دموع تائبة
21-12-2003, 07:56 AM
الحمد لله الذي جعل اليقين سكينة لقلوب المؤمنين وسلوى للمصابين فوجدوا به العزاء عند المصاب العظيم والخطب الجسيم فلم يخالط قلوبهم تبرّم ولا جزع وإنمّا هو الإيمان والرضا والتسليم...وتلك عدّة الموقنين !!!
علموا أن : (ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك)
وأدركوا أن : (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في السماء إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير)
استيقنت ذلك نفوسهم فكانت سكينة القلب وطمأنينة النفس وتسليم الأمر فاستعذبوا الآلام عند الخطوب الجسام فتحجرت في العيون دمعاتها ، وغصّت بالحلوق عبراتها ، واحتبست في النفوس آهاتها رضـًا واحتسابًا ، فلا ترى إلا تجلدًا واصطبارًا ، ولا تسمع إلا حمدًا واسترجاعًا واستغفارًا ، وإنها لمنزلة عالية لا تبلغها إلا نفس آمنت بربها وانطوى قلبها على حبه فدفعها صادق الحب إلى التجلد تحريًا لصادق الوعد...
(وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون…أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)
إنه الصبر والرضا بل هو عين التوكل فـ (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) تلك حقيقة أقرها الإمام ابن قيم الجوزية حين قال في منزلة اليقين في تهذيب مدارج السالكين: (ومتى وصل "اليقين" إلى القلب امتـــــلأ نورًا وإشراقًا وانتفى عنه كل ريب وسخط وهم وغم فامتلأ محبة لله وخوفًا منه ورضًا به وشكرًا له وتوكلاً عليه وإنابة إليه فهــو مادَّة جميع المقامات والحامل لها )
نعم باليقين تترجم الجوارح معنى الحب والرضا بالصبر على القضاء ، ويترجم اليقين عن قوة الإيمان حين تمازج لذة الاحتساب ألم المصاب فتجعله أحلى من الشهد…ولابد دون الشهد من إبر النحل…
إن تلك اللذة لا تطعمها إلا نفس آمنت بربها حق الإيمان فبلغ ذاك الإيمان منها مبلغ السويداء من القلب والقلب من الجسد فهان عندها فقد الولد ومرض الجسد ، وقصر عندها الأمل وعاشت ترتقب الأجل يقينًا بأن ما عند الله خير وأبقى.
تلك مدرسة اليقين التي تتلمذت فيها نفوس المؤمنين فسطروا أروع معاني الرضا والصبر على المصاب يقينًا بما عند الله...ذاك اليقين هو الذي بعث أم حارثة على كبح جماح حزنها فما جزعت وما تحرك لها ساكن حين أخبرها عليه الصلاة والسلام أن ابنها أصاب الفردوس الأعلى وهي القائلة: (فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب وإن تك الأخرى تر ما أصنع).
فما الذي ألجم حزنها حين علمت أنه في جنة الفردوس ، وما الذي حملها على الصبر ؟!!….إنه اليقين ولا ريب ثم إننا إن تأملنا موقف الخنساء من مقتل أخيها صخر في الجاهلية وجدنا التفجع والجزع وهي القائلة:
ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي
ثم إن نظرنا كيف هذب اليقين عواطفها بل كيف هون وقع المصاب عليها لوجدنا مفارقة عجيبة فقد فقدت أبناءها الأربعة ، فماذا كان قولها ؟ لقد قالت: (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وإني لأرجو أن يجمعني بهم في مستقر رحمته) فمن التفجع والجزع إلى التسليم والرضا...فما الذي بدل حالها ؟!
إنه اليقين الذي يربى النفس ويهذب الوجدان والحس..هو ثمرة الإيمان الحق الذي خص الله أهله بالهدى والفلاح في الدنيا والآخرة فقال فيهم عز من قائل:(الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون*والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون*أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون).
ورحم الله عطاء الخرساني إذ كان لا يقوم من مجلسه حتى يقول: (اللهم هب لنا يقينًا بك حتى تهون علينا مصيبات الدنيا وحتى نعلم إنه لا يصيبنا إلا ما كتب علينا).
