بنت زايد الخير
10-12-2002, 10:57 AM
آه يا عُشاق شهر رمضان ! كيف نواسيكم، أم كيف نعزّيكم ؟
تعجز الكلمات عن تخفيف كسرة قلوبكم بانصراف هذا الشهر عنكم ، و فراقه لكم ،
خاصة و أنتم تضطربون خوفاً من أن يدور الحول عليكم دورته فلا تلاقونه مرة ثانية على ظهر هذه الدنيا؟!!
لكم الله..! يا معشر الروحانيين، و يا بقايا الحواريين !
عشتم شهراً سماوياً صرفاً، كانت تكفيكم فيه التمرات تسد جوع بطونكم ،
و لكن ماذا يمكن أن يطفئ ظمأ قلوبكم إلى فيوضات السماء، مع أنها كانت تنسكب بغزارة و تتدفق على أرواحكم.؟!
لكم الله..! لقد أخذتم الشهر كله جد، لا هزل فيه، فأعطاكم ربكم دفعات على الحساب،
تجدونها في قرارة قلوبكم، أفراحاً سماوية عذبة،
لا يجدها المتسكّعون على قوارع الدنيا، و اللاهثون خلف شهوات الحياة،
و التابعون وراء شاشات فضية مزخرفة تفسد عليهم قلوبهم أكثر مما تثري فيهم عقولهم..
و يظن كثير من هؤلاء أنهم قد حصلوا في شهر رمضان فيضاً من عطاء،
و لو دروا أن ما حُرِموه أكثر بكثير مما حصلوه لبكوا دماءً بدلاً من الدموع..
لكم الله يا عشاق أنوار شهر رمضان..!!
كفكفوا دموعكم، فإن موعدكم الله ..!!
و قد عزّاكم حبيبكم محمد صلى الله عليه و سلم حين قال:
أحبب من شئت فإنك مفارقه، و اعمل ما شئت فإنك مجزي به..
حال الدنيا و سنّتها أن لا تبقى الأمور على وضع واحد أبداً،
فكما تتغير فصول السنة من شتاء إلى صيف إلى ربيع إلى خريف،
فكذلك أحوال الناس و الدول و الأمم (( و تلك الأيام نداولها بين الناس))
وكذلك أحوال القلب و أشواقه،و لذا قيل: دوام الحال من المحال..
عزاؤكم أن أقدار الله قد لطفت بكم، فارتفعتم في الوقت الذي انخفض فيع سواكم،
و تطهرتم في الوقت الذي أوحل فيه غيركم،
لقد هبت عليكم رحمات ربكم، فكنتم بفضل الله مشمّرين خلال ثلاثين جولة
في مضمار السباق الكبير،
و كانت خيولكم تتعب نفسها وهي تنهب الأرض نهبا ، كأنما تريد أن تخرج من جلودها
مخلفة وراءها كثيراً من الخيول العاجزة التي أخذت تلهث منذ الدورة الأولى،
ثم أخذت تسير الهوينا و هي ترى مع هذا التباطئ أنها إلى خير و في خير..!!
و الحق أنها كذلك إن شاء الله لو صدقت نيّاتها، و لكن شتان شتان بين طائر و سائر..!!
عزاؤكم أنكم حصدتم أكبر عدد من الجوائز هذا الشهر، و بجدارة، و في فخر..
و لكن إياكم أن تظنوا بأنكم قد قطعتم الطريق ، فلا زلتم في بداياته،
و لا تزال مدارج السفر طويلة،
و من ثم ينبغي أن تظل عيونكم مفتوحة في حذر، لأن المتربصين بكم على الطريق كثيرون،
و الأبالسة يترصدون القوافل المسافرة نحو الجنة،
كما قال زعيمهم يوم أطلقها أمام الله سبحانه فيما حكي عن القرآن :
(( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ))
فهو و كتائبه مبثوثون على طول طريق السائرين إلى الله،
أما المعرضون عن الله : فهم جنوده و إن جعجعوا طويلاً بغير ذلك ..!!
يا عشاق بركات شهر رمضان..!!
اعرفوا قدر ما كنتم فيه، و اعرفوا فضل ما خرجتم به،
و اعرفوا أيضاً عظمة ما قدّمتموه، فلا تفسدوا بعد إصلاح، و لا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها..
اعملوا عملكم كي تبقى قلوبكم مشرقة بالأنوار، و ذلك يتطلب منكم أن لا تغفلوا عنها،
و أن تراقبوا أنفسكم باستمرار، و أن تلتقطوا بعقولكم بين الوقت و الوقت
ما كنتم تجدونه من أفراح الروح أثناء شهركم الكريم،
فلعل في هذا الاستحضار العقلي ما يعينكم على عدم النسيان، و على التشمير، و على البقاء في النور..
