PDA

View Full Version : دمعـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة ........


زمردة
13-01-2000, 10:19 AM
أيام العشر الأواخر من رمضان بدأت تنقضي ... والعيد قاب قوسين أو أدنى .
لا أعرف أين سنذهب وأنا أنتظر صديق الطفولة .. ولكن كالعادة الجزء الأكبر
من وقتنا ليلا نقضيه في جولات بين الأسواق والتجمعات والشوارع ...
وحين استقريت على مقعد السيارة بجوار عبدالرحمن سألني ..
هل جهزت ثوبا جديدا ؟! .. لقد أقبل العيد !!
قلت له ... لا !! قال : ما رأيك نذهب للخياط الآن ..
وأنا أهز رأسي متعجبا سألته ... بقي ثلاثة أيام أو أربعة على العيد .. أين نجد الخياط
الذي يسابق العيد ويختصر الأيام ؟!
لم يعجبه حديثي واستغرابي ..
سابق الزمن بسيارته حتى توقفتْ أمام الخياط بصوت قوي يوحي بالعجلة والتسرع !!
فاجأني صاحبي بالسلام الحار على الخياط فهو يعرفه منذ زمن وقال له :
نريد أن نفرح بالعيد .. ونلبس الجديد !!
ضحك الرجل وأجاب وهو يربت على كتفه !! كم بقي على العيد ..
لماذا لم تأت مبكرا ؟!
أجاب عبدالرحمن وهو يهز يده بحركة لها معنى .. سنزيد لك في الأجرة .. المهم أن ينتهي بعد غدا !!
وأعاد الموعد مرة أخرى .. بعد غد .. !!
وأنا أراقب المفاوضات الشاقة إذا بصاحبي يدفع جزءا من الثمن وهو يردد .. ويؤكد .. بعد غد ..
لا تنس الموعد ..

حتى قبيل الفجر.. ونحن لاهون .. ساهون .. غافلون مضت الليلة كاملة لم نذكر الله – عز وجل –
فيها ولا مرة واحدة .. ربما أنها ليلة القدر ..
حياة لاطعم فيها .. وسعادة لا مذاق لها ..
ولجنا من المعاصي كل باب .. وهتكنا منها كل حجاب .. وحسبنا الأمر دون حساب .. إظهار للسرور
والسعادة وضحكات تملأ المكان .. ولكن في القلب هم وغم .. والنفس تحلق بها حسرات ويحيط بها نكد .

افترقنا قبيل الفجر .. يجمعنا الليل والسهر والعبث .. نلتقي على المعاصي وتجمعنا الذنوب ..
نوم طويل .. يمتد من الفجر حتى العصر .. صيام بلا صلاة .. وصلاة بلا قلب .
ساعة الصيام التي أستيقظ فيها قبل المغرب كأنها أيام .. أقطعها بالمكالمات الهاتفية العابثة ..
وبقراءة الصحف والمجلات ..
وأنا أنتظر موعد آذان المغرب حادثني بالهاتف أحد الأصدقاء .. وصوته متغير وقال .. أما علمت
أن عبدالرحمن مريض ..
قلت .. لا .. مساء البارحة كان بصحة جيدة وعافية .
قال .. إنه مريض .
انتهت المكالمة .. الأمر لا يعني لي شيئا .. سوى معلومة غير صحيحة .. والمؤذن يرفع أذان العشاء ..
فإذا بالهاتف يناديني .. إنه الشقيق الأكبر لعبدالرحمن ..
قلت في نفسي .. ماذا يريد ؟!
هل سيؤنبني على ما أفعله أنا وعبدالرحمن ؟!
أو أن أحدا أخبره بزلة من زلاتنا أو سقطة من سقطاتنا ..
ولكن أتى صوته منهكا مجهدا .. وعبارته تقطع الحديث ..
وأخبرني بالخبر .. مات عبد الرحمن .
بهت .. ولم أصدق .. لا أزال أراه أمامي .. وصوته يرن في أذني .. كيف مات ؟ !
وهو عائد إلى المنزل ارتطم بسيارة أخرى ثم حمل إلى المستشفى .. ولكنه فارق الحياة ظهر هذا اليوم .
أذني لا تصدق ما تسمع .. لا أزال أراه أمامي .. نعم أمامي بل اليوم موعدنا لنذهب إلى السوق الفلاني .. بل
وغدا ثياب العيد .
ولكنه أيقظني من غفوتي وهز جوانحي وأزال غشاوة على عيني عندما قال .. سنصلي عليه الظهر غدا ..
أخبر زملاءك !! ... انتهى الحديث ..
تأكدت أن الأمر جد لا هزل فيه وأن أيام عبدالرحمن انقضت .. آمنت بأن الأمر حق وأن الموت حق ..
وأن غدا هناك في المقبرة لا عند الخياط !!
لقد ألبس الكفن وترك ثوب العيد .. تسمرت في مكاني وأصبت بتشتت في ذهني وبدوار في رأسي ..
قررت أن أذهب إلى منزل عبدالرحمن لأستطلع الأمر .. وأستوضح الفاجعة ..