التوقيع: فلتصبري الصبر الجميل فإنه تاج اليقين وحلية العظماء
بقلم :
أختكم في الله
دموع تائبة
علموا أن : (ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك)
وأدركوا أن : (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في السماء إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير)
استيقنت ذلك نفوسهم فكانت سكينة القلب وطمأنينة النفس وتسليم الأمر فاستعذبوا الآلام عند الخطوب الجسام فتحجرت في العيون دمعاتها ، وغصّت بالحلوق عبراتها ، واحتبست في النفوس آهاتها رضـًا واحتسابًا ، فلا ترى إلا تجلدًا واصطبارًا ، ولا تسمع إلا حمدًا واسترجاعًا واستغفارًا ، وإنها لمنزلة عالية لا تبلغها إلا نفس آمنت بربها وانطوى قلبها على حبه فدفعها صادق الحب إلى التجلد تحريًا لصادق الوعد...
(وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون…أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)
إنه الصبر والرضا بل هو عين التوكل فـ (قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا) تلك حقيقة أقرها الإمام ابن قيم الجوزية حين قال في منزلة اليقين في تهذيب مدارج السالكين: (ومتى وصل "اليقين" إلى القلب امتـــــلأ نورًا وإشراقًا وانتفى عنه كل ريب وسخط وهم وغم فامتلأ محبة لله وخوفًا منه ورضًا به وشكرًا له وتوكلاً عليه وإنابة إليه فهــو مادَّة جميع المقامات والحامل لها )
نعم باليقين تترجم الجوارح معنى الحب والرضا بالصبر على القضاء ، ويترجم اليقين عن قوة الإيمان حين تمازج لذة الاحتساب ألم المصاب فتجعله أحلى من الشهد…ولابد دون الشهد من إبر النحل…
إن تلك اللذة لا تطعمها إلا نفس آمنت بربها حق الإيمان فبلغ ذاك الإيمان منها مبلغ السويداء من القلب والقلب من الجسد فهان عندها فقد الولد ومرض الجسد ، وقصر عندها الأمل وعاشت ترتقب الأجل يقينًا بأن ما عند الله خير وأبقى.
تلك مدرسة اليقين التي تتلمذت فيها نفوس المؤمنين فسطروا أروع معاني الرضا والصبر على المصاب يقينًا بما عند الله...ذاك اليقين هو الذي بعث أم حارثة على كبح جماح حزنها فما جزعت وما تحرك لها ساكن حين أخبرها عليه الصلاة والسلام أن ابنها أصاب الفردوس الأعلى وهي القائلة: (فإن يك في الجنة أصبر وأحتسب وإن تك الأخرى تر ما أصنع).
فما الذي ألجم حزنها حين علمت أنه في جنة الفردوس ، وما الذي حملها على الصبر ؟!!….إنه اليقين ولا ريب ثم إننا إن تأملنا موقف الخنساء من مقتل أخيها صخر في الجاهلية وجدنا التفجع والجزع وهي القائلة:
ولولا كثرة الباكين حولي على إخوانهم لقتلت نفسي
ثم إن نظرنا كيف هذب اليقين عواطفها بل كيف هون وقع المصاب عليها لوجدنا مفارقة عجيبة فقد فقدت أبناءها الأربعة ، فماذا كان قولها ؟ لقد قالت: (الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وإني لأرجو أن يجمعني بهم في مستقر رحمته) فمن التفجع والجزع إلى التسليم والرضا...فما الذي بدل حالها ؟!
إنه اليقين الذي يربى النفس ويهذب الوجدان والحس..هو ثمرة الإيمان الحق الذي خص الله أهله بالهدى والفلاح في الدنيا والآخرة فقال فيهم عز من قائل:(الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون*والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون*أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون).
ورحم الله عطاء الخرساني إذ كان لا يقوم من مجلسه حتى يقول: (اللهم هب لنا يقينًا بك حتى تهون علينا مصيبات الدنيا وحتى نعلم إنه لا يصيبنا إلا ما كتب علينا).
التوقيع: فلتصبري الصبر الجميل فإنه تاج اليقين وحلية العظماء
بقلم :
أختكم في الله
دموع تائبة