سيف التوحيد
13-01-2000, 03:54 AM
إنها رحلة عبر الحياة ..
رحلة بمقياس العمر كله .. بدأت .. ولا ندري متى سنتهي ..
ولكن النهاية .. لن تكون شيئاً عادياً .. إلا لنفر يسير ..
مشاهد ستمر بكل واحد منا .. ولن تتكرر ..
حين يتقين كل واحد منا .. دنو الفراق ..
ما أقساها من حقيقة تواجه كل حي .. فلا يملك لها رداً .. يواجهها الجميع
صغاراً وكباراً أغنياء وفقراء .. أقوياء وضعفاء ..
الجميع يموت !
( كل نفس ذائقة الموت ) .. الكل يشترك في خوض هذه الحقيقة ..
لكن مصير كل يختلف .. ( فريق في الجنة وفريق في السعير ) ..
ليس ثمة سفر أطول من هذا .. ولا زاد سوى تقوى الله عز وجل .. ( فإن خير الزاد التقوى ) ..
سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. كعباً فقال : أخبرني عن الموت ؟؟ فقال له : هو مثل شجرة كثيرة الشوك في جوف ابن آدم .. ليس منه عرق ولا مفصل .. وهو كرجل شديد الذراعين فهو يعالجها لينتزعها !!
خطب فظيع .. وهو شنيع .. لكنه الحق !
أتى ملك الموت أحد الصالحين في سمت رجل فقال له : من أنت ؟؟
قال : من لا يهاب الملوك .. ولا تمنع منه القصور .. ولا يقبل الرشا ..
قال : إذن .. أنت ملك الموت ؟؟
قال نعم .. قال : لم أستعد بعد .. فقال له : مات قريبك فلان .. وجارك فلان .. ؟
أما كان لك في هؤلاء عبرة لتستعد .. !
وحين حضرت الوفاة سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم .. قال : لا إله إلا الله .. إن للموت سكرات !
فلما رأته بضعته الطاهرة ما به من الكرب الشديد الذي يتغشاه .. قالت : واكرب أبتاه .. فقال : ليس على أبيك كرب بعد اليوم .. رواه البخاري .
وحين حضرت الوفاة .. الفاورق رضي الله عنه .. التفت إلى ابنه وقال : ضع خدي على الأرض يا بني .. فلم يعبأ بما قال .. وظن أن ذلك بغير وعي منه .. فعادها عليه ثلاثاً .. قال : فعرفت أنه مجتمع العقل .. ولم يمنعه سوى ما به .. قال : فوضعت خده إلى الأرض حتى نظرت إلى أطراف شعر لحيته خارجة من بين أضغاث التراب .. وبكى حتى نظرت إلى الطين قد لصق بعينيه .. وسمعته يقول وهو ينحب : ويل عمر .. ويل أمه .. إن لم يتجاوز الله عنه .
ومع هول هذا الكرب .. فإن راحة للمؤمن الصادق من شدائد الدنيا .. وضيقها وكربها .. وما فيها من الكذب والبتهان والزيف والحقد ..
ولذا قال صفوان بن سليم من سادات التابعين : في الموت راحة للمؤمن من شدائد الدنيا .. وإن كان ذا غصص وكرب .. ثم ذرفت عيناه ..
وبكى سفيان الثوري ليلة إلى الصباح .. فلما أصبح قيل له : أكل هذا خوفاً من الذنوب ؟؟ فأخذ من الأرض حفنة من تراب وقال : الذنوب أهون من هذه .. وإنما أبكي خوفاً من سوء الخاتمة ..
ما أعظم القدوم على الكريم سبحانه ..
ولما سأل ابو حازم .. كيف القدوم على الله ... قال : أما المطيع فكالغائب يقدم على أهله المشتاقين إليه ..
وأما العاصي .. فكالآبق على سيده وقد غضب منه !!!
رحم الله أولئك الصالحين .. الذين عرفوا الحقيقة فسعوا .. إلى إصلاح شأنهم .. والاشتغال بعيوبهم .. عن الناس ..
ورحمنا الله بعفوه على تقصيرنا .. وذنوبنا التي نبارز الله بها .. وجهلنا بعظيم حقه علينا ..
هذا محمد بن المنكدر .. يبكي بكاء مراً حين حضرته الوفاة .. ويقول : اللهم إنك أمرتني ونهيتني فعصيت .. فإن غفرت فقد مننت .. وإن عاقبت فما ظلمت .. !
كم نحن مساكين ..
حين نغفل .. عن تلك الحقائق الصارخة .. فليس بعد هذه الدار .. سوى جنة أو نار ..
فإلى أي طريق نحن ذاهبون .. آه من تسوفينا .. ورقدتنا .. التي توشك أن تردينا .. من حيث لا نشعر ..