وعندما ركبت سيارتي فإذا بشريط غناء في جهاز التسجيل .. أخرجته .. فانبعث صوت إمام الحرم
من المذياع يعطر المكان بخشوعه وحلاوته .
أنصت بكل جوارحي وأرهفت سمعي كأن الدنيا انقلبت والقيامة قامت .. والناس تغيرت ..
أوقفت سيارتي جانبا أستمع .. وأستمع .. وكأني أول مرة أسمع القرآن .. وعندما بدأ دعاء القنوت
كانت دمعتي أسرع من صوت الإمام .. رفعت يدي تستقبل تلك الدموع وقلبي يردد صدى تلك العبرات
.. وبارقة أمل خلف تلك الدموع ..
أعلنت توبة صادقة .. بدأتها بصحبة طيبة ورفقة صالحة .. من كرهتهم هم أحب الناس إلي ..
من تطاولت عليهم هم أرفع الناس في عيني ..
من استهزأت بهم هم أكرم الناس عندي ..
كنت على شفا جرف هار .. ولكن الله رحمني .

بعد فترة من الزمن هدأت نفسي .. أطلّت سعادة لا أعرفها .. انشراح في القلب وعلى عيني سكينة ووقار..
فاجأت الخياط وسألته عن ثوبي .. سأل عن عبدالرحمن .. قلت له مات .. أعاد الاسم مرة أخرى ..
قلت له .. مات .. بدأ يصف لي الرجل وسيارته وحديثه .. قلت نعم هو .. لقد مات .
وعندما أراني ثوبه بدأت أسترجع الذاكرة .. هل حقا مات ؟!
ثوبي بجوار ثوبه .. ومقعدي في السيارة بجوار مقعده .. ولكن بقي لي أجل وعمر .. لعلي أستدرك ما فات .
حمدت الله على التوبة والرجوع والأوبة ولكن .. بقي أخ لي هناك ..
لا يزال على عينيه غشاوة ويعلو قلبه ران المعصية ..
هل أتركه ؟! .. شمرت عن ساعدي .. لن أتركه ..
أمامه نار وعذاب .. وأهوال وصعاب ..
لن أتركه .. وقد هداني الله ..
هنا كتاب .. وهناك شريط ..
وبيني وبينه نصيحة صادقة ..

الزمن القادم / عبدالملك القاسم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


دمــعــة تــائــب

للشيخ إبـراهيم بن عبدالله الدويّـش

للاستماع إلى هذه المادة الصوتية المتميزة اضغط على هذا الرابط :


http://www.islamway.com/arabic/images/lessons/duwaish/ta2ib.htm

جيون
13-01-2000, 04:06 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتهد

جزى الله خير من نقل هذا ونشرة بيننا ...

صباح الخير غاليتي زمردة ..

كيف اصبحتي ؟ وكيف حالك ؟



------------------
من لي بإنسان إذا أغضبته *** وجهلت كان الحلم رد جوابه

=
14-01-2000, 01:58 AM
السلام عليكم ...

زمردة ..

فعلا احزنتني هذه الواقعه .. http://www.swalif.net/swalif1/ubb/frown.gif

الثمن كان غالي جدا ... ربي الثبتنا دنيا و اخره

من طبعي ان اقارن بين رمضان الحالي و الي راح ..

و احمد ربي ان رمضان هذه السنه .. احسن من العااااام بكثير .

صدى الحق
14-01-2000, 02:17 AM
جزاكِ الله خيراً وبارك الله فيكِ وفيما تنقلينه لنا من خير .

