ثابت الجنان
11-04-2005, 12:04 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عند أي حال ستستقر جمهورية الشيشان بعد الزلزال الذي لا يزال يهزها، أرضاً وشعباًُ ودولة ... وهل هي إلى قيامة مؤكدة أم إلى زوال ... وأي شيشان يريده الشيشانيون، أو إلى أي حدّ توضحت صورة الوطن الذي يرتجوه ويطمحون إليه ؟
هذه الأسئلة وغيرها لم تزل تُطرح منتظرة الفصل الأخير من الحرب الشيشانية التي لم تنتهِ فصولاً . فالزلزال نفسه لم ينته، والانقلابات التي يحدثها في كل يوم، بل في كل ساعة، في الأرض والنفوس، وفي العلاقة بين الشيشانيين، وبينهم وبين محيطهم القوقازي والروسي، وفي نظرة الانسان الشيشاني نفسه إلى ذاته وإلى الكون والحياة ... هذه الانقلابات لا تسمح بأي جواب عن التساؤلات المذكورة . كما لا تسمح أيضاً بقراءة هادئة للأحداث التي توالت على هذه الجمهورية المسلمة على مدى اثنا عشرة سنة ولا تسمح أيضاً، بأي حكم نهائي على هذه الحرب . فأين الصواب والخطأ في ما كان وصار، وما هي الأفعال التي كانت من صنع الشيشانيين والأخرى التي كانت من صنع العرب أو التي كانت من صنع " المؤامرة " كما يحبذ أن يقال في عصرنا الجديد ؟
حكم التاريخ لم يحن أوانه بعد . فالتاريخ يتأنّى في أحكامه، عادة، وينتظر، ويراقب، ويتريث، وبخاصة في أحكامه على ما يكتب ويقال في هذا العالم وفي الشيشان أيضاً، حيث الكلمة تحمل أكثر من معنى، وحيث المواقف المعلنة قلّما تعكس المواقف الحقيقية، وحيث البيانات المكتوبة هي للتضليل والتمويه، أكثر مما هي للتوضيح . والحقيقة لو شاء مؤرخ في المستقبل أن يفتش عن الحقائق والوقائع في ما كتب عن الحرب الشيشانية لما وجد حقيقة واحدة، أو في أحسن الأحوال لما وجد إلاّ القليل القليل مما ينشده ويرتجيه .
في أي حال، لا نستطيع أن نعرف، بعد، مصير الشيشان . لذلك تظلّ أي قصة تكتب عن الحرب الشيشانية ناقصة . فمن خلال الفصل الأخير منها نُعرف القصة كلها . ومن أحداث هذه الحرب ما لن يُعرف إلا بعد الفصل الأخير . وهو الفصل الذي سيحدّد الأخطاء والتجاوزات ويعّين الأبطال الحقيقيين، فيُسقط أبطالاً ويرفع أبطالاً . وإلى أن يحين هذا الموعد يظلّ كل تأريخ لوقائع الحرب الشيشانية سابقاً لأوانه، وكذلك الحكم على الوقائع وأفعال أبطالها والمؤثرين فيها سلباً وإيجاباً .
فليس الغرض، إذاً، مما سأرويه في هذه الفصول استعراض ما كان وما صار والحكم عليه، بل تقديم مراجعة شخصية لوقائع تجربة شخصية قد تكون مفيدة لمن يقرأها، كما قد تكون مساعدة على فهم الكثير من الوقائع . وهي، بالتأكيد نموذج عن تجارب أخرى عديدة عاشها الآلاف من الشيشانيين وتقلّبوا في نارها، فغيّرت فيهم وفي ذواتهم، وغيّرت أيضاً في أحوال الشيشان . إنّ لمن المكابرة انكار هذا التغيير الذي يصل إلى عمق أعماق الجمهورية الشيشانية، وإلى عمق أعماق النفس الشيشانية . ومكابر كل شيشاني يقول أنه لم يتغير . ومكابر كلّ من يدّعي أنه لم يخطئ أبداً ولم يتبدل أو لم يُغيّر مواقفه وآرائه . وهل من المعقول أن يحدث ما حدث في الشيشان وتظلّ الآراء والمواقف على حالها، وكذلك النظرة إلى المستقبل والمصير وإلى العلاقة بين الشيشانيين أيضاً وبينهم وبين محيطهم القوقازي والروسي الأقرب والأوسع ؟ أو هل من المعقول بعد هذا الزلزال، أو بعد هذه الزلازل المتتالية، أن تبقى الأرض على حالها، أو أن نعتبرها باقية على حالها وكذلك حال المقيمين فوقها ؟
بالنسبة لنا كمسلمين، ان ثمة ولادة جديدة للشيشان هي الآن جنين في النفوس والقلوب . ولادة تعني تبديلاً في أسباب وجوده ودوره بل تأكيداً لهذا الوجود، وللدور والمهمة . هذه الولادة الجديدة المنتظرة تأتي ثمرة المعاناة الطويلة، طبعاً، ولكن أيضاً وخصوصاً ثمرة الانقلابات التي أحدثها الزلزال في العقول والنفوس .
وهذه الأحداث يكتبها عربي مسلم والحمد لله أتيح له أن يعيش مأساة الشيشان منذ بدايتها لوجوده قريباً من موقع الحدث، ولكونه عمل مع حكومات مجاورة وإن على مستوى متواضع، فأتيح له، بذلك، الوقوف على الكثير من الحقائق، والتأمل فيها واستخلاص العبر والنتائج منها حتى الوصول إلى التغيير الكامل في النظرة إلى بعض جوانب الحرب الشيشانية وبعض مكوناتها الأساسية .
فماذا لو تسمعونني ؟
أنتظر آراؤكم ....
مع أطيب التمنيات
ثابت الجنان
عند أي حال ستستقر جمهورية الشيشان بعد الزلزال الذي لا يزال يهزها، أرضاً وشعباًُ ودولة ... وهل هي إلى قيامة مؤكدة أم إلى زوال ... وأي شيشان يريده الشيشانيون، أو إلى أي حدّ توضحت صورة الوطن الذي يرتجوه ويطمحون إليه ؟
هذه الأسئلة وغيرها لم تزل تُطرح منتظرة الفصل الأخير من الحرب الشيشانية التي لم تنتهِ فصولاً . فالزلزال نفسه لم ينته، والانقلابات التي يحدثها في كل يوم، بل في كل ساعة، في الأرض والنفوس، وفي العلاقة بين الشيشانيين، وبينهم وبين محيطهم القوقازي والروسي، وفي نظرة الانسان الشيشاني نفسه إلى ذاته وإلى الكون والحياة ... هذه الانقلابات لا تسمح بأي جواب عن التساؤلات المذكورة . كما لا تسمح أيضاً بقراءة هادئة للأحداث التي توالت على هذه الجمهورية المسلمة على مدى اثنا عشرة سنة ولا تسمح أيضاً، بأي حكم نهائي على هذه الحرب . فأين الصواب والخطأ في ما كان وصار، وما هي الأفعال التي كانت من صنع الشيشانيين والأخرى التي كانت من صنع العرب أو التي كانت من صنع " المؤامرة " كما يحبذ أن يقال في عصرنا الجديد ؟
حكم التاريخ لم يحن أوانه بعد . فالتاريخ يتأنّى في أحكامه، عادة، وينتظر، ويراقب، ويتريث، وبخاصة في أحكامه على ما يكتب ويقال في هذا العالم وفي الشيشان أيضاً، حيث الكلمة تحمل أكثر من معنى، وحيث المواقف المعلنة قلّما تعكس المواقف الحقيقية، وحيث البيانات المكتوبة هي للتضليل والتمويه، أكثر مما هي للتوضيح . والحقيقة لو شاء مؤرخ في المستقبل أن يفتش عن الحقائق والوقائع في ما كتب عن الحرب الشيشانية لما وجد حقيقة واحدة، أو في أحسن الأحوال لما وجد إلاّ القليل القليل مما ينشده ويرتجيه .
في أي حال، لا نستطيع أن نعرف، بعد، مصير الشيشان . لذلك تظلّ أي قصة تكتب عن الحرب الشيشانية ناقصة . فمن خلال الفصل الأخير منها نُعرف القصة كلها . ومن أحداث هذه الحرب ما لن يُعرف إلا بعد الفصل الأخير . وهو الفصل الذي سيحدّد الأخطاء والتجاوزات ويعّين الأبطال الحقيقيين، فيُسقط أبطالاً ويرفع أبطالاً . وإلى أن يحين هذا الموعد يظلّ كل تأريخ لوقائع الحرب الشيشانية سابقاً لأوانه، وكذلك الحكم على الوقائع وأفعال أبطالها والمؤثرين فيها سلباً وإيجاباً .
فليس الغرض، إذاً، مما سأرويه في هذه الفصول استعراض ما كان وما صار والحكم عليه، بل تقديم مراجعة شخصية لوقائع تجربة شخصية قد تكون مفيدة لمن يقرأها، كما قد تكون مساعدة على فهم الكثير من الوقائع . وهي، بالتأكيد نموذج عن تجارب أخرى عديدة عاشها الآلاف من الشيشانيين وتقلّبوا في نارها، فغيّرت فيهم وفي ذواتهم، وغيّرت أيضاً في أحوال الشيشان . إنّ لمن المكابرة انكار هذا التغيير الذي يصل إلى عمق أعماق الجمهورية الشيشانية، وإلى عمق أعماق النفس الشيشانية . ومكابر كل شيشاني يقول أنه لم يتغير . ومكابر كلّ من يدّعي أنه لم يخطئ أبداً ولم يتبدل أو لم يُغيّر مواقفه وآرائه . وهل من المعقول أن يحدث ما حدث في الشيشان وتظلّ الآراء والمواقف على حالها، وكذلك النظرة إلى المستقبل والمصير وإلى العلاقة بين الشيشانيين أيضاً وبينهم وبين محيطهم القوقازي والروسي الأقرب والأوسع ؟ أو هل من المعقول بعد هذا الزلزال، أو بعد هذه الزلازل المتتالية، أن تبقى الأرض على حالها، أو أن نعتبرها باقية على حالها وكذلك حال المقيمين فوقها ؟
بالنسبة لنا كمسلمين، ان ثمة ولادة جديدة للشيشان هي الآن جنين في النفوس والقلوب . ولادة تعني تبديلاً في أسباب وجوده ودوره بل تأكيداً لهذا الوجود، وللدور والمهمة . هذه الولادة الجديدة المنتظرة تأتي ثمرة المعاناة الطويلة، طبعاً، ولكن أيضاً وخصوصاً ثمرة الانقلابات التي أحدثها الزلزال في العقول والنفوس .
وهذه الأحداث يكتبها عربي مسلم والحمد لله أتيح له أن يعيش مأساة الشيشان منذ بدايتها لوجوده قريباً من موقع الحدث، ولكونه عمل مع حكومات مجاورة وإن على مستوى متواضع، فأتيح له، بذلك، الوقوف على الكثير من الحقائق، والتأمل فيها واستخلاص العبر والنتائج منها حتى الوصول إلى التغيير الكامل في النظرة إلى بعض جوانب الحرب الشيشانية وبعض مكوناتها الأساسية .
فماذا لو تسمعونني ؟
أنتظر آراؤكم ....
مع أطيب التمنيات
ثابت الجنان