PDA

View Full Version : حرية الرأي ضالة المؤمن


AhMaD_1
01-03-2008, 11:02 AM
حرية الرأي ضالة المؤمن
د. عبدالله مرعي بن محفوظ

الإسلام شجع المسلمين على إبداء آرائهم والإعلان عنها ولم يختص بهذه المهمة فئة من العلماء دون عوام الناس، والإسلام يربي الأمة على حرية الرأي لكل فرد من أفرادها صغيراً كان أم كبيراً رئيساً أم مرؤوساً ذكراً أم أنثى انطلاقاً من مبدأ المسؤولية، فما دام كل فرد من أفراد المسلمين مسؤولاً عن إصلاح غيره بأن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر، فلا بد إذن من أن يعطى الجميع الحرية التامة لإبداء آرائهم وإلا بطلت المسؤولية والتكليف، فللجميع الحرية المطلقة في إبداء الرأي دون تضييق أو تقييد، لأن هذه الحرية مِنحة وهبة ليس من حق أحد سلبها من غيره.
من حق الإنسان أن يفكر فيما يكتنفه من شؤون وما يقع تحت إدراكه من ظواهر وأن يأخذ بما يهديه إليه فكره ما لا يعد خروجاً على أحكام الشرع والقيم والتقاليد السائدة في المجتمع وإسداء النصح في كل ما يحقق النفع العام.
لذلك فإن حرية الرأي في الأمور الدينية تتمثل بشكل واضح في حق المسلم في الاجتهاد المشروع، فقد حث الإسلام على الاجتهاد بإعمال الفكر واستنفاد الوسع والطاقة لمن كان قادرا وله أهلية النظر والبحث للوصول إلى الحكم الشرعي المنصوص عليه في القرآن أو السنة، والإسلام أجاز للعقل المتأهل النظر والبحث واستنباط الأحكام غير المنصوص عليها قياساً على ما جاءت به نصوص القرآن والسنة، أو بناء على ما يراه في الحكم من مصلحة جاءت الشريعة لتحقيقها أو مفسدة جاءت لمنعها أو تطبيقاً للقواعد الشرعية العامة، ودلالة على ذلك أذن رسولنا الكريم محمد بن عبد الله لعلماء الصحابة بالاجتهاد، بل شجعهم على ذلك بقوله: (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجر واحد)، وفي سبيل ذلك أجاز الإسلام للمؤمن أن يسير فيما يهديه إليه الدليل القطعي ولو خالف كثرة من الناس، فالعبرة باقتناعه ما دام على أساس علمي منطقي مستقيم من غير شطط ، ولقد أمر الله رسوله أن يستشير المؤمنين في الأمر وأن يستمع إلى كل رأي ثم يتبع الرشاد في كل وجهة، وهذا دليل على كفالة حرية الرأي في المجتمع المسلم، وكل فرد له الحق في أن يختار من أنواع الثقافة ما يريد وأن يفكر في جوانب العلم كما يشاء، وليس الإسلام الذي يحجر على البحث والفكر، ففي ظلال الإسلام ازدهر البحث ونما العلم واهتدى العلماء المسلمون إلى نتائج باهرة انتفع بها العالم، كما جاء في حديث رسول الله محمد (الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها).
ونتاج ذلك المذاهب الفقهية الفردية والجماعية، أما المذاهب الفردية فقد تمثلت في فتاوى بعض التابعين وأتباعهم ممن لم يتح لهم نشر آرائهم بين الناس لسبب أو لآخر، أما المذاهب الجماعية فقد تمثلت فيمن نقلت آراؤهم من العلماء المجتهدين وآراء أصحابهم في مجموعة واحدة بحيث تشكلت منها مدارس فقهية لها مناهج علمية للبحث الاجتهـادي ولها أتباع كثيرون كالمذاهب الأربعة المشهورة، كذلك أجاز الإسلام حرية الرأي في الأمور الدنيوية مثل الأمور العامة والاجتماعية فقد كان عمر بن الخطاب يعيب على الرعية إذا لم يباشرُ بهذه الحرية، فقد قال رجل لعمر اتق الله يا عمر، فأنكر عليه ذلك بعض ألصحابة، فقال عمر قولته المشهورة: (دعه فليقلها لا خير فيكم إن لم تقولوها ولا خير فينا إن لم نسمعها) وكلمة أتق الله تشمل النصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا كله يقتضي حرية الرأي.
ومع ذلك أوجب الإسلام قيود على حرية الرأي، مثل النهي عن العبث بمقومات المجتمع، فقد أوجب القرآن الكريم رد الخلاف الواقع بين المسلمين إلى حكم الله وقضاء رسوله وسنته وشريعته، قال تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً) . فرد الخلاف إلى الله ورسوله هو رده إلى كتاب الله وسنة رسوله. وإدلاء المسلم بأي رأي يؤدي إلى فساد في المجتمع محظور، واجب على ولي الأمر أن يتصدى له لضمان كف الناس عن مثل ذلك لأنه سعي لإفساد الأمر بعد صلاحه، كذلك تحريم العبث بالأعراض، يعد حفظ عرض المسلم من الضروريات التي سعى الإسلام لكفالتها للناس لحفظ أعراضهم من أن تنتهك بالقول (القذف) أو بالفعل (الزنا)، يقول سبحانه وتعالى: (إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون) ولصيانة أعراض الناس فقد حرم الإسلام إيذاء المسلم أخاه المسلم بدعائه بالاسم الذي يكرهه أو الظن بسوء أو التجسس عليه أو غيبته أو المشي بالنميمة بين المسلمين.
ختاماً إن المجتمع السعودي لا يرغب في أن يكون مجتمعا يجبر عليه الرأي، بل يطمح أن يكون مجتمعا يقوم على رعاية مبادئ يؤمن بها كل فرد عن اقتناع واختيار وعن حماس وإخلاص، وكل ما يمكن أن يشجر فيه الخلاف في ذلك المجتمع من صور التطبيق أو الاجتهاد في النظر، سوف يتسع الأمر فيه بالشورى وتتفتح فيه الحقيقة بعد الفهم والاقتناع دون الجنوح إلى الاستبداد أو الكبت الذي لا خير فيه للفرد أو المجتمع.

* نقلاً عن صحيفة "الاقتصادية" السعودية.

LS 460 L
01-03-2008, 06:33 PM
الكلام عن حرية الرأي لا ينتهي ... فالغرب يتكلمون بكل وقاحه و يقولون ... حرية رأي !!!


و العرب لا يتكلمون ... و يقولون حريه ؟؟؟
جزاك الله خير ...


شكرا ...