ذكرتيني هنا بحادثة تعرض لها أخوةٌ لي في الله وهم في طريق العودة من بيت الله العتيق بعد أدائهم للعمرة ، فلقد كانوا هناك 3 رجع إثنان وبقي واحد .

فتذكرت حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :-

عن عبد الله بن أبي بكر قال سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله .

فالعمل هو الذي يبقى معنا في ما تبقى لنا من طريق إلى الدار الآخرة ، أسئل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يعمر آخرته بدنياه إن شاء الله تعالى .

صدى الحق

زمردة
15-01-2000, 01:53 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

جيون ..

آمين .. وجزاك كذلك أختي العزيزة ..

صباحي ومسائي بخير بفضل الله ومنته .. أسأله أن يجعلني أستحق نعمه وأن يجعلها منه وتكرماً منه لا استراج ..

وجزاك الله خيراً على حضورك وتواصلك ..

زمردة
15-01-2000, 01:59 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

= ..

(( ... ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما )) .

أسأل أن يكون رمضان هذا كفر جميع سيئاتك وحظيت برضا الرحمن وعتقه من النيران ..

وأكيد أن الموت شيء مؤثر وهو أكبر عظة وعبرة لمن يعتبر .. نسأل الله أن ينجينا من الغفلة ..

وأنا في العمرة في المسجد الحرام استغربت لكثرة الصلاة على الأموات .. ففي كل فريضة أو صلاة التراويح أو القيام تقام الصلاة على اثنان أثلاثة من الأموات .. وأشارك في الصلاة عليهم علني أحظى بمن يصلي علي عند موتي .. http://www.swalif.net/swalif1/ubb/frown.gif

نسأل الله أن يحسن خاتمتنا في الأمور كلها ..

سعيدة جداً بردك وحرصك على إيمانك .. أسأل الله أن يزيدك من فضله .. ويقوي إيمانك أكثر وأكثر http://www.swalif.net/swalif1/ubb/smile.gif

زمردة
15-01-2000, 02:03 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

صدى الحق ..

جزاك ربي كل الخير على تواصلك وتشجيعك ..

ونقلي لهذه الموعظة هو أقل القليل من واجبي نحو دعوة ربي .. لإعمار القلوب بذكره والحرص على الطاعات قبل الممات ..

هنيئاً له هذا الذي توفاه الله على الطاعة ..

نسأل الله أن يمكننا من عمل نرتجيه عنده وأن يقبض أرواحنا على العمل الصالح وهو راض عنا ..

وجزاك الله خيراً على الإضافة النافعة .. إن شاء الله ..

أبو عبد العزيز
15-01-2000, 11:11 AM
شكرا أختي زمرده على هذا النقل وعلى نقل هذه القصة بالذات فقد قرأتها من قبل ولكن عندما قرأتها كأني أقراها لأول مره ... جزاك الله خير وثبت خطاكي


وللمعلومه الزمن القادم عدة أجزاء وكل جزء أفضل من الذي بعده وأتمنى من الجميع قرأتها كلها والله يوفقك يا زمرده لطاعته..

------------------
خير الجليس كتاب

زمردة
15-01-2000, 11:18 AM
أبو عبد العزيز ..

لا شكر على واجب ..

لعل نشرنا وتذكيرنا بطاعة الله .. يمحو بعض ذنوبنا الغارقين فيها .. فلا ندعي الصلاح ولكن هذا أقل القليل من واجبنا ..

نسأل الله أن ينفعنا .. بما نقرأ وبما نكتب ..

وتشرفت بحضورك وردك http://www.swalif.net/swalif1/ubb/smile.gif

أبو عبد العزيز
15-01-2000, 11:40 AM
الردود ما أشوفها تعبت والله

أبو عبد العزيز
15-01-2000, 11:44 AM
أذكر إخواني وأخواتي إنما الاعمال بالنيات فمن أحتسب كتابته هنا أو كلامه او حتى نومه لله سوف يؤجر عليه بفضله تعالى.

مع تحياتي لكم جميعا.............
tw0007@hotmail.com

زمردة
15-01-2000, 11:54 AM
جزاك الله خيراً أبو عبد العزيز ..

ولرؤية الردود .. اضغط على Refresh .. إن كان لدين متصفح explorer

أو تحميل إن كان عندك سندباد ..

أبو عبد العزيز
15-01-2000, 12:08 PM
شكرا على التوضيح

------------------
خير الجليس كتاب