تسجيل الدخول

View Full Version : تمرد الأبناء في الكبر نتيجة خطأ تربيتهم في الصغر


فتى دبي
30-01-2005, 08:06 AM
سيل جارف من الجنون والتمرد اصاب مجتمعنا العربي وخاصة الشباب فكل العوامل التي حولنا تدفعهم الي التمرد علي الواقع، البعض يعبر عن تمرده بقصة الشعر والبعض الآخر يتمرد في صورة بنطلون مرقع، وهناك فتيات يتمردن علي أهلهن بالزواج من شاب غير كفء او بالهروب مع آخر مجنون عابث لا يعرف معني المسؤولية.

وكل ما يهمنا الآن هو المحافظة علي بناتنا من هذا السيل الجارف من التمرد والجنون! فكان هذا الموضوع حيث هي طالبة في الدراسات العليا بكلية الآداب، من اسرة طيبة مستواها الاجتماعي مقبول ولا تعاني من اي تفكك اجتماعي وهي اكبر اخوتها.. كان يعرض عليها خطاب كثيرون ولم يحدث اي قبول او ميل مما سبب للأسرة نوعا من الحزن وتصادف ان ارادت الام طلاء المنزل فاتفقت مع نقاش حاصل علي دبلوم صنايع وعمره 27 سنة ويكبر الفتاة بثلاث سنوات.. وكانت المفاجأة او الصدمة الكبري ان الفتاة اعجبت بالنقاش الشاب وعلي حد قولها شعرت معه بالأمان وبالحماية التي لم تشعر بها من قبل مع احد.. وهكذا اتفق الاثنان وصارحت والديها بأنها تشعر بميل شديد نحوه، وانها تعلقت لدرجة الجنون وكأن وسواساً سيطر عليها كل كيانها النفسي، وكان علي الأهل السيطرة علي انفعالاتهم وذهولهم من موقف الابنة الشابة التي حلموا لها بمستقبل مشرق من زواج متكافيء.

ومن اجل الضغط علي أسرتها للموافقة علي زواجها من النقاش اضطرت الفتاة الي السكون التام والعزلة والانطواء ولجأت الي الاضراب عن الطعام مما اثر علي صحتها وحيويتها ونشاطها.. ولم تجد الاسرة سوي اللجوء الي الطبيب النفسي ليقنع الفتاة المثقفة بالعدول عن رأيها ولكنه للأسف لم يفلح في ذلك.

وعموما، ليست هذه هي الحالة الوحيدة بل هناك الكثير من الوقائع المشابهة التي تتمرد فيها البنت علي اسرتها وتحاول سلوك مسلك غير طبيعي او منطقي وتلجأ الي تصرفات خاطئة ترفضها التقاليد ويرفضها العرف، لمجرد ان تنتقم من والديها او تعبر عن مراهقتها وهي في سبيل ذلك يمكن ان تنتقم حتي من نفسها لايذاء الأسرة وتشويه سمعتها! ويقول د. عادل صادق استاذ الطب النفسي عن هذه الفتاة المتمردة ومثيلاتها الفتاة التي تتمرد علي اسرتها بسفور وتسلك مسلكاً جريئا في تصرفاتها وتكذب علي اهلها وتتستر علي اعمال هي تعلم جيداً انها ضد رغبة الاهل بل ضد كرامة الاسرة وشرفها.. هي فتاة سيكوباتية بمعني انها شخصية ضد اجتماعية لديها ميول انحرافية تبحث عن اللذة الفورية ولا تتعلم من اخطائها وتخرق القوانين وتتحدي القيم الدينية والاجتماعية والاسرية. وهذا يدفعنا الي السؤال: هل تميل الشخصية السيكوباتية الي هذا المسلك لمجرد ان الاسرة اشعرتها بالحرمان العاطفي ولم تروها نفسياً خلال فترة الطفولة؟ والاجابة انه من المؤكد ان هذه الشخصية هي شخصية انحرافية من الاصل وتصرفاتها ليست لها علاقة بمشاكل اجتماعية داخل الاسرة او بأسلوب تربوي معين، فالشخصية السوية، مهما تعرضت لأي ضغوط من الاسرة او حرمان او تجاهل او اهمال، فهي لن تحاول التصرف بهذه الجرأة والانتقام من نفسها او من اسرتها، ولن تتأتي لها الشجاعة ابدا علي عصيان والديها او الكذب عليهما او وضعهما في وضع يسيء الي سمعتهما وكرامتهما! فتمرد الفتاة يعود اولاً الي استعدادها النفسي، وهذا الاستعداد ينمو في مناخ عائلي غير سوي مثل الاهمال في التربية والمتابعة والرقابة وجو ينعدم فيه الحوار والتواصل العائلي او قسوة شديدة من الوالدين.. كل هذه الاوجه من القصور في السلوك التربوي السليم تولد داخل الفتاة روح العدوان والشر والانتقام، وهذه القسوة او هذا الاهمال والتجاهل يجعلها تبرر أي تصرف خاطيء لنفسها وهي اكثر ما تفتقد الصداقة والاحساس بالأمان في حضن الام، او هي ايضا تعاني من عدم التجانس والانسجام والتوافق بين الوالدين. مما يؤثر عليها بالسلب دائما..

