mohammad
02-02-2002, 02:29 AM
رئيس السلطة مات سياسيا وما زال يسير والادارة الامريكية مشغولة بالبحث عن بديل له
كم مرة في حياته نظر ارييل شارون الي ياسر عرفات عبر عدسة التصويب، حتي في هذه الايام ينظر اليه عبر قمرة دبابة، ولكن الان، بدل ان يصدر امرا بالضغط علي الزناد، يستطيع بسخاء وكرم المنتصرين ان يرسل لعرفات باقة ورود كبيرة. حتي في أحلامه السيئة جدا لم يفكر شارون ان عدوه اللدود سيكون هو الذي يمنحه، مؤقتا علي الاقل، وصف عزيز واشنطن .
لا توجد لشارون ذكريات لطيفة جدا من العاصمة الامريكية. في ايام الرئيس بوش الأب كان وزير البني التحتية آنذاك مثابة شخصية غير مرغوب فيها في المدينة، ذلك لانه أعلن عنه هناك كأب المستوطنات غير الشرعية. وحين نظم لنفسه لقاءات مع كبار في الادارة الامريكية حرص بوش علي الغائها بمكالمة هاتفية توبيخية. في الاسبوع القادم سيصل شارون الي البيت الابيض. سائرا علي الدرب الذي شقه له عرفات بعد ان تُوج من قبل المبعوث زيني كجد طيب ورجل حكيم .
سيضطر شارون الي فرك عينيه جيدا كي يصدق بأن هذا ما حصل له. حين انتخب رئيسا لحكومة اسرائيل تجمعت اغلبية ساحقة في العالم الغربي ووضعته في مصاف القادة المجانين عديمي المسؤولية، والذين يخاطرون بزعزعة العالم. في الادارة الامريكية أعد تقرير خاص عرض شارون كمن لا يستطيع ان يتوقف عند الخط الاحمر، وكرجل يعيش علي رائحة الحروب ويبني نفسه علي الدم. وتوقع التقرير ان يقوم شارون بخطوات غير مسؤولة علي غرار زيارته الي الحرم في ايلول (سبتمبر) 2000، التي حثت بدء انتفاضة الاقصي.
وكانت التوصية هي: يجب كبح جماحه ووضعه في مكانه، وفرض خطوات عليه وتهديده بعقوبات جوهرية في حال محاولته وضع العصي في عجلات المصالح الامريكية في الشرق الاوسط. وفجأة انقلبت العجلة، حيث ان عرفات الذي كان الزعيم الاجنبي الذي سجل لنفسه العدد الاكبر للزيارات في البيت الابيض في فترة كلينتون، حُشر، مهانا، في الزاوية وأعلنت الادارة الامريكية عنه بأنه جزء لا يتجزأ من مشاغبي العالم ومن الفئة الشريرة. واذا كانت الادارة الامريكية في بداية ولاية شارون قد فحصت بسرية ماذا سيحدث خلال حياته السياسية ومن يجب وضعه كبديل جدير بالاستثمار، فان الادارة الامريكية منشغلة الان بالمشاورات الهادفة الي طرد عرفات من الساحة وتنمية خليفة له في الوقت الذي مات فيه سياسيا ولكنه لا يزال يسير علي أقدامه.
الاسبوع القادم سيلتقي شارون في الغرفة البيضاوية مع الرئيس الامريكي الذي يدين لبن لادن في شهرته ومكانته، انه هو وليس غيره الذي أزال عنه لقب الغبي الذي يردد ما يكتبه له مساعدوه دون ان يعرف عن ماذا يدور الحديث. وبنظرة الي الوراء من الممكن القول انه مثلما بني عرفات شارون في الادارة الامريكية فقد بني بن لادن بوش وحوله من رئيس رمادي الي زعيم العالم الحر.
يصل شارون الي واشنطن في ذروة نقاشات في البيت الابيض حول مستقبل عرفات. يصغي بوش الي مجموعتين كبيرتين كل واحدة منهما تحاول شده الي اتجاه آخر، أولها يقودها نائب الرئيس ديك تشيني، الرجل القوي في الادارة الامريكية الذي دعا في نقاش الي تجفيف عرفات وقال علنا انه لا يؤمن بزعيم الشعب الفلسطيني ويري فيه مسؤولا مباشرا عن تهريب السلاح في سفينة كارين إي . وأوضح تشيني ايضا ان من يقيم علاقات مع ايران وحزب الله لا يستطيع ان يجري حوارا مع امريكا وعبء الاثبات يقع عليه: اذا أثبت انه قضي علي قاعدة العنف وقطع علاقته مع دولة تقدم الحماية والرعاية، فان الولايات المتحدة ستدرس امكانية استمرار الحوار معه. حاول تشيني شد الرئيس بوش الي الاتجاه المتطرف: ان يعلن علنا عن تجميد العلاقات مع عرفات حتي يغير نهجه وان يهدد بممارسة العقوبات عليه. وأيد خط تشيني وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وقادة البنتاغون.
في أعقاب الحرب في افغانستان التي تبدو في نظرهم كنجاح كبير يريد رجال وزارة الدفاع مواصلة السير قدما لمواجهة كل ما تشتم منه رائحة الارهاب، وكان انتوني زيني، الذي شارك في جزء من النقاشات، قد استخدم مصطلحات مستعارة من علم النفس من اجل وصف عرفات. ورأي زيني، الذي كان واثقا من قدرته علي التوصل الي تسوية لوقف اطلاق النار، نفسه كمن تعرض للخيانة الشخصية من قبل عرفات. لم يتوقف زيني عن وصف كيف أقسم عرفات له انه يستخدم كل قواته للقضاء علي العنف وتوسل لزيني ان يمنحه عدة ايام من اجل ان يثبت انه ينفذ. منحه زيني الوقت، وفي نفس الساعة كانت كارين إي تبحر من شواطيء ايران باتجاه السلطة الفلسطينية، لقد نجحت اسرائيل في اثبات ان عرفات كان يعلم عن العملية وخطط لها وقادها. واعتبر زيني ان هذا مسا شخصيا به. انه يكذب دون ان يرمش له جفن قال في جلسة، وأضاف هذا شيء ما عضال . ورغم ذلك لم يوص بكسر الأواني.
وقف رئيسه، وزير الخارجية كولين باول، بكل قوته ضد الخط المتطرف. في التقارير التي أعدت من قبل خبراء وزارة الخارجية وعرضت من قبل باول في جلسات البيت الابيض ثمة سيناريو سوداوي لمواجهة عامة في الشرق الاوسط اذا حشر عرفات في الزاوية، وتتوقع التقارير مظاهرات من اجل عرفات في السعودية ومصر والدول التي تعتبر حليفة للولايات المتحدة ومدماكا هاما في الائتلاف ضد الارهاب. صحيح ان السعوديين أوضحوا علنا انهم علي علاقة جيدة مع الولايات المتحدة ولكن ولي العهد وجه انتقادات لاذعة للموقف الذي اتخذته الولايات المتحدة لصالح اسرائيل في النزاع.
في نهاية النقاشات تقرر عدم اتخاذ قرار في هذه الاثناء، ومنحت فرصة لعرفات ليثبت انه يريد ويستطيع مكافحة الارهاب. في الادارة الامريكية ليس هناك من هو مستعد لان يقبل منه كلمات فقط، انه مطالب بالعمل، وهذه البضاعة، كما يعتقدون في البيت الابيض، لا يستطيع توفيرها. هذا هو السبب وراء قيام نائب الرئيس تشيني بعقد مشاورات مع مقربيه، ومطالبتهم بالاجابة علي سؤال كيف يمكن العمل علي استبدال عرفات بدون ان تظهر الولايات المتحدة كمن تشد الخيوط. في هذه الايام تكتب سيناريوهات: الولايات المتحدة لن تترفع عن استخدام أي وسيلة اذا توصلت الي الاستنتاج النهائي بأن عرفات لم يعد ذي صلة .
وينوي قادة الادارة الامريكية اشراك شارون خلال زيارته الي واشنطن بالنقاش حول اليوم الذي يلي عرفات، وهذا الاشراك سيكون علي المستوي النظري. قبل ان يتقرر قطع العلاقات مع عرفات وتحديد الخليفة ينوي الرئيس بوش ان يبث لشارون بأنه يعتبر في نظر الامريكيين في جانب الأخيار، ولكن عليه ان يقوم بعمل ما من اجل ان يصبح بالامكان تحريك المسيرة السلمية مجددا.
لا يهتم بوش كثيرا بالنزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، ولكن المواجهة في الشرق الاوسط تخرب المصالح الامريكية: الولايات المتحدة تتطلع لتمثيل العالم كله والحرب في الشرق الاوسط من شأنها ان تمس بالائتلاف الذي أقيم من اجل مكافحة الارهاب، لقد فهم رجال الادارة الامريكية انه اذا واصلوا التخريب اكثر فأكثر واعلنوا عن عرفات بأنه ليس مناسبا للمفاوضات، فان الولايات المتحدة ستخرج نفسها من مربع الوسيط النزيه.
والاتحاد الاوروبي، الذي انتقد سياسة الولايات المتحدة ضد عرفات، يتوقع ان تخرج الولايات المتحدة من اللعبة الاسرائيلية - الفلسطينية من اجل ان يحتل مكانها. والادارة الامريكية لن تمكن اوروبا من العمل لوحدها. من اجل ان تستطيع امريكا مواصلة المشاركة في اللعبة عليها ان تخوض حوارا مع شارون ومع عرفات في نفس الوقت رغم ان الاخير في عداد الأموات الأحياء.
سيصل شارون الي واشنطن كملك الأخيار في الشرق الاوسط، والي جانب الملاطفة التي سيلقاها هناك سيوضحون له ان الولايات المتحدة تنوي مواصلة العمل من اجل وقف اطلاق النار وتطبيق وثيقة تينيت وتقرير ميتشل. لا يزال من غير الواضح للادارة الامريكية كيف سيتم الامر، ولكن سيطلب من شارون دفع الثمن. في البيت الابيض فهموا منذ وقت ان ثلاثين سنة من الاحتلال الاسرائيلي خلفت وسط أبناء الشعب الفلسطيني احباطا عميقا ولد الغضب الذي تسبب في الارهاب المتواصل من قبل الذين ليس لديهم ما يخسرونه. والان دخلت الحكمة البيت الابيض ايضا. ان الكشف عن انه، ولاول مرة في تاريخ النزاع، تقوم مخربة بتفجير نفسها أثار الصدمة لدي واشنطن. لقد بدأت الادارة الامريكية تفهم ان التصفيات التي تقوم بها اسرائيل لن تقلص من أبعاد العنف بل فقط وسعت من نطاقه، والان المطلوب من شارون التخفيف من التصفيات واجراء عمليات تصفية موضعية فقط في حالة ان يدور الحديث عن قنبلة موقوتة. سيطلب من شارون ايضا تنفيذ تسهيلات في الطوق وتمكين السكان الفلسطينيين من التنفس. في الادارة الامريكية استنتجوا ان الاغلاق والحصار خلقا احساسا بالعجز وسط الفلسطينيين وانه لا يوجد حل عسكري للوضع.
يميل الرئيس بوش الي تبني أسس التفاهمات بين بيرس وابو العلاء حول دولة فلسطينية أولا ثم المفاوضات حول حدودها وطابعها وادارتها، والادارة الامريكية تتبني هذه التفاهمات بصورة مبدئية ولكن لم تعطها رعايتها بعد. وسيطلب من شارون الرد علي الفكرة، وسيحاول بوش الذي اعلن ان الادارة الامريكية ستؤيد اقامة دولة فلسطينية، ان يفحص معه ما اذا كان يمكن بواسطة تفاهمات بيرس وابو العلاء الاعلان عن بدء المفاوضات.
سيستقبل شارون في واشنطن بحفاوة تليق بالحليف، ولكن من مثله يعرف انه في واشنطن تتدحرج العجلة بسرعة حسب المصالح الامريكية الآنية. واذا اتضح للادارة الامريكية ان الطرف الفلسطيني يوفر البضاعة في حين يعرقل شارون ذلك، سيسمع رئيس الحكومة أقوالا مختلفة تماما في العاصمة الامريكية، في الادارة الامريكية كل شيء مائع، كل شيء لحظي، كل شيء لعبة مصالح تهدف الي خدمة الدولة العظمي. هذا، منذ ضربة ايلول، مثار للبلبلة . الادارة الامريكية لم تبلور خطة عمل بشأن الشرق الاوسط، انها فقط تطرح الافكار، تتشاور مع ذوي الشأن، تعد مسودات وتجري نقاشات. وفي معركة العرض هذه يعبر شارون عن الرجل الطيب، وعرفات عن الرجل الشرير، ولكن العرض مكون عموما من أكثر من معركة واحدة.
اورلي ازولاي ـ كاتس
(يديعوت احرونوت) ـ 1/2/2002
كم مرة في حياته نظر ارييل شارون الي ياسر عرفات عبر عدسة التصويب، حتي في هذه الايام ينظر اليه عبر قمرة دبابة، ولكن الان، بدل ان يصدر امرا بالضغط علي الزناد، يستطيع بسخاء وكرم المنتصرين ان يرسل لعرفات باقة ورود كبيرة. حتي في أحلامه السيئة جدا لم يفكر شارون ان عدوه اللدود سيكون هو الذي يمنحه، مؤقتا علي الاقل، وصف عزيز واشنطن .
لا توجد لشارون ذكريات لطيفة جدا من العاصمة الامريكية. في ايام الرئيس بوش الأب كان وزير البني التحتية آنذاك مثابة شخصية غير مرغوب فيها في المدينة، ذلك لانه أعلن عنه هناك كأب المستوطنات غير الشرعية. وحين نظم لنفسه لقاءات مع كبار في الادارة الامريكية حرص بوش علي الغائها بمكالمة هاتفية توبيخية. في الاسبوع القادم سيصل شارون الي البيت الابيض. سائرا علي الدرب الذي شقه له عرفات بعد ان تُوج من قبل المبعوث زيني كجد طيب ورجل حكيم .
سيضطر شارون الي فرك عينيه جيدا كي يصدق بأن هذا ما حصل له. حين انتخب رئيسا لحكومة اسرائيل تجمعت اغلبية ساحقة في العالم الغربي ووضعته في مصاف القادة المجانين عديمي المسؤولية، والذين يخاطرون بزعزعة العالم. في الادارة الامريكية أعد تقرير خاص عرض شارون كمن لا يستطيع ان يتوقف عند الخط الاحمر، وكرجل يعيش علي رائحة الحروب ويبني نفسه علي الدم. وتوقع التقرير ان يقوم شارون بخطوات غير مسؤولة علي غرار زيارته الي الحرم في ايلول (سبتمبر) 2000، التي حثت بدء انتفاضة الاقصي.
وكانت التوصية هي: يجب كبح جماحه ووضعه في مكانه، وفرض خطوات عليه وتهديده بعقوبات جوهرية في حال محاولته وضع العصي في عجلات المصالح الامريكية في الشرق الاوسط. وفجأة انقلبت العجلة، حيث ان عرفات الذي كان الزعيم الاجنبي الذي سجل لنفسه العدد الاكبر للزيارات في البيت الابيض في فترة كلينتون، حُشر، مهانا، في الزاوية وأعلنت الادارة الامريكية عنه بأنه جزء لا يتجزأ من مشاغبي العالم ومن الفئة الشريرة. واذا كانت الادارة الامريكية في بداية ولاية شارون قد فحصت بسرية ماذا سيحدث خلال حياته السياسية ومن يجب وضعه كبديل جدير بالاستثمار، فان الادارة الامريكية منشغلة الان بالمشاورات الهادفة الي طرد عرفات من الساحة وتنمية خليفة له في الوقت الذي مات فيه سياسيا ولكنه لا يزال يسير علي أقدامه.
الاسبوع القادم سيلتقي شارون في الغرفة البيضاوية مع الرئيس الامريكي الذي يدين لبن لادن في شهرته ومكانته، انه هو وليس غيره الذي أزال عنه لقب الغبي الذي يردد ما يكتبه له مساعدوه دون ان يعرف عن ماذا يدور الحديث. وبنظرة الي الوراء من الممكن القول انه مثلما بني عرفات شارون في الادارة الامريكية فقد بني بن لادن بوش وحوله من رئيس رمادي الي زعيم العالم الحر.
يصل شارون الي واشنطن في ذروة نقاشات في البيت الابيض حول مستقبل عرفات. يصغي بوش الي مجموعتين كبيرتين كل واحدة منهما تحاول شده الي اتجاه آخر، أولها يقودها نائب الرئيس ديك تشيني، الرجل القوي في الادارة الامريكية الذي دعا في نقاش الي تجفيف عرفات وقال علنا انه لا يؤمن بزعيم الشعب الفلسطيني ويري فيه مسؤولا مباشرا عن تهريب السلاح في سفينة كارين إي . وأوضح تشيني ايضا ان من يقيم علاقات مع ايران وحزب الله لا يستطيع ان يجري حوارا مع امريكا وعبء الاثبات يقع عليه: اذا أثبت انه قضي علي قاعدة العنف وقطع علاقته مع دولة تقدم الحماية والرعاية، فان الولايات المتحدة ستدرس امكانية استمرار الحوار معه. حاول تشيني شد الرئيس بوش الي الاتجاه المتطرف: ان يعلن علنا عن تجميد العلاقات مع عرفات حتي يغير نهجه وان يهدد بممارسة العقوبات عليه. وأيد خط تشيني وزير الدفاع دونالد رامسفيلد وقادة البنتاغون.
في أعقاب الحرب في افغانستان التي تبدو في نظرهم كنجاح كبير يريد رجال وزارة الدفاع مواصلة السير قدما لمواجهة كل ما تشتم منه رائحة الارهاب، وكان انتوني زيني، الذي شارك في جزء من النقاشات، قد استخدم مصطلحات مستعارة من علم النفس من اجل وصف عرفات. ورأي زيني، الذي كان واثقا من قدرته علي التوصل الي تسوية لوقف اطلاق النار، نفسه كمن تعرض للخيانة الشخصية من قبل عرفات. لم يتوقف زيني عن وصف كيف أقسم عرفات له انه يستخدم كل قواته للقضاء علي العنف وتوسل لزيني ان يمنحه عدة ايام من اجل ان يثبت انه ينفذ. منحه زيني الوقت، وفي نفس الساعة كانت كارين إي تبحر من شواطيء ايران باتجاه السلطة الفلسطينية، لقد نجحت اسرائيل في اثبات ان عرفات كان يعلم عن العملية وخطط لها وقادها. واعتبر زيني ان هذا مسا شخصيا به. انه يكذب دون ان يرمش له جفن قال في جلسة، وأضاف هذا شيء ما عضال . ورغم ذلك لم يوص بكسر الأواني.
وقف رئيسه، وزير الخارجية كولين باول، بكل قوته ضد الخط المتطرف. في التقارير التي أعدت من قبل خبراء وزارة الخارجية وعرضت من قبل باول في جلسات البيت الابيض ثمة سيناريو سوداوي لمواجهة عامة في الشرق الاوسط اذا حشر عرفات في الزاوية، وتتوقع التقارير مظاهرات من اجل عرفات في السعودية ومصر والدول التي تعتبر حليفة للولايات المتحدة ومدماكا هاما في الائتلاف ضد الارهاب. صحيح ان السعوديين أوضحوا علنا انهم علي علاقة جيدة مع الولايات المتحدة ولكن ولي العهد وجه انتقادات لاذعة للموقف الذي اتخذته الولايات المتحدة لصالح اسرائيل في النزاع.
في نهاية النقاشات تقرر عدم اتخاذ قرار في هذه الاثناء، ومنحت فرصة لعرفات ليثبت انه يريد ويستطيع مكافحة الارهاب. في الادارة الامريكية ليس هناك من هو مستعد لان يقبل منه كلمات فقط، انه مطالب بالعمل، وهذه البضاعة، كما يعتقدون في البيت الابيض، لا يستطيع توفيرها. هذا هو السبب وراء قيام نائب الرئيس تشيني بعقد مشاورات مع مقربيه، ومطالبتهم بالاجابة علي سؤال كيف يمكن العمل علي استبدال عرفات بدون ان تظهر الولايات المتحدة كمن تشد الخيوط. في هذه الايام تكتب سيناريوهات: الولايات المتحدة لن تترفع عن استخدام أي وسيلة اذا توصلت الي الاستنتاج النهائي بأن عرفات لم يعد ذي صلة .
وينوي قادة الادارة الامريكية اشراك شارون خلال زيارته الي واشنطن بالنقاش حول اليوم الذي يلي عرفات، وهذا الاشراك سيكون علي المستوي النظري. قبل ان يتقرر قطع العلاقات مع عرفات وتحديد الخليفة ينوي الرئيس بوش ان يبث لشارون بأنه يعتبر في نظر الامريكيين في جانب الأخيار، ولكن عليه ان يقوم بعمل ما من اجل ان يصبح بالامكان تحريك المسيرة السلمية مجددا.
لا يهتم بوش كثيرا بالنزاع الاسرائيلي ـ الفلسطيني، ولكن المواجهة في الشرق الاوسط تخرب المصالح الامريكية: الولايات المتحدة تتطلع لتمثيل العالم كله والحرب في الشرق الاوسط من شأنها ان تمس بالائتلاف الذي أقيم من اجل مكافحة الارهاب، لقد فهم رجال الادارة الامريكية انه اذا واصلوا التخريب اكثر فأكثر واعلنوا عن عرفات بأنه ليس مناسبا للمفاوضات، فان الولايات المتحدة ستخرج نفسها من مربع الوسيط النزيه.
والاتحاد الاوروبي، الذي انتقد سياسة الولايات المتحدة ضد عرفات، يتوقع ان تخرج الولايات المتحدة من اللعبة الاسرائيلية - الفلسطينية من اجل ان يحتل مكانها. والادارة الامريكية لن تمكن اوروبا من العمل لوحدها. من اجل ان تستطيع امريكا مواصلة المشاركة في اللعبة عليها ان تخوض حوارا مع شارون ومع عرفات في نفس الوقت رغم ان الاخير في عداد الأموات الأحياء.
سيصل شارون الي واشنطن كملك الأخيار في الشرق الاوسط، والي جانب الملاطفة التي سيلقاها هناك سيوضحون له ان الولايات المتحدة تنوي مواصلة العمل من اجل وقف اطلاق النار وتطبيق وثيقة تينيت وتقرير ميتشل. لا يزال من غير الواضح للادارة الامريكية كيف سيتم الامر، ولكن سيطلب من شارون دفع الثمن. في البيت الابيض فهموا منذ وقت ان ثلاثين سنة من الاحتلال الاسرائيلي خلفت وسط أبناء الشعب الفلسطيني احباطا عميقا ولد الغضب الذي تسبب في الارهاب المتواصل من قبل الذين ليس لديهم ما يخسرونه. والان دخلت الحكمة البيت الابيض ايضا. ان الكشف عن انه، ولاول مرة في تاريخ النزاع، تقوم مخربة بتفجير نفسها أثار الصدمة لدي واشنطن. لقد بدأت الادارة الامريكية تفهم ان التصفيات التي تقوم بها اسرائيل لن تقلص من أبعاد العنف بل فقط وسعت من نطاقه، والان المطلوب من شارون التخفيف من التصفيات واجراء عمليات تصفية موضعية فقط في حالة ان يدور الحديث عن قنبلة موقوتة. سيطلب من شارون ايضا تنفيذ تسهيلات في الطوق وتمكين السكان الفلسطينيين من التنفس. في الادارة الامريكية استنتجوا ان الاغلاق والحصار خلقا احساسا بالعجز وسط الفلسطينيين وانه لا يوجد حل عسكري للوضع.
يميل الرئيس بوش الي تبني أسس التفاهمات بين بيرس وابو العلاء حول دولة فلسطينية أولا ثم المفاوضات حول حدودها وطابعها وادارتها، والادارة الامريكية تتبني هذه التفاهمات بصورة مبدئية ولكن لم تعطها رعايتها بعد. وسيطلب من شارون الرد علي الفكرة، وسيحاول بوش الذي اعلن ان الادارة الامريكية ستؤيد اقامة دولة فلسطينية، ان يفحص معه ما اذا كان يمكن بواسطة تفاهمات بيرس وابو العلاء الاعلان عن بدء المفاوضات.
سيستقبل شارون في واشنطن بحفاوة تليق بالحليف، ولكن من مثله يعرف انه في واشنطن تتدحرج العجلة بسرعة حسب المصالح الامريكية الآنية. واذا اتضح للادارة الامريكية ان الطرف الفلسطيني يوفر البضاعة في حين يعرقل شارون ذلك، سيسمع رئيس الحكومة أقوالا مختلفة تماما في العاصمة الامريكية، في الادارة الامريكية كل شيء مائع، كل شيء لحظي، كل شيء لعبة مصالح تهدف الي خدمة الدولة العظمي. هذا، منذ ضربة ايلول، مثار للبلبلة . الادارة الامريكية لم تبلور خطة عمل بشأن الشرق الاوسط، انها فقط تطرح الافكار، تتشاور مع ذوي الشأن، تعد مسودات وتجري نقاشات. وفي معركة العرض هذه يعبر شارون عن الرجل الطيب، وعرفات عن الرجل الشرير، ولكن العرض مكون عموما من أكثر من معركة واحدة.
اورلي ازولاي ـ كاتس
(يديعوت احرونوت) ـ 1/2/2002