بو عبدالرحمن
03-04-2004, 03:15 AM
قال الرواي :
منذ ان بلغت المرحلة الثانوية ، كنت أعشق القراءة ، وأجد فيها متعةً ، لا احسب أن إنسانا يجد بعضها في ملذاته التي ينفق عليها الكثير ، ويخسر بسببها من صحته وإيمانه !!
يوم كنت في المرحلة الثانوية كان بحوزتي مجموعة محددة من الكتب أثيرة بالنسبة إلي ، مجموعة من كتب أديب العربية الرافعي ، ومجموعة من كتب شيخ الأدباء ، وأديب الشيوخ علي الطنطاوي ، وبعض كتب للمنفلوطي ، وكتاب من أربعة أجزاء للزيات ، وبعض روايات نجيب الكيلاني ، ومجموعة قصصية لمحمود تيمور _ وغيرها _
( هذا كله قبل أن أعرف الطريق إلى كتب الدعاة إلى الله ..)
كلما أعدت قراءة هذه الكتب _ أو فصول فيها _ خيل إليّ كأني اقرأها للوهلة الأولى ، فأسافر مع كلماتها ومعانيها سفرا جديدا في كل مرة .!!
لا أزال معها في حل وترحال .! وكلما فرغت من رحلة شرعت في أخرى .! وفي كل مرة أعود من رحلتي بزاد وفير ، وغنيمة باردة !!
وكلما زدتها نظرا زادتني عطاء !!
كلمات المح فيها بهجة الصباح إذا اطل بوجهه على الدنيا !
ومن هنا يكون أثرها واضحا في نفسي.. وكما لا يمكن ان يمل الناس إطلالة الصباح الباسم على دنياهم أجدني كذلك لا أمل من اطلالتي على هذه الكلمات المتألقه كالضحى ،
كنت أجد متعه مضاعفة كلما اشتريت كتابا جديدا !
ومضيت على هذا زمنا..!!
يطرب الناس إذا سافروا هنا وهناك ، يسيحون في الأرض _ ومنهم من يسيح في سياحته !!! _
يسافروا بزعمهم ليجدوا نسائم حياتهم بهذا السفر المتجدد ، هكذا يزعمون غير اني كنتُ أسافر وأنا في مكاني !!
أسافر مع كتبي سفرا اغبط نفسي عليه ! حيث أجدني أتجدد في كل مرة ، فأجوب بلادا كثيرة وانتقل عبر القراءة ، وأعيش إحداثا مختلفة وارى مباهج ملونة ، واطل على عوالم متنوعة ، وافتتح آفاقا راقيه ، واقدح فكرا بفكر ، وأسمع وأرى وأشاهد ..
وتهب على قلبي ألوان من صدى هذا كله ،
وأعجب من هؤلاء الذين ينفقون الأموال الطائلة ، ليشاهدوا معالم ويروا آثارا ، ويطّلعوا على عادات وتقاليد شعوب أخرى ،!!
ويعجبون مني حين أخبرهم كيف أني أجد هذا كله واكثر منه وأضعاف أضعافه بين كتبي ..!
فاذا جمعنا مجلس من مجالس الناس ، تحدثت وهم صامتون ،
وعبّرت عما خرجت به من رحلتي وهم مبهورون !
وتكلمت عن مشاهداتي وانطباعاتي وخواطري ، فيما رأيت وسمعت وشاهدت وهم مذهولون .!!
العجب كل العجب ممن يسافر من بلد الى بلد ، وينفق الكثير من المال والجهد والوقت ، كيف لا يبذل من وقته للاقبال على الله بهمة ، ثم يرى ما يمنحه مولاه.!
إلى هنا والأمر قد يكون مثيراً بالنسبة للبعض لكن الأكثر إثارة ..
أنني أفقت ذات يوم على حقيقة مذهله جعلتني أترنح وأنا في مكاني ، وشعرت شعور من كان يحوم حول الجنة ولم يدخلها وهو يتوهم انه فيها !!
ذات يوم كنتُ أصغي مليا الى سورة يوسف ، بصوت شجي مؤثر ، فكأنما يشرح المعاني بطريقة أدائه ، وتندت عيناي يومها بسخاء !!
وسألت نفسي : ترى كم أعطي من وقتي لكتاب الله سبحانه ، وهو خير الكتب وأرقاها وأزكاها وأعلاها وأقواها صدى ..!!
وهو الكتاب الذي وصفه الله بأنه نور ، وهدى ، وشفاء ، وبصائر للناس ..
الست اقضي ساعات من يومي وليلي ، مع هذه الكتب كأنما أنا في بستان من بساتين الجنه ، أنعم فيها والتذ بها ، واطرب لها وبها..؟!
