فارس الفارس
15-11-2002, 02:58 PM
http://www.ahram.org.eg/arab/ahram/2002/11/15/m42347_13m.jpg
تعد من أبرز النساء العالمات اللاتي طرقن مجال الافتاء والدعوة الاسلامية.. ومن هنا استحقت لقب مفتية النساء في مصر.. إنها الدكتورة سعاد إبراهيم صالح أستاذ ورئيس قسم الفقه بكلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر, وعميدة كلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات بجامعة المنصورة سابقا.. وأيضا هي مقررة اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة في الفقة بجامعة الأزهر. وقد استحقت لقب فقيهة بعد مشوار طويل أجابت فيه علي العديد من الفتاوي علي صفحات الجرائد.. وخلف الميكروفونات.. وعبر المنابر الاعلامية.. وأيضا من خلال شاشات الفضائيات العربية التي أصبحت أكثر انتشارا ورواجا بين الناس.
والدكتورة سعاد صالح متخرجة في كلية الدراسات الاسلامية عام1967 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولي, ثم حصلت علي الماجستير عام1973 بتقدير ممتاز أيضا في موضوع الطلاق بين الاطلاق والتقييد ودرجة الدكتوراه بامتياز أيضا مع مرتبة الشرف الأولي عن بحثها في موضوع الحجر علي الصغير والسفيه
نتحدث مع مفتية النساء في العديد من القضايا والموضوعات التي تشغل بال المرأة المسلمة.
وجاء هذا الحوار:
* هناك اتهام للمرأة العربية والمصرية علي وجه التحديد بأنها تجري وتلهث وراء التقليد الغربي.. فكيف ترين ذلك؟
** هذا غير صحيح علي الإطلاق.. فنحن قد سبقنا الغرب وحضارة الغرب في اعطاء المرأة حقوقها منذ أن نزل القرآن علي محمد صلي الله عيه وسلم, ورفع عن المرأة الظلم والاضطهاد الذي كانت تعاني منه في العصر الجاهلي قبل الاسلام. فنحن لا نريد التحرر بمعني الانحلال, ولكن نريد التحرر بمعني الحصول علي الحق.. نحن لانريد المساواة بمعني اذابة الفوارق الفطرية بين المرأة والرجل, لكننا نريد المساواة في القيمة الإنسانية, والمساواة في الحقوق الانسانية.. والمساواة في التكريم الانساني للمرأة والرجل علي حد سواء.. هذه هي حقيقة المساواة التي نريدها مع احتفاظ كل منا بخصائصه الفطرية التي خلق عليها لكي يقوم بالدور الذي وكل له في الحياة. فالرجل والمرأة كل منهما يحتاج إلي الآخر, وكل منهما مكمل للآخر, ولا يوجد علاقة صراع.. ولا علاقة منافسة بين الاثنين, وانما توجد علاقة تعادل.. وتكافؤ.. وتكامل.
* ما أهم القضايا المطروحة التي تشغل بالك حاليا؟
** إنها قضية احتكار العمل الديني وسقصر الإفتاء علي الفقهاء دون الفقيهات حتي الآن بمصر.. فمن خلال بحثي وقراءاتي المستمرة وجدت اجماع الفقهاء والمفسرين المحدثين والاصوليين علي أن الذكورة ليست شرطا للافتاء, وأن المرأة لها أن تفتي بصفة عامة رجالا ونساء, وبصفة خاصة للنساء.. والرسول صلي الله عليه وسلم كان يسترشد بأمهات المسلمين السيدة عائشة, والسيدة أم سلمة, والسيدة حفصة رضي الله عنهن جميعا في توضيح الأمور الخاصة بالنساء, فما المانع أن يخصص للنساء يوم في دار الافتاء مع استاذة متخصصة لرفع الحرج عنهن, وللإجابة عن استفساراتهن؟! ونحن لا نريد منصبا في الدولة يصدر به قرار جمهوري بأن يكون هناك مفتي للرجال ومفتية للنساء.. لا أؤكد لا, فلنا مناصبنا في جامعاتنا كأستاذات في جامعة الأزهر, ولكن نريد أن يخصص لنا مكان ووقت للاجتماع فيه مع كل امرأة تريد أن تسأل فيه عن شأن في شئون دينها, أو عن علاقتها بزوجها, أو عن علاقتها بأبنائها.. إلي اخره, وأنا من خلال التليفون أستقبل عشرات الاستفسارات من النساء ومن خلال لقاءاتي في الندوات والمساجد والمدارس استقبل العشرات من الاستفسارات, فلماذا لا تجمع هذه الاستفسارات ونختار لها مكانا واحدا بدار الافتاء كمكان يثق فيه الجميع لخروج مثل هذه الاستفسارات والفتاوي؟
وأؤكد ثانية أنني لا أبحث عن تولي منصب رسمي في الدولة أو عن أخذ أجر عما أفعله.. ولكنني أبحث عن مهمة ضرورية أصبحت ملحة للمرأة المسلمة في كل مكان الآن.
