلاف تشدد المفتي وتيسيره فمن المصلحة عند القرضاوي وعلماء الأزهر أن تقود المرأة السيارة وذلك تجنبا لخلوها مع السائق (وهو محرم بالإجماع) فها هنا المصلحة اختلف تقديرها من فقيه إلى آخر فمن الجناية على المرأة أن تربط أمورها بتقدير من لا يدرك حاجتها على حقيقتها.
4- ومن أدلتهم درء المفسدة، وحجتهم في هذا أن المرأة إذا قادت السيارة ستضطر إلى الكشف عن وجهها أو بعض منه، وهنا أقول: مسألة وجه المرأة هل هو عورة أم لا؟ هذه المسألة أشبعها الفقهاء بحثا والرأي الذي عليه جماهير العلماء كأبي حنيفة والشافعي ومالك ورواية عن الإمام أحمد أن وجه المرأة ليس بعورة وهذا القول عليه جماهير فقهاء العالم الإسلامي اليوم ومنهم العلامة الألباني وله كتاب حافل في المسألة وبعض الذين لا يفقهون الشرع يحتجون بأن القائلين بجواز كشف الوجه يوجبون تغطيته عند أمن الفتنة وهذا لا صحة له البتة فحديث الخثعمية مع الفضل بن العباس دليل أن هذا التقيد لا اعتبار له شرعا فقد افتتن الفضل بن العباس بها ولم يأمرها الرسول صلى الله عليه وسلم بتغطيته خوف الفتنة فهذا حكم الرسول ويجب علينا الإذعان له فالله يقول: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) وهاهن النساء الملتزمات في الكويت يقدن السيارة وهن منقبات وهذا أحفظ لهن مئة مرة من الركون مع السائق. أختم مقالي هذا بدعوة من يكتبون في هذا الموضوع أن يتقوا الله وألا يصوروا أن المخالفين لهم يريدون الفساد وليعلموا أننا أشد منهم غيرة على محارم الله وتقيدا بشرعه وليسوا بحمد الله أسعد منا بالدليل ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأننا رجالا ونساء مع المرأة المسلمة محتشمة عفيفة محجبة ومطالبتنا بقيادة المرأة إنما هو حرص عليها ودعوة إلى إعطائها بعض حقوقها التي أعطاها الله إياها وأن القائلين بحرمة القيادة لا يعدو قولهم اجتهادا بشريا أملته عليهم نظرتهم واجتهادهم وليس لأحد أن يلزم جمهور المسلمين رجالا ونساء بالتقيد به ومن زعم أنه يجب التقيد به فهو جاهل بدين الله وبشرعه وبمنزع الاجتهاد ومسائل الخلاف والله أعلم.
لطيفة السديري
(ماجستير في الفقه الإسلامي) - جدة
------