الطارق
29-06-2001, 01:18 AM
حوار مع المعتمد بن عباد :
سلمت على محاوري ووضعت أوراقي على طاولة كانت تفصل بيني وبينه .
كان مطرق برأسه إلى الأرض وهو يتفكر بما جرى له من الأمر .
وقد دار في ذاكرتي قول الشاعر مادحا محاورنا قوله :
جمالٌ وإجمالٌ وسبق وصولة
****************** كشمس الضحى كالمزن كالبرق كالرعد ( 1 )
وبدأ حاورنا هذا :
الطارق : مرحبا بك في حوارنا هذا ...بداية الأمر أحببنا أن تذكر لنا نبذة مختصرة عن شخصكم الكريم ؟!
المعتمد بن عباد : أشكر لك استضافتي وترحيبك هذا .. ( وأخذ نفسا عميق ثم قال : )
أنا محمد بن عباد بن محمد بن إسماعيل اللخمي ، أبو القاسم ، المعتمد على الله ابن عباد ، صاحب إشبيلية وقرطبة بالأندلس في عصر الطوائف ( 2 )
الطارق : حسنا .. ليس يعنينا من الأمر تاريخ أسرتك وحكمها لأشبيلية .. إلا أننا نختصر هذا أنه برز نجم أسرتك عقب زوال الخلافة الأموية على يد جدك الثاني إسماعيل ابن عباد الذي اعتلى منصب القضاء في أواخر عصر الدولة الأموية وبرز أسمه أكثر بعد انهيار الدولة الأموية وقد ولى ابنه محمد القضاء وقصر هو على رياسة البلد حتى وفاته سنة 414 هـ وكان أول من حكم أشبيلية من أسرتك القاضي محمد إسماعيل ابن عباد الذي أزداد نفوذه منذ سنة 414هـ حتى وفاته سنة 433 هـ وقد أنشأ مملكة كانت هي الأقوى بين ملوك الطواف بالأندلس وورث هذه المملكة والدك عباد بن محمد المعروف بالمعتضد ( 3 )
المعتمد بن عباد : أحسنت .. قد ولدت في عهد جدي محمد بن إسماعيل وذلك سنة 431 هـ في باجة بالأندلس ( 2 )
الطارق : قد ولدت في فترة من الحروب بالأندلس بين ملوك الطوائف وأخص بالذكر والدكم الذي حدثت بينه وبين بني الأفطس ملوك بطليوس وصاحب قرمونة محمد ن عبد الله البرزالي وحروبه مع البربر وسيطرته على حصونهم وثغورهم وغدره بهم بل ومخالفة ابنه إسماعيل عليه وقتله من قبل والدك ( 4 ) ؟!
المعتمد بن عباد : حسنا .. حقيقة حدث هذا من والدي .. إنما أراد والدي أن يسيطر على هذه المناطق والممالك ليقيم دولة قوية بالأندلس ..
الطارق : لكن ألم يكن الأولى لوالدك أن يحارب ملك قشتالة فردلند بدلا من محاربة ملوك الطوائف ، بل على العكس كان يطلب الصلح من الملك القشتالى ويتعهد بدفع الجزية لهذا الحاكم بينما يتفرعن على ملوك الطوائف ؟! ( 5 )
(ولم أجد من المعتمد من رد ممتنعاً عن التعليق .. وخاصة أنه قد ابتلي بهذه السياسة بعد أبيه )
الطارق : وقد سيطر والدك على بأونية وشلطليش التي كانت تحت حكم عبد العزيز البكري والذي تخلى عنها نتيجة ضغط والدك سنة 443 هـ وقد ولاك عليها والدك ، ثم استولى على شلب من ابن المظفر ( 6 )
المعتمد بن عباد : نعم .. وقد انتقلت إليها واتخذتها دار إمارة . وضم والدي
شنت برية إلى إمارتي .
الطارق : قد ملك والدك الكثير من الحصون والمدن كمرسية ومرثلة كما كانت لوالدك حروب مع ملوك غرناطة إلى أن هلك سنة 461 هـ وتوليت الملك ؟!
المعتمد بن عباد : نعم .. وكنت أبلغ من العمر الثلاثين من عمري .. وقد امتلكت في عصري قرطبة سنة 461 هـ وأعدت الاستيلاء على مرسية وضممت بلنسية ( 7 )
الطارق : وقد كان سبب امتلاكك قرطبة استغاثة عبد الملك ابن جهور بك لما حاصره ابن ذي النون حاكم طليطلة فأمديته بجيشك ونصرته على عدوه وداخلت أهالي قرطبة وغدرت به وخلعته واعتقلته بشلطليش إلى أن هلك سنة 472 هـ !؟ ( 8 )
المعتمد بن عباد : لعلك تقصد مقارنة ما حدث لحاكم قرطبة بما حدث لي ؟!
