USAMA LADEN
08-10-2005, 08:45 PM
احتدم النقاش بينهما، وكادت الأيدي أن تتشابك، فقالت: أنت السبب، فرد بغضب: بل أنت السبب..
بعدها عم الصمت بعدما استخدما كل مفردات الغضب، ولكن يبدو أنهما لم يصلا إلى نهاية المطاف، ولم يحقق كل واحد منهما ما يريد من الآخر.
قامت متجهة إلى غرفتها وهي تقول: أنا لم أمنعك من الزواج، ولكن لا يكن هذا الزواج سكيناً تمزق بها خاصرتي كل يوم، منذ مدة وأنت على هذه الحال. سأتزوج.. سأتزوج.. لاذ هو بالصمت، وأخذ غترته التي سقطت على الأرض، واتجه ناحية الباب، دون أن يتفوه بكلمة.. لينتهي هذا المشهد..
التهديد بالثانية ظاهرة انتشرت في مجتمعنا.. فأضحى الزوج يهدد زوجته في كل صغيرة وكبيرة، والمرأة تتجرع هذه الكلمات.. بل هذه الكتل الملتهبة التي تكوي القلب.. وتهين النفس.... فهل فكر الرجل يوماً في أن يضع نفسه مكان زوجته.. ليرى مدى الألم الذي تعيشه هي.
التهديد بالثانية هو موضوعنا في هذا الملف.. وليس قصدنا التعدد، فحاشا لله أن نناقش شيئاً حلله الشرع وأباحه..، لكنه التهديد.. والتهديد ذاته..!!
المشاركون:
د/ عبدالعزيز بن عبدالله المقبل
د/ منصور بن عبدالرحمن العسكر
الأستاذ. عبدالله العيادة
الأستاذ. علي بن عبد الله العجلان
د/ الجوهرة المبارك
د/ فاطمة الجارالله
د/ صلوح السريحي
الأستاذة.حورية القاضي
إشراف ومتابعة.
هيفاء الوتيد * الرياض
سارة السويعد * الدمام
التهديد مشكلة تؤرق الزوجات
التهديد بالثانية مشكلة حقيقية تؤرق الزوجة وتقلقها، هذا ما أوضحته به الدكتورة الجوهرة المبارك قائلة: نعم هي مشكلة موجودة ونلمسها،لكن استخدامها يمكن أن يكون إيجابياً وربما يكون سلبياً.
وحتى أبين كل جانب باختصار فلا يكون التهديد بالثانية سلبياً إلا إذا استخدمه الرجل لمجرد التعالي على المرأة والغطرسة والكبرياء، وعدم الإحساس بمشاعرها، أو قد يستخدمه ليعرف قيمته عندها ويستأنس بانزعاجها، وهذا دليل على حرصها عليه ومحبتها له، وأحياناً يؤخذ من جانب الدعابة وأنا أنصح الزوجات ألا ينزعجن إذا أخذ التهديد مأخذ الدعابة، وليعطين الرجال مكانتهم من التقدير والمحبة التي تشعر الزوجين بالاستقرار والرضا في الحياة الزوجية، وأحياًناً يكون سلبياً وذلك عندما يشعر المرأة بما هي عليه من سلبيات وتقصير في حق زوجها فلا تتفاجأ بالزوجة الثانية بدون سابق إنذار.
ونصيحتي للزوجات أن يحفظن حقوق أزواجهن ويراقبن الله قبل أن يفاجأن بالزوجة الثانية لأن أزواجهن جنتهن ونارهن.
و المرأة التي تفعل ما أوجبه الله عليها ولا تقصر في حق زوجها لا تندم أبداً إذا تزوج بأخرى ولا تلوم نفسها على ما فعلت، وحتى لو تزوج زوجها ستبقى في مكانتها فلن يخذلها ربها الذي عملت من أجله، فعلينا جميعاً الاحتساب في كل ما نقوم به.
وأضاف الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله المقبل قائلاً. لقد كنت أسمع منذ سنوات عن هذه الظاهرة، لكن يبدو لي أنها تقلصت كثيراً، ولا أقول انقطعت، وقد يكون ذلك أثراً من آثار المحاضرات التي عرضت للموضوع، ونبّهت على خطورته على الحياة الزوجية، ومن لم يصله مثل ذلك الخطاب، أو لم يصل هو إليه ربما أن تجربته في (فشل).
وأما أنها تؤرق الزوجة وتقلقها فمن الطبيعي، لكن نفسية المرأة ومستواها التعليمي لهما أثر في ذلك، وبعض الأزواج السذج حين يرى أن تهديده الزوجة بزوجة أخرى يدفعها للانفعال ربما يدفعه هو ذلك إلى تكرار (اللعبة).. لكن عقلية المرأة وإدراكها بأن ذلك الزوج أقل من أن يفعلها تجعله يتراجع عن ذلك السلوك.
والتهديد بالزواج من ثانية سلوك رجالي قديم، فأحد الشعراء القدماء عاش مع زوجته ثلاثين سنة، تبدو أنها كانت مليئة بالمشكلات، وفي يوم بدا (محتقن) الصدر، ممتلئ النفس من زوجته، راح يهجوها هجاء مراً، ويدعو على نفسه إن لم يرغم أنفها بالتراب، وذلك بالزواج من فتاة طيبة الريح، طويلة العنق، ولعله يعرض بقصر زوجته، ولا أدري هل دار بخلده أنه ربما لا يجد مثل تلك الفتاة التي يهدد بها، ولو وجدها فمن الذي يضمن أن تقبله زوجاً؟ يقول:
أتوني بها قبل المحاق بليلة... ...فكان محاقاً كله ذلك الشهر
أما لك عمر إنما أنف حية... ...إذا هي لم تقتل تعش آخر الدهر
ثلاثين حولاً لا أرى منك راحة... ...لمثلك في الدنيا لباغية العمر
شربت دماً إن لم أرعك بضرةٍ... ...بعيدة مهوى القرط طيبة النشر
وأضافت الدكتورة صلوح السريحي أستاذة النقد الأدبي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة قائلةً: لم يحل الله سبحانه وتعالى للرجل الزواج بالثانية والثالثة والرابعة ليكون وسيلة تهديد وتخويف، وإنما لحكمة، لذا فلا يستخدم الرجل فكرة التهديد بالزواج مرة أخرى للتخويف والتهديد، ولم يكن هذا الزواج سيفاً يهدد به كلما طاب له، ولكن عندما ضعف الوازع الديني عند الطرفين استُخدِم المباح سيفاً يُهددُ به أمن المرأة واستقرارها النفسي والعاطفي، ومع هذا ليكن للرجل استخدام هذه الوسيلة للتنبيه والتحذير من تقصير المرأة في شؤونها وشؤونه.
متى يهدد الزوج؟..
تحدث الدكتور عبد العزيز المقبل قائلاً: في ظني أنه إذا دخلت كلمة التهديد من نافذة المؤسسة البيتية خرج (الحب) من الباب، وأعتقد أن التفاهم يحل إشكالات كثيرة في الحياة الزوجية، لكن عندما يجد الزوج أن هناك صفة أو خلقاً في زوجته مقدور على إصلاحه وينبهها لذلك بأساليب مختلفة، ويعطيها زمناً معقولاً للتغير، ثم لا يحدث ذلك فإن التهديد بالزواج قد يمنحه قدراً من (الفضفضة)، لكنه لن يحل مشكلته، فهو إما أن يصبر ويتذكر قوله تعالى: ((فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا)) [النساء: 19]، وقول النبي (صلى الله علية و سلم( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقاً رضيَ آخر) وإما أن يتخذ قراراً بالزواج لكن دون أن يضار زوجة لحساب أخرى.
وأضافت الدكتورة الجوهرة المبارك: في الغالب الرجل الضعيف الذي لا يستطيع أن يتفاهم مع زوجته أو تعديل سلوكها يلجأ لأسلوب التهديد.
وذكرت الدكتورة صلوح السريحي:إذا وجد الرجل الاستقرار النفسي والعاطفي لن يلجأ إلى هذا التهديد إلا إذا كان ضعيف الإيمان وضعيف الشخصية، عندها سيجد في التهديد وسيلة قوة يتصنع بها، ويمكن للزوجة أن تدفع هذا التهديد بطرق عديدة.
أولاً: ترعى الله في نفسها وزوجها وبيتها وتؤدي حق الله عليها.. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
ثانياً: أن تشعر زوجها بمكانته في نفسها وبفضل قوامته، وتهبه كافة حقوقه عليها من احترام وتقدير وواجبات، وأن تقوم جوانب الضعف فيه إذا وجدت بحكمة بعيداً عن الفوقية والتعالي.
ثالثاً: تراعي فكرة التجديد والتغيير في نفسها وبيتها حتى لا يتسرب الملل إلى نفسيهما وتفقد حياتهما الجدية.
لماذا تتضايق الزوجة؟!
سؤال طالما راود الرجال؟. لماذا تتضايق النساء من هذه الكلمات أو التهديدات؟!!
