PDA

View Full Version : ((أصابت امرأة وأخطأ عمر ! ))…هل هي قصة مكذوبةٌ على الفاروق !


الألباني
14-06-2003, 03:30 PM
اشتهرت هذه القصة كثيراً في الكتب ، ورواها الكثير من خطباء الجوامع ، حينما أراد عمر رضي الله عنه تحديد المهور ، وصوبته امرأة ، وإحقاقاً للحق ، نشرع الآن في بيان ضعف ذلك ، مستندين فيه إلى القواعد الحديثية فنقول :

إن هذا الخبر المنقول عن الحافظ ابن كثير يتضمن أمرين :

الأول: نهي عمر عن الزيادة في مهور النساء على 400 درهم .
والآخر: اعتراض المرأة عليه في ذلك وتذكيره بالآية الكريمة .

إذا تبين ذلك فباستطاعتنا أن نقول :

أما الأمر الأول فلا شك في صحته عن عمر رضي الله عنه ، لوروده عنه من طرق ، ولا بأس من ذكرها لما لذلك من فائدة هامة ستتبين فيما بعد :

1- عن أبي العجفاء قال :
((خطبنا عمر رحمه الله فقال : ألا لا تغلوا بصدق النساء ، فإنها لو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله ، لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم ، ما أصدق الرسول صلى الله عليه وسلم امرأة من نسائه ، ولا أصدقت امرأة من بناته أكثر من ثنتي عشرة أوقية)) زاد في رواية ((وإن الرجل ليغالي بصدقة امرأته حتى يكون لها عداوة في نفسه ، وحتى يقول : كلفت لكم علق القربة)) .

أخرجه أبو داوود (2106) والنسائي (2/87-88) والترمذي (1/308) والدارمي (2/141) وابن ماجة (1887) والحاكم (2/175-176) والبيهقي (7/231) والطيالسي (رقم 64) وأحمد (1/40 و 48) وقال الترمذي :
((حديث حسن صحيح)) . وقال الحاكم ((صحيح الإسناد)) ووافقه الذهبي .

قال الألباني رحمه الله : وهو كما قالوا ، فإن رجاله ثقات ورجال الشيخين ، غير أبي العجفاء ، واسمه هرم ، وهو ثقة كما قال ابن معين والدارقطني وغيرهما ، وقد توبع كما يأتي ، وقد سمعه منه ابن سيرين كما في رواية أحمد .

2- عن ابن عباس قال :
قال عمر : لا تغالوا بمهور النساء . وذكر الحديث . رواه الحاكم .

3- عن ابن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس فقال : يا أيها الناس لا تغالوا مهر النساء. الحديث.رواه
الحاكم.

4- عن شريح قال : قال عمر بن الخطاب : فذكره .
5- عن سعيد بن المسيب : أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام على منبره فحمد الله وأثنى عليه فقال : فذكره . أخرجه الحاكم وقال :
((فقد تواترت الأسانيد الصحيحة بصحة خطبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه (بذلك) ، وهذا الباب لي مجموع في جزء كبير)) ووافقه الذهبي .

قال الألباني : وهذه الطرق جميعها ليس فيها قصة المرأة ومعارضتها لعمر ، وفي ذلك تنبيه لأهل العلم إلى احتمال ضعفها لشذوذ أو نكارة فلننظر في سندها إذن لنتبين مبلغ صحة هذا الاحتمال :

لقد ساق الحافظ ابن كثير إسناد أبي يعلى بتمامه من طريق ((ابن إسحاق حدثني محمد بن عبد الرحمن عن مجالد بن سعيد عن الشعبي عن مسروق قال )) فذكره .

قال الألباني : وفي هذا السند علل :

1- ضعف مجالد بن سعيد . 2- الاختلاف في سنده ، فقد رواه ابن إسحاق عن مجالد عن الشعبي عن مسروق كما تقدم.أخرجه البيهقي (7/233) وقال (هذا منقطع) .

قال الألباني : وذلك لأن الشعبي واسمه عامر بن شراحيل لم يسمع من عمر وإدخال ابن إسحاق بينهما مسروقاً مما لا يطمئن القلب له ، لتفرد ابن إسحاق به ، وقد علم كل مشتغل بهذا الفن أن في تفرده نكارة ، قال الذهبي في خاتمة ترجمته ((حسن الحديث ، صالح الحال ، صدوق ، وما انفرد به ، ففيه نكارة ، فإن في حفظه شيئاً)) .

قال الألباني : وقد خالفه هشيم ، وهو ثقة ثبت كما في (التقريب) وهو قد أرسله ، فروايته هي المعتمدة . ومما سبق يتبين أن في إسناد هذه القصة علتين :

ضعف مجالد ، والانقطاع .

وإذا كان الأمر كذلك ، فقول الحافظ ابن كثير ((إسناده جيد قوي)) . غير قوي ، بل هو سهو منه رحمه الله ، لا يجوز لمن يبين له أن يقلده ، لا سيما مع إعلال الحافظ البيهقي إياه بالانقطاع .

وإذا لاحظتم أن خطبة عمر وردت عنه من خمسة طرق ، ليس فيها قصة المرأة ، عرفتم أنها ضعيفة منكرة لا تصح ، ومما يؤيد ذلك ما أخرجه البيهقي من طريق بكر بن عبد الله المزني قال : قال عمر بن الخطاب :

((لقد خرجت وأنا أريد أن أنهي عن كثرة مهور النساء حتى قرأت هذه الآية ((وآتيتم إحداهن قنطاراً)) .

وقال البيهقي ((هذا مرسلٌ جيد)) ، قال الألباني : وهو أصح من مرسل ابن إسحاق ، لأن رجاله كلهم ثقات ، وهو بظاهره يبطل قصة المرأة ، لأنه يدل على أن تراجع عمر رضي الله عنه ، عما هم به من النهي إنما كان بقراءته الآية قبيل خروجه إلى الناس ، بينما القصة تقول : إن تراجعه إنما كان بعد خروجه وتذكير المرأة إياه بالآية .

وعلى كل حال ، فهذان المرسلان لا يصحان لإرسالهما وللتعارض الذي بينهما ، ومخالفتهما لسائر طرق الحديث عن عمر ، التي أطبقت أن عمر نهى عن التغالي في المهور ، ولم تذكر أنه رجع عن ذلك . وليس في نهي عمر عن ذلك ما ينافي السنة حتى يتراجع عنه ، بل فيها ما يشهد ، فقد صح عن أبي هريرة قال :

((جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : إني تزوجت امرأة من الأنصار ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((هل نظرت إليها فإن في عيون الأنصار شيئاً؟ )) ، قال ((على كم تزوجتها؟)) قال أربع أواق ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ((على أربع أواق؟! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل)) رواه مسلم .

وإذا تبين أن نهي عمر رضي الله عنه عن التغالي في المهور موافق للسنة ، وحينئذٍ يمكن أن نقول إن في القصة نكارة أخرى تدل على بطلانها ، ذلك أن نهيه ليس فيه ما يخالف الآية ، لأن نهيه موافق للسنة وليس هو من باب التحريم بل التنزيه .

الأمر الآخر : أن الآية وردت في المرأة التي يريد الزوج أن يطلقها ، وكان قدم لها مهراً ، فلا يجوز له أن يأخذ منه شيئاً دون رضاها ، مهما كان كثيراً ، فقد قال تعالى ((وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً)) (النساء:20).

فالآية وردت في وجوب المحافظة على صداق المرأة وعدم الاعتداء عليه ، وحديث عمر جاء لتلطيف المهر وعدم التغالي فيه.

هذا والله أعلم .



ناصر السنة

نور بوظبي
15-06-2003, 06:58 AM
جزاك الله خير وبارك الله فيك ..


استمتعت في قرائتي للطرق المختلفة للحديث و كيفية المقارنة بينها


بارك الله فيكم

الألباني
17-06-2003, 05:05 AM
ونشكركم على المتابعة والتشجيع .


ناصر السنة

الألباني
24-06-2003, 11:54 AM
يرفع .


ناصر السنة