* ولكن في حوار سابق لي مع فضيلة المفتي الدكتور أحمد الطيب أكد لي أنه لا يري مانعا شرعيا من ممارسة المرأة لحق الأفتاء سواء بصفة رسمية, أو غير رسمية, بل ويرحب بوجود مفتية للنساء بدار الافتاء.. فهل عرضت تلك الرغبة علي فضيلته؟
** سبق وأن عرضت هذه الرغبة علي فضيلة المفتي السابق الدكتور نصر فريد واصل, ورحب ترحيبا شديدا ووعد بالرد, ولكن لم يحدث ثم أرسلت له فاكسا كي أذكره بوعده, ولكنه لم يفعل شيئا.. وأنا مع ترحيب فضيلة الدكتور أحمد الطيب المفتي الحالي وتأييده لذلك.. ولكن أين الفعل؟ وأين ترجمة القول إلي فعل؟ أرجو أن أجد إجابات لتساؤلاتي عند فضيلته.
وحتي يأتينا الرد فنحن مستمرون بمطالبتنا بدور رسمي للمرأة في العمل الديني والدعوة الإسلامية.. فالفقيهات أصبحن واقعا لا يمكن تجاهله أو رفضه.
* وماذا عن تولي المرأة لمنصب قاضية؟
** من الأمور المستغربة حرمان المرأة من أحقيتها في توليها للقضاء, وينسون أن المرأة الآن في جامعة الأزهر تتولي تخصصا شرعيا دقيقا, فهي مقررة اللجنة العلمية الدائمة لترقية الرجال, والمرأة المسلمة تتقدم الآن في جميع المجالات حتي مع وجود الحجاب, فالحجاب ليس حجابا علي العقل, وانما القصد منه الحفاظ علي المرأة من نظرة الأجنبي.. وعلي الجانب الآخر فلدينا فتوي واضحة وصريحة تجيز تولي المرأة القضاء فما أهمية الاختلاف في المذاهب الفقهية؟ أهميتها بطبيعة الحال التيسير ورفع الحرج نحن مأمورون بالعمل بكتاب الله وبسنة رسوله وكما يقول المولي سبحانه وتعالي في سورة النساء يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم, فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول.
إذن إذا قال أبو حنيفة أن للمرأة ان تتولي القضاء, أو قال ابن جرير الطبري, وابن حزم الظاهري أن للمرأة أن تتولي القضاء مطلقا, لأنها يجوز لها الإفتاء, فيجوز لها القضاء فلماذا لا آخذ بهذا الرأي وأترك ذلك الأمر لكفاءة المرأة وقدرتها علي القيام بهذه المهمة؟.
* ربما لأن بعض الفقهاء يرون العديد من المعوقات والمشقة في مهنة القضاء؟
** هناك فرق كبير أن يكون هناك معوقات وبين أهليتها اوعدم اهليتها لتولي القضاء.. وعلينا أن نترك هذه المعوقات للمرأة ولظروفها.. وهل هي تستطيع أن تتغلب عليها أم لا؟ وهل زوجها سوف يقف بجانبها ويساعدها هو وأبناؤها أم لا؟ أما أن نقول أن علي المرأة لكي تصل إلي القضاء أن تمر بوظائف شاقة مثل وكيلة نيابة وسوف تضطر لمعاينة الجرائم.. أو أنها سوف تتحيز لعاطفتها.. فهذه جميعها أمور غير مقنعة. فالعاطفة شعور انساني موجود لدي المرأة والرجل علي السواء, وحينما يحكم رجل في قضية ويحدث طعن فيها فهل نقول أن هذا فيه نقصان لأهلية القاضي الرجل في هذه القضية؟
والقضاء عندنا فيه درجات مختلفة.. ابتدائية.. استئناف.. طعن.. نقض.. ثم ان القضاء أيضا مكون من هيئة استشارية فلماذا لا تكون المرأة عضوا في هذه الهيئة؟ فالمرأة لن تحكم بنفسها, وانما المطلوب ان تكون ضمن الهيئة الاستشارية.
اذن فمن وجهة نظري أن نأخذ ونرجح الرأي القائل بتولي المرأة القضاء سواء في قضاء الجنايات, أو في الأحوال الشخصية( أحكام الأسرة) أو غير ذلك. وأن التغلب علي هذه المعوقات نتركه لشخصية المرأة وقدراتها.
اختيار الزوج
* كيف اختارت الدكتورة سعاد صالح زوجها؟
** تزوجت بالطريقة التقليدية, ولكن مع ابداء رغبتي في الشخص المتقدم إلي.. ولم يشأ أبي وهو العالم الأزهري أن يفرض علي شخصا بعينه.. وحينما اخذت هذا الانسان, وكان يعمل في مجال الصحافة ـ فزوجي هو الكاتب الاسلامي السيد عبدالرءوف ـ وكان وقتها متخصصا في صحافة الخبر.. ولكنه ومع عشرتنا سويا تحول عن مجاله إلي الكتابة الاسلامية.. ثم أصبح رئيس تحرير جريدة اسلامية معروفة.
* تأثيرك اذن علي حياة الزوج كان واضحا, فكيف أثر الزوج بدوره علي حياتك؟
** تأثيره علي حياتي كان كبيرا, فكل ما وصلت إليه من مكانه رفيعة, ونجاح يرجع الفضل فيه لله ثم لزوجي الذي وقف مع طموحي فهو من الأزواج الذين يتمتعون بالايثار مصداقا لقوله تعالي يؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.. وهنا أقول أن نجاح المرأة لا يكون إلا بتحرر عقلية الرجل, وتعاونه مع زوجته, وتنازله عن بعض حقوقه فنجاح الزوجة من نجاح زوجها, والعكس صحيح.
وتضيف د.سعاد صالح: لم يكن زوجي في يوم من الأيام عائقا أبدا أمام سفري إلي الخارج, أو رافضا لظهوري في التلفزيون خلال التسجيلات العديدة مع القنوات المختلفة.. فدائما هو خير معين.
* وهل يستنير أبناؤك وزوجك بآرائك في حياتهم العملية؟
** جميعهم يهتمون بفتاواي وآرائي, ويتحمسون لها كثيرا, فضلا عن استنارتهم واسترشادهم في حياتهم وأفعالهم الخاصة بآرائي.. فأنا أم لأربعة من الأبناء جميعهم تخرجوا وأصبحوا أزواجا وزوجات عدا الأخير الذي لا يزال طالبا بالجامعة. وبيتنا والحمد لله عبارة عن فقه الحياه كما يقولون, لأن الحياة لابد فيها من معرفة الحلال والحرام, والذي يفصل في ذلك هو الفقه الاسلامي.
فتاوي وأحكام
* ونحن في شهر رمضان المعظم, كيف تحيي الأسرة المصرية لياليه المباركة بما يليق بوقاره؟
** الحقيقة هناك ممارسات خاطئة للأسر المصرية لاستقبال هذا الشهر تحوله من شهر روحاني وشهر عبادة وتهذيب للنفس, إلي شهر طعام وافتخار واسراف. والاسلام دين وسط واعتدال, ويقول المولي عز وجل وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة, ولا تنس نصيبك من الدنيا فعلينا بالاعتدال والتوازن في جميع شئونه المادية والروحانية وان نهتم بجانب العبادات.