أجاب الأستاذ عبد الله العيادة * مستشار أسري: إن المرأة لديها استعداد تام لسماع أي خبر عن زوجها إلا هذا الخبر وهو الاقتران بالثانية حتى ولو بالكلام. ويضيف. هل تصدقون أن بعضهن تتمنى الموت لزوجها ولا يتزوج عليها؟!! والمرأة فطرت على عدم قبول هذه الفكرة ولا حتى مجرد التفكير فيها، ولا تستغرب ذلك، فهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تغار من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بعد موتها، ماذا يعني هذا؟!! أليس له دلالات معينة؟!! وهن أمهات المؤمنين؟!! وكذلك خوف النقد من المجتمع لها، واتهامها بالنقص، حيث لم يتزوج عليها إلا لأنها غير جديرة بأن تنفرد به.
* شعور الزوجة بعدم حب زوجها لها وأنها لم تستطع أن تملأ عينه وخوفها من الانحراف عنها إلى أخرى.
وكذلك الخوف من نقص الامتيازات المادية التي تحصل عليها من زوجها إذا شاركتها أخرى، وهذا يهدد أيضاً أطفالها.
وأضاف الدكتور عبد العزيز المقبل: لو لاحظنا أن العرب أطلقوا اسم "ضرة" على الزوجة الثانية، وهو اسم مشتق من الضرر.. فلا شك أن الزوجة التي كان زوجها لها بأكمله ترى أن الزوجة الثانية قد أخذت "شطره"!!
ومن جهة أخرى أعتقد أن الغيرة في حدودها الطبيعية * تجعل المرأة تثبت لزوجها أنها لا تزال تحبه.. بل ربما ازداد تعلقها به، فهو بالأمس بين يديها، وربما ملّت كثرة مكثه معها، واليوم تنتظر قدومه بل وتحاسبه على التأخر؟!!
وقد يدفع الكيد النسائي المرأة أن تبدي لزوجها عدم المبالاة بزواجه، لكنها في الواقع تريد إغاظته كنوع من الانتقام منه، جراء إقدامه على الزواج، وهو ما صوره الشاعر بقوله:
خبروها بأنني قد تزوجت... ...فظلت تكاتم الغيظ سرا
ثم قالت لأختها ولأخـــــرى... ...جزعاً ليته تـــزوج عشرا
وأشــــارت إلى نساء لديها... ...لا ترى دونهن للسر شـرا
ما لقلبي كأنه ليــــس مني... ...وعظامي أخال فيهن فتـرا
من حديث نمي إلي فظــيع... ...خلت في القلب من تلظيه جمرا
والمشكلة التي ينهزم عندها الكثير من المقدمين على الزواج حين تقرر الزوجة الأولى (تركه) وأولاده إلى بيت أهلها.. وثمت صور عديدة وقفت عليها، أفشلت الزواج بالثانية بعد (الملكة) وربما بعد الزواج لأن الزوج مهما كان صبره وجلده يفشل فشلاً ذريعاً في القيام على الأبناء وخاصة الصغار منهم!..
النساء ثلاثة أصناف
صنفت الأستاذة حورية القاضي النساء إلى ثلاثة أصناف حيال هذا الأسلوب:
1* امرأة تؤمن بالقضاء والقدر وتعلم يقيناً أن الله إن كتب عليها أن يتزوج زوجها فسيكون وإن لم يهددها.. وهذه لن يؤثر عليها هذا الأسلوب ولن يستفيد الزوج شيئاً.. وتصحح ما كان منها خوفاً من الله وليس من التهديد، وإن كان الزوج باغياً فلن تغير شيئاً من سلوكها وتقوم بوعظه وتذكيره.
2* امرأة تتأثر بذلك الأسلوب .الجاهل. وتخاف، وربما تستجيب لزوجها في طلباته تحت وطأة التهديد، لكن في قرارة نفسها تنظر إليه على أنه جاهل يسيء إليها..ويضع الأحكام في غير موضعها، وبذلك تكون مشاعرها صافية له.
3* امرأة تسلك مسلك العناد والإصرار على ما تقوم به، وهذا يؤدي إلى توسع دائرة المشاكل بين الزوجين، بل أحياناً إلى هدم الحياة الزوجية، والرجل العاقل لا ينبغي له أن يوصل زوجته إلى تلك المرحلة.
ودعت الدكتورة فاطمة الجار الله أستاذة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. المرأة ألا تلتفت إلى كلام زوجها في هذا الموضوع ولا تكترث له ولا تجيب عنه، بل تتعامل مع هذا الموضوع بهدوء وبرود، ولتعلم أن الكلام ليس هو السبب في زواج الرجل عليها. ولتشغل نفسها بمعالي الأمور من طلب العلم الشرعي والعمل الصالح.
التهديد.. ونقص الشخصية..
هل كثرة التهديد بالثانية يعني نقصاً في شخصية الرجل؟!!
أجاب عن هذا الأستاذ علي بن عبدالله العجلان. مستشار أسري بمشروع الشيخ عبدالعزيز بن باز قائلاً:
ليس من الضروري تفسير ذلك بنقص في شخصية الرجل بقدر ما هو تقييم للحياة الزوجية وما يعيشه كل واحد من الزوجين من مشكلات وهموم وغايات قد لا يصارح بها الآخر. لكنه بالتأكيد طريقة سلبية غير مناسبة مهما كانت الدوافع لذلك، وقد يكون سبب ذلك أموراً نفسية واجتماعية تربى عليها الزوج، لكنه يبقى أسلوباً خاطئاً في نظري يقوض دعائم علاقة كل من الزوجين بالآخر، لا سيما إذا كان ديدن الرجل بسبب ودون سبب لأنه يتعلق بأهم ما تريده الزوجة وهو الانفراد بالزوج وعدم المشاركة حتى ولو كان ذلك هاجساً أو تفكيراً يصرف النظر عن الحقيقة التي تعتقدها الزوجة ولكن ذلك يزعجها بالتأكيد، وإن كان الرجل يعتقد أنه علاج لبعض المشكلات إلا أن سلبياته أكثر من إيجابياته مهما كان الباعث له أو الحامل عليه.
والرجل ينبغي عليه أن يشعر نفسه برجولته وأنه يتميز عن زوجته ليترفع بذلك عن تهديدها بالزواج بأخرى أو ما شاكل ذلك، وهو لا يعني كمال الرجل ولا تماسكه وقدرته على احتواء المشكلات والوصول إلى الحل الصحيح.
سلاح العاجز
وصفت الأستاذة حورية القاضي هذا الأسلوب بأنه سلاح العاجز الذي أساء استغلال الأحكام الشرعية ووضعها في غير موضعها، وإن دل ذلك على شيء إنما يدل على سوء فهم هذا الصنف من الرجال لمقاصد الشرع من التعدد، واستغلال هذه الأحكام لبسط النفوذ أو السيطرة والقيادة.. وحكم التعدد بريء من تلك الأهداف كلها، فالتعدد ثابت في الشرع لمن استطاع ولم يخف الجور وحقق العدل...
ولكن لم نسمع أو نقرأ في كتاب الله أو سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أن الله جعلها وسيلة لتهديد المرأة وإصلاح الاعوجاج إن حصل..
بل ما أجمل توجيهات القرآن الكريم لأعظم اعوجاج للمرأة إن حصل وهو النشوز.. أي تكون المرأة تاركة لأمر زوجها، معرضة عنه، مبغضة له.. تعالوا معي نرى التوجيه الجميل للرجال، وما موقفهم من تلك الزوجة؟!! يقول تعالى في سورة النساء [34]:(( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن...)) (لاحظوا معي قوله تعالى: فعظوهن، ولم يستخدم حتى لفظ التهديد) بل الوعظ، بين لها الإثم إذا خالفت الحقوق، وبين أنها مأجورة إذا وفت بها..
فأين الرجال من هذه التوجيهات العظيمة؟.. بل إن الآية ختمت بلفظ عظيم: ((إن الله كان علياً كبيراً)) يقول ابن كثير رحمه الله في الآية: (الآية فيها تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب فإن الله العلي الكبير وليهن وهو المنتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن...)
كما أن هذا الأسلوب ينافي العشرة بالمعروف الذي أمر الله به الرجال في قوله تعالى: (( وعاشروهن بالمعروف)) أي طيبوا أقوالكم لهن وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم كما تحب ذلك منها.
عنف زوجي
ذكر الدكتور منصور بن عبدالرحمن بن العسكر * أستاذ علم الاجتماع المساعد بجامعة الإمام أن التهديد بالزواج بالثانية يحزم مسألة التطمين التي تنشدها المرأة من الرجل، حيث إن من مظاهر التطمين أن نشعر المرأة بأنها تقوم بحقوقها الإسلامية للزوج مبتغية بذلك الأجر من الله تعالى ومحبة لزوجها، لا أن تقوم بذلك تحت طائلة التهديد والوعيد والخوف من أن يقوم الزوج بالزواج أو يهددها بذلك.
ولكن بعض الأزواج يستخدم أساليب بعيدة كل البعد عن الأسلوب الحسن في التعامل بين الزوجين، ومنها التهديد بالزواج بالثانية، وهذا الأسلوب يقع ضمن العنف الزوجي، حيث إن من مظاهر العنف التهديد أو التلفظ بالألفاظ السيئة مع الزوجة.