اجتهدوا أن لا تبتعدوا كثيراً عن أجواء شهر رمضان،
فلا تزال بوابات النوافل مفتوحة على مصراعيها:
من صلوات، و قراءة قرآن، و صيام، و قيام، واعتكاف، و إنفاق, و ذكر كثير و فكر إلى آخر صور الخير المختلفة..
لا تجعلوا قلوبكم تعود إلى جوعها القديم الذي كانت عليه قبل رمضان،
اجعلوها في حالة إقبال دائم، فإنكم بذلك تطوون الدنيا طياً،
فإذا أنتم على بوابات الجنة تقرعونها في شوق، فرحين بما آتاكم الله من فضله.
إذا كثرت أفراح الناس في دنياهم بشهواتهم، فلتكثر أفراحكم لآخراكم
فإن الجنان قد تزيّنت لأهلها، و الحور قد تهيأت لخلانها..
و ليس سوى القليل و تسمعون ملء آذانكم : سلام عليكم، طبتم فادخلوها خالدين..!
غير أن هذا كله لا يجعلكم تستخفّون بالآخرين .. أنتم أكبر من ذلك،
ثم أنكم لا تدرون كيف ستكون الخاتمة..
و أيضا ذلك كله لا يدفعكم إلى عزلة الحياة و جهدها و جهادها و مكابدتها،
فأنتم مأمورون بتعميرها،
و مَن لها غيركم ينشر في رباها النور، و يزرع في آفاقها الخير؟
و يبذر فيها الأمل؟؟!
قولوا لسماء الكونِ : لقد ***** طاولنا النّـجم برفعتنا
و أذان المسلم كان له ***** في الغربِ صدىً من همتنا
و (محمد) كان أمير الركب ***** يقود النصر لأمتنا
بل قولوا لأهل هذا الأرض بملء الفم : صُمّت آذان الدنيا إن لم تسمع لنا ..!!
يا أهل القرآن صيحوا بالناس كل الناس و حيثما كنتم :
يا أهل الدنيا.. يا أهل الدنيا ..هذا هو الطريق..!
على نفسه فليبكِ من ضاع عمره***و ليس له فيها نصيبٌ و لا سهم
ــــــــــــــــــــــــ
بنت زايد الخير
تعجز الكلمات عن تخفيف كسرة قلوبكم بانصراف هذا الشهر عنكم ، و فراقه لكم ،
خاصة و أنتم تضطربون خوفاً من أن يدور الحول عليكم دورته فلا تلاقونه مرة ثانية على ظهر هذه الدنيا؟!!
لكم الله..! يا معشر الروحانيين، و يا بقايا الحواريين !
عشتم شهراً سماوياً صرفاً، كانت تكفيكم فيه التمرات تسد جوع بطونكم ،
و لكن ماذا يمكن أن يطفئ ظمأ قلوبكم إلى فيوضات السماء، مع أنها كانت تنسكب بغزارة و تتدفق على أرواحكم.؟!
لكم الله..! لقد أخذتم الشهر كله جد، لا هزل فيه، فأعطاكم ربكم دفعات على الحساب،
تجدونها في قرارة قلوبكم، أفراحاً سماوية عذبة،
لا يجدها المتسكّعون على قوارع الدنيا، و اللاهثون خلف شهوات الحياة،
و التابعون وراء شاشات فضية مزخرفة تفسد عليهم قلوبهم أكثر مما تثري فيهم عقولهم..
و يظن كثير من هؤلاء أنهم قد حصلوا في شهر رمضان فيضاً من عطاء،
و لو دروا أن ما حُرِموه أكثر بكثير مما حصلوه لبكوا دماءً بدلاً من الدموع..
لكم الله يا عشاق أنوار شهر رمضان..!!
كفكفوا دموعكم، فإن موعدكم الله ..!!
و قد عزّاكم حبيبكم محمد صلى الله عليه و سلم حين قال:
أحبب من شئت فإنك مفارقه، و اعمل ما شئت فإنك مجزي به..
حال الدنيا و سنّتها أن لا تبقى الأمور على وضع واحد أبداً،
فكما تتغير فصول السنة من شتاء إلى صيف إلى ربيع إلى خريف،
فكذلك أحوال الناس و الدول و الأمم (( و تلك الأيام نداولها بين الناس))
وكذلك أحوال القلب و أشواقه،و لذا قيل: دوام الحال من المحال..