القضاء والفدية
* لو أتي شهر الصيام علي سيدة وفاتتها أيام صيام من العام الماضي فهل تقضي فقط, أم تقضي مع الفدية؟
** تأخير القضاء اما أن يكون بعذر أو لغير عذر, والعذر مثلا كأن تكون المرأة حاملا ثم وضعت.. أو بعد وضعها فأصبحت مرضعا.. هنا أصبح لها الترخيص بتأجيل القضاء, وهنا لا يجب عليها شيء إلا قضاء الأيام التي فاتتها فقط, لأن تأخيرها للقضاء كان تأخيرا بعذر..
أما إذا كان التأخير بغير عذر كالكسل أو التهاون في العبادة فتعددت المذاهب الفقهية في هذه المسألة.. فالامام أبوحنيفة يري القضاء فقط, وغير أبي حنيفة يري القضاء مع الفدية جزاء للتأخير, والفدية هي اطعام مسكين من أوسط ماتطعمون أهليكم, ومن الممكن اخراج قيمة الفدية بدلا من الاطعام وقيمة الفدية تختلف باختلاف المستوي الاجتماعي ومن تطوع خيرا فهو خير له
وأنا مع رأي أبي حنيفة لأنه يقوم علي قول الله تعالي فمن كان منكم مريضا أو علي سفر فعدة من أيام آخر فالنص لم يجعل الفدية زيادة مع الأيام الآخر, فأبو حنيفة قال ان الزيادة علي النص نسخ.. فاكتفي بالنص وهذا الحكم يتفق مع الأصل في أحكام الشريعة وهي التيسير ورفع الحرج, وفي اية الصوم بالذات جاء مرتين( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)
تعد من أبرز النساء العالمات اللاتي طرقن مجال الافتاء والدعوة الاسلامية.. ومن هنا استحقت لقب مفتية النساء في مصر.. إنها الدكتورة سعاد إبراهيم صالح أستاذ ورئيس قسم الفقه بكلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات بجامعة الأزهر, وعميدة كلية الدراسات الاسلامية والعربية للبنات بجامعة المنصورة سابقا.. وأيضا هي مقررة اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة في الفقة بجامعة الأزهر. وقد استحقت لقب فقيهة بعد مشوار طويل أجابت فيه علي العديد من الفتاوي علي صفحات الجرائد.. وخلف الميكروفونات.. وعبر المنابر الاعلامية.. وأيضا من خلال شاشات الفضائيات العربية التي أصبحت أكثر انتشارا ورواجا بين الناس.
والدكتورة سعاد صالح متخرجة في كلية الدراسات الاسلامية عام1967 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولي, ثم حصلت علي الماجستير عام1973 بتقدير ممتاز أيضا في موضوع الطلاق بين الاطلاق والتقييد ودرجة الدكتوراه بامتياز أيضا مع مرتبة الشرف الأولي عن بحثها في موضوع الحجر علي الصغير والسفيه
نتحدث مع مفتية النساء في العديد من القضايا والموضوعات التي تشغل بال المرأة المسلمة.
