PDA

View Full Version : * الـــــرحـــــيـــــل *


صدى الحق
17-07-2000, 06:35 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نقلت لكم من بريدي هذه القصة :-

الرحيل

اقتربت مني مبادرة بإلقاء التحية ، مدت يدها قائلة: تفضلي ، هذا شريط قيم عن بداية العام الجديد، أسأل الله أن ينفعك به .

أخذته وكلي دهشة من موقفها الجذاب الذي ملك قلبي وأسر لساني ، قررت أن أستمع للشريط بمجرد وصولي إلى المنزل ، دارت رحى الأيام وأنا أمني نفسي بسماع ذلك الشريط ، ولكثرة انغماسي في الأمور التافهة غفلت عنه .

أخبرتنا الوالدة أن زفاف إحدى قريباتي في منتصف العام وأن أختي ستضع مولودها الأول في عيد الفطر ، وسوف نسافر لقضاء صيف منعش في الإجازة ، حسبت الفارق الزمني بيني وبين تلك الأحداث التي علمت موعدها فإذا هو بعيد في ورقة التقويم قريب في الذهن والخاطر ، فكل يوم أتخيل فرحتي بتلك الأحداث ، وكيف سأستقبلها، لكنني طنت ساذجة، نعم ساذجة.. إذ أنني في كل يوم كنت أتولى تمزيق ورقة التاريخ الهجري في التقويم بفرح وشغف وغفلة عن أنه من عمري .

استبشرت بقرب الموعد.. وفي لفيفي هواجس وخواطر.. وأفكار تراودني.. ولكن سرعان ما أتلافاها أحاول الانشغال باي شيء ريثما تمر الأيام.. كيف بابنة خالتي التي اقترب موعد زفافها.. إذا كنت أنا أشد شوقاً لذلك اليوم منها.. كنت أتحدث معها.. وكانت تجاذبني أطراف الحديث.. كانت حريصة على وقتها.. كثيراً ما نصحتني بأن أستغل لحظات عمري فيما ينفعني.. حذرتني من ضياع الوقت فيما لا ينفع لكنني لم أهتم بكلامها .

و ذات يوم وصلتني رسالة ومعها كتيبات إسلامية مكتوب في الرسالة: ( من كمال إيمان العبد محاسبته لنفسه في كل حين.. واستغلال وقته فالعمر يمضي والعمل يبقى.. ولا تنشغلي بالدنيا فعمّار دار الآخرة أحرى وأولى ) التوقيع: ناصحة

قرأتها مرة.. مرتين.. محاولة معرفة الكاتبة: لكنني لم أعرفها.. همهمت في نفسي أتكون هي ؟
ربما هي.. كما حثتنا على ذلك... تركت الرسالة جانباً.. لم أبال بها كثيراً.. فأنا مشغولة بالفستان الجديد الذي سأحضر به الزواج.. محتارة في نوعية تسريحة شعري.. أريد أن أحظى بإعجاب الجميع .

مرت الأيام والساعات.. تم زفاف ابنة خالتي على خير وبركة.. وبعد فترة وجيزة من زواحها وصلنا نبأ سار عن ابنة خالتي.. وصديقة عمري.. من شاطرتني همومي.. إنها ستصبح أماً بعد عدة شهور..كدت أطير فرحاً عند سماعي لهذا الخبر.. اتصلت عليها لأهنئها بذلك.. وعدتني إن رزقت ببنية أن تسميها باسمي.. أخذت خالتي تحدثها عما ستفعله مع مولودها الأول وما ستقوم به .

حانت ساعة الوضع.. والخروج.. ولكن يا ترى من الخارج حقيقة أهو المولود أم...

وضعت أبنة خالتي جنينها.. ضغطت بقوة على يد أمها التي كانت بجوارها.. أماه سامحيني.. الآن عرفت حقك أكثر.. أرجوك.. ابني هو ابنك.. أسميه عمر.. وأحسني تربيته.. عوديه على حب الله أشهد ورسوله.. أشهد أن لا إله إلا الله.. و أشهد أن محمداً رسول الله .

أخذت الأم تصرخ:

فاطمة.. فاطمة.. ياطبيبة أدركيني.. مابها؟

الطبيبة: لا حول ولا قوة إلا بالله الحمد لله على قضاء الله وقدره.. اصبري واحتسبي.. لقد فارقت الحياة .

في الصباح تقبل الأهل والأقارب التعازي في فقد عروسهم.. ودعوها بقلوب حزينة.. راضين بقضاء الله وقدره .

أما أنا فعندما وصلني نبأ وفاتها.. سرت رعشة في جسدي خوف رهيب.. أخذت أردد في ذهول.. عرفتها.. إنها هي.. لطالما حدثتني بذلك.. لقد كانت دائماً تنصحني بوجوب الأستعداد للرحيل.. إنها هي كاتبة الرسالة.. نعم هي.. إي والله.. أفقت من غفلتي.. أخذت أبكي بحرقة على من كانت لي الأخت المشفقة الناصحة.. بكيت على من وقفت معي دائماً في جميع أموري.. كانت مقربة إلى نفسي .

وفي أثناء ذلك وقع بصري على الشريط الذي أهدته لي أول السنة.. وكان بعنوان ( كيف نستقبل عاماً جديداً؟ ) يالله.. من يصدق.. عام كامل انقضى والأماني ترودني.. وأنا لم أستمع للشريط.. انشغلت بالتوافه من الأمور. لقد أسرفت على نفسي كثيراً .

قلت في نفسي: كيف تستقبل هي أول أيام الآخرة؟.. ماذا لو كنت انا مكانها وأنا في غفلة ولهو؟.. رحمك الله يا فاطمة.. لطالما رددت على مسامعي: استعدي ليوم الرحيل.. وها أنتِ ذا قد سرتِ في قوافل الراحلين .

جزى الله خيراً من بعثها لي وكل من ساعد على نشرها خيراً الجزاء .

------------------
سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم

زمردة
17-07-2000, 02:53 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

صدى الحق ..

قصتك هذه أشعلت في الحماس للعمل والاستزادة من الخير والحرص على الوقت قبل الرحيل الذي لا أعرف وقته فلعله قريب وأنا لا أدري ..

نفعنا الله وإياك بما نقرأ وما نكتب .. ووفقنا دائماً إلى ما يحبه ويرضاه ..

جزاك الله خيراً .. وجعل ما كتبته في ميزان أعمالك ..



------------------
(( ومن أحسن قولاً ممن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إنني من المسلمين )) .

صدى الحق
30-08-2000, 02:35 PM
آمين

وأسئل الله أن نرى إختنا زمردة كما عهدناها وأفضل مما عهدناها في عطائها الطيب والخالص لوجه الله تعالى .

أخوك
صدى الحق