PDA

View Full Version : ( نِــعـمَ الوقــود ..... التفــــــــاؤل .. )


بو عبدالرحمن
23-02-2006, 10:24 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
- - - - - - - - - - - - - - -
التفاؤل مولدٌ للهمة ، وباعثٌ للعزيمة ، ودافعٌ لنشاط يتجدد على مدار الساعة..
ومن ثمّ لابد أن تجدَ الإنسانَ المتفائل : مستبشراً دائماً ، واثقاً دائما، مطمئنا دائماً ..
يتولد الأمل في زوايا وجهه ، وفي بريق عينيه ، وعلى نبرات لسانه ..!
فهما كانت الظروف التي يمر بها ، وضغط الأحداث عليه وعلى من حوله ، يبقى متلألئاً كصفاء السماء وهي تضحك للحياة ..!
اشتدت وطأة جيش الكفر على رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام ،
وزحفوا إليهم بقضهم وقضيضهم ، يريدون أن يجتثوا شافة هذا الدين ..!
وعملاً بالأسباب :
شمر الأصحاب ومعهم سيدهم وقائدهم وحبيبهم محمد صلى الله عليه وسلم لحفر الخندق ،
والمنافقون يتشفون وهو يرون هذه المحاولة المستميتة لرد هذا الجيش الجرار !!
وفي وسط المحنة، والبلاء قد اشتدت وطأته ، وضاقت الأرض على المؤمنين بما رحبت ،
وبلغت القلوب الحناجر ، ولا أمل يلوح في الأفق ،
فاليهود في الخلف ، والمنافقون في داخل الصفوف ، وجيوش الكفر تشحذ سيوفها !!

وسط هذا البلاء الشديد ..الساحق الماحق !!!
كان سيد الخلق ومعلم الدنيا ، لا يزال متلألئ الوجه ، بسّام الثغر ، مطمئن القلب .. !!
ومن قلب رحم المحنة ينطلق الصوت الكريم كالرعد ، يبشر المؤمنين بالنصر !!!
بأي نصر ..!!؟.

إنه لا يبشرهم بالنصر في هذه المعركة ، مع هذه العناكب التي تحاصر مدينته ،
بل الأمر ابعد من هذا بكثير ..!!

إنه يبشرهم بفتح فارس والروم !! أقوى قوتين في العالم يومذاك !!!

يا إلهي ..!! أي قلب رائع كان يملكه محمد !؟
أي روح عجيبة كان يعيش بها هذا الإنسان الفريد الذي لم تعرف الدنيا مثله لا قبله ولا بعده .....!!
صلوات ربي عليه وسلامه ، عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ..

من هنا نقول ونعيد ونكرر لنقرر :
إن الإنسان المتفائل لا يسمح لخيوط عنكبوت اليأس أن تعشعش في زوايا قلبه !
لأن اليأس قرين الكفر ، وقد فر من نار الكفر إلى رياض الإيمان !

بل إنك لتجد الإنسان المتفائل يبحث وينقب ويقلب ويفتش ،
لعله يرى الحدث من زاوية جديدة تغيب عن غيره ..ولا يلبث أن يجد تلك الزاوية ،
فإذا هو يتلألأ بالبشر ، في اللحظة التي يكون الآخرون مصابون بالخيبة والإحباط ..!!
ولذا يخيل إليك أن هذا الإنسان يرى الأمور من علٍ عالٍ .. ربما من كوة في السماء !
فهو يرى ما لا يرى الآخرون ..!
ويصح في هؤلاء قول القائل :
قلوبُ العارفين لها عيونٌ ** ترى ما لا يُـرى للناظرينا ..!

فهو يتعدى بنظره قشرة الأمور ، ليصل إلى لب لبها ، ومن ثم ينكشف له ما لا ينكشف لغيره .. !!
قد تقع المصيبة به ، لكنه يرى فيها ألواناً من العطاء ...!
لما سيق الإمام ابن تيميه رحمه الله إلى سجن القلعة .. تبسم وقال :
( ما يصنع أعدائي بي !!؟
أنا سجني خلوة مع الله ..!! ونفيي سياحة في بلاد الله !!
وقتلي شهادة في سبيل الله !! )
ويصبح ضيق السجن ..... فسحة ..!
وكربة الغربة ...... متعة ..!
ومرارة القتل ...... حلاوة !

إنك لتجد الإنسان المتفائل منشرح الصدر ، رابط الجأش ، مطمئن الفؤاد ، مبتهج الروح ،
ومن هنا تجد هذا الإنسان أكثر الناس نشاطاً ، واقواهم أثراً ..!
همته جياشة ، وعزمه متوقد ، وتطلعه إلى الأفق البعيد مستمر ، ولا يزال يطلب الأعلى والأرقى ،
ويرى في عقبات الطريق سلّماً لابد منه للوصول إلى هدفه ،
ويرى في عثرات الرحلة ، ضريبة لابد منها ، موصلة لما يريد .!

ومن هنا يخيل إليك أن جميع الأبواب مفتحة بين يدي الإنسان المتفائل ،
وأن كل عسير عليه يسير ، وأن كل شدة تمر به ، تتبطن فرجها القريب !!
وإنك لتعجب كل العجب حين ترى ما يقع فيه من بلاء ، ثم هو يتلقى هذا كله بابتسامة الواثق ، وروح المنتصر الظافر ..!!

لما حُكم على سيد قطب بالإعدام ، خرج من قاعة المحكمة وهو يتبسم !
فقال فيه أحد الشعراء :
يا شهيد .. أنت قد علمتنا بسمةَ المؤمن في وجه الردى !!

لقد كان رحمه الله متفائلا حتى في أحلك ظروف المحنة.. أليس هو القائل :

إلى الذين كنتُ ألمحهم بعين الخيال قادمين ، فوجدتهم في واقع الحياة قائمين !
يجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ، مؤمنين في قرارة أنفسهم :
أن العزة لله ولرسوله وللمؤمنين ..
إلى هؤلاء الفتية الذين كانوا في خيالي أمنية وحلماً ،
فإذا هم حقيقة وواقع ، حقيقة أعظم من الخيال، وواقع أكبر من الآمال ..
يقول هذا في ظروف ، يرى غيره أنه لا مكان لمثل هذه الكلمات !!!!

ولذا نقول :
إن المتفائل تسري في عروقه روح الأمل حتى في أحلك الظروف ..!
إن الإنسان المتفائل لا تقف أمامه عقبة ، ولا يهوله طوفان الباطل وهو في ذروة هياجه ،
ولا يفزعه ضجيج أهل الشر ، فإنه يتلمح الربيع في وسط حلكة الخريف !

إنه يدلك على مواطن القوة في حادثة الضعف ،
ويضع يدك على أزرة النجاح ، وأنت تتعثر في محاولاتك ، فيجعل من كل عثرة درساً وعظة وعبرة !!

بل إنك لتجده في حالة فرح روحي دائم ،
هذا الفرح الروحي هو سر قوة تأثيره في الآخرين ،
فإن الروح تبقى مشدودة إلى الروح المتلألئة !!
ومن ثم فإنك لا بد أن تجد الإنسان المتفائل ، إنساناً " مغناطيسياً " إن صح التعبير !!
ينجذب إليه الآخرون إذا تكلم ، فيؤثر فيهم بوضوح ، وقليلاً ما يتأثر بهم ،
لكنه يتأثر بالمتفائلين أمثاله ، يشد بعضهم بعضا ، ويقوي بعضهم بعضا !!
- -
فلا عجب حين تخالط هذا الصنف من الناس ،
أن تشعر بوضوح بقوة جذب روحه لروحك إذا تكلم ، بل إذا نظر في عينيك !!

نعم إنه في منتهى الثقة بنفسه ، وبما معه ، وبما يحمل من فكر ،
ومنتهى الثقة واليقين أن العاقبة سترسو لصالحه طال زمن أو قصر !!
ويقسم لك أن ليل الظلم قصير مهما طال !
ومن هنا تجده يحدثك حديث الواثق بالنصر ، رغم أن كل شيء لا يوحي بذلك !

في قلب الشدائد تتجلى لعيني قلبه بوارق الفرج !!
ويتلمح في قلب الظلمات ولادة الفجر الجديد ، ويقسم لك أنه قريب !!
ويردد على مسمعك في ثقة : أليس الصبح بقريب ..!

ويوصيك بقوله :
المهم أن لا تقف مكتوف الأيدي ، عاجز الهمة ، متبلد المشاعر .. !!
اعمل ما بوسعك أن تعمله ، لا تبقى متعطلا بليداً .. تقطع عمرك في الأماني !

قد رشحوكَ لأمرٍ لو فطنتَ لهُ ** فاربأ بنفسكَ أن ترعى مع الهملِ

إن أهم ما يميز هذا الإنسان عن غيره ..
أنه لا يركن إلى هذه الخصيصة عنده فينام تحت أشجار الكسل !!
بل إنك لتجده متدفقاً كالنهر ، يروي كل أرضٍ يمر بها ، ولا ينتظر من أحد جزاءً ولا شكورا ..!

ينثر بذور الخير اينما حل وارتحل .. شعاره :
فعلّمْ ما استطعتَ لعل جيلاً ** سيأتي يُحدث العجبَ العجابا !!

الله الغاية ، وله يعمل ، وبه يستعين ،
ومعه تحلو رحلة الحياة مهما اعتورها من مشاق وعنت وعذاب ، ونكران جميل ..
فما طابت الحياة إلا بخدمته سبحانه .. ولا طاب الليل إلا بمناجاته ..
ولا طاب التعب إلا ليرضى هو .. ولا طاب الموت إلا للقائه جل في علاه ..

اللهم ارزقنا قلوبا مطمئنة ، ونفوسا متفائلة ، وأرواحا متشوقة ..!!
اللهم آمين ..

ابو الجوهرة
25-02-2006, 08:24 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أعجبني والله موضوعك ياشيخ
وجزاك الله خير وبارك الله فيك

يرفع الموضوع

زمردة
26-02-2006, 08:01 AM
جزاك الله خيراً .. شيخنا الفاضل بو عبد الرحمن ..

فكم نحن بحاجة إلى من يبعث في قلوبنا التفاؤل وخاصة في هذا الوقت العصيب ..


http://www.anashed.net/flash/motafael.swf

العهد
26-02-2006, 10:57 AM
الله يجزيك خير أستاذي بو عبدالرحمن ..

عنوان الموضوع يوحده يكفي لييث التفاؤل في نفوسنا ..

فكيف بمن قرأ الموضوع ...

الايمان وحده هو الذي يشحن الأمل في النفوس و يولد التفاؤل ..

كثيرا ما أسأل نفسي كيف يعيش غير المسلمين بالأمل؟
من أين يستمدونه؟
لابد أنه أمل ضعيف واهي ...

أما أملنا نحن فدائما متجدد بالصدق و اليقين ..

بارك الله فيك

بو عبدالرحمن
04-03-2006, 05:46 PM
أخي الفاضل / أبو الجوهرة
...... رحم الله والديك ورفع الله قدرك

سرني أن يكون الموضوع قد نال أعجابك

واسأل الله أن ينفعك به .. ويعينك على أن تنفع آخرين وآخرين

وإن كان قد أعجبك الموضوع

فقد سرني متباعتك لنا

ومشاركتك إيانا

وتعليقك علينا

ودعاءك لنا

بورك فيك حيثما كنت

بو عبدالرحمن
04-03-2006, 05:49 PM
الأخت الفاضلة / زمردة
....... رعاك الله وحفظك ويسر لك أمورك

نعم ايتها الفاضلة

نحتاج باستمرار إلى شحنات من الأمل والتفاؤل

مهما اشتدت حلكة الظلمات

ومهما ضاقت بنا الأمور

فلتبق ثقتنا بربنا فوق العادية

وكم يعجبني قول القائل ( مع تعديل بسييط في البيت )

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها ** فُرجت وكان يظنها لا تفرجُ

التعديل ..
أن الشاعر رحمه الله قال :

وكنت أظنها لا تفرج ... ( أحسبه يتحدث على لسان غيره )

أما نحن فلا نظن بل نعتقد أنها ستفرج وليس عندنا أدنى شك في ذلك

طال ليل الظلم أو قصر ..

وهو قصير وإن طال ...

لأن حبل الظلم ( كحبل الكذب ) قصير وإن طال

جزاك الله خير الجزاء على حسن المتابعة

بشاير
09-03-2006, 04:00 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

نتساءل أحيانا من أين يأتي بعض الناس بكل هذا التفاؤل

في جميع الظروف وفي كل المواقف

فنجد الإجابة واضحة وجلية

إنها قوة الإيمان واليقين بما قسمه الله وما كتبه عليه

إذا هي معادلة لكل من أراد أن يكون متفائلا

قوي صلتك بالله وابتعد عن كل ما يغضبه يمنحك سبحانه التفاؤل والقوة في مواجهة الشدائد بقلب مطمئن

نسأل الله أن يرزقنا قوة الإيمان التي توصلنا لمرضاته والجنة

جزاك الله خير أخي أبو عبدالرحمن وجعلك مباركا أينما حللت ورزقك أيمانا يوصلك لأعلى مراتب التفاؤل

الكلمة الطيبة
10-03-2006, 05:32 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته



التفاؤل هو الإيمان الذي يقود الإنسان إلى تحقيق الإنجازات

أخي الفاضل .. بوعبدالرحمن

ليأذن لي قلمك المتفائل بهذه الإضافة

قرأتها من قبل.. وعندما قرأت موضوعك ستقر ت لي معاني حروف كلمة

ا. ل. ت . ف.ا.ؤ.ل


( صناعة التفاؤل ) د/ سلمان العودة


إن التفاؤل روح تسري في الروح؛ فتجعل الفرد قادراً على مواجهة الحياة وتوظيفها، وتحسين الأداء، ومواجهة الصعاب.
والناس يتفاوتون في ملكاتهم وقدراتهم، ولكن الجميع قادرون على صناعة التفاؤل.
والجبرية المطلقة انتحار، واعتقاد المرء أنه ريشة في مهب الريح، أو رهن للطبائع والأمزجة التي رُكّب عليها أو ورثها عن والديه، أو تلقاها في بيئته الأولى، وأنه ليس أمامه إلا الامتثال- إهدار لكرامته الإنسانية، فلا بد من قرار بالتفاؤل؛ فالتفاؤل قرار ينبثق من داخل النفس هذا أولاً.
ثانياً: فالمظهر والشكل الموحي بالثقة في المشي والحركة والالتفات والقيام والقعود والنظر والكلام والمشاركة مهم؛ فلا تتوهم أن الناس ينظرون إليك بازدراء، واثق الخطوة يمشي ملكاً.
وحتى تلك العيوب أو الأخطاء في مظهرك وشكلك وحركتك، عليك ألاّ تقف عندها طويلاً، ولا تعرْها اهتماماً زائداً.

ثالثاً: تدرّب على الابتسامة، وكن جاهزاً لتضحك باعتدال، فتبسّمك في وجه أخيك صدقة، والبسمة تصنع في قلبك وحياتك الكثير، خصوصاً إذا كانت ابتسامة حقيقية يتواطأ فيها القلب مع حركة الوجه والشفتين، وليست ابتسامة ميكانيكية.
إن النكت الطريفة في حياة الناس حقيقة قائمة، يصنعونها أو يروونها، فالوقورون والمشاهير والعلماء والساسة، ومن يحافظون على مهابتهم أمام الناس يتبادلون الطرائف والظرف والنكت في مجالسهم الخاصة، وأحاديثهم، وبيوتهم، وليالي سهرهم، وسمرهم، وأحياناً النكت الثقيلة وربما البذيئة. وقد كان الشافعي -رضي الله عنه- يقول: ليس من المروءة الوقار في البستان.

ولا شك أن لكل شيء قدراً؛ فليس المقصود أن يتحول الإنسان إلى كائن ضاحك، لا هم له إلا الضحك، ولا بد من وضع الأمر في نصابه، ولكن ينبغي أيضاً أن نتذكر أن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي جُبل على الضحك؛ فهي إحدى خصائصه وعليه أَلّا يهدرها.
وكثيرون يهربون من عناء العمل الشاقّ والمهمات الصعبة والتكاليف الثقيلة إلى لحظات أو أوقات يتخلصون فيها من الجد الصارم إلى قدر من المتعة المباحة التي تُنشّط خلايا الجسم وتجدّد قواه.

رابعاً: أنضج قلبك بالطيب، وأنت بإذن الله على ذلك قادر، انوِ النية الطيبة، ولا تحسد الناجحين. (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ)[سورة النساء:54]، حتى لو كان الذين سبقوك في المضمار زملاءك؛ فنجاحهم بفضل الله، ثم بفضل جهدهم وكدهم وسعيهم، وعليك أن تعمل مثل عملهم (وَلاَ تَتَمَنَّوْاْ مَا فَضَّلَ اللّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُواْ وَلِلنِّسَاء نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ)[سورة النساء:32].


افرح للناجحين، واهتف لهم، واكتب لهم، وأثنِ عليهم، وابتسم لنجاحهم؛ تكن شريكاً لهم.
ولا تجعل نجاحك على حساب الآخرين، تسلقاً على أكتافهم، أو زراية بهم، أو تتبّعاً لعوراتهم وعثراتهم.
لا تجعل الناس مادة للسخرية أو الابتزاز.
وإذا كان ثمة طموح لديك بمزيد ثراء ومال أو شهرة أو منصب أو مجد دنيوي؛ فَعِدْ ربك خيراً، وعداً صادقاً لا يخلف؛ أن يكون للضعفاء والفقراء والمحاويج والبسطاء حق فيما أتاك الله.
وكما قال ربك عز وجل: ( إِن يَعْلَمِ اللّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْرًا يُؤْتِكُمْ خَيْرًا)[سورة الأنفال:70].
فاجعل في قلبك خيراً، وأبشر بنجاح المشاريع التي تخطط لها وتسعى إليها، وتدأب من ورائها.
هذا الجهد الضخم الظاهر على وجنتيك، وعلى شفتيك، وعلى بحّة صوتك، وعلى سهرك الطويل، وعلى مجافاتك للفراش، أو للمنزل، هذا الجهد سيُكلّل -بإذن الله تعالى- بالنجاح. فقط اخلط مع هذا الجهد قدراً من النية الحسنة والوعد الصادق لربك الذي بيده مفاتيح النجاح.

خامساً: النظرة الإيجابية.
وهي معنى عميق عظيم النظرة الإيجابية لشخصك، وللأحداث من حولك، أياً كانت أحداثاً خاصة في محيطك وأسرتك ومجتمعك، أو عامة في بلدك وأمتك.
إن من المهم جداً أن يكون لدى الإنسان نظرة واقعية توازن بين الأشياء، ومن الخطأ أن يسبغ المرء من شعوره السلبي على الأشياء من حوله، وكثيرون يصبغون ما يشاهدونه، أو ما يحيط بهم- وحتى رؤاهم في المنام - بصبغة مشاعرهم؛ فالخائف ينظر إلى الأشياء كلها من منطلق المؤامرة المحكمة.

لَقَد خِفتُ حَتَّى لَو تَمُرُّ حَمــامَةٌ
لَقُلتُ: عَدُوٌّ أَو طَليعَةُ مَعشَرِ

فإن قيلَ:خَيرٌ قُلت:هَذي خَديعَةٌ
وَإِن قيل:َ شَرٌّ قُلتُ: حَقٌّ فَشَمِّرِ

فالحمامة -وهي علامة السلام- أصبحت عنده رمزاً للمؤامرة. والحزين يرى الأشياء كلها من حوله مصبوغة بالحزن والألم.
والمسرور يرى الأشجار وهي تتحرك فيخالها تتراقص فرحاً وطرباً.
وهكذا المتوقد شهوة يخيّل إليه أن الأشياء من حوله تحمل شعوره ذاته.
إن من الخطأ الكبير أن يقع الإنسان أسيراً لمشاعره السلبية في نظرته للناس.

النظرة إلى الناس على أنهم جاهليون خطأ كبير، بل جعل الله تعالى في هذه الأمة خيراً، ولا يخلو عصر من قائم لله بحجة، وحتى أولئك المفرطون والعصاة، في دواخل الكثير منهم بقية من معاني الخير والبر والإيمان والندم، وهم بحاجة إلى الاستنبات والتحريك، وسقي تلك البذور وتنمية تلك المشاعر الخيرة لتنمو وتورق وتثمر.

إن نظرة التخطئة والاتهام للناس، ومحاصرتهم بأخطاء وقعوا فيها، أو ظُن أنهم وقعوا فيها، واختصارهم في هذه الزلة أو السقطة، وتخيل أن من ورائها ركاماً وجبلاً من الخطايا لا يجدي شيئاً، بل إنه من قلة الفقه، وانعدام العدل، وغلبة النظرة السوداوية، وتكوين تصوّرات خاطئة فنتائج خاطئة.
وليكن لديك قدر من العفوية، وحسن الظن، وإن شئت فقل السذاجة والغرارة؛ فهذا لا يضر أبداً، وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ( يَدْخُلُ الْجَنَّةَ أَقْوَامٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِثْلُ أَفْئِدَةِ الطَّيْرِ) رواه مسلم.

إن الإيجابية تجاه نفسك، والعدوان الذي يقع عليها من الآخرين؛ فهذا يسبّك، وهذا يجحد جميلك، وهذا يكتب مقالاً يشتمك في جريدة أو مجلة، وهذا يكتب تعليقاً في الإنترنت على ما تفعل أو تقول؛ فلا تبأس ولا تيأس؛ فالناس لا يركلون الجثث الهامدة، ولا يتعرضون إلا لمن لهم وجود وحضور، وتخيل كم في هذا العمل- الذي ربما ساءك أول الأمر- من الخير؛ ففيه الأجر والثواب لمن صبر وصابر.

وفيه تعويد النفس على تقبل مثل هذه المعاني، وعدم الانزعاج والانفعال لها؛ فهي دورة تدريبية، وفيه أيضاً إزالة لما قد يلابس النفس من العجب أو الكبر أو الغرور أو رؤية الذات.
وفيه تحفيز إلى تطلّب الكمال والسعي إليه





بارك الله في الجميع وجزاكم كل خير

بو عبدالرحمن
11-03-2006, 10:27 PM
الأخت الفاضلة / العهد
..... رحم الله والديك ورفع الله قدرك

جميل أن يكون العنوان مثيرا إلى هذا الحد

بحيث يكفي وحده ليوصل الفكرة ..

فهذه شهادة أعتز بها ... وذلك فضل الله علينا وما هو بحيلتنا ولