PDA

View Full Version : لماذا تعمل المرأة خارج المنزل !!


جيل
19-08-2004, 06:43 PM
ضمن مسلسل قراءات

عمل المرأة
الدكتورة شذى سلمان الدركزلي

تعزى اسباب اتجاه المرأة للعمل خارج البيت الى ثلاثة عوامل هي: العامل الاقتصادي، أي الحاجة المادية أو التحرر من التبعية المادية للرجل، والعامل الاجتماعي، لبناء علاقات اجتماعية مختلفة عن تلك التي في محيط العائلة، والعامل النفسي، للحصول على ارضاء للذات من خلال اداء نوع العمل الذي تميل اليه. وعندما يقارن العمل خارج البيت مع ذلك الذي داخل البيت فلا مفر من الاعتراف بأن الكثير من الاعمال التي تقوم بها المرأة خارج البيت لا تخلو من الروتين والملل الذي يوصف به عادة العمل في البيت من تنظيف واعداد الطعام. كما ان رئيس العمل قد يكون مُتعباً بأوامره ومطالبه مما لا يمكن مقارنته مع ماتشكو منه المرأة من تسلط الزوج وكثرة مطالبه، أضافة الى عدم المساواة في الاجر والموقع مع الرجل، فإذا كانت المرأة غير مرتاحة في العمل خارج البيت انعكس ذلك على العائلة وأدى الى زيادة المشاكل داخل البيت، أضافة الى تضاعف مقدار العمل الذي يجب على المرأة ان تقوم به داخل البيت وخارجه.
يُملي العامل النفسي على المرأة نوع العمل الذي تختاره، وبالضرورة سيملي عليها اختيار نوع الدراسة قبل ذلك. وتوفر الاحصائيات المؤشر الحقيقي للاتجاهات والميول عند المرأة، حيث ترتفع نسبة العاملات في مهن التعليم والتمريض والوظائف الكتابية أو السكرتارية. إضافة الى ما سبق ذكره من قلة نسبة النساء في مجال البحوث العلمية والهندسية، يبين الجدول (4_1 )النسبة المئوية الضئيلة للنساء في مجال المقاعد الوزارية أو المناصب العليا في المحاكم وغيرها في أربع دول اوروبية (Chamberlayne 1993). حيث تتميز فرنسا بنسبة عالية في المناصب الوزارية والسلطة القضائية.
وفيما يلي الجدول (4_1): والذي يبين النسبة المئوية للنساء العاملات في المناصب العليا في الحكومة والمحاكم وغيرها في أربع دول اوروبية (Chamberlayne
.(1993
الدولة
المناصب‌الوزارية
السلطة التشريعية
السلطة القضائية
الوظائف‌المدنيةالعليا
المملكة المتحدة
5, 4
5, 3
1, 4
5, 4
فرنسا
14
9, 5
12
4, 5
ايطاليا
3, 3
9, 7
7, 8
8, 5
المانيا الغربية
9, 5
3, 9
5
5
وفيما يلي متابعة العامل الاقتصادي، وهو أهم العوامل، لنجد ما حققته المرأة في الغرب من انجازات فيه.
اولاً: العامل الاقتصادي
إن مصادر دخل المرأة في القرن العشرين هي الرجل، أي الزوج، أو العمل خارج البيت أو الدولة، أي الضمان الاجتماعي. لقد اعترضت الحركات النسوية على عمل المرأة في بيتها باعتباره عملاً دون اجر، لذلك تعتبر هذه الحركات بأن المرأة اكتسبت الحرية الاقتصادية عندما اعتمدت على الدولة كمصدر للدخل من الضمان الاجتماعي (Lewis 1992). وارتبطت ظاهرة خروج المرأة للعمل مع التغيرات الاقتصادية في مختلف دول العالم. ففي الاتحاد السوفييتي (سابقا) كانت نسبة النساء العاملات هي 49% من المجموع الكلي للعاملين، أما في السويد فتهبط النسبة الى 27% (فريد 1980). وتشير الاحصائيات التي توردها جين لويس في كتابها الى الارتفاع السريع لعدد العاملات في بريطانيا بصورة عامة خلال حوالي نصف قرن، حيث ارتفعت النسبة من 29% في عام 1931 الى 45% عام1987 من المجموع الكلي للعاملين، كما في الجدول (4_2). كما يتضح العالم الاقتصادي من ملاحظة النسبة المرتفعة للمتزوجات العاملات لتوفير مصدر مالي ثانٍ للاسرة مع وجود الاطفال. فقد تضاعفت نسبة العاملات المتزوجات من المجموع الكلي للمتزوجات ما بين عام 1961، حيث كانت النسبة 35% وعام 1981، حيث ارتفعت النسبة الى 62% وهي اسرع زيادة بين باقي الزيادات في الجدول. لقد وضع بعض أرباب العمل في البداية شرطاً للنساء العاملات في بعض المجالات إما عدم الزواج وإما الاستقالة، الا ان شحة الايدي العاملة الرجالية خلال الحرب العالمية الثانية أدت الى رفع ذلك الشرط عن النساء العاملات.
وفيما يلي الجدول (4_2): الذي يبين النسب المئوية للنساء العاملات في بريطانيا خلال حوالي نصف قرن (Lewis 1992) .
النسب المئوية 1931 1951 1961 197 1981 1987
من مجموع العاملين الكلي 29 31 33 37 40 45
من مجموع‌النساءبعمر مابين 36 42 52 61
20_64 سنة
للعاملات بوقت جزئي من 12 26 35 42
مجموع العالمين
للمتزوجات العاملات من 26 35 49 62
مجموع المتزوجات
في أمريكا صدر قرار مساواة الاجر بين الرجل والمرأة عام 1963 وتبعه عام 1964 قانون المساواة في التعيين والترقية، وتلاه عام 1972 تعديل ليشمل قطاعات اخرى مثل التعليم. من الغريب ان النساء كن يدفعن للتخصصات التقاعدية أكثر مما يدفع الرجال على اساس انهن يعشن اكثر من الرجال، وتم اصدار قرار من المحكمة في عام 1978 يلغي هذا الفرق على اعتبار ان التعامل مع النساء بشأن الإقتطاعات التقاعدية يجب أن يكون فردياً لا جماعياً (Hartmann 1989) إن زيادة عدد العاملات لم يرفع الحيف الاقتصادي عنهن، حيث لاتزال الاجور الممنوحة للمرأة تقل عن تلك لنظيرها من الرجال. فقد ذكرت مارغريت هولُواي بأن 25% من النساء في أمريكا لايزلن يتقاضين اجوراً تقل عما يتقاضاه الرجال في الموقع نفسه وبالمؤهلات نفسها، كما ان احتمال عدم الحصول على العمل بالنسبة للنساء هو ضعف ذلك للرجال، فبالرغم من تشريع الكثير من القوانين للمساواة فان التطبيق الصارم لها لم يجد له مكاناً بعد (Holloway 1993).
اما في بريطانيا فإن معدل اجور المرأة يقل بنسبة 38% عن معدل اجور الرجل في عام 1972، وبعد صدور قانون مساواة الاجر عام 1975 الذي لم يباشر بتطبيقه إلا عام 1980، هبط الفرق الى 30%، ولايزال الفرق في الاجر والموقع مؤشـراً الى الهوة الواضحـة بين النظريـة والتطبيق حتى يومنا هذا (Lewis 1992) وقد أوضحت الارقام المقارنة بين بعض دول اوروبا ان الاجور الشهرية للنساء العاملات في الصناعة، من غير الاعمال اليدوية خلال عام 1991 هي 55% من تلك التي للرجال في لوكسمبورغ و 58% في بريطانيا 67% في فرنسا (Berrington 1995).
ثانيا: المرأة المسلمة والعمل
بدأ دخول المرأة المسلمة الى ميدان العمل في مصر بعد تأسيس الدولة الحديثة في عهد محمد علي وانشاء مدرسة الممرضات عام 1830 (آدم 1982). ومن أمثلة عمل النساء في العالم الاسلامي نجد أن احصائيات عام 1976 لنسبة المسهمات في العمل في العراق هي كما هو واضح في الجدول (4_3) (Rassam 1993, Dearden).
وفيما يلي الجدول (4_3): والذي يبين النسبة المئوية للنساء العاملات في العراق في المجالات المختلفة (Dearden 1983, *Rassam 1992).
المهنة
النسبة المئوية
التعليم*
5 ,38
الطب والصيدلة
30
تدريس جامعي
33
موظفة حكومية
33
الصناعة
26
الحقول الزراعية
45
وتورد نانسي جبرا وجوزيف جبرا في الجدول (4_4) النسبة المئوية للنساء العاملات في العالم الاسلامي (Jabra & Jabra 1992).
وفيما يلي الجدول (4_4): والذي يبين النسبة المئوية للنساء العاملات في بعض الدول الاسلامية (Jabra & Jabra 1992).
الدولة
السنة
النسبة المئوية
تركيا
1980
8 ,36
العراق
1977
4, 17
لبنان
1970
2 ,17
المغرب
1971
15
ايران
1976
14
اليمن
1975
1 ,12
سوريا
1970
7 ,10
تونس
1975
5 ,8
مصر
1976
9 ,7
افغانستان
1976
8 ,7
السعودية
1974
6, 5
الجزائر
1975
3 ,4
الأردن
1979
2 ,3
وفيما يلي الجدول (4_5): والذي يبين النسبة المئوية للنساء العاملات من المجموع الكلي للعاملين في بعض الدول (Baffoun 1982).
الدول
المتقدمة
النامية
غرب‌افريقياايا
المغرب
تونس
الجزائر
السنة
1966
1966
1966
1976
1975
1977
النسبةالمئوية
8, 26
9, 22
38
25
5, 18
61, 2
من الجدير بالذكر ان معظم هذه الاحصائيات تأخذ نسب العاملات من خلال الارقام الرسمية لتلك الدول والتي تنتج من احصاء العاملات في وظائف الدولة، ولا تدخل فيها نسب النساء العاملات في الارياف حيث تعمل معظم النساء في الحقول الزراعية أو في الحياكة أو ممارسة الصناعات المحلية الخاصة. ففي مصر ترتفع هذه النسبة الى 48% بدلاً من 9, 7% وفي العراق 34% بدلاً من 4, 17% (Dearden 1983). أما في المغرب فان النساء يقمن بثلاثة ارباع العمل في الحقول القريبة من المدينة الساحلية الجديدة، فالرجال عليهم البدء بالعمل، أي حراثة الحقل، والعمل في نهاية الموسم أي عند الحصاد (Davis 1992)، وهما المرحلتان اللتان تحتاجان الى الطاقة العضلية العالية، ان عمل المرأة المسلمة لم يتبعه تمييز في الاجر أو إتاحة الفرصة للعمل كما يحدث في الغرب.
ثالثاً: العمل أم البيت؟
تواجهنا زيادة عدد المتزوجات العاملات بالسؤال التقليدي الاتي: هل ادى العمل الى تردي حالة الاسرة أم ان تردي حالة الاسرة هو الذي دفع المرأة الى الخروج للعمل؟: ان ما لايُختلف عليه ان الزيادة السريعة في الغرب لعدد النساء العاملات، متزوجات أو غير متزوجات، صاحبه زيادة في عدد حالات الطلاق والاجهاض والولادات غير الشرعية؟؟
لقد توفر الاستقلال الاقتصادي للمرأة في الغرب من خلال عملها خارج البيت، وأسهم ذلك بصورة لا تقبل الشك في اختلاف قيم العائلة واهميتها في حياة المرأة والمجتمع بصورة عامة. وهو ما اعترفت به آبوردين التي وصلت مبيعات كتبها الثلاثة الاولى مع نيزبت الى 14 مليون نسخة في جميع انحاء العالم. فاحتمالية طلاق المرأة العاملة أكثر من غيرها .(Lewis 1992) لقد اجرت صحيفة الجارديان البريطانية استفتاءً بين 11000 امرأة، ثلثاهن من عمر يقل عن 35 سنة، نُشرت نتائجه في العدد الصادر في 7 آذار (مارس) 1991 وتبين منه ان 68% من النساء يفضلن البيت على العمل. كما تشير أرقام عدد العاملات في أمريكا، لاول مرة منذ عام 1948، الى هبوط قليل يعزى بصورة اساسية الى الرغبة في توفير محيط أفضل للعائلة، حيث نشرت هذه النتائج في مجلة يو إس أي توداي (أمريكا اليوم) في عدد 10 مايس (مايو) 1991 بعنوان (الكثيرات يخترن البقاء مع الاطفال في البيت) (Aburdene & Naisbitt 1993). وتشير لويس الى ان استبيان العمل في عام 1943 للمرأة في بريطانيا يشير الى ان 58% من النساء لا يؤمن بعمل المرأة بعد الزواج، إلا أنه في عام 1965 كانت 89% من النساء يحبذن عمل المتزوجة التي ليس لها اطفال و 39% يوافقن على عمل الامهات. أما احصاء عام 1980 فيشير الى ان 11% من النساء يؤيدن بقاء الأم في البيت إذا كان اطفالها بعمر المدرسة، وترتفع النسبة الى 60% للام التي لديها اطفال بعمر اصغر من عمر المدرسة (Lewis 1992). وتربط جين لويس بين ازدياد نسبة العاملات مع كل من تدني معدل الولادات للمرأة الواحدة، وإزدياد معدلات الطلاق، وازدياد الولادات غير الشرعية (Lewis 1993) .
أما في عالم المرأة المسلمة، ففي دراسة شاملة لصراع الدور لدى المرأة العاملة في مصر يصل الباحث الدكتور محمد سلامة آدم الى تقرير "أن المرأة العاملة بكل فئاتها: عالية التعليم أو متوسطة التعليم، صغيرة السن، أو كبيرة السن، تعاني من صراع الدور في أدائها لدور الزوجة أو لدور الام" حيث "تعاني من احساس عميق بضيق الوقت، الناتج عن الادوار المتعددة التي تقوم بها، سواء أدوار العمل (خارج البيت) أو أدوار الزوجة والام (داخل البيت).. وكلما ازداد الشعور بضيق الوقت، ازداد معه الشعور بالضغوط النفسية.." وشعورها "بالعجز عن الوفاء بجميع التزاماتها" يؤدي الى معاناتها من "مشاعر الضيق والتوتر والصراع" (آدم 1982). (ولا مفر من تأثير ذلك على الاسرة من ناحيتي رعاية الاطفال والتكيف مع الزوج، فقد ثبت ان الاثار السلبية على الاطفال تزداد كلما طال وقت غياب الام خارج بيتها. كما تشير الاحصائيات الى ان عدد المشاجرات مع الزوج تتضاعف تقريباً عند المرأة العاملة الامريكية، فقد كانت النسبة المئوية من العدد الكلي للمجموعة تحت الدراسة للمشاجرات الزوجية مع الزوجات غير العاملات 6, 7% في حين كانت 6, 13% مع الزوجات العاملات (آدم 1982) وهذه نتيجة طبيعية لا تختلف فيها نساء الشرق عن نساء الغرب.
ومهما ارتقت المرأة في مستواها العلمي والثقافي ومهما كانت دوافعها النفسية أو الاقتصادية للخروج الى العمل، تبقى رغبة المشاركة في تكوين اسرة احدى أهم مكونات فطرتها الاصلية، كما يشير الاستبيان الذي اجري بين الفتيات في بعض الدول العربية (محيي 1958). والنسبة الغالبة منهن ستفضل ترك عملها والمحافظة على اسرتها ان حدث ما يمنع جمع الامرين معاً، وتشترك في هذا نساء الشـرق والغرب ولذلك اصبح التساؤل المشتـرك لاغلبية النسـاء في العالم يتمركز على التشكيك في إمكانية النجاح في الجمع بين البيت والعمل (Hartmann 1989).
------------------------------
عن ( المرأة المسلمة في مواجهة التحديات المعاصرة )