الطارق : نعم .. وكما تدين تدان !!
المعتمد بن عباد : حسنا .... ولكن كان هذا الحاكم ظالما أساء السيرة وكرهه شعبه فحدث له هذا جريرة ظلمه .. ولم أكن يوما ظالما لشعبي فقد كنت حسن السيرة عفيفا بعيد عن القسوة ، شهد لي العلماء بالفضل الشجاعة والعقل والجود والسخاء وكنت عفيف السيف والذيل .. ( 9 )
الطارق : رغم هذا فقد عاديت ملوك الطوائف بالأندلس بينما كنت تدفع ضريبة سنوية لملك قشتالة ؟!
المعتمد بن عباد : نعم .. ولكن أنا من دعا واستنجد بيوسف بن تاشفين ملك المرابطين للأندلس وذلك لمحاربة الأذفونش ( ألفونس السادس ) ملك قشتالة وقلت مقولتي الشهيرة ( رعي الجمال عندي خير من رعي الخنازير ) .
الطارق : لم يحدث هذا إلا بعد أن استولى الأذفونش على طليطلة سنة 478 هـ وبعد أن رد الأذفونش ضريبتك السنوية وأرسل إليك يهددك ويدعوك إلى النزول له عما في يدك من الحصون .. فكتبت إلى يوسف بن تاشفين بعد ذلك ( 2 ) .
كما أن مشايخ الإسلام وفقهاؤه ومطالب الناس قد جعلتك تقبل بالاستعانة بالمرابطين ( 10 )
المعتمد بن عباد : كيف هذا .. لقد قتلت رسول الأذفونش عند تبليغه رسالته لي .. وقبل أن يجتمع علي العلماء .
وبعد اجتماعي بالقاضي عبيد الله بن محمد بن أدهم أمرته ورغم امتناعه بأن يجتمع بيوسف بن تاشفين .. أرسلت ليوسف بن تاشفين أخبره بصورة الحال وأرسلت القاضي للقاء ابن تاشفين بسبتة ( 10 ) بل وحين اجتماعي بالعلماء قلت مقولتي الشهيرة ( رعي الجمال خير من رعي الخنازير ) ( 11 ) .
ويكفيني فخرا ما قدمت في حرب الزلاقة سنة 479 هـ من شجاعة حتى اعترف بهذا جميع المؤرخين ( 12 )
فما بال ابن تاشفين قد غدر بنا ؟!
الطارق : حسنا .. لقد كان لك موقف مشرف في هذه المعركة التي انتصر فيها جيشكم وجيش المرابطين المتحالف على النصارى .. وهذا مما يحسب لك ..
لكن سريعا ما عادت خلافاتكم إلى الظهور مرة أخرى وترددت الفتاوي من بعض الفقهاء العلماء من المشرق مثل أبو حامد الغزالي وأبو بكر الطرطوشي بإنجاد الأندلس من ملوك الطوائف من بينهم أنت ؟! ( 13 )
المعتمد بن عباد : بل غدر بنا يوسف بن تاشفين ، وأول من بدأ به عبد الله بن بلكين حاكم غرناطة واستولى على قصره ، وقد أعجبه حسن بلاد الأندلس وبهجتها ، وقد أطمعه فيها خواصه الذين عظموا بلاد الأندلس في عينيه وحسنوا له أخذها وأغروا قلبه علي بأشياء نقلوها عني فتغير علي وقصدني ، وجهز عساكره بقيادة سير بن أبي بكر الأندلسي لحصاري واعتقالي !!!
الطارق : وقد اعتقلت وأهلك وكان ذلك سنة 484 هـ ، قد قتل لك ولدان هما المأمون والراضي ، وقيدت وحملت عبر السفن ، ثم حملت إلى مراكش
فأمر يوسف بن تاشفين بإرسالك إلى مدينة أغمات ( 14 )
المعتمد بن عباد : نعم .. وقد سجنت في تلك المدينة وأهلي وفعل أمير المسلمين يوسف بن تاشفين أفعال لم يسلكها أحد من قبله فقد سجننا ولم يجري علينا ما يقوم بنا حتى كان بناتي يغزلن للناس بأجرة ينفقونها على أنفسهن ( 15 ).. حتى أن إحداهن غزلت لبيت صاحب الشرطة الذي كان في خدمتي وأنا سلطان على إشبيلية ( 16 ) .
الطارق : وتوفيت في السجن بأغمات وأنت مقيد بساقيك في شوال من سنة 488 هـ
قد نودي في جنازتك بالصلاة على الغريب ، بعد أن كنت عظيم السلطان ( 17 )
المعتمد بن عباد : نعم .. وقد اجتمع عند قبري جماعة من الشعراء الذين كانوا يقصدوني بالمدح أبان حكمي في الأندلس وقد رثوني بقصائد مطولات وأنشدوها عند قبري وبكوني بها ( 17 )
الطارق : الحق يقال أنك تستحق هذه المراثي من هؤلاء الشعراء فقد كنت محط الرحال يقصدك الشعراء والعلماء ، وما أجتمع في باب أحد من الملوك في عصرك ما كان يجتمع في بابك من أعيان الأدباء أبان حكمك .. ( 2 ) ويكيف فخرا تلك المقولة الشهيرة التي قلتها ( رعي الجمال خير من رعي الخنازير ) والتي من النادر أن يؤمن بها أحد من الملوك وأخص بالذكر زماننا هذا .
أشكرك على هذا الحوار ..
المصادر :
( 1 ) وفيات الأعيان : ج5/ص27
( 2 ) الأعلام : ج/ ص181
( 3 ) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة : ص387-389
( 4 ) تاريخ ابن خلدون : ج4 / ص 188
( 5 ) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة : ص389
( 6 ) تاريخ ابن خلدون : ج4 / ص189
( 7 ) الموسوعة العربية الميسرة : ج 2 / ص 1718
( 8 ) تاريخ ابن خلدون : ج4 / ص 191
( 9 ) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة : ص390
( 10 ) وفيات الأعيان : ج5/ ص28
( 11 ) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة : ص392
( 12 ) الكامل في التاريخ : حوادث سنة 479 هـ
( 14 ) وفيات الأعيان : ج5 / ص32
( 13 ) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة : ص422
( 15 ) الكامل في التاريخ : حوادث سنة 484 هـ
( 16 ) وفيات الأعيان : ج5 ص35
( 17 ) وفيات الأعيان : ج5 / ص37
سلمت على محاوري ووضعت أوراقي على طاولة كانت تفصل بيني وبينه .
كان مطرق برأسه إلى الأرض وهو يتفكر بما جرى له من الأمر .
وقد دار في ذاكرتي قول الشاعر مادحا محاورنا قوله :
جمالٌ وإجمالٌ وسبق وصولة
****************** كشمس الضحى كالمزن كالبرق كالرعد ( 1 )
وبدأ حاورنا هذا :
الطارق : مرحبا بك في حوارنا هذا ...بداية الأمر أحببنا أن تذكر لنا نبذة مختصرة عن شخصكم الكريم ؟!
المعتمد بن عباد : أشكر لك استضافتي وترحيبك هذا .. ( وأخذ نفسا عميق ثم قال : )
أنا محمد بن عباد بن محمد بن إسماعيل اللخمي ، أبو القاسم ، المعتمد على الله ابن عباد ، صاحب إشبيلية وقرطبة بالأندلس في عصر الطوائف ( 2 )
الطارق : حسنا .. ليس يعنينا من الأمر تاريخ أسرتك وحكمها لأشبيلية .. إلا أننا نختصر هذا أنه برز نجم أسرتك عقب زوال الخلافة الأموية على يد جدك الثاني إسماعيل ابن عباد الذي اعتلى منصب القضاء في أواخر عصر الدولة الأموية وبرز أسمه أكثر بعد انهيار الدولة الأموية وقد ولى ابنه محمد القضاء وقصر هو على رياسة البلد حتى وفاته سنة 414 هـ وكان أول من حكم أشبيلية من أسرتك القاضي محمد إسماعيل ابن عباد الذي أزداد نفوذه منذ سنة 414هـ حتى وفاته سنة 433 هـ وقد أنشأ مملكة كانت هي الأقوى بين ملوك الطواف بالأندلس وورث هذه المملكة والدك عباد بن محمد المعروف بالمعتضد ( 3 )
المعتمد بن عباد : أحسنت .. قد ولدت في عهد جدي محمد بن إسماعيل وذلك سنة 431 هـ في باجة بالأندلس ( 2 )
الطارق : قد ولدت في فترة من الحروب بالأندلس بين ملوك الطوائف وأخص بالذكر والدكم الذي حدثت بينه وبين بني الأفطس ملوك بطليوس وصاحب قرمونة محمد ن عبد الله البرزالي وحروبه مع البربر وسيطرته على حصونهم وثغورهم وغدره بهم بل ومخالفة ابنه إسماعيل عليه وقتله من قبل والدك ( 4 ) ؟!
المعتمد بن عباد : حسنا .. حقيقة حدث هذا من والدي .. إنما أراد والدي أن يسيطر على هذه المناطق والممالك ليقيم دولة قوية بالأندلس ..
الطارق : لكن ألم يكن الأولى لوالدك أن يحارب ملك قشتالة فردلند بدلا من محاربة ملوك الطوائف ، بل على العكس كان يطلب الصلح من الملك القشتالى ويتعهد بدفع الجزية لهذا الحاكم بينما يتفرعن على ملوك الطوائف ؟! ( 5 )
(ولم أجد من المعتمد من رد ممتنعاً عن التعليق .. وخاصة أنه قد ابتلي بهذه السياسة بعد أبيه )
الطارق : وقد سيطر والدك على بأونية وشلطليش التي كانت تحت حكم عبد العزيز البكري والذي تخلى عنها نتيجة ضغط والدك سنة 443 هـ وقد ولاك عليها والدك ، ثم استولى على شلب من ابن المظفر ( 6 )
المعتمد بن عباد : نعم .. وقد انتقلت إليها واتخذتها دار إمارة . وضم والدي
شنت برية إلى إمارتي .
الطارق : قد ملك والدك الكثير من الحصون والمدن كمرسية ومرثلة كما كانت لوالدك حروب مع ملوك غرناطة إلى أن هلك سنة 461 هـ وتوليت الملك ؟!
المعتمد بن عباد : نعم .. وكنت أبلغ من العمر الثلاثين من عمري .. وقد امتلكت في عصري قرطبة سنة 461 هـ وأعدت الاستيلاء على مرسية وضممت بلنسية ( 7 )
الطارق : وقد كان سبب امتلاكك قرطبة استغاثة عبد الملك ابن جهور بك لما حاصره ابن ذي النون حاكم طليطلة فأمديته بجيشك ونصرته على عدوه وداخلت أهالي قرطبة وغدرت به وخلعته واعتقلته بشلطليش إلى أن هلك سنة 472 هـ !؟ ( 8 )
المعتمد بن عباد : لعلك تقصد مقارنة ما حدث لحاكم قرطبة بما حدث لي ؟!
الطارق : نعم .. وكما تدين تدان !!
المعتمد بن عباد : حسنا .... ولكن كان هذا الحاكم ظالما أساء السيرة وكرهه شعبه فحدث له هذا جريرة ظلمه .. ولم أكن يوما ظالما لشعبي فقد كنت حسن السيرة عفيفا بعيد عن القسوة ، شهد لي العلماء بالفضل الشجاعة والعقل والجود والسخاء وكنت عفيف السيف والذيل .. ( 9 )
الطارق : رغم هذا فقد عاديت ملوك الطوائف بالأندلس بينما كنت تدفع ضريبة سنوية لملك قشتالة ؟!
المعتمد بن عباد : نعم .. ولكن أنا من دعا واستنجد بيوسف بن تاشفين ملك المرابطين للأندلس وذلك لمحاربة الأذفونش ( ألفونس السادس ) ملك قشتالة وقلت مقولتي الشهيرة ( رعي الجمال عندي خير من رعي الخنازير ) .
الطارق : لم يحدث هذا إلا بعد أن استولى الأذفونش على طليطلة سنة 478 هـ وبعد أن رد الأذفونش ضريبتك السنوية وأرسل إليك يهددك ويدعوك إلى النزول له عما في يدك من الحصون .. فكتبت إلى يوسف بن تاشفين بعد ذلك ( 2 ) .
كما أن مشايخ الإسلام وفقهاؤه ومطالب الناس قد جعلتك تقبل بالاستعانة بالمرابطين ( 10 )
المعتمد بن عباد : كيف هذا .. لقد قتلت رسول الأذفونش عند تبليغه رسالته لي .. وقبل أن يجتمع علي العلماء .
وبعد اجتماعي بالقاضي عبيد الله بن محمد بن أدهم أمرته ورغم امتناعه بأن يجتمع بيوسف بن تاشفين .. أرسلت ليوسف بن تاشفين أخبره بصورة الحال وأرسلت القاضي للقاء ابن تاشفين بسبتة ( 10 ) بل وحين اجتماعي بالعلماء قلت مقولتي الشهيرة ( رعي الجمال خير من رعي الخنازير ) ( 11 ) .