وجاء هذا الحوار:
* هناك اتهام للمرأة العربية والمصرية علي وجه التحديد بأنها تجري وتلهث وراء التقليد الغربي.. فكيف ترين ذلك؟
** هذا غير صحيح علي الإطلاق.. فنحن قد سبقنا الغرب وحضارة الغرب في اعطاء المرأة حقوقها منذ أن نزل القرآن علي محمد صلي الله عيه وسلم, ورفع عن المرأة الظلم والاضطهاد الذي كانت تعاني منه في العصر الجاهلي قبل الاسلام. فنحن لا نريد التحرر بمعني الانحلال, ولكن نريد التحرر بمعني الحصول علي الحق.. نحن لانريد المساواة بمعني اذابة الفوارق الفطرية بين المرأة والرجل, لكننا نريد المساواة في القيمة الإنسانية, والمساواة في الحقوق الانسانية.. والمساواة في التكريم الانساني للمرأة والرجل علي حد سواء.. هذه هي حقيقة المساواة التي نريدها مع احتفاظ كل منا بخصائصه الفطرية التي خلق عليها لكي يقوم بالدور الذي وكل له في الحياة. فالرجل والمرأة كل منهما يحتاج إلي الآخر, وكل منهما مكمل للآخر, ولا يوجد علاقة صراع.. ولا علاقة منافسة بين الاثنين, وانما توجد علاقة تعادل.. وتكافؤ.. وتكامل.
* ما أهم القضايا المطروحة التي تشغل بالك حاليا؟
** إنها قضية احتكار العمل الديني وسقصر الإفتاء علي الفقهاء دون الفقيهات حتي الآن بمصر.. فمن خلال بحثي وقراءاتي المستمرة وجدت اجماع الفقهاء والمفسرين المحدثين والاصوليين علي أن الذكورة ليست شرطا للافتاء, وأن المرأة لها أن تفتي بصفة عامة رجالا ونساء, وبصفة خاصة للنساء.. والرسول صلي الله عليه وسلم كان يسترشد بأمهات المسلمين السيدة عائشة, والسيدة أم سلمة, والسيدة حفصة رضي الله عنهن جميعا في توضيح الأمور الخاصة بالنساء, فما المانع أن يخصص للنساء يوم في دار الافتاء مع استاذة متخصصة لرفع الحرج عنهن, وللإجابة عن استفساراتهن؟! ونحن لا نريد منصبا في الدولة يصدر به قرار جمهوري بأن يكون هناك مفتي للرجال ومفتية للنساء.. لا أؤكد لا, فلنا مناصبنا في جامعاتنا كأستاذات في جامعة الأزهر, ولكن نريد أن يخصص لنا مكان ووقت للاجتماع فيه مع كل امرأة تريد أن تسأل فيه عن شأن في شئون دينها, أو عن علاقتها بزوجها, أو عن علاقتها بأبنائها.. إلي اخره, وأنا من خلال التليفون أستقبل عشرات الاستفسارات من النساء ومن خلال لقاءاتي في الندوات والمساجد والمدارس استقبل العشرات من الاستفسارات, فلماذا لا تجمع هذه الاستفسارات ونختار لها مكانا واحدا بدار الافتاء كمكان يثق فيه الجميع لخروج مثل هذه الاستفسارات والفتاوي؟
وأؤكد ثانية أنني لا أبحث عن تولي منصب رسمي في الدولة أو عن أخذ أجر عما أفعله.. ولكنني أبحث عن مهمة ضرورية أصبحت ملحة للمرأة المسلمة في كل مكان الآن.
* ولكن في حوار سابق لي مع فضيلة المفتي الدكتور أحمد الطيب أكد لي أنه لا يري مانعا شرعيا من ممارسة المرأة لحق الأفتاء سواء بصفة رسمية, أو غير رسمية, بل ويرحب بوجود مفتية للنساء بدار الافتاء.. فهل عرضت تلك الرغبة علي فضيلته؟
** سبق وأن عرضت هذه الرغبة علي فضيلة المفتي السابق الدكتور نصر فريد واصل, ورحب ترحيبا شديدا ووعد بالرد, ولكن لم يحدث ثم أرسلت له فاكسا كي أذكره بوعده, ولكنه لم يفعل شيئا.. وأنا مع ترحيب فضيلة الدكتور أحمد الطيب المفتي الحالي وتأييده لذلك.. ولكن أين الفعل؟ وأين ترجمة القول إلي فعل؟ أرجو أن أجد إجابات لتساؤلاتي عند فضيلته.
وحتي يأتينا الرد فنحن مستمرون بمطالبتنا بدور رسمي للمرأة في العمل الديني والدعوة الإسلامية.. فالفقيهات أصبحن واقعا لا يمكن تجاهله أو رفضه.
* وماذا عن تولي المرأة لمنصب قاضية؟
** من الأمور المستغربة حرمان المرأة من أحقيتها في توليها للقضاء, وينسون أن المرأة الآن في جامعة الأزهر تتولي تخصصا شرعيا دقيقا, فهي مقررة اللجنة العلمية الدائمة لترقية الرجال, والمرأة المسلمة تتقدم الآن في جميع المجالات حتي مع وجود الحجاب, فالحجاب ليس حجابا علي العقل, وانما القصد منه الحفاظ علي المرأة من نظرة الأجنبي.. وعلي الجانب الآخر فلدينا فتوي واضحة وصريحة تجيز تولي المرأة القضاء فما أهمية الاختلاف في المذاهب الفقهية؟ أهميتها بطبيعة الحال التيسير ورفع الحرج نحن مأمورون بالعمل بكتاب الله وبسنة رسوله وكما يقول المولي سبحانه وتعالي في سورة النساء يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم, فإن تنازعتم في شيء فردوه إلي الله والرسول.
إذن إذا قال أبو حنيفة أن للمرأة ان تتولي القضاء, أو قال ابن جرير الطبري, وابن حزم الظاهري أن للمرأة أن تتولي القضاء مطلقا, لأنها يجوز لها الإفتاء, فيجوز لها القضاء فلماذا لا آخذ بهذا الرأي وأترك ذلك الأمر لكفاءة المرأة وقدرتها علي القيام بهذه المهمة؟.
* ربما لأن بعض الفقهاء يرون العديد من المعوقات والمشقة في مهنة القضاء؟
** هناك فرق كبير أن يكون هناك معوقات وبين أهليتها اوعدم اهليتها لتولي القضاء.. وعلينا أن نترك هذه المعوقات للمرأة ولظروفها.. وهل هي تستطيع أن تتغلب عليها أم لا؟ وهل زوجها سوف يقف بجانبها ويساعدها هو وأبناؤها أم لا؟ أما أن نقول أن علي المرأة لكي تصل إلي القضاء أن تمر بوظائف شاقة مثل وكيلة نيابة وسوف تضطر لمعاينة الجرائم.. أو أنها سوف تتحيز لعاطفتها.. فهذه جميعها أمور غير مقنعة. فالعاطفة شعور انساني موجود لدي المرأة والرجل علي السواء, وحينما يحكم رجل في قضية ويحدث طعن فيها فهل نقول أن هذا فيه نقصان لأهلية القاضي الرجل في هذه القضية؟
والقضاء عندنا فيه درجات مختلفة.. ابتدائية.. استئناف.. طعن.. نقض.. ثم ان القضاء أيضا مكون من هيئة استشارية فلماذا لا تكون المرأة عضوا في هذه الهيئة؟ فالمرأة لن تحكم بنفسها, وانما المطلوب ان تكون ضمن الهيئة الاستشارية.
اذن فمن وجهة نظري أن نأخذ ونرجح الرأي القائل بتولي المرأة القضاء سواء في قضاء الجنايات, أو في الأحوال الشخصية( أحكام الأسرة) أو غير ذلك. وأن التغلب علي هذه المعوقات نتركه لشخصية المرأة وقدراتها.
اختيار الزوج
* كيف اختارت الدكتورة سعاد صالح زوجها؟
** تزوجت بالطريقة التقليدية, ولكن مع ابداء رغبتي في الشخص المتقدم إلي.. ولم يشأ أبي وهو العالم الأزهري أن يفرض علي شخصا بعينه.. وحينما اخذت هذا الانسان, وكان يعمل في مجال الصحافة ـ فزوجي هو الكاتب الاسلامي السيد عبدالرءوف ـ وكان وقتها متخصصا في صحافة الخبر.. ولكنه ومع عشرتنا سويا تحول عن مجاله إلي الكتابة الاسلامية.. ثم أصبح رئيس تحرير جريدة اسلامية معروفة.
* تأثيرك اذن علي حياة الزوج كان واضحا, فكيف أثر الزوج بدوره علي حياتك؟
** تأثيره علي حياتي كان كبيرا, فكل ما وصلت إليه من مكانه رفيعة, ونجاح يرجع الفضل فيه لله ثم لزوجي الذي وقف مع طموحي فهو من الأزواج الذين يتمتعون بالايثار مصداقا لقوله تعالي يؤثرون علي أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.. وهنا أقول أن نجاح المرأة لا يكون إلا بتحرر عقلية الرجل, وتعاونه مع زوجته, وتنازله عن بعض حقوقه فنجاح الزوجة من نجاح زوجها, والعكس صحيح.
وتضيف د.سعاد صالح: لم يكن زوجي في يوم من الأيام عائقا أبدا أمام سفري إلي الخارج, أو رافضا لظهوري في التلفزيون خلال التسجيلات العديدة مع القنوات المختلفة.. فدائما هو خير معين.
* وهل يستنير أبناؤك وزوجك بآرائك في حياتهم العملية؟
** جميعهم يهتمون بفتاواي وآرائي, ويتحمسون لها كثيرا, فضلا عن استنارتهم واسترشادهم في حياتهم وأفعالهم الخاصة بآرائي.. فأنا أم لأربعة من الأبناء جميعهم تخرجوا وأصبحوا أزواجا وزوجات عدا الأخير الذي لا يزال طالبا بالجامعة. وبيتنا والحمد لله عبارة عن فقه الحياه كما يقولون, لأن الحياة لابد فيها من معرفة الحلال والحرام, والذي يفصل في ذلك هو الفقه الاسلامي.
فتاوي وأحكام
* ونحن في شهر رمضان المعظم, كيف تحيي الأسرة المصرية لياليه المباركة بما يليق بوقاره؟
** الحقيقة هناك ممارسات خاطئة للأسر المصرية لاستقبال هذا الشهر تحوله من شهر روحاني وشهر عبادة وتهذيب للنفس, إلي شهر طعام وافتخار واسراف. والاسلام دين وسط واعتدال, ويقول المولي عز وجل وابتغ فيما أتاك الله الدار الآخرة, ولا تنس نصيبك من الدنيا فعلينا بالاعتدال والتوازن في جميع شئونه المادية والروحانية وان نهتم بجانب العبادات.
القضاء والفدية
* لو أتي شهر الصيام علي سيدة وفاتتها أيام صيام من العام الماضي فهل تقضي فقط, أم تقضي مع الفدية؟
** تأخير القضاء اما أن يكون بعذر أو لغير عذر, والعذر مثلا كأن تكون المرأة حاملا ثم وضعت.. أو بعد وضعها فأصبحت مرضعا.. هنا أصبح لها الترخيص بتأجيل القضاء, وهنا لا يجب عليها شيء إلا قضاء الأيام التي فاتتها فقط, لأن تأخيرها للقضاء كان تأخيرا بعذر..
أما إذا كان التأخير بغير عذر كالكسل أو التهاون في العبادة فتعددت المذاهب الفقهية في هذه المسألة.. فالامام أبوحنيفة يري القضاء فقط, وغير أبي حنيفة يري القضاء مع الفدية جزاء للتأخير, والفدية هي اطعام مسكين من أوسط ماتطعمون أهليكم, ومن الممكن اخراج قيمة الفدية بدلا من الاطعام وقيمة الفدية تختلف باختلاف المستوي الاجتماعي ومن تطوع خيرا فهو خير له
وأنا مع رأي أبي حنيفة لأنه يقوم علي قول الله تعالي فمن كان منكم مريضا أو علي سفر فعدة من أيام آخر فالنص لم يجعل الفدية زيادة مع الأيام الآخر, فأبو حنيفة قال ان الزيادة علي النص نسخ.. فاكتفي بالنص وهذا الحكم يتفق مع الأصل في أحكام الشريعة وهي التيسير ورفع الحرج, وفي اية الصوم بالذات جاء مرتين( يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر)