PDA

View Full Version : حساب العباد يوم الميعاد


فتى دبي
22-10-2005, 12:22 PM
ان الناس ماضون في غوايتهم وشهواتهم لا يتوقفون، رغم انهم في حياتهم يحاسبون، يحاسبون من رؤسائهم في العمل، ومن أقربائهم في محيط العائلة، ومن ساداتهم وكبرائهم.. إلا في ما يخص آخرتهم وربهم.. فأكثرهم ما عادوا يكترثون، رغم أنهم يعلمون علم اليقين أن وراءهم أهوالاً عظاماً وأموراً شداداً، وسفراً بعيداً لا ينجو منه إلا المتقون.

لذا فنحن ندعوهم للوقوف هناك.. وما أدراك ما هناك.. هناك ساحة الحساب.. قال تعالي: يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه، وصاحبته وبنيه لكل أمريء منهم يومئذ شأن يغنيه، وقال تعالي: يوم يعض الظالم علي يديه.

وقال تعالي: يوم لا ينفع مال ولابنون إلا من أتي الله بقلب سليم.

هذا والذي لا شريك له في سلطانه، ولا مناويء له في علو شأنه، العزيز الذي لا يغلب.. رغم ذلك يقبل الله تائباً ويعطي محروماً، ويغيث ملهوفاً، ويطعم مسكينا، ويهلك ظالماً، ويعين عادلاً، ويفقر غنياً، ويغني فقيراً، ويرفع أقواماً ويخفض آخرين.. ما للعباد عليه حق واجب، ان عذبوا بعدله، وان نعموا بفضله وهو الكبير المتعال الودود

الغفور الذي ناداه أحدهم بإخلاص فقال:

أيا من كلما نودي أجابا

ومن بجلاله ينشيء السحابا

وكلم في الدجي موسي بلطف

كلاماً ثم ألهمه الخطابا

ويا من رد يوسف بعد بُعدٍ

وكاد أبوه ينتحب انتحابا

لك الفضل الكبير علي عطاء

مننت به وضاعفت الثوابا


لقد قال الحق سبحانه وتعالي في كتابه العزيز وأنذر الناس يوم يأتيهم العذاب يعني يوم القيامة أو يوم الموت لأنه أول أيام العذاب.

روي الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: يحشر الناس يوم القيامة علي ثلاثة أصناف: صنف مشاة، وصنف ركبان، وصنف مشاة علي وجوههم.. قيل يارسول الله: كيف يمشون علي وجوههم- قال: إن الذي أمشاهم علي أقدامهم قادر أن يمشيهم علي وجوههم، أما إنهم ينسلون علي وجوههم من كل حدب وشوك .

أما المشاة: فهم المذنبون من المؤمنين.

وأما الركبان: فهم المتقون السابقون الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، وأما المشاة علي وجوههم: فهم الكفار المتكبرون والمتمردون.

ان أول محطة من محطات الحساب التي يقف عليها العباد هي محطة الظلم، ذلك الذي حرمه رب العزة علي نفسه..

فعن أبي هريرة فيما يرويه عن ربه تعالي: يا عبادي إني حرمت الظلم علي نفسي وعلي عبادي ألا فلا تظالموا أ.ه.

وعن جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلي الله عليه وسلم اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح، فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم علي أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم .

قال العلماء: ليس شيء من الذنوب أعظم من الظلم، لأن الذنب إذا كان فيما بينك وبين الله تعالي، فإن الله تعالي كريم ان يتجاوز عنك وان كانت الذنوب بينك وبين العباد، فلا حيلة لك سوي ارضاء من ظلمته، فينبغي للظالم أن يتوب من الظلم، ويستحل من المظلوم في الدنيا، فإذا لم يقدرعليه ينبغي أن يستغفر له ويدعو له فإنه يرجي أن يحلله بذلك. إذا مت أيها العبد قبل رد المظالم أحاط بك الخصماء، فهذا يجذب يدك، وهذا يقبض علي ناصيتك، وهذا يتعلق برقبتك، وهذا يقول ظلمتني، وهذا يقول شتمتني، وهذا يقول استهزأت بي، وهذا يقول ذكرتني بالغيبة بما يسوءني، وهذا يقول جاورتني فأسأت جواري، وهذا يقول عاملتني فغششتني، وهذا يقول بايعتني وأخفيت عني عيب متاعك، وهذا يقول: وجدتني مظلوماً، وكنت قادراً علي رفع الظلم فراهنت الظالم وما راعيتني.. فبينما أنت كذلك وقد أنشب الخصماء فيك مخالبهم، وأنت مبهوت متحير من كثرتهم، وقد ضعفت عن

مقاومتهم، ومددت عنق الرجاء الي سيدك ومولاك لعله يخلصك من أيديهم إذ قرع سمعك نداء الجبار اليوم تجزي كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم.

فعند ذلك ينخلع قلبك من الهيبة، وتوقن نفسك بالبوار، وتتذكر ما أنذرك الله به علي لسان رسوله صلي الله عليه وسلم حيث قال في كتابه العزيز ولا تحسبن الله غافلاً عما يعمل الظالمون، إنما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الأبصار.

مهطعين مقنعي رؤوسهم لا يرتد اليهم طرفهم وأفئدتهم هواء.

فما أشد فرحك اليوم بظلمك في دنياك، وتناولك أعراض وأموال الناس، واستخفافك بالضعفاء.. وما أشد حسرتك يوم القيامة عندما تقف علي بساط العدل، وتسمع رصيد سيئاتك وأنت مفلس فقير، عاجز مهين، لا تقدر علي أن ترد حقاً، أو تظهر عذراً، فعند ذلك تؤخذ حسناتك التي انفقت فيها عمرك، وتنقل الي خصومك عوضاً عن حقوقهم. فانظر الي مصيبتك في مثل هذا اليوم.. يوم الميعاد.. إذ ليس لك حسنة، قد سلمت من آفات الرياء، ومكايد الشيطان، فإن سلمت حسنة في مدة طويلة ابتدرها خصماؤك وأخذوها ويقال: لو ان رجلاً له ثواب سبعين نبياً وله خصم بنصف تمرة لم يدخل الجنة حتي يرضي خصمه.

فاتق الله عبدالله واستعد ليوم الحساب يوم التلاق.