لذا ننصح الأزواج بتعلم الأساليب الحسنة في التعامل مع الزوجة والأبناء من خلال حضور الدورات التدريبية في العلاقات الزوجية، ومن خلال سؤال المختصين والمرشدين الأسريين لتعليمهم الأساليب الحسنة.
الثانية.. هل تحسم المشاكل؟..
وفي الإجابة على هذا التساؤل تحدث الدكتور عبد العزيز المقبل قائلاً. هذا الموضوع تنبني عليه عدة أمور، منها كون الزوج صادقاً مع نفسه غير متجن على زوجته فيما يراه من نقائص، وأنه على قدر المسؤولية في إدارة زوجتين.. ويتحمل ما يترتب على ذلك من أعباء نفسية وجسدية ومالية، وقبل هذا عقلية الزوج ومدى نضجها، فإن كان الزوج أحمق وأعمت الخصلة السلبية لدى زوجته عينيه عن رؤية بقية محاسنها فهذا سيزيد المشكلات، لأنه ربما صاحب نظرته وسلوكه مع زوجته الأولى لون من الإزراء وإشعارها بالاستغناء، إن لم يكن ذلك بلسان المقال فهو بلسان الحال، لكن الزوج العاقل حين يبحث عن جانب مفقود لدى زوجته ربما بعث زواجه قدراً من الراحة له ولزوجته الأولى، لأنه كان يكثر مطالبتها وربما فقدها، فهو بالزواج سيصمت إذ يفترض أن يكون وجد ما يبحث عنه!!
لكن السؤال: هل كل زوج يريد (سد) نقص مفقود لدى زوجته؟!!
فيتأكد قبل ارتباطه أن ذلك الجانب موجود لديها، أم يصبح هاجسه مجرد الزواج؟!
بالنسبة لي أرى أن الأكثر هو الثاني.
حتى نتفادى التهديد..
الزوجة أحياناً قد تضع زوجها في مثل هذا الموضع * التهديد * فكيف يمكنها أن تصرفه عن مجرد ذكره بلسانه.. ذكر ذلك الأستاذ عبد الله العيادة. جميل أن تعترفن معشر النساء بهذا الأمر، وأنكن تتحملن قدراً من المسؤولية في هذا، ولا شك أن هذا يسهل الوصول إلى العلاج. لأن من يعترف بالعلة يهن عليه التصحيح. إن هناك عدة طرق إذا سلكتها الزوجة قد تتفادى كثيراً من نقاط التفتيش التي ينصبها لها زوجها ليهددها بعد ذلك بإعطائها مخالفة بأن يأتي بأخرى عندها.
هناك أسباب خارجية وأسباب في ذات المرأة:
الأسباب الخارجية:
- التدخل المباشر في شؤون حياتهما من أطراف خارجية قد لا يعجب الزوج تدخلها.
- عدم الانصياع لأمر الزوج من قبلها والتمرد عليه، إما تحدياً أو عدم تقدير لشخصيته.
- كثرة خروجها من المنزل بغير سبب ضروري، مما يزعج الزوج وهي لا تستجيب له.
- الإهمال الواضح في المنزل بقصد أو بغير قصد ولكل زوج طريقته في منزله.
- عدم العناية بالأطفال من عدة نواحي.
- النقد اللاذع لأهله خاصة * أمه وإخوته * مما يشعره بالنقص، فيحاول تعويض هذا النقد بالتهديد.
- قد يتخذه بعض الأزواج وسيلة للابتزاز والحصول على المال منها، خاصة إذا كانت عاملة.
- قلة إدراك الزوج، فهو يقلد ما يسمعه من الآخرين.
أسباب خاصة بالمرأة: - التجمل والتزين، فقد تهمل المرأة هذا الجانب عن الزوج وتعتني به عند الخروج، وهذا له سلبياته.
- النظافة الشخصية والعناية بالملبس في المنزل وفي غرفة النوم.
- عدم مجارات الزوج في همومه، والبرود الواضح، فقد تضحك وهو مهموم أو العكس.
- الغضب المستمر لأتفه الأسباب ثم ينسحب هذا على تعاملها معه.
- مناقشة مواضيع عامة ومقلقة أحياناً في غرفة النوم.
- البرود العاطفي في غرفة النوم.
- شعور الزوج أنها ند له لكثرة اعتراضها على ما يصدره من أوامر لها أو ما يتخذه من قرارات تتعلق بالأسرة.
هذه بعض النقاط التي تتعلق بالمرأة نفسها والتي قد تكون طريقاً تأتي منه الزوجة الأخرى أو على أقل تقدير تكن مصدر إزعاج لها بالتهديد.
الزوج * المرأة * البيئة
أرجع الأستاذ علي العجلان أسباب التهديد إلى كل من الزوج و المرأة و البيئة المحيطة بالزوجين، وقبل أن يفصل في ذلك قال: إن الزواج وما يتبعه من إلفة ورحمة هو آية من آيات الله، ولكن ينبغي أن يحافظ عليه، وليكون شريكا الحياة حريصين على نماء المحبة والمودة، فالنفوس تحتاج إلى مراعاة وتقدير مشاعر، والمشاكل تفسد القلوب كما قال الشاعر:
إن القلـــــوب إذا تنافر ودهـا... ...مثل الزجاجة كســــرها لا يجبر
إن تصدع العلاقة الزوجية والبرود العاطفي بين الزوجين الذي يشتكي منه كثير من الشباب والشابات له أسبابه، وقد يظن الزوج أنه ناتج عن عدم الرغبة عند الزوجة أو عدم القناعة أو غير ذلك على الرغم من أن ذلك غير صحيح، وإنما السبب بعض الممارسات التي تحصل بين الأزواج فتعكر الحياة الزوجية وربما انتهت بالطلاق أو الخلاف.
والتهديد بالزوجة الثانية له أسبابه ودوافعه ومؤثرات البيئة التي تحتضن كلاً من الزوجين، وأستطيع أن أقسّم أسباب التهديد إلى ثلاثة أقسام:
أسباب متعلقة بالزوج:
- بعض الأزواج يشعر بنقص في ذاته، وربما توقع علم المرأة بذلك وهو يريد أن يثبت لها رجولته وشجاعته فيهددها بالزواج وهو غير عازم عليه ولا قادر، ولكنه من أجل إثبات نقص يعيشه يريد أن يكمله بذلك، وهذا ما يعرف بمركب النقص.
- شعوره بعدم قبول زوجته له لعيب فيه، فيهدد بالزواج وكأنها رسالة توجيه إلى الزوجة ولسان حاله يقول إنني مقبول وهناك فتيات يقبلن بي فلا تتبرمي مني وعليك بالرضى والصبر رغم ما بي من عيوب ونقص.
- ضعف الرجل وعدم تماسكه وشعوره بذلك مع عدم تحمله للمسؤولية وليس عنده سلاح ولا علاج إلا التهديد بالزواج الذي يلوح به دون استخدام.
- شعور الرجل بأنه من المصلحة له أن يبدأ المعركة ويشغل الزوجة بتهديده بالزواج من أخرى حتى تصرف تفكيرها وهمها وتنشغل به عن غيره.
- ضعف عقل الزوج وعدم تبصره بعواقب الأمور يخيل له أن ذلك حسن، مما يجعله يهدد بذلك ويكثر من ذكره حتى يكون له من السلبيات على حياته ما لا يتحمل معه صبر.
- عدم التفكير في عواقب الكلام وترك العنان لهذا اللسان، ورب كلمة قالت لصاحبها دعني. وهذا الكلام لا طائل من ورائه ولا مصلحة فيه.
- الغيرة من الزوج على زوجته سبب تساهلها أو انحرافها في بعض المعاصي، الأمر الذي يسبب للرجل ألماً في نفسه يعبر عنه بالتهديد بالزواج من أخرى.
- ولعل عدداً من الأسباب يرجع إلى الشخص نفسه وما يعانيه من أمور نفسية واجتماعية، وهو في حقيقة الأمر ليس مقتنعاً بالتعدد بالنسبة له ولا قادراً عليه ولكن يتخذه سلاحاً يلوح به فقط.
- قلة وعي الزوج بما يترتب على هذه العبارة، فيقولها من قبيل الممازحة والتبسط مع زوجته.
- بعض الأزواج لا يرى للمرأة حقاً ويحقرها ولا يراعي شعورها، وهذا من رواسب الجاهلية وعاداتها فينتج عن ذلك التهديد بالزواج من أخرى.
أسباب تتعلق بالزوجة:
- وقوع الزوجة في بعض الأخطاء والمخالفات التي لا يرغب فيها الزوج، فقد يكون نصحها ولم تجد هذه النصيحة قبولاً، فيلوح بالزواج بأخرى ظاناً أن الزوجة تفهم هذه الرسالة وتغير من حالها والزوجة لم تلتفت في ذلك ولم تفكر فيه ولم تفهم رسالة الزوج التي لم يفصح بها.
- ممارسة الزوجة الخاطئة في ظن الزوج غير صحيحة، والزوج يتحمل ذلك ولكن لا يرى تحسناً ولا تغيراً، وقد تكون الممارسات التي تقع فيها الزوجة بحسن قصد وبحسن نية طيبة ولكن الزوج لم يعرف ذلك فيهددها بالزواج بأخرى لعل الأمر يتغير.
- تقصير الزوجة في حق زوجها وخاصة في فراشه إما لكبر سنه أو كثرة أولادهما أو انشغالها بعمل أو خدمة أو غير ذلك، مما يضايق الزوج ويشعر أنه بحاجة لهذا ولكنه لا يرغب إشعارها بذلك وأنها صاحبة الحاجة فيهددها بالزواج.
- تبرم الزوجة وتضايقها من أوامر زوجها وطلباته مما يحتاجه، والزوج غير قادر على الزواج بأخرى فيضطر للتهديد حلاً للمشكلة وتفادياً لما يسببه ذلك من آلام وحزن عليه بسبب هذه الزوجة.
- تكون الزوجة على درجة معينة من الخدمة والاهتمام بالزوج، ثم بعد ذلك تضعف لسبب أو لآخر، فيكون ذلك مفاجئاً للزوج و الأمر الذي يحمله ذلك إلى حل غير صحيح، وبدل أن يبحث عن الأسباب الحقيقية ويحاول حلها إذ به يهدد بالزواج والزوجة ما تدري ما هي المصيبة التي حلت بها وما هو السبب.
- عدم تقدير الزوجة لنفسية زوجها وغيرته وتدينه، الأمر الذي يجعلها تتجاهل في بعض جوانب حياتها والتي لا ترى بها أي بأس، بخلاف الرجل فإنه ينظر لذلك بريبة تحمله على التهديد بالزواج.
- عدم اهتمام المرأة بمظهرها وعنايتها بذلك، لا سيما مع وجود الفتن وما تعرضه القنوات الهابطة يسبب للرجل تذمراً من واقع زوجته و تعاسته بذلك، فهو لا يراها متجملة إلا في حال زيارتها لأقاربها فيعبر عن ذلك بتهديدها بالزواج بأخرى.
- حياة البيت والأسرة الرتيب الروتيني يضفي على الحياة الزوجية شيئاً من الملل والسآمة يلقي بظله على حياة الزوجين، وينتج عنه التهديد بالزواج بأخرى.
- افتعال الزوجة للمشاكل وكثرة الطلبات التي ترهق الزوج ولا يتحملها، مما يضطره على تهديدها بالزواج بأخرى نظراً لقلة ماله.
أسباب تتعلق بالبيئة
* قد يعيش الزوج بين أصحاب وأقارب معدِّدين وإذا كان بينهم ربما لمزوه بأنه ليس عنده إلا زوجة واحدة وليس له رغبة بالتعدد، لكنه ينفس عن نفسه بالتهديد بالزواج بأخرى.
* بيئة الزوجة وأقاربها ربما يكونون معددين وزوجها لم يعدد فهو يخشى أن يكون ذلك نقصاً فيه وعاراً عليه، لأنه لم يعدد وليس عنده سبب للتعدد ولكن من باب إشعار زوجته بأنه ليس فيه عيب وأنه يرغب بالتعدد فيهددها بذلك.
* يعيش الزوج في بيئة تحتقر المرأة وترى ذلك من الرجولة والشهامة مما يجعله لا يهتم بها ولا يبالي.
الشرع... والعلاج..
عند سؤالنا للدكتورة الجوهرة المبارك عن حكم الشرع حول هذه الظاهرة "التهديد" قالت:
لا شك أن كثرة التهديد والتنغيص على المرأة فيه إذلال لها وإدخال للحزن على جو المنزل خاصة إذا كانت المرأة قد قامت بجميع واجباتها، ورسول الله (صلى الله علية و سلم) لم يرد عنه أي موقف مع زوجاته كهذا بل قال (صلى الله علية و سلم) : (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) وقال (صلى الله علية و سلم) : (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم).
وأضاف الأستاذ عبدالله العيادة:
لو أن كل امرأة راقبت الله في تعاملها مع زوجها، ولو أن كل زوج راقب الله في تعامله مع زوجته لزال الجليد بينهما، وانتهت كثير من المشكلات التي تفشت في البيوت، فإذا أرادت المرأة أن تتجنب هذا التهديد الذي يقلقها ويقلب حياتها إلى اللون الرمادي فعليها أن تتجنب السلبيات التي مرت في حديثنا، وتحاول معرفة الأسباب التي تجعل الزوج يتفوه بهذا الكلام وتتعامل معها بعقل وتجرد.. والزوجة الذكية هي التي تجعل زوجها يخبرها بنقاط الضعف التي عندها من أجل أن تتفاداها.
حديث للزوج
وتحدثت الدكتورة الجوهرة المبارك حديثاً خاصاً للزوج قائلة. إن الله سبحانه وتعالى قد نهى عن إيذاء المؤمنين بغير ما اكتسبوا، وهذا من أشد الإيذاء للمؤمنات العفيفات الطاهرات، بل هو أشد عليهن من وقع النبال والسيوف، فإذا كنت تريد أن تفعل فلا أحد يردك، ولكن لا يكن فوق جسدها.
* هذا التهديد ينعكس على نفسية الزوجة، فيؤثر على الجو العام في المنزل فيتأثر الأطفال بذلك.
* قد ينتج عن هذا التهديد تهور الزوجة بتصرف لا تحمد عقباه.
* لو أن كلاً من الزوجين عرف ما له وما عليه لتخطينا كثيراً من المشكلات، وهذا يدعونا إلى تكثيف الدورات الأسرية قبل الزواج.
وأنا أطرح فكرة لو تم إلزام المقبلين على الزواج بضرورة حضور الدورات التي تهتم بالمقبلين على الزواج مثل الكشف قبل الزواج التي تنظمها الجمعيات الخيرية فأعتقد أننا سنخرج بالتالي بنتائج رائعة.
أما الدكتور عبد العزيز المقبل فيقول. إن الإسلام يدفع كلا الزوجين إلى الإخلاص مع الآخر، ومبادلته الاحترام، فخير الأزواج خيرهم لأهله، وخياركم خياركم لنسائهم، ولا أعتقد أن التهديد بالزواج سلوك يتسق مع (الخيرية).
في حين أضاف الأستاذ علي العجلان قائلاً. إذا استشعر الرجل أن الزوجة أمانة عنده وأنها كما قال (صلى الله علية و سلم) (هن عوان عندكم) فإنه لا يسيء إلى زوجته لا بفعله ولا بقوله، يخشى في ذلك كله الذي خلقه ويسر له هذه الزوجة وجعلها حلالاً له، وأنه لا يكرمها إلا كريم، ومن إكرامها عدم إسماعها ما تكرهه مراعياً في ذلك ربه سبحانه وتعالى، فهو يحفظ لسانه من كل ما يؤذي الأبعدين، فما بالك بأقرب الناس له وهي زوجته محتسباً في ذلك الأجر من الله.
إنه لا يرضى ذلك لا بنته ولا لأمه ولا أقاربه فينبغي أن يعامل زوجته بمثل ذلك، وأن يحتسب الأجر.
وختاماً..
- قال جل وعلا : ((وإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً)) المؤسف من الأزواج إما أن يتجهوا مباشرة إلى الضرب والضرب المبرح أو التهديد مع أن التهديد يعارض معنى الموعظة. قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي يرحمه الله ـ في تفسير هذه الآية ((تخافون نشوزهن ))أي ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل. ثم قال في ختام تفسيره للآية ((فإن أطعنكم..)) الآية. أي إذا حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتهن على الأمور الماضية والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببها شر. (سورة النساء أية [34] تفسير الكريم الرحمن).
- أيها الزوج لا تكن عنيفاً. ساعد من رضيت بك زوجاً مؤنساً جاورها افتح قلبك لها لا تعنف ولا تقبح. كن لها محمداً (صلى الله علية و سلم).. تكن لك عائشة رضي الله عنها.
- قال أحد التابعين. .إني لأجد أثر المعصية في خلق دابتي وزوجتي. أفلا نراها نحن في تعاملات أزواجنا وتهديداتهم لنا.. بلى والله.. بلى والله.
- التهديد بلاء على نفسية الزوجات واستقرارهن الأسري 97% من الإجابات تؤكد ذلك.
- قيمة الرجولة لا توجد بالتهديد والمفترض أن قيمة الأنوثة لا تفقد إن وجد التهديد.
- الزوجات ماذا يفضلن والأزواج ماذا يفضلون؟ الكل يفضل حياة هانئة فما المانع من هذا الهناء.. أيها الأزواج.
- أيتها الزوجة.. لا تأخذي دروساً مجانية من المتمرسات في فن الإذلال واللامبالاة في الأزواج.
- مجتمع النبوة مجتمع لا تنعدم فيه المشاكل لكن الرجوع إلى الله ورسوله . كان أعظم اتجاه.
- قال جل وعلا: ((ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)) ليشعر كل من الزوجين أنه عين الآخر وذاته، وكيف لا يثق الإنسان في نفسه ولا ينصح لها؟ أو كيف يغش المرء نفسه ويخادعها.
- إلقاء اللوم على الزوج وحده في مشكلة التهديد قسمة ضيزى اجعليها قسمة عادلة لتسعدي.
- زواج الزوج من ثانية وثالثة لا نعارضه ولكن رجاءً أيها الأزواج ليكن دون تهديد
بعدها عم الصمت بعدما استخدما كل مفردات الغضب، ولكن يبدو أنهما لم يصلا إلى نهاية المطاف، ولم يحقق كل واحد منهما ما يريد من الآخر.
قامت متجهة إلى غرفتها وهي تقول: أنا لم أمنعك من الزواج، ولكن لا يكن هذا الزواج سكيناً تمزق بها خاصرتي كل يوم، منذ مدة وأنت على هذه الحال. سأتزوج.. سأتزوج.. لاذ هو بالصمت، وأخذ غترته التي سقطت على الأرض، واتجه ناحية الباب، دون أن يتفوه بكلمة.. لينتهي هذا المشهد..
التهديد بالثانية ظاهرة انتشرت في مجتمعنا.. فأضحى الزوج يهدد زوجته في كل صغيرة وكبيرة، والمرأة تتجرع هذه الكلمات.. بل هذه الكتل الملتهبة التي تكوي القلب.. وتهين النفس.... فهل فكر الرجل يوماً في أن يضع نفسه مكان زوجته.. ليرى مدى الألم الذي تعيشه هي.
التهديد بالثانية هو موضوعنا في هذا الملف.. وليس قصدنا التعدد، فحاشا لله أن نناقش شيئاً حلله الشرع وأباحه..، لكنه التهديد.. والتهديد ذاته..!!
المشاركون:
د/ عبدالعزيز بن عبدالله المقبل
د/ منصور بن عبدالرحمن العسكر
الأستاذ. عبدالله العيادة
الأستاذ. علي بن عبد الله العجلان
د/ الجوهرة المبارك
د/ فاطمة الجارالله
د/ صلوح السريحي
الأستاذة.حورية القاضي
إشراف ومتابعة.
هيفاء الوتيد * الرياض
سارة السويعد * الدمام
التهديد مشكلة تؤرق الزوجات
التهديد بالثانية مشكلة حقيقية تؤرق الزوجة وتقلقها، هذا ما أوضحته به الدكتورة الجوهرة المبارك قائلة: نعم هي مشكلة موجودة ونلمسها،لكن استخدامها يمكن أن يكون إيجابياً وربما يكون سلبياً.
وحتى أبين كل جانب باختصار فلا يكون التهديد بالثانية سلبياً إلا إذا استخدمه الرجل لمجرد التعالي على المرأة والغطرسة والكبرياء، وعدم الإحساس بمشاعرها، أو قد يستخدمه ليعرف قيمته عندها ويستأنس بانزعاجها، وهذا دليل على حرصها عليه ومحبتها له، وأحياناً يؤخذ من جانب الدعابة وأنا أنصح الزوجات ألا ينزعجن إذا أخذ التهديد مأخذ الدعابة، وليعطين الرجال مكانتهم من التقدير والمحبة التي تشعر الزوجين بالاستقرار والرضا في الحياة الزوجية، وأحياًناً يكون سلبياً وذلك عندما يشعر المرأة بما هي عليه من سلبيات وتقصير في حق زوجها فلا تتفاجأ بالزوجة الثانية بدون سابق إنذار.
ونصيحتي للزوجات أن يحفظن حقوق أزواجهن ويراقبن الله قبل أن يفاجأن بالزوجة الثانية لأن أزواجهن جنتهن ونارهن.
و المرأة التي تفعل ما أوجبه الله عليها ولا تقصر في حق زوجها لا تندم أبداً إذا تزوج بأخرى ولا تلوم نفسها على ما فعلت، وحتى لو تزوج زوجها ستبقى في مكانتها فلن يخذلها ربها الذي عملت من أجله، فعلينا جميعاً الاحتساب في كل ما نقوم به.
وأضاف الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله المقبل قائلاً. لقد كنت أسمع منذ سنوات عن هذه الظاهرة، لكن يبدو لي أنها تقلصت كثيراً، ولا أقول انقطعت، وقد يكون ذلك أثراً من آثار المحاضرات التي عرضت للموضوع، ونبّهت على خطورته على الحياة الزوجية، ومن لم يصله مثل ذلك الخطاب، أو لم يصل هو إليه ربما أن تجربته في (فشل).
وأما أنها تؤرق الزوجة وتقلقها فمن الطبيعي، لكن نفسية المرأة ومستواها التعليمي لهما أثر في ذلك، وبعض الأزواج السذج حين يرى أن تهديده الزوجة بزوجة أخرى يدفعها للانفعال ربما يدفعه هو ذلك إلى تكرار (اللعبة).. لكن عقلية المرأة وإدراكها بأن ذلك الزوج أقل من أن يفعلها تجعله يتراجع عن ذلك السلوك.
والتهديد بالزواج من ثانية سلوك رجالي قديم، فأحد الشعراء القدماء عاش مع زوجته ثلاثين سنة، تبدو أنها كانت مليئة بالمشكلات، وفي يوم بدا (محتقن) الصدر، ممتلئ النفس من زوجته، راح يهجوها هجاء مراً، ويدعو على نفسه إن لم يرغم أنفها بالتراب، وذلك بالزواج من فتاة طيبة الريح، طويلة العنق، ولعله يعرض بقصر زوجته، ولا أدري هل دار بخلده أنه ربما لا يجد مثل تلك الفتاة التي يهدد بها، ولو وجدها فمن الذي يضمن أن تقبله زوجاً؟ يقول:
أتوني بها قبل المحاق بليلة... ...فكان محاقاً كله ذلك الشهر
أما لك عمر إنما أنف حية... ...إذا هي لم تقتل تعش آخر الدهر
ثلاثين حولاً لا أرى منك راحة... ...لمثلك في الدنيا لباغية العمر
شربت دماً إن لم أرعك بضرةٍ... ...بعيدة مهوى القرط طيبة النشر
وأضافت الدكتورة صلوح السريحي أستاذة النقد الأدبي بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة قائلةً: لم يحل الله سبحانه وتعالى للرجل الزواج بالثانية والثالثة والرابعة ليكون وسيلة تهديد وتخويف، وإنما لحكمة، لذا فلا يستخدم الرجل فكرة التهديد بالزواج مرة أخرى للتخويف والتهديد، ولم يكن هذا الزواج سيفاً يهدد به كلما طاب له، ولكن عندما ضعف الوازع الديني عند الطرفين استُخدِم المباح سيفاً يُهددُ به أمن المرأة واستقرارها النفسي والعاطفي، ومع هذا ليكن للرجل استخدام هذه الوسيلة للتنبيه والتحذير من تقصير المرأة في شؤونها وشؤونه.
متى يهدد الزوج؟..
تحدث الدكتور عبد العزيز المقبل قائلاً: في ظني أنه إذا دخلت كلمة التهديد من نافذة المؤسسة البيتية خرج (الحب) من الباب، وأعتقد أن التفاهم يحل إشكالات كثيرة في الحياة الزوجية، لكن عندما يجد الزوج أن هناك صفة أو خلقاً في زوجته مقدور على إصلاحه وينبهها لذلك بأساليب مختلفة، ويعطيها زمناً معقولاً للتغير، ثم لا يحدث ذلك فإن التهديد بالزواج قد يمنحه قدراً من (الفضفضة)، لكنه لن يحل مشكلته، فهو إما أن يصبر ويتذكر قوله تعالى: ((فإن كرهتموهن فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيرا)) [النساء: 19]، وقول النبي (صلى الله علية و سلم( لا يفرك مؤمن مؤمنة إن سخط منها خلقاً رضيَ آخر) وإما أن يتخذ قراراً بالزواج لكن دون أن يضار زوجة لحساب أخرى.
وأضافت الدكتورة الجوهرة المبارك: في الغالب الرجل الضعيف الذي لا يستطيع أن يتفاهم مع زوجته أو تعديل سلوكها يلجأ لأسلوب التهديد.
وذكرت الدكتورة صلوح السريحي:إذا وجد الرجل الاستقرار النفسي والعاطفي لن يلجأ إلى هذا التهديد إلا إذا كان ضعيف الإيمان وضعيف الشخصية، عندها سيجد في التهديد وسيلة قوة يتصنع بها، ويمكن للزوجة أن تدفع هذا التهديد بطرق عديدة.
أولاً: ترعى الله في نفسها وزوجها وبيتها وتؤدي حق الله عليها.. فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته.
ثانياً: أن تشعر زوجها بمكانته في نفسها وبفضل قوامته، وتهبه كافة حقوقه عليها من احترام وتقدير وواجبات، وأن تقوم جوانب الضعف فيه إذا وجدت بحكمة بعيداً عن الفوقية والتعالي.
ثالثاً: تراعي فكرة التجديد والتغيير في نفسها وبيتها حتى لا يتسرب الملل إلى نفسيهما وتفقد حياتهما الجدية.
لماذا تتضايق الزوجة؟!
سؤال طالما راود الرجال؟. لماذا تتضايق النساء من هذه الكلمات أو التهديدات؟!!
أجاب الأستاذ عبد الله العيادة * مستشار أسري: إن المرأة لديها استعداد تام لسماع أي خبر عن زوجها إلا هذا الخبر وهو الاقتران بالثانية حتى ولو بالكلام. ويضيف. هل تصدقون أن بعضهن تتمنى الموت لزوجها ولا يتزوج عليها؟!! والمرأة فطرت على عدم قبول هذه الفكرة ولا حتى مجرد التفكير فيها، ولا تستغرب ذلك، فهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها تغار من أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها بعد موتها، ماذا يعني هذا؟!! أليس له دلالات معينة؟!! وهن أمهات المؤمنين؟!! وكذلك خوف النقد من المجتمع لها، واتهامها بالنقص، حيث لم يتزوج عليها إلا لأنها غير جديرة بأن تنفرد به.
* شعور الزوجة بعدم حب زوجها لها وأنها لم تستطع أن تملأ عينه وخوفها من الانحراف عنها إلى أخرى.
وكذلك الخوف من نقص الامتيازات المادية التي تحصل عليها من زوجها إذا شاركتها أخرى، وهذا يهدد أيضاً أطفالها.
وأضاف الدكتور عبد العزيز المقبل: لو لاحظنا أن العرب أطلقوا اسم "ضرة" على الزوجة الثانية، وهو اسم مشتق من الضرر.. فلا شك أن الزوجة التي كان زوجها لها بأكمله ترى أن الزوجة الثانية قد أخذت "شطره"!!
ومن جهة أخرى أعتقد أن الغيرة في حدودها الطبيعية * تجعل المرأة تثبت لزوجها أنها لا تزال تحبه.. بل ربما ازداد تعلقها به، فهو بالأمس بين يديها، وربما ملّت كثرة مكثه معها، واليوم تنتظر قدومه بل وتحاسبه على التأخر؟!!
وقد يدفع الكيد النسائي المرأة أن تبدي لزوجها عدم المبالاة بزواجه، لكنها في الواقع تريد إغاظته كنوع من الانتقام منه، جراء إقدامه على الزواج، وهو ما صوره الشاعر بقوله:
خبروها بأنني قد تزوجت... ...فظلت تكاتم الغيظ سرا
ثم قالت لأختها ولأخـــــرى... ...جزعاً ليته تـــزوج عشرا
وأشــــارت إلى نساء لديها... ...لا ترى دونهن للسر شـرا
ما لقلبي كأنه ليــــس مني... ...وعظامي أخال فيهن فتـرا
من حديث نمي إلي فظــيع... ...خلت في القلب من تلظيه جمرا
والمشكلة التي ينهزم عندها الكثير من المقدمين على الزواج حين تقرر الزوجة الأولى (تركه) وأولاده إلى بيت أهلها.. وثمت صور عديدة وقفت عليها، أفشلت الزواج بالثانية بعد (الملكة) وربما بعد الزواج لأن الزوج مهما كان صبره وجلده يفشل فشلاً ذريعاً في القيام على الأبناء وخاصة الصغار منهم!..
النساء ثلاثة أصناف
صنفت الأستاذة حورية القاضي النساء إلى ثلاثة أصناف حيال هذا الأسلوب:
1* امرأة تؤمن بالقضاء والقدر وتعلم يقيناً أن الله إن كتب عليها أن يتزوج زوجها فسيكون وإن لم يهددها.. وهذه لن يؤثر عليها هذا الأسلوب ولن يستفيد الزوج شيئاً.. وتصحح ما كان منها خوفاً من الله وليس من التهديد، وإن كان الزوج باغياً فلن تغير شيئاً من سلوكها وتقوم بوعظه وتذكيره.
2* امرأة تتأثر بذلك الأسلوب .الجاهل. وتخاف، وربما تستجيب لزوجها في طلباته تحت وطأة التهديد، لكن في قرارة نفسها تنظر إليه على أنه جاهل يسيء إليها..ويضع الأحكام في غير موضعها، وبذلك تكون مشاعرها صافية له.
3* امرأة تسلك مسلك العناد والإصرار على ما تقوم به، وهذا يؤدي إلى توسع دائرة المشاكل بين الزوجين، بل أحياناً إلى هدم الحياة الزوجية، والرجل العاقل لا ينبغي له أن يوصل زوجته إلى تلك المرحلة.
ودعت الدكتورة فاطمة الجار الله أستاذة في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية. المرأة ألا تلتفت إلى كلام زوجها في هذا الموضوع ولا تكترث له ولا تجيب عنه، بل تتعامل مع هذا الموضوع بهدوء وبرود، ولتعلم أن الكلام ليس هو السبب في زواج الرجل عليها. ولتشغل نفسها بمعالي الأمور من طلب العلم الشرعي والعمل الصالح.
التهديد.. ونقص الشخصية..
هل كثرة التهديد بالثانية يعني نقصاً في شخصية الرجل؟!!
أجاب عن هذا الأستاذ علي بن عبدالله العجلان. مستشار أسري بمشروع الشيخ عبدالعزيز بن باز قائلاً:
ليس من الضروري تفسير ذلك بنقص في شخصية الرجل بقدر ما هو تقييم للحياة الزوجية وما يعيشه كل واحد من الزوجين من مشكلات وهموم وغايات قد لا يصارح بها الآخر. لكنه بالتأكيد طريقة سلبية غير مناسبة مهما كانت الدوافع لذلك، وقد يكون سبب ذلك أموراً نفسية واجتماعية تربى عليها الزوج، لكنه يبقى أسلوباً خاطئاً في نظري يقوض دعائم علاقة كل من الزوجين بالآخر، لا سيما إذا كان ديدن الرجل بسبب ودون سبب لأنه يتعلق بأهم ما تريده الزوجة وهو الانفراد بالزوج وعدم المشاركة حتى ولو كان ذلك هاجساً أو تفكيراً يصرف النظر عن الحقيقة التي تعتقدها الزوجة ولكن ذلك يزعجها بالتأكيد، وإن كان الرجل يعتقد أنه علاج لبعض المشكلات إلا أن سلبياته أكثر من إيجابياته مهما كان الباعث له أو الحامل عليه.
والرجل ينبغي عليه أن يشعر نفسه برجولته وأنه يتميز عن زوجته ليترفع بذلك عن تهديدها بالزواج بأخرى أو ما شاكل ذلك، وهو لا يعني كمال الرجل ولا تماسكه وقدرته على احتواء المشكلات والوصول إلى الحل الصحيح.
سلاح العاجز
وصفت الأستاذة حورية القاضي هذا الأسلوب بأنه سلاح العاجز الذي أساء استغلال الأحكام الشرعية ووضعها في غير موضعها، وإن دل ذلك على شيء إنما يدل على سوء فهم هذا الصنف من الرجال لمقاصد الشرع من التعدد، واستغلال هذه الأحكام لبسط النفوذ أو السيطرة والقيادة.. وحكم التعدد بريء من تلك الأهداف كلها، فالتعدد ثابت في الشرع لمن استطاع ولم يخف الجور وحقق العدل...
ولكن لم نسمع أو نقرأ في كتاب الله أو سنة الرسول عليه الصلاة والسلام أن الله جعلها وسيلة لتهديد المرأة وإصلاح الاعوجاج إن حصل..
بل ما أجمل توجيهات القرآن الكريم لأعظم اعوجاج للمرأة إن حصل وهو النشوز.. أي تكون المرأة تاركة لأمر زوجها، معرضة عنه، مبغضة له.. تعالوا معي نرى التوجيه الجميل للرجال، وما موقفهم من تلك الزوجة؟!! يقول تعالى في سورة النساء [34]:(( واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن...)) (لاحظوا معي قوله تعالى: فعظوهن، ولم يستخدم حتى لفظ التهديد) بل الوعظ، بين لها الإثم إذا خالفت الحقوق، وبين أنها مأجورة إذا وفت بها..
فأين الرجال من هذه التوجيهات العظيمة؟.. بل إن الآية ختمت بلفظ عظيم: ((إن الله كان علياً كبيراً)) يقول ابن كثير رحمه الله في الآية: (الآية فيها تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب فإن الله العلي الكبير وليهن وهو المنتقم ممن ظلمهن وبغى عليهن...)
كما أن هذا الأسلوب ينافي العشرة بالمعروف الذي أمر الله به الرجال في قوله تعالى: (( وعاشروهن بالمعروف)) أي طيبوا أقوالكم لهن وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم كما تحب ذلك منها.
عنف زوجي
ذكر الدكتور منصور بن عبدالرحمن بن العسكر * أستاذ علم الاجتماع المساعد بجامعة الإمام أن التهديد بالزواج بالثانية يحزم مسألة التطمين التي تنشدها المرأة من الرجل، حيث إن من مظاهر التطمين أن نشعر المرأة بأنها تقوم بحقوقها الإسلامية للزوج مبتغية بذلك الأجر من الله تعالى ومحبة لزوجها، لا أن تقوم بذلك تحت طائلة التهديد والوعيد والخوف من أن يقوم الزوج بالزواج أو يهددها بذلك.
ولكن بعض الأزواج يستخدم أساليب بعيدة كل البعد عن الأسلوب الحسن في التعامل بين الزوجين، ومنها التهديد بالزواج بالثانية، وهذا الأسلوب يقع ضمن العنف الزوجي، حيث إن من مظاهر العنف التهديد أو التلفظ بالألفاظ السيئة مع الزوجة.
لذا ننصح الأزواج بتعلم الأساليب الحسنة في التعامل مع الزوجة والأبناء من خلال حضور الدورات التدريبية في العلاقات الزوجية، ومن خلال سؤال المختصين والمرشدين الأسريين لتعليمهم الأساليب الحسنة.
الثانية.. هل تحسم المشاكل؟..
وفي الإجابة على هذا التساؤل تحدث الدكتور عبد العزيز المقبل قائلاً. هذا الموضوع تنبني عليه عدة أمور، منها كون الزوج صادقاً مع نفسه غير متجن على زوجته فيما يراه من نقائص، وأنه على قدر المسؤولية في إدارة زوجتين.. ويتحمل ما يترتب على ذلك من أعباء نفسية وجسدية ومالية، وقبل هذا عقلية الزوج ومدى نضجها، فإن كان الزوج أحمق وأعمت الخصلة السلبية لدى زوجته عينيه عن رؤية بقية محاسنها فهذا سيزيد المشكلات، لأنه ربما صاحب نظرته وسلوكه مع زوجته الأولى لون من الإزراء وإشعارها بالاستغناء، إن لم يكن ذلك بلسان المقال فهو بلسان الحال، لكن الزوج العاقل حين يبحث عن جانب مفقود لدى زوجته ربما بعث زواجه قدراً من الراحة له ولزوجته الأولى، لأنه كان يكثر مطالبتها وربما فقدها، فهو بالزواج سيصمت إذ يفترض أن يكون وجد ما يبحث عنه!!
لكن السؤال: هل كل زوج يريد (سد) نقص مفقود لدى زوجته؟!!
فيتأكد قبل ارتباطه أن ذلك الجانب موجود لديها، أم يصبح هاجسه مجرد الزواج؟!
بالنسبة لي أرى أن الأكثر هو الثاني.
حتى نتفادى التهديد..
الزوجة أحياناً قد تضع زوجها في مثل هذا الموضع * التهديد * فكيف يمكنها أن تصرفه عن مجرد ذكره بلسانه.. ذكر ذلك الأستاذ عبد الله العيادة. جميل أن تعترفن معشر النساء بهذا الأمر، وأنكن تتحملن قدراً من المسؤولية في هذا، ولا شك أن هذا يسهل الوصول إلى العلاج. لأن من يعترف بالعلة يهن عليه التصحيح. إن هناك عدة طرق إذا سلكتها الزوجة قد تتفادى كثيراً من نقاط التفتيش التي ينصبها لها زوجها ليهددها بعد ذلك بإعطائها مخالفة بأن يأتي بأخرى عندها.
هناك أسباب خارجية وأسباب في ذات المرأة:
الأسباب الخارجية:
- التدخل المباشر في شؤون حياتهما من أطراف خارجية قد لا يعجب الزوج تدخلها.
- عدم الانصياع لأمر الزوج من قبلها والتمرد عليه، إما تحدياً أو عدم تقدير لشخصيته.
- كثرة خروجها من المنزل بغير سبب ضروري، مما يزعج الزوج وهي لا تستجيب له.
- الإهمال الواضح في المنزل بقصد أو بغير قصد ولكل زوج طريقته في منزله.
- عدم العناية بالأطفال من عدة نواحي.
- النقد اللاذع لأهله خاصة * أمه وإخوته * مما يشعره بالنقص، فيحاول تعويض هذا النقد بالتهديد.
- قد يتخذه بعض الأزواج وسيلة للابتزاز والحصول على المال منها، خاصة إذا كانت عاملة.
- قلة إدراك الزوج، فهو يقلد ما يسمعه من الآخرين.
أسباب خاصة بالمرأة: - التجمل والتزين، فقد تهمل المرأة هذا الجانب عن الزوج وتعتني به عند الخروج، وهذا له سلبياته.
- النظافة الشخصية والعناية بالملبس في المنزل وفي غرفة النوم.
- عدم مجارات الزوج في همومه، والبرود الواضح، فقد تضحك وهو مهموم أو العكس.
- الغضب المستمر لأتفه الأسباب ثم ينسحب هذا على تعاملها معه.
- مناقشة مواضيع عامة ومقلقة أحياناً في غرفة النوم.
- البرود العاطفي في غرفة النوم.
- شعور الزوج أنها ند له لكثرة اعتراضها على ما يصدره من أوامر لها أو ما يتخذه من قرارات تتعلق بالأسرة.
هذه بعض النقاط التي تتعلق بالمرأة نفسها والتي قد تكون طريقاً تأتي منه الزوجة الأخرى أو على أقل تقدير تكن مصدر إزعاج لها بالتهديد.
الزوج * المرأة * البيئة
أرجع الأستاذ علي العجلان أسباب التهديد إلى كل من الزوج و المرأة و البيئة المحيطة بالزوجين، وقبل أن يفصل في ذلك قال: إن الزواج وما يتبعه من إلفة ورحمة هو آية من آيات الله، ولكن ينبغي أن يحافظ عليه، وليكون شريكا الحياة حريصين على نماء المحبة والمودة، فالنفوس تحتاج إلى مراعاة وتقدير مشاعر، والمشاكل تفسد القلوب كما قال الشاعر:
إن القلـــــوب إذا تنافر ودهـا... ...مثل الزجاجة كســــرها لا يجبر
إن تصدع العلاقة الزوجية والبرود العاطفي بين الزوجين الذي يشتكي منه كثير من الشباب والشابات له أسبابه، وقد يظن الزوج أنه ناتج عن عدم الرغبة عند الزوجة أو عدم القناعة أو غير ذلك على الرغم من أن ذلك غير صحيح، وإنما السبب بعض الممارسات التي تحصل بين الأزواج فتعكر الحياة الزوجية وربما انتهت بالطلاق أو الخلاف.
والتهديد بالزوجة الثانية له أسبابه ودوافعه ومؤثرات البيئة التي تحتضن كلاً من الزوجين، وأستطيع أن أقسّم أسباب التهديد إلى ثلاثة أقسام:
أسباب متعلقة بالزوج:
- بعض الأزواج يشعر بنقص في ذاته، وربما توقع علم المرأة بذلك وهو يريد أن يثبت لها رجولته وشجاعته فيهددها بالزواج وهو غير عازم عليه ولا قادر، ولكنه من أجل إثبات نقص يعيشه يريد أن يكمله بذلك، وهذا ما يعرف بمركب النقص.
- شعوره بعدم قبول زوجته له لعيب فيه، فيهدد بالزواج وكأنها رسالة توجيه إلى الزوجة ولسان حاله يقول إنني مقبول وهناك فتيات يقبلن بي فلا تتبرمي مني وعليك بالرضى والصبر رغم ما بي من عيوب ونقص.
- ضعف الرجل وعدم تماسكه وشعوره بذلك مع عدم تحمله للمسؤولية وليس عنده سلاح ولا علاج إلا التهديد بالزواج الذي يلوح به دون استخدام.
- شعور الرجل بأنه من المصلحة له أن يبدأ المعركة ويشغل الزوجة بتهديده بالزواج من أخرى حتى تصرف تفكيرها وهمها وتنشغل به عن غيره.
- ضعف عقل الزوج وعدم تبصره بعواقب الأمور يخيل له أن ذلك حسن، مما يجعله يهدد بذلك ويكثر من ذكره حتى يكون له من السلبيات على حياته ما لا يتحمل معه صبر.
- عدم التفكير في عواقب الكلام وترك العنان لهذا اللسان، ورب كلمة قالت لصاحبها دعني. وهذا الكلام لا طائل من ورائه ولا مصلحة فيه.
- الغيرة من الزوج على زوجته سبب تساهلها أو انحرافها في بعض المعاصي، الأمر الذي يسبب للرجل ألماً في نفسه يعبر عنه بالتهديد بالزواج من أخرى.
- ولعل عدداً من الأسباب يرجع إلى الشخص نفسه وما يعانيه من أمور نفسية واجتماعية، وهو في حقيقة الأمر ليس مقتنعاً بالتعدد بالنسبة له ولا قادراً عليه ولكن يتخذه سلاحاً يلوح به فقط.
- قلة وعي الزوج بما يترتب على هذه العبارة، فيقولها من قبيل الممازحة والتبسط مع زوجته.
- بعض الأزواج لا يرى للمرأة حقاً ويحقرها ولا يراعي شعورها، وهذا من رواسب الجاهلية وعاداتها فينتج عن ذلك التهديد بالزواج من أخرى.
أسباب تتعلق بالزوجة:
- وقوع الزوجة في بعض الأخطاء والمخالفات التي لا يرغب فيها الزوج، فقد يكون نصحها ولم تجد هذه النصيحة قبولاً، فيلوح بالزواج بأخرى ظاناً أن الزوجة تفهم هذه الرسالة وتغير من حالها والزوجة لم تلتفت في ذلك ولم تفكر فيه ولم تفهم رسالة الزوج التي لم يفصح بها.
- ممارسة الزوجة الخاطئة في ظن الزوج غير صحيحة، والزوج يتحمل ذلك ولكن لا يرى تحسناً ولا تغيراً، وقد تكون الممارسات التي تقع فيها الزوجة بحسن قصد وبحسن نية طيبة ولكن الزوج لم يعرف ذلك فيهددها بالزواج بأخرى لعل الأمر يتغير.
- تقصير الزوجة في حق زوجها وخاصة في فراشه إما لكبر سنه أو كثرة أولادهما أو انشغالها بعمل أو خدمة أو غير ذلك، مما يضايق الزوج ويشعر أنه بحاجة لهذا ولكنه لا يرغب إشعارها بذلك وأنها صاحبة الحاجة فيهددها بالزواج.
- تبرم الزوجة وتضايقها من أوامر زوجها وطلباته مما يحتاجه، والزوج غير قادر على الزواج بأخرى فيضطر للتهديد حلاً للمشكلة وتفادياً لما يسببه ذلك من آلام وحزن عليه بسبب هذه الزوجة.
- تكون الزوجة على درجة معينة من الخدمة والاهتمام بالزوج، ثم بعد ذلك تضعف لسبب أو لآخر، فيكون ذلك مفاجئاً للزوج و الأمر الذي يحمله ذلك إلى حل غير صحيح، وبدل أن يبحث عن الأسباب الحقيقية ويحاول حلها إذ به يهدد بالزواج والزوجة ما تدري ما هي المصيبة التي حلت بها وما هو السبب.
- عدم تقدير الزوجة لنفسية زوجها وغيرته وتدينه، الأمر الذي يجعلها تتجاهل في بعض جوانب حياتها والتي لا ترى بها أي بأس، بخلاف الرجل فإنه ينظر لذلك بريبة تحمله على التهديد بالزواج.
- عدم اهتمام المرأة بمظهرها وعنايتها بذلك، لا سيما مع وجود الفتن وما تعرضه القنوات الهابطة يسبب للرجل تذمراً من واقع زوجته و تعاسته بذلك، فهو لا يراها متجملة إلا في حال زيارتها لأقاربها فيعبر عن ذلك بتهديدها بالزواج بأخرى.
- حياة البيت والأسرة الرتيب الروتيني يضفي على الحياة الزوجية شيئاً من الملل والسآمة يلقي بظله على حياة الزوجين، وينتج عنه التهديد بالزواج بأخرى.
- افتعال الزوجة للمشاكل وكثرة الطلبات التي ترهق الزوج ولا يتحملها، مما يضطره على تهديدها بالزواج بأخرى نظراً لقلة ماله.
أسباب تتعلق بالبيئة
* قد يعيش الزوج بين أصحاب وأقارب معدِّدين وإذا كان بينهم ربما لمزوه بأنه ليس عنده إلا زوجة واحدة وليس له رغبة بالتعدد، لكنه ينفس عن نفسه بالتهديد بالزواج بأخرى.
* بيئة الزوجة وأقاربها ربما يكونون معددين وزوجها لم يعدد فهو يخشى أن يكون ذلك نقصاً فيه وعاراً عليه، لأنه لم يعدد وليس عنده سبب للتعدد ولكن من باب إشعار زوجته بأنه ليس فيه عيب وأنه يرغب بالتعدد فيهددها بذلك.
* يعيش الزوج في بيئة تحتقر المرأة وترى ذلك من الرجولة والشهامة مما يجعله لا يهتم بها ولا يبالي.
الشرع... والعلاج..
عند سؤالنا للدكتورة الجوهرة المبارك عن حكم الشرع حول هذه الظاهرة "التهديد" قالت:
لا شك أن كثرة التهديد والتنغيص على المرأة فيه إذلال لها وإدخال للحزن على جو المنزل خاصة إذا كانت المرأة قد قامت بجميع واجباتها، ورسول الله (صلى الله علية و سلم) لم يرد عنه أي موقف مع زوجاته كهذا بل قال (صلى الله علية و سلم) : (خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي) وقال (صلى الله علية و سلم) : (ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم).
وأضاف الأستاذ عبدالله العيادة:
لو أن كل امرأة راقبت الله في تعاملها مع زوجها، ولو أن كل زوج راقب الله في تعامله مع زوجته لزال الجليد بينهما، وانتهت كثير من المشكلات التي تفشت في البيوت، فإذا أرادت المرأة أن تتجنب هذا التهديد الذي يقلقها ويقلب حياتها إلى اللون الرمادي فعليها أن تتجنب السلبيات التي مرت في حديثنا، وتحاول معرفة الأسباب التي تجعل الزوج يتفوه بهذا الكلام وتتعامل معها بعقل وتجرد.. والزوجة الذكية هي التي تجعل زوجها يخبرها بنقاط الضعف التي عندها من أجل أن تتفاداها.
حديث للزوج
وتحدثت الدكتورة الجوهرة المبارك حديثاً خاصاً للزوج قائلة. إن الله سبحانه وتعالى قد نهى عن إيذاء المؤمنين بغير ما اكتسبوا، وهذا من أشد الإيذاء للمؤمنات العفيفات الطاهرات، بل هو أشد عليهن من وقع النبال والسيوف، فإذا كنت تريد أن تفعل فلا أحد يردك، ولكن لا يكن فوق جسدها.
* هذا التهديد ينعكس على نفسية الزوجة، فيؤثر على الجو العام في المنزل فيتأثر الأطفال بذلك.
* قد ينتج عن هذا التهديد تهور الزوجة بتصرف لا تحمد عقباه.
* لو أن كلاً من الزوجين عرف ما له وما عليه لتخطينا كثيراً من المشكلات، وهذا يدعونا إلى تكثيف الدورات الأسرية قبل الزواج.
وأنا أطرح فكرة لو تم إلزام المقبلين على الزواج بضرورة حضور الدورات التي تهتم بالمقبلين على الزواج مثل الكشف قبل الزواج التي تنظمها الجمعيات الخيرية فأعتقد أننا سنخرج بالتالي بنتائج رائعة.
أما الدكتور عبد العزيز المقبل فيقول. إن الإسلام يدفع كلا الزوجين إلى الإخلاص مع الآخر، ومبادلته الاحترام، فخير الأزواج خيرهم لأهله، وخياركم خياركم لنسائهم، ولا أعتقد أن التهديد بالزواج سلوك يتسق مع (الخيرية).
في حين أضاف الأستاذ علي العجلان قائلاً. إذا استشعر الرجل أن الزوجة أمانة عنده وأنها كما قال (صلى الله علية و سلم) (هن عوان عندكم) فإنه لا يسيء إلى زوجته لا بفعله ولا بقوله، يخشى في ذلك كله الذي خلقه ويسر له هذه الزوجة وجعلها حلالاً له، وأنه لا يكرمها إلا كريم، ومن إكرامها عدم إسماعها ما تكرهه مراعياً في ذلك ربه سبحانه وتعالى، فهو يحفظ لسانه من كل ما يؤذي الأبعدين، فما بالك بأقرب الناس له وهي زوجته محتسباً في ذلك الأجر من الله.
إنه لا يرضى ذلك لا بنته ولا لأمه ولا أقاربه فينبغي أن يعامل زوجته بمثل ذلك، وأن يحتسب الأجر.
وختاماً..
- قال جل وعلا : ((وإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً)) المؤسف من الأزواج إما أن يتجهوا مباشرة إلى الضرب والضرب المبرح أو التهديد مع أن التهديد يعارض معنى الموعظة. قال الشيخ عبد الرحمن بن سعدي يرحمه الله ـ في تفسير هذه الآية ((تخافون نشوزهن ))أي ارتفاعهن عن طاعة أزواجهن بأن تعصيه بالقول أو الفعل فإنه يؤدبها بالأسهل فالأسهل. ثم قال في ختام تفسيره للآية ((فإن أطعنكم..)) الآية. أي إذا حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتهن على الأمور الماضية والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببها شر. (سورة النساء أية [34] تفسير الكريم الرحمن).
- أيها الزوج لا تكن عنيفاً. ساعد من رضيت بك زوجاً مؤنساً جاورها افتح قلبك لها لا تعنف ولا تقبح. كن لها محمداً (صلى الله علية و سلم).. تكن لك عائشة رضي الله عنها.
- قال أحد التابعين. .إني لأجد أثر المعصية في خلق دابتي وزوجتي. أفلا نراها نحن في تعاملات أزواجنا وتهديداتهم لنا.. بلى والله.. بلى والله.
- التهديد بلاء على نفسية الزوجات واستقرارهن الأسري 97% من الإجابات تؤكد ذلك.
- قيمة الرجولة لا توجد بالتهديد والمفترض أن قيمة الأنوثة لا تفقد إن وجد التهديد.
- الزوجات ماذا يفضلن والأزواج ماذا يفضلون؟ الكل يفضل حياة هانئة فما المانع من هذا الهناء.. أيها الأزواج.
- أيتها الزوجة.. لا تأخذي دروساً مجانية من المتمرسات في فن الإذلال واللامبالاة في الأزواج.
- مجتمع النبوة مجتمع لا تنعدم فيه المشاكل لكن الرجوع إلى الله ورسوله . كان أعظم اتجاه.
- قال جل وعلا: ((ومن أياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة)) ليشعر كل من الزوجين أنه عين الآخر وذاته، وكيف لا يثق الإنسان في نفسه ولا ينصح لها؟ أو كيف يغش المرء نفسه ويخادعها.
- إلقاء اللوم على الزوج وحده في مشكلة التهديد قسمة ضيزى اجعليها قسمة عادلة لتسعدي.
- زواج الزوج من ثانية وثالثة لا نعارضه ولكن رجاءً أيها الأزواج ليكن دون تهديد