وهذه أم هارون رحمها الله سألها أبو سليمان الدارني .. أتحبين أن تموتي ؟؟
فقالت : لا .. قال لها .. ولم ؟ فقالت : لو عصيت مخلوقاً لكرهت لقاءه .. فكيف بالخالق .. !!
ولما حضر بعض الصالحين النزع .. رؤي من جزعه الشيء العجيب .. فقيل له في ذلك .. وذكروه بحاله الصالحة .. فقال : وما لي لا أجزع !!
والله لو أتتني المغفرة من الله عز وجل .. لأهمني الحياء منه فيما أفضيت به إليه .. !!
كم نحن مساكين .. حين نسير خلف الآمال الطوال .. ووراء سراب التسويف ..
حين حضرت عبدالملك بن مروان الوفاة .. قال : وددت أني عبد لرجل من تهامة أرعى غنيمات في جبالها ..
ولما جاء الموت المأمون .. أمر بجل دابته فاضطجع عليه !! ووضع الرماد على رأسه وجعل يقول : يا من لا يزول ملكه .. ارحم اليوم من قد زال ملكه ..
ما أحوجنا للفرار ..
نعم الفرار إلى الله تعالى .. إلى الرحمن الرحيم .. عبر هذه الرحلة التي هي والله كلمح البصر ..
كم مضى .. وكم بقي ..
تلك هي الدنيا .. تمر كالسحاب .. لا يلبث سوى أن ينقضي ..
وإني اهتبلها فرصة ...
راجياً .. من كل أحد أن يسامحني على ما بدر مني في حقه .. مهما كان ..
وأن يعفوا عن إساءتي في حقه .. أو خطئي عليه ..
وله مني أجزل الدعاء .. وأوفاه ..
اللهم .. هو علينا سكرات الموت ..
وثبتنا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة ..
واغفر لنا زلاتنا .. فهي مهما عظمت وكثرت .. فإن رحمتك أعظم وأوسع .. يا من سبقت رحمته غضبه ..
ووسعت رحمته كل شيء ..
آمين ..
سيف التوحيد
------------------
ليت شعري
أي طير
يسمع الأحزان تبكي .. بين أعماق القلوب
ثم لا يهتف في الفجر .. برنات النحيب
بخشوع واكتئاب !!!
لست أدري
أي أمر
أخرس العصفور عني .. أترى مات الشعور
في جميع الكون حتى .. في حشاشات الطيور
أم بكى خلف السحاب !!
رحلة بمقياس العمر كله .. بدأت .. ولا ندري متى سنتهي ..
ولكن النهاية .. لن تكون شيئاً عادياً .. إلا لنفر يسير ..
مشاهد ستمر بكل واحد منا .. ولن تتكرر ..
حين يتقين كل واحد منا .. دنو الفراق ..
ما أقساها من حقيقة تواجه كل حي .. فلا يملك لها رداً .. يواجهها الجميع
صغاراً وكباراً أغنياء وفقراء .. أقوياء وضعفاء ..
الجميع يموت !
( كل نفس ذائقة الموت ) .. الكل يشترك في خوض هذه الحقيقة ..
لكن مصير كل يختلف .. ( فريق في الجنة وفريق في السعير ) ..
ليس ثمة سفر أطول من هذا .. ولا زاد سوى تقوى الله عز وجل .. ( فإن خير الزاد التقوى ) ..
سأل عمر بن الخطاب رضي الله عنه .. كعباً فقال : أخبرني عن الموت ؟؟ فقال له : هو مثل شجرة كثيرة الشوك في جوف ابن آدم .. ليس منه عرق ولا مفصل .. وهو كرجل شديد الذراعين فهو يعالجها لينتزعها !!
خطب فظيع .. وهو شنيع .. لكنه الحق !
أتى ملك الموت أحد الصالحين في سمت رجل فقال له : من أنت ؟؟
قال : من لا يهاب الملوك .. ولا تمنع منه القصور .. ولا يقبل الرشا ..
قال : إذن .. أنت ملك الموت ؟؟
قال نعم .. قال : لم أستعد بعد .. فقال له : مات قريبك فلان .. وجارك فلان .. ؟
أما كان لك في هؤلاء عبرة لتستعد .. !
وحين حضرت الوفاة سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم .. قال : لا إله إلا الله .. إن للموت سكرات !
فلما رأته بضعته الطاهرة ما به من الكرب الشديد الذي يتغشاه .. قالت : واكرب أبتاه .. فقال : ليس على أبيك كرب بعد اليوم .. رواه البخاري .