لماذا لا أضع النقاط فوق حروفها ..؟؟
لماذا لا يكون اقبالي على كتاب الله الخالق ، كإقبالي على هذه الكتب التي سطرها المخلوق ..!!
أيكون لكلام المخلوق أثرا أقوى من كلام الخالق !!
أيكون لكلام المخلوق قوة اشد من كلام رب السماء والأرض !!
أيجد الإنسان متعة وهو يقرأ لكلام إنسان مملوء بالقصور والتقصير ، والأخطاء والخطايا ، ولا يجد هذه المتعة مع كلام رب العالمين ؟؟!
أيكون المخلوق أكثر إبداعا من المبدع جل وعلا ؟!!!
إن في هذا الكتاب سر الحياة كلها ، وهو نورها وروح روحها ، وفيه شرف هذه الأمه وعزها ومجدها ، وان العيش معه لهو الجنة المعجلة !
وتفكرت في هذه المسالة طويلا ..
واستقر رأيي ان سر العلة من داخلنا .. من تحكم الهوى علينا .. من انجرافنا مع هذا الهوى .. من إعطاء النفس رغباتها بلا محاسبة ، ولا ضابط ولا رقيب الا الرقيب الهش في كثير من الأحيان ..
ورجعت إلى نفسي أقول لها في حزم وجزم :
آن الأوان الآن أن نضع الأمور في نصابها.. أن نعيد المياه الى مجاريها..
ولنجعل من تلك الفترة السابقة الطويلة مع تلك القراءات ، رصيدا وزادا وفيرا ننتفع بها في رحلتنا الجديدة مع القران الكريم ..
وإذا كانت رحلتي مع ألوان الكتب ، قد عطرت حياتي فلأجعل رحلتي مع كتاب ربي جنتي التي أفئ إليها ، وأتفيأ ظلالها ، وأجدد روحي معها ، واغمس نفسي في أنهارها ، وأتمتع بمباهج ، وأتشرب أنوارها !!
وإذا كنت قد وجدت في كلام البشر متعة ، فاني واجد بلا ريب في كلام رب البشر ما لم تر عين ولم تسمع أذن ، ولا خطر على قلب بشر !!!!!!!!!
وشرعت في رحلتي المشرقة مع القران الكريم ، فكانما فتحت لي السماء أبوابها متتابعة .!!
لاسيما وقد دفعني هذا إلى أن أعود إلى بعض التفاسير ، منها على سبيل المثال :
تفسير ابن كثير ، وفي ظلال القرآن ..
وعدت أيضا إلى كتب أسباب النزول ..
بل إن القرآن شدني هو الآخر لأفتح ملف السيرة النبوية ، لأني أدركت أن فهمي لهذه الآيات المباركة الكريمة حتى أعايشها وانفعل معها ، يحتاج مني أن أعرف تفاصيل التفاصيل في السيرة النبوية ، فقرأت عدة كتب في السيرة ، منها سيرة ابن هشام ، وزاد المعاد ، وكتاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، والرحيق المختوم ، وفقه السيرة .. وغيرها ..
لقد كنت أعيش مع فلان وفلان من المؤلفين ، واستمتع بهذه الصحبة ، وانتفع بها في حياتي ..!!
وأصبحت الآن أعيش مع الملائكة الكرام في صحبة النبيين والصديقين ، بين يدي الله سبحانه أسمعه كأنما يحدثني أنا شخصياً بهذه الآيات !!!!
فهل في الدنيا متعه تعدل هذه المتعة .!
ثم انتقل من هذه الأجواء السماوية ، لأخلط نفسي بأجواء مباركة أخرى أجد صداها بوضوح ، وأنا أعيش أحداث السيرة ،
والعيش مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جنبا إلى جنب ، ومع الصحابة الكرام ، ثم سير العلماء الربانيين ، تقتبس روحي من أنوار أرواحهم ، ويتشرب قلبي من فيض أجوائهم ..
مرة أخرى أسأل وأنا في حالة انتشاء لا يعلم روعتها إلا الله :
هل في الدنيا متعة تعدل هذه المتعة في هذه الأجواء التي تفيض بالأنوار .؟!
كلا والله ، بل أني احسب ان أهل الجنة لا يزيدون كثيرا ..!!
نعم هذا هو النعيم الذي يتذوقه من عاش مع كتاب الله ، وسيرة نبيه بكلية قلبه ليلا ونهارا ، وقائما وقاعدا ، وواقفا ومتحركا ، حتى لكأنما تشربت خلاياه معاني كلام الله جل جلاله ، وسرت فيه أنواره .. !!
هل في دنيا الناس نعيما يعادل هذا النعيم !؟
يا حسرة على العباد ..!
نسأل الله أن يذيق قلوبنا حلاوة الإقبال عليه ، ولذة الأنس به ، ومتعة الضراعة بين يديه .. اللهم آمين
منذ ان بلغت المرحلة الثانوية ، كنت أعشق القراءة ، وأجد فيها متعةً ، لا احسب أن إنسانا يجد بعضها في ملذاته التي ينفق عليها الكثير ، ويخسر بسببها من صحته وإيمانه !!
يوم كنت في المرحلة الثانوية كان بحوزتي مجموعة محددة من الكتب أثيرة بالنسبة إلي ، مجموعة من كتب أديب العربية الرافعي ، ومجموعة من كتب شيخ الأدباء ، وأديب الشيوخ علي الطنطاوي ، وبعض كتب للمنفلوطي ، وكتاب من أربعة أجزاء للزيات ، وبعض روايات نجيب الكيلاني ، ومجموعة قصصية لمحمود تيمور _ وغيرها _
( هذا كله قبل أن أعرف الطريق إلى كتب الدعاة إلى الله ..)
كلما أعدت قراءة هذه الكتب _ أو فصول فيها _ خيل إليّ كأني اقرأها للوهلة الأولى ، فأسافر مع كلماتها ومعانيها سفرا جديدا في كل مرة .!!
لا أزال معها في حل وترحال .! وكلما فرغت من رحلة شرعت في أخرى .! وفي كل مرة أعود من رحلتي بزاد وفير ، وغنيمة باردة !!
وكلما زدتها نظرا زادتني عطاء !!
كلمات المح فيها بهجة الصباح إذا اطل بوجهه على الدنيا !
ومن هنا يكون أثرها واضحا في نفسي.. وكما لا يمكن ان يمل الناس إطلالة الصباح الباسم على دنياهم أجدني كذلك لا أمل من اطلالتي على هذه الكلمات المتألقه كالضحى ،
كنت أجد متعه مضاعفة كلما اشتريت كتابا جديدا !
ومضيت على هذا زمنا..!!
يطرب الناس إذا سافروا هنا وهناك ، يسيحون في الأرض _ ومنهم من يسيح في سياحته !!! _
يسافروا بزعمهم ليجدوا نسائم حياتهم بهذا السفر المتجدد ، هكذا يزعمون غير اني كنتُ أسافر وأنا في مكاني !!
أسافر مع كتبي سفرا اغبط نفسي عليه ! حيث أجدني أتجدد في كل مرة ، فأجوب بلادا كثيرة وانتقل عبر القراءة ، وأعيش إحداثا مختلفة وارى مباهج ملونة ، واطل على عوالم متنوعة ، وافتتح آفاقا راقيه ، واقدح فكرا بفكر ، وأسمع وأرى وأشاهد ..
وتهب على قلبي ألوان من صدى هذا كله ،
وأعجب من هؤلاء الذين ينفقون الأموال الطائلة ، ليشاهدوا معالم ويروا آثارا ، ويطّلعوا على عادات وتقاليد شعوب أخرى ،!!
ويعجبون مني حين أخبرهم كيف أني أجد هذا كله واكثر منه وأضعاف أضعافه بين كتبي ..!
فاذا جمعنا مجلس من مجالس الناس ، تحدثت وهم صامتون ،
وعبّرت عما خرجت به من رحلتي وهم مبهورون !
وتكلمت عن مشاهداتي وانطباعاتي وخواطري ، فيما رأيت وسمعت وشاهدت وهم مذهولون .!!
العجب كل العجب ممن يسافر من بلد الى بلد ، وينفق الكثير من المال والجهد والوقت ، كيف لا يبذل من وقته للاقبال على الله بهمة ، ثم يرى ما يمنحه مولاه.!
إلى هنا والأمر قد يكون مثيراً بالنسبة للبعض لكن الأكثر إثارة ..
أنني أفقت ذات يوم على حقيقة مذهله جعلتني أترنح وأنا في مكاني ، وشعرت شعور من كان يحوم حول الجنة ولم يدخلها وهو يتوهم انه فيها !!
ذات يوم كنتُ أصغي مليا الى سورة يوسف ، بصوت شجي مؤثر ، فكأنما يشرح المعاني بطريقة أدائه ، وتندت عيناي يومها بسخاء !!
وسألت نفسي : ترى كم أعطي من وقتي لكتاب الله سبحانه ، وهو خير الكتب وأرقاها وأزكاها وأعلاها وأقواها صدى ..!!
وهو الكتاب الذي وصفه الله بأنه نور ، وهدى ، وشفاء ، وبصائر للناس ..
الست اقضي ساعات من يومي وليلي ، مع هذه الكتب كأنما أنا في بستان من بساتين الجنه ، أنعم فيها والتذ بها ، واطرب لها وبها..؟!
لماذا لا أضع النقاط فوق حروفها ..؟؟
لماذا لا يكون اقبالي على كتاب الله الخالق ، كإقبالي على هذه الكتب التي سطرها المخلوق ..!!
أيكون لكلام المخلوق أثرا أقوى من كلام الخالق !!
أيكون لكلام المخلوق قوة اشد من كلام رب السماء والأرض !!
أيجد الإنسان متعة وهو يقرأ لكلام إنسان مملوء بالقصور والتقصير ، والأخطاء والخطايا ، ولا يجد هذه المتعة مع كلام رب العالمين ؟؟!
أيكون المخلوق أكثر إبداعا من المبدع جل وعلا ؟!!!
إن في هذا الكتاب سر الحياة كلها ، وهو نورها وروح روحها ، وفيه شرف هذه الأمه وعزها ومجدها ، وان العيش معه لهو الجنة المعجلة !
وتفكرت في هذه المسالة طويلا ..
واستقر رأيي ان سر العلة من داخلنا .. من تحكم الهوى علينا .. من انجرافنا مع هذا الهوى .. من إعطاء النفس رغباتها بلا محاسبة ، ولا ضابط ولا رقيب الا الرقيب الهش في كثير من الأحيان ..
ورجعت إلى نفسي أقول لها في حزم وجزم :
آن الأوان الآن أن نضع الأمور في نصابها.. أن نعيد المياه الى مجاريها..
ولنجعل من تلك الفترة السابقة الطويلة مع تلك القراءات ، رصيدا وزادا وفيرا ننتفع بها في رحلتنا الجديدة مع القران الكريم ..
وإذا كانت رحلتي مع ألوان الكتب ، قد عطرت حياتي فلأجعل رحلتي مع كتاب ربي جنتي التي أفئ إليها ، وأتفيأ ظلالها ، وأجدد روحي معها ، واغمس نفسي في أنهارها ، وأتمتع بمباهج ، وأتشرب أنوارها !!
وإذا كنت قد وجدت في كلام البشر متعة ، فاني واجد بلا ريب في كلام رب البشر ما لم تر عين ولم تسمع أذن ، ولا خطر على قلب بشر !!!!!!!!!
وشرعت في رحلتي المشرقة مع القران الكريم ، فكانما فتحت لي السماء أبوابها متتابعة .!!
لاسيما وقد دفعني هذا إلى أن أعود إلى بعض التفاسير ، منها على سبيل المثال :
تفسير ابن كثير ، وفي ظلال القرآن ..
وعدت أيضا إلى كتب أسباب النزول ..
بل إن القرآن شدني هو الآخر لأفتح ملف السيرة النبوية ، لأني أدركت أن فهمي لهذه الآيات المباركة الكريمة حتى أعايشها وانفعل معها ، يحتاج مني أن أعرف تفاصيل التفاصيل في السيرة النبوية ، فقرأت عدة كتب في السيرة ، منها سيرة ابن هشام ، وزاد المعاد ، وكتاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، والرحيق المختوم ، وفقه السيرة .. وغيرها ..
لقد كنت أعيش مع فلان وفلان من المؤلفين ، واستمتع بهذه الصحبة ، وانتفع بها في حياتي ..!!
وأصبحت الآن أعيش مع الملائكة الكرام في صحبة النبيين والصديقين ، بين يدي الله سبحانه أسمعه كأنما يحدثني أنا شخصياً بهذه الآيات !!!!
فهل في الدنيا متعه تعدل هذه المتعة .!
ثم انتقل من هذه الأجواء السماوية ، لأخلط نفسي بأجواء مباركة أخرى أجد صداها بوضوح ، وأنا أعيش أحداث السيرة ،
والعيش مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جنبا إلى جنب ، ومع الصحابة الكرام ، ثم سير العلماء الربانيين ، تقتبس روحي من أنوار أرواحهم ، ويتشرب قلبي من فيض أجوائهم ..
مرة أخرى أسأل وأنا في حالة انتشاء لا يعلم روعتها إلا الله :
هل في الدنيا متعة تعدل هذه المتعة في هذه الأجواء التي تفيض بالأنوار .؟!
كلا والله ، بل أني احسب ان أهل الجنة لا يزيدون كثيرا ..!!
نعم هذا هو النعيم الذي يتذوقه من عاش مع كتاب الله ، وسيرة نبيه بكلية قلبه ليلا ونهارا ، وقائما وقاعدا ، وواقفا ومتحركا ، حتى لكأنما تشربت خلاياه معاني كلام الله جل جلاله ، وسرت فيه أنواره .. !!
هل في دنيا الناس نعيما يعادل هذا النعيم !؟
يا حسرة على العباد ..!
نسأل الله أن يذيق قلوبنا حلاوة الإقبال عليه ، ولذة الأنس به ، ومتعة الضراعة بين يديه .. اللهم آمين