PDA

View Full Version : ( على مائدة القرآن نتربى ... من روائع ما قرأت )


بو عبدالرحمن
17-01-2003, 11:09 AM
-
هذا الفصل من روائع ما قرأت ..
وقد أحببت أن أعطر به قلوبكم ، وأمتع به ارواحكم ..
وأرجو أن تقرأوا بتأمل وتدبر .. فإن بين يديكم كنز عظيم :
- -

( فلما بلغ معه السعي . قال: يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك ,
فانظر ماذا ترى . قال: يا أبت افعل ما تؤمر ،
ستجدني إن شاء الله من الصابرين). .

يالله ! ويالروعة الإيمان والطاعة والتسليم . .
هذا إبراهيم الشيخ . المقطوع من الأهل والقرابة . المهاجر من الأرض والوطن .
ها هو ذا يرزق في كبرته وهرمه بغلام . طالما تطلع إليه .
فلما جاءه جاء غلاماً ممتازاً يشهد له ربه بأنه حليم .

وها هو ذا ما يكاد يأنس به , وصباه يتفتح , ويبلغ معه السعي , ويرافقه في الحياة
. . ها هو ذا ما يكاد يأنس ويستروح بهذا الغلام الوحيد , حتى..
حتى يرى في منامه أنه يذبحه . ويدرك أنها إشارة من ربه بالتضحية .
فماذا ?

إنه لا يتردد , ولا يخالجه إلا شعور الطاعة , ولا يخطر له إلا خاطر التسليم . .
نعم إنها إشارة . مجرد إشارة . وليست وحياً صريحاً , ولا أمراً مباشراً .
ولكنها إشارة من ربه . . وهذا يكفي . .
هذا يكفي ليلبي ويستجيب . ودون أن يعترض . ودون أن يسأل ربه . .
لماذا يا ربي أذبح ابني الوحيد ?!

ولكنه لا يلبي في انزعاج , ولا يستسلم في جزع , ولا يطيع في اضطراب . .
كلا إنما هو القبول والرضى والطمأنينة والهدوء . يبدو ذلك في كلماته لابنه
وهو يعرض عليه الأمر الهائل في هدوء وفي اطمئنان عجيب:
( قال:يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك . فانظر ماذا ترى ). .

فهي كلمات المالك لأعصابه , المطمئن للأمر الذي يواجهه ,
والواثق بأنه يؤدي واجبه
. وهي في الوقت ذاته كلمات المؤمن , الذي لا يهوله الأمر فيؤديه ,
في اندفاع وعجلة ليخلص منه وينتهي , ويستريح من ثقله على أعصابه !


والأمر شاق - ما في ذلك شك - فهو لا يطلب إليه أن يرسل بابنه الوحيد إلى معركة .
ولا يطلب إليه أن يكلفه أمراً تنتهي به حياته . . إنما يطلب إليه :
أن يتولى هو بيده . يتولى ماذا ? يتولى ذبحه . . !!
وهو - مع هذا - يتلقى الأمر هذا التلقي , ويعرض على ابنه هذا العرض ;
ويطلب إليه أن يتروى في أمره , وأن يرى فيه رأيه !
إنه لا يأخذ ابنه على غرة لينفذ إشارة ربه . وينتهي .
إنما يعرض الأمر عليه كالذي يعرض المألوف من الأمر .

فالأمر في حسه هكذا :
ربه يريد . فليكن ما يريد . على العين والرأس . وابنه ينبغي أن يعرف .
وأن يأخذ الأمر طاعة وإسلاماً , لا قهراً واضطراراً .
لينال هو الآخر أجر الطاعة , وليسلم هو الآخر ويتذوق حلاوة التسليم !
إنه يحب لابنه أن يتذوق لذة التطوع التي ذاقها ;
وأن ينال الخير الذي يراه هو أبقى من الحياة وأقنى . .


فماذا يكون من أمر الغلام , الذي يعرض عليه الذبح , تصديقاً لرؤيا رآها أبوه ?
إنه يرتقي إلى الأفق الذي ارتقى إليه من قبل أبوه:
( قال:يا أبت افعل ما تؤمر . ستجدني - إن شاء الله - من الصابرين ). .
إنه يتلقى الأمر لا في طاعة واستسلام فحسب . ولكن في رضى كذلك وفي يقين . .!!