وحين حضرت الوفاة .. الفاورق رضي الله عنه .. التفت إلى ابنه وقال : ضع خدي على الأرض يا بني .. فلم يعبأ بما قال .. وظن أن ذلك بغير وعي منه .. فعادها عليه ثلاثاً .. قال : فعرفت أنه مجتمع العقل .. ولم يمنعه سوى ما به .. قال : فوضعت خده إلى الأرض حتى نظرت إلى أطراف شعر لحيته خارجة من بين أضغاث التراب .. وبكى حتى نظرت إلى الطين قد لصق بعينيه .. وسمعته يقول وهو ينحب : ويل عمر .. ويل أمه .. إن لم يتجاوز الله عنه .
ومع هول هذا الكرب .. فإن راحة للمؤمن الصادق من شدائد الدنيا .. وضيقها وكربها .. وما فيها من الكذب والبتهان والزيف والحقد ..
ولذا قال صفوان بن سليم من سادات التابعين : في الموت راحة للمؤمن من شدائد الدنيا .. وإن كان ذا غصص وكرب .. ثم ذرفت عيناه ..
وبكى سفيان الثوري ليلة إلى الصباح .. فلما أصبح قيل له : أكل هذا خوفاً من الذنوب ؟؟ فأخذ من الأرض حفنة من تراب وقال : الذنوب أهون من هذه .. وإنما أبكي خوفاً من سوء الخاتمة ..
ما أعظم القدوم على الكريم سبحانه ..
ولما سأل ابو حازم .. كيف القدوم على الله ... قال : أما المطيع فكالغائب يقدم على أهله المشتاقين إليه ..
وأما العاصي .. فكالآبق على سيده وقد غضب منه !!!
رحم الله أولئك الصالحين .. الذين عرفوا الحقيقة فسعوا .. إلى إصلاح شأنهم .. والاشتغال بعيوبهم .. عن الناس ..
ورحمنا الله بعفوه على تقصيرنا .. وذنوبنا التي نبارز الله بها .. وجهلنا بعظيم حقه علينا ..
هذا محمد بن المنكدر .. يبكي بكاء مراً حين حضرته الوفاة .. ويقول : اللهم إنك أمرتني ونهيتني فعصيت .. فإن غفرت فقد مننت .. وإن عاقبت فما ظلمت .. !
كم نحن مساكين ..
حين نغفل .. عن تلك الحقائق الصارخة .. فليس بعد هذه الدار .. سوى جنة أو نار ..
فإلى أي طريق نحن ذاهبون .. آه من تسوفينا .. ورقدتنا .. التي توشك أن تردينا .. من حيث لا نشعر ..
وهذه أم هارون رحمها الله سألها أبو سليمان الدارني .. أتحبين أن تموتي ؟؟
فقالت : لا .. قال لها .. ولم ؟ فقالت : لو عصيت مخلوقاً لكرهت لقاءه .. فكيف بالخالق .. !!
ولما حضر بعض الصالحين النزع .. رؤي من جزعه الشيء العجيب .. فقيل له في ذلك .. وذكروه بحاله الصالحة .. فقال : وما لي لا أجزع !!
والله لو أتتني المغفرة من الله عز وجل .. لأهمني الحياء منه فيما أفضيت به إليه .. !!
كم نحن مساكين .. حين نسير خلف الآمال الطوال .. ووراء سراب التسويف ..
حين حضرت عبدالملك بن مروان الوفاة .. قال : وددت أني عبد لرجل من تهامة أرعى غنيمات في جبالها ..
ولما جاء الموت المأمون .. أمر بجل دابته فاضطجع عليه !! ووضع الرماد على رأسه وجعل يقول : يا من لا يزول ملكه .. ارحم اليوم من قد زال ملكه ..
ما أحوجنا للفرار ..
نعم الفرار إلى الله تعالى .. إلى الرحمن الرحيم .. عبر هذه الرحلة التي هي والله كلمح البصر ..
كم مضى .. وكم بقي ..
تلك هي الدنيا .. تمر كالسحاب .. لا يلبث سوى أن ينقضي ..
وإني اهتبلها فرصة ...
راجياً .. من كل أحد أن يسامحني على ما بدر مني في حقه .. مهما كان ..
وأن يعفوا عن إساءتي في حقه .. أو خطئي عليه ..
وله مني أجزل الدعاء .. وأوفاه ..
اللهم .. هو علينا سكرات الموت ..
وثبتنا بالقول الثابت في الدنيا والآخرة ..
واغفر لنا زلاتنا .. فهي مهما عظمت وكثرت .. فإن رحمتك أعظم وأوسع .. يا من سبقت رحمته غضبه ..
ووسعت رحمته كل شيء ..
آمين ..
سيف التوحيد
------------------
ليت شعري
أي طير
يسمع الأحزان تبكي .. بين أعماق القلوب
ثم لا يهتف في الفجر .. برنات النحيب
بخشوع واكتئاب !!!
لست أدري
أي أمر
أخرس العصفور عني .. أترى مات الشعور
في جميع الكون حتى .. في حشاشات الطيور
أم بكى خلف السحاب !!