PDA

View Full Version : حرب الجيل الرابع...المرحلة الثالثة للمقاومة


هجران
01-04-2004, 08:49 PM
تعتقد الإدارة الأمريكية وخصوصاً مخابراتها والبنتاغون بأن الحرب على العراق وإحتلاله مرّت بثلاثة مراحل، حسب ما نشرته صحيفة "واشنطن بوست" المقربة من دوائر القرار الأمريكية. وهذه المراحل هي: المرحلة الأولى: الحرب الرسمية بين العراق وأمريكا ومن جاء معها والتي إنتهت بسقوط بغداد. المرحلة الثانية: مرحلة حرب التحرير الوطنية التي قام بها أعضاء في حزب البعث وأفراد من الجيش العراقي السابق والفدائيون المرتبطون بهذا التوجه. والمرحلة الثالثة: وهي التي من المحتمل جداً أن تكون المرحلة الحاسمة، هي حرب الجيل الرابع الحقيقية، حرب تشن بتشكيلة عريضة من قوى عراقية سياسية ودينية لها نفس الأهداف والدوافع وهي مقاومة المحتلين وأعوانهم وطردهم من العراق، حرب صعبة جداً بالنسبة للمحتلين حيث تتمثل صعوبتها من أنه ليس وراءها تنظيم واحد بل عدة تنظيمات وتعمل بشكل لامركزي وحيث تكمن صعوبة إحتواءها والقضاء عليها .

فمرحباً بالمرحلة الثالثة للحرب، حرب الجيل الرابع للمقاومة، إن كانت هذه المرحلة هي التي يعتقد الأمريكان أنها قد بدأت والتي ستمثل في المستقبل المنظور الشكل المهيمن والفعال لعمليات المقاومة ضدهم في العراق .

فإن كانت تلك هي فعلاً المرحلة الثالثة لمقاومة الإحتلال، فماذا يا ترى ستكون عواقبها على محاولات أمريكا خلق ما تسميه "عراق ديمقراطي مستقر" ؟ إنه بالتأكيد سيمثل عائقاً كبيراً أمام وضع خططها موضع التنفيذ والتي رسمتها لما بعد إحتلالها للعراق وذلك للأسباب التالية: أولاً، إنه يعني صعوبة بالغة إن لم تكن مهمة مستحيلة لخططها من أجل إنشاء دولة عراقية عاملة وليس فقط حكومة خونة يعيشون تحت حماية قواتها في الحزام الأخضر، إذ أن حرب الجيل الرابع تمثل مقاومة جديدة بعيدة جزئياً بمكوناتها عن المرحلة الثانية إلا أنها ملتصقة بها من حيث الثوابت والأهداف المتوخاة . إضافة لذلك، فإنه مع إستمرار المرحلة الثالثة الحالية وتسريعها ستظهر أكثر فأكثر تنظيمات جديدة أخرى مستوعبة دروس وتكتيكات حركات المقاومة الأخرى التي سبقتها في التصدي للإحتلال، وبالرغم من تباين أيديولوجياتها فإنها جميعاً تعمل من أجل هدف مشترك واحد وهذا ما سيجعل المحتلين يذوقون مرارة لم يحسبوا حسابها من قبل . والأهم من ذلك هو أنه حتى لو تعرضت واحدة أو أكثر من حركات المقاومة إلى هزيمة أو إنحسار لعملياتها بفعل الضربات الأمريكية لها فهذا بالتأكيد لا يعني هزيمتها بأجمعها لأن جميع فصائل المقاومة العراقية تعمل بشكل لا مركزي وأنها غير مرتبطة بعضها بالبعض الآخر ولا يوجد هناك مركز مفصلي واحد لقيادتها جميعاً لكي يمكن توجيه ضربة له من قبل المحتلين وأعوانهم يؤدي إلى إنحسار عملياتها بأجمعها، إضافة إلى إستمرار ظهور فصائل مقاومة جديدة تعوض إنحسار تلك الفصيلة أو الفصائل التي قد تتأثر بالضربات الأمريكية . كما أن قوات الإحتلال، ورغم عددها الكبير، تواجه الآن حرب إستنزاف موجعة، وأن هذه القوات بالرغم من فعالية سلاحها والتقنية العالية المتوفرة لها لصد المقاومة ومحاولة تحييدها أو القضاء عليها فإنها بالتأكيد سوف لن تكون قادرة على ذلك لسبب بسيط هو أنها تقاتل في أرض ليست بأرضها، إضافة إلى أن أعداد المقاومين بالتأكيد أكثر من أعداد قواتها لذا فمهما قدمت المقاومة من شهداء على طريق التحرير فإنها ستبقى دائماً متفوقة عددياً على قوات الإحتلال .

كما أن أهمية كثرة عدد فصائل المقاومة العراقية وعدم إرتباطها تحت قيادة مركزية واحدة جعل قوات الإحتلال تواجه مسألة شائكة في تحييد المقاومة أو التقليل من فعالياتها وضرباتها ذلك لأن قوات الإحتلال، لو إستطاعت ذلك، لم تتمكن لحد الآن التحدث مع قادة أي فصيل من فصائل المقاومة لغرض تحييده من جهة أو إيجاد أي موضوع مقنع يمكن التحدث به معه من جهة أخرى ذلك لأن إستراتيجية جميع قيادات فصائل المقاومة هو إيقاع أقسى الضربات والخسائر البشرية والمادية بقوات الإحتلال والمتعاونين معها ولا يوجد هناك ما يمكن التحدث به مع قوات الإحتلال . كذلك عندما يكون حماس المقاومة في طرد المحتلين ليس سياسياً بحتاً فقط بل دينياً أيضاً فالمسألة بالنسبة للمحتلين تصبح أكثر تعقيداً إذ لا يوجد هناك قاسم مشترك أو موضوع فاصل يمكن التحدث به مع أي فصيل من فصائل المقاومة ذات المنحى الديني، وأن تحييد فصيل أو أكثر من فصائل المقاومة يبقى عديم الفائدة بالنسبة للإحتلال لأن إخراج ذلك الفصيل أو تلك الفصائل سيبقي الحركات الأخرى قادرة على إيقاع ضرباتها بالعدو . وتجدر الإشارة إلى أن قوات الإحتلال وأعوانها في مجلس الحكم الذي جاءوا به هي التي تحاول الإنغلاق وتتحاشى بشكل مستمر تعرضها لضربات المقاومة وليس العكس وهذا ما يشكل عقبة كبيرة لهم في التصدي لها . من هنا يتبين أن وجود فصائل عديدة للمقاومة العراقية لها هدف مشترك واحد ولكنها ترتبط بقيادات ذات توجهات أيديولوجية مختلفة بدلاً من إرتباطها بقيادة سياسية واحدة هو أفضل سبيل لدحر الإحتلال وأعوانه، ومن هنا جاء إسم الجيل الرابع الجديد للمقاومة المسلحة الشعبية العراقية .

وعند وضع الأمور أعلاه سوية فإنه سوف لن يبقى أمام المحتلين وأعوانهم إلا التفكير بحل واحد ألا وهو إنسحاب كافة قواتهم الغازية من العراق والذي سيمثل بالتالي أكبر هزيمة عسكرية وسياسية لأمريكا وحلفاءها وبذلك ستتغير خصوصية هذه الحرب القذرة التي شنتها وتشنها تلك القوات على العراق والعراقيين .

وإستناداً لمخابراتها، فإن ما تتوقعه أمريكا وحلفاءها في العراق هو ليست ولادة مقاومة ذات أيديولوجيات سياسية فقط بل الدخول التدريجي لمقاومة تحفزها دوافع دينية، كما يعتقد الإحتلال بأنه ستكون هناك ولادة لنوع أخطر على قواتها وهو دخول عنصر الأطفال والنساء الذين سيلعبون دوراً فعالاً في تصعيد حدة المقاومة وإتساعها جغرافياً وكذلك تعاون أفراد من قوات الشرطة والأمن معها إضافة إلى إمكانية حدوث عصيان مدني واسع النطاق قد ينهي الأمر بحدوث إنتفاضة شعبية عارمة . وبناء على تزايد وتيرة ما تتكبده قوات الإحتلال من خسائر والتي تزداد على مر الأيام وكما تتوقعه دوائر المخابرات الأمريكية ومخابرات الدول الأخرى المتحالفة معها في إحتلال العراق فإن الصيف القادم قد يكون بداية إنتعاش سريع لعمليات المقاومة، وإن حدث ذلك فسيكون العراق لبناناً وصومالاً أخرى وعليه سيكون لقوات الإحتلال في العراق خيار واحد فقط وهو سرعة مغادرتهم إن أرادوا تجنب هزيمة مذلة لهم .

لقد حاولت أمريكا وأجهزة مخابراتها والماكنة الإعلامية التي تدور بفلكها التقليل من وقع تأثير المقاومة على خطط الإحتلال المرسومة للعراق مدعية مرة بأنها "حوادث متفرقة" من فعل بقايا النظام السابق ومرة أخرى بأنها من قبل تنظيم القاعدة أو من يسمونهم بالمقاتلين من "خارج الحدود"، إلا أن حدة المقاومة و هجماتها المتزايدة والنوعية في كل أنحاء البلاد سواء على قوات الإحتلال أو المتعاونين معها من العراقيين قد حطمت تلك الخرافة . والأهم من ذلك أن جميع العراقيين الرافضين للإحتلال وأعوانه في "مجلس الحكم" يعلمون تمام العلم بأن مقاومة الإحتلال يقوم بها عراقيون أباة رفضوا ويرفضون تدنيس أرض الرافدين من قبل هؤلاء الذين ما جاءوا إلا لتدمير العراق والسيطرة على ثرواته .