( يا أبت ). . في مودة وقربى . ..!‍!
فشبح الذبح لا يزعجه ولا يفزعه ولا يفقده رشده . بل لا يفقده أدبه ومودته .

( افعل ما تؤمر ). . فهو يحس ما أحسه من قبل قلب أبيه . يحس أن الرؤيا إشارة .
وأن الإشارة أمر . وأنها تكفي لكي يلبي وينفذ بغير لجلجة ولا تمحل ولا ارتياب .

ثم هو الأدب مع الله , ومعرفة حدود قدرته وطاقته في الاحتمال ;
والاستعانة بربه على ضعفه ونسبة الفضل إليه في إعانته على التضحية ,
ومساعدته على الطاعة:
(ستجدني إن شاء الله من الصابرين ). .

ولم يأخذها بطولة . ولم يأخذها شجاعة . ولم يأخذها اندفاعاً إلى الخطر دون مبالاة
. ولم يظهر لشخصه ظلاً ولا حجماً ولا وزناً . .
إنما أرجع الفضل كله لله إن هو أعانه على ما يطلب إليه , وأصبره على ما يراد به:
(ستجدني - إن شاء الله - من الصابرين)

يا للأدب مع الله ! ويالروعة الإيمان . ويالنبل الطاعة . ويالعظمة التسليم !
ويخطو المشهد خطوة أخرى وراء الحوار والكلام . . يخطو إلى التنفيذ:
( فلما أسلما وتله للجبين ). .
ومرة أخرى يرتفع نبل الطاعة . وعظمة الإيمان . وطمأنينة الرضى

..... ارجو أن تكمل قراءة هذا الموضوع المثير على الرابط التالي :
http://www.alwahah.net/aalawi60/qr37.htm

فالدروس التي تضمنتها الآيات دروس عدة ..
ورحم الله سيد قطب رحمة واسعة ..
فلكم قرأت هذه الايات ولم اقف عند هذه المعاني الرائعة التي فتح الله بها على قلبه ..
وتنتظركم في الموقع عدة موضوعات ( جديدة ) لا تقل روعة عن هذا الموضوع ..
فزورونا تجدوا ما تقر به عيونكم .. وتطمئن به قلوبكم .. ولا تنسونا من دعوة بجوف ليل

aziz2000
17-01-2003, 11:25 AM
سبحان الله

رحم الله سيد قطب .. وسبحان من رزقه ملكة البيان بالبنان ..

واسمح لي أن أقتطع هذا المقطع من كلامه رحمه الله :

ومضت بذلك سنة النحر في الأضحى ..

ذكرى لهذا الحادث العظيم الذي يرتفع منارة لحقيقة الإيمان .

وجمال الطاعة . وعظمة التسليم .

والذي ترجع إليه الأمة المسلمة لتعرف فيه حقيقة أبيها إبراهيم , الذي تتبع ملته ,

والذي ترث نسبه وعقيدته . ولتدرك طبيعة العقيدة التي تقوم بها أو تقوم عليها

ولتعرف أنها الاستسلام لقدر الله في طاعة راضية واثقة ملبية لا تسأل ربها لماذا ?

ولا تتلجلج في تحقيق إرادته عند أول إشارة منه وأول توجيه .

ولا تستبقي لنفسها في نفسها شيئا , ولا تختار فيما تقدمه لربها هيئة ولا طريقة

لتقديمه إلا كما يطلب هو إليها أن تقدم !

جزاك الله خيرا أخي أبو عبدالرحمن :)

حروف سوالف
17-01-2003, 02:47 PM
جزاك الله خيرا اخوي ابو عبدالرحمن

واثابك وجعل ما قدمت في موازين حسناتك

اخوك حروف الخير

aeziemani
18-01-2003, 08:43 AM
استاذي بو عبد الرحمن بارك الله فيك لقد امتعتنا بحروفك واستفدنا منها كثيرا وندعو لك بكل خير جزاك ربنا عنا خير الجزاء وتقبل منك :)

بو عبدالرحمن
18-01-2003, 05:11 PM
الأخ العزيز / عزيز .. أعزك الله بالإسلام وأعز بك الإسلام حيثما كنت

بارك الله فيك .. وحفظك ورعاك ..
لكم تسرني متابعتك الكريمة
ولكم تبهجني اضافاتك الرائعة
اسعدك الله في الدارين ..
اللهم آمين ....
لا تنسني من دعائك يا اخي