ويكفيني فخرا ما قدمت في حرب الزلاقة سنة 479 هـ من شجاعة حتى اعترف بهذا جميع المؤرخين ( 12 )
فما بال ابن تاشفين قد غدر بنا ؟!
الطارق : حسنا .. لقد كان لك موقف مشرف في هذه المعركة التي انتصر فيها جيشكم وجيش المرابطين المتحالف على النصارى .. وهذا مما يحسب لك ..
لكن سريعا ما عادت خلافاتكم إلى الظهور مرة أخرى وترددت الفتاوي من بعض الفقهاء العلماء من المشرق مثل أبو حامد الغزالي وأبو بكر الطرطوشي بإنجاد الأندلس من ملوك الطوائف من بينهم أنت ؟! ( 13 )
المعتمد بن عباد : بل غدر بنا يوسف بن تاشفين ، وأول من بدأ به عبد الله بن بلكين حاكم غرناطة واستولى على قصره ، وقد أعجبه حسن بلاد الأندلس وبهجتها ، وقد أطمعه فيها خواصه الذين عظموا بلاد الأندلس في عينيه وحسنوا له أخذها وأغروا قلبه علي بأشياء نقلوها عني فتغير علي وقصدني ، وجهز عساكره بقيادة سير بن أبي بكر الأندلسي لحصاري واعتقالي !!!
الطارق : وقد اعتقلت وأهلك وكان ذلك سنة 484 هـ ، قد قتل لك ولدان هما المأمون والراضي ، وقيدت وحملت عبر السفن ، ثم حملت إلى مراكش
فأمر يوسف بن تاشفين بإرسالك إلى مدينة أغمات ( 14 )
المعتمد بن عباد : نعم .. وقد سجنت في تلك المدينة وأهلي وفعل أمير المسلمين يوسف بن تاشفين أفعال لم يسلكها أحد من قبله فقد سجننا ولم يجري علينا ما يقوم بنا حتى كان بناتي يغزلن للناس بأجرة ينفقونها على أنفسهن ( 15 ).. حتى أن إحداهن غزلت لبيت صاحب الشرطة الذي كان في خدمتي وأنا سلطان على إشبيلية ( 16 ) .
الطارق : وتوفيت في السجن بأغمات وأنت مقيد بساقيك في شوال من سنة 488 هـ
قد نودي في جنازتك بالصلاة على الغريب ، بعد أن كنت عظيم السلطان ( 17 )
المعتمد بن عباد : نعم .. وقد اجتمع عند قبري جماعة من الشعراء الذين كانوا يقصدوني بالمدح أبان حكمي في الأندلس وقد رثوني بقصائد مطولات وأنشدوها عند قبري وبكوني بها ( 17 )
الطارق : الحق يقال أنك تستحق هذه المراثي من هؤلاء الشعراء فقد كنت محط الرحال يقصدك الشعراء والعلماء ، وما أجتمع في باب أحد من الملوك في عصرك ما كان يجتمع في بابك من أعيان الأدباء أبان حكمك .. ( 2 ) ويكيف فخرا تلك المقولة الشهيرة التي قلتها ( رعي الجمال خير من رعي الخنازير ) والتي من النادر أن يؤمن بها أحد من الملوك وأخص بالذكر زماننا هذا .
أشكرك على هذا الحوار ..
المصادر :
( 1 ) وفيات الأعيان : ج5/ص27
( 2 ) الأعلام : ج/ ص181
( 3 ) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة : ص387-389
( 4 ) تاريخ ابن خلدون : ج4 / ص 188
( 5 ) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة : ص389
( 6 ) تاريخ ابن خلدون : ج4 / ص189
( 7 ) الموسوعة العربية الميسرة : ج 2 / ص 1718
( 8 ) تاريخ ابن خلدون : ج4 / ص 191
( 9 ) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة : ص390
( 10 ) وفيات الأعيان : ج5/ ص28
( 11 ) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة : ص392
( 12 ) الكامل في التاريخ : حوادث سنة 479 هـ
( 14 ) وفيات الأعيان : ج5 / ص32
( 13 ) التاريخ الأندلسي من الفتح الإسلامي حتى سقوط غرناطة : ص422
( 15 ) الكامل في التاريخ : حوادث سنة 484 هـ
( 16 ) وفيات الأعيان : ج5 ص35
( 17 ) وفيات الأعيان : ج5 / ص37