الفتاة عندما تتمرد علي القيم المألوفة تنظر الي اي رجل كنوع من المكابرة والعند والانتقام من الاسرة في صورة الخروج عن المألوف حتي اذا اقرت داخلها بخطئها فهي تدمر نفسها والاسرة في صورة التمرد لدرجة ايذاء نفسها واسرتها معاً.. وهي ترغب دائما في لفت النظر حتي لو تصرفت تصرفات شاذة وغريبة.

مؤشرات التمرد والجنوح

وينصح استاذ الطب النفسي الاسرة بأنه اذا ظهرت هذه الأعراض علي سلوك الفتاة من طفولتها فيجب ان تبدأ الاسرة في الشعور بالخوف والحيطة وتبدأ فوراً في تصحيح الوضع التربوي لهذه الفتاة. كذلك يجب ان يحرص الوالدان علي اقامة علاقة متوازنة مع الابناء اساسها التفاهم والحب وضرورة وجود كلمة سواء بينهما بأن يتبعا سياسة موحدة تجاه الابناء فلا يوافق احد الوالدين علي موقف او سلوك لطفلة ويعترضه الطرف الاخر ويعارضه فهذا يخلق الازدواجية في فكر الطفل الصغير.

ويجب ايضا علي الوالدين توفير جو التفاهم بينهما والتقارب ليشب الابناء في مناخ صحي يساعد علي تنمية شخصية اولادهم تنمية سليمة وصحيحة. وللإعلام دور في ذلك حيث تؤكد د. عزة كريم ان معظم ما يحيط بالبنت في المجتمع يدفعها للتمرد ففي دراما التليفزيون تظهر الموضوعات التي تساهم في تغذية سلوك التمرد لدي البنت، كذلك المدرسة ايضا من خلال المدرسين فالبعض منهم يفتقر الي الاسلوب التربوي السليم اثناء تعليم الشباب فهم يضغطون علي الطلبة بالمشاكل والمناهج المكثفة ومطالبتهم بواجبات اكثر من استعدادهم النفسي للتحمل فيزيدون بلا وعي منهم مشاكل الشباب والضغوط النفسية عليهم خاصة في سن المراهقة وهي الشريحة التي يتزايد فيها هروب البنت والزواج العرفي والخروج علي المألوف.

ويجب علي كل اسرة كما تقول د. عزة كريم ان تعلم ان طبيعة فترة المراهقة هي التمرد وهنا اما ان يحد المجتمع والتربية من هذا التمرد، او يمثلا مناخاً جيداً لظهور التمرد.. فالأباء عندهم امية واضحة في تربية اولادهم فهم اميون تربويا.. علي الرغم من تميزهم في مجالهم العلمي فالمجتمعات الخارجية والتي نختلط بها سواء بالسفر او التليفزيون ادخلت علينا اتجاهات جديدة اثرت علينا، فنحن نربي اولادنا بعقدة الخواجة التي ما زالت تتحكم في اسلوب تربيتنا لأولادنا! ليست طريقة تربيتنا كشرقيين ولكنها مستوردة من الخارج لان بعض الاسر تعتبر ذلك نوعاً من الحضارة - حتي ان موعد دخول البنت للبيت من الخارج اصبح متأخراً - وايضا طريقة ارتدائها لملابسها تغيرت هي الاخري فتعودت البنت علي الجرأة فالبنت طالما تعودت ان تكون جريئة خارج الأسرة فلابد ان تكون جريئة داخل الأسرة لأن سلوك الانسان واحد.

من قراءاتي