عزاؤكم أن أقدار الله قد لطفت بكم، فارتفعتم في الوقت الذي انخفض فيع سواكم،
و تطهرتم في الوقت الذي أوحل فيه غيركم،
لقد هبت عليكم رحمات ربكم، فكنتم بفضل الله مشمّرين خلال ثلاثين جولة
في مضمار السباق الكبير،
و كانت خيولكم تتعب نفسها وهي تنهب الأرض نهبا ، كأنما تريد أن تخرج من جلودها
مخلفة وراءها كثيراً من الخيول العاجزة التي أخذت تلهث منذ الدورة الأولى،
ثم أخذت تسير الهوينا و هي ترى مع هذا التباطئ أنها إلى خير و في خير..!!
و الحق أنها كذلك إن شاء الله لو صدقت نيّاتها، و لكن شتان شتان بين طائر و سائر..!!
عزاؤكم أنكم حصدتم أكبر عدد من الجوائز هذا الشهر، و بجدارة، و في فخر..
و لكن إياكم أن تظنوا بأنكم قد قطعتم الطريق ، فلا زلتم في بداياته،
و لا تزال مدارج السفر طويلة،
و من ثم ينبغي أن تظل عيونكم مفتوحة في حذر، لأن المتربصين بكم على الطريق كثيرون،
و الأبالسة يترصدون القوافل المسافرة نحو الجنة،
كما قال زعيمهم يوم أطلقها أمام الله سبحانه فيما حكي عن القرآن :
(( لأقعدن لهم صراطك المستقيم ))
فهو و كتائبه مبثوثون على طول طريق السائرين إلى الله،
أما المعرضون عن الله : فهم جنوده و إن جعجعوا طويلاً بغير ذلك ..!!
يا عشاق بركات شهر رمضان..!!
اعرفوا قدر ما كنتم فيه، و اعرفوا فضل ما خرجتم به،
و اعرفوا أيضاً عظمة ما قدّمتموه، فلا تفسدوا بعد إصلاح، و لا تنقضوا الإيمان بعد توكيدها..
اعملوا عملكم كي تبقى قلوبكم مشرقة بالأنوار، و ذلك يتطلب منكم أن لا تغفلوا عنها،
و أن تراقبوا أنفسكم باستمرار، و أن تلتقطوا بعقولكم بين الوقت و الوقت
ما كنتم تجدونه من أفراح الروح أثناء شهركم الكريم،
فلعل في هذا الاستحضار العقلي ما يعينكم على عدم النسيان، و على التشمير، و على البقاء في النور..
اجتهدوا أن لا تبتعدوا كثيراً عن أجواء شهر رمضان،
فلا تزال بوابات النوافل مفتوحة على مصراعيها:
من صلوات، و قراءة قرآن، و صيام، و قيام، واعتكاف، و إنفاق, و ذكر كثير و فكر إلى آخر صور الخير المختلفة..
لا تجعلوا قلوبكم تعود إلى جوعها القديم الذي كانت عليه قبل رمضان،
اجعلوها في حالة إقبال دائم، فإنكم بذلك تطوون الدنيا طياً،
فإذا أنتم على بوابات الجنة تقرعونها في شوق، فرحين بما آتاكم الله من فضله.
إذا كثرت أفراح الناس في دنياهم بشهواتهم، فلتكثر أفراحكم لآخراكم
فإن الجنان قد تزيّنت لأهلها، و الحور قد تهيأت لخلانها..
و ليس سوى القليل و تسمعون ملء آذانكم : سلام عليكم، طبتم فادخلوها خالدين..!
غير أن هذا كله لا يجعلكم تستخفّون بالآخرين .. أنتم أكبر من ذلك،
ثم أنكم لا تدرون كيف ستكون الخاتمة..
و أيضا ذلك كله لا يدفعكم إلى عزلة الحياة و جهدها و جهادها و مكابدتها،
فأنتم مأمورون بتعميرها،
و مَن لها غيركم ينشر في رباها النور، و يزرع في آفاقها الخير؟
و يبذر فيها الأمل؟؟!
قولوا لسماء الكونِ : لقد ***** طاولنا النّـجم برفعتنا
و أذان المسلم كان له ***** في الغربِ صدىً من همتنا
و (محمد) كان أمير الركب ***** يقود النصر لأمتنا
بل قولوا لأهل هذا الأرض بملء الفم : صُمّت آذان الدنيا إن لم تسمع لنا ..!!
يا أهل القرآن صيحوا بالناس كل الناس و حيثما كنتم :
يا أهل الدنيا.. يا أهل الدنيا ..هذا هو الطريق..!
على نفسه فليبكِ من ضاع عمره***و ليس له فيها نصيبٌ و لا سهم
ــــــــــــــــــــــــ
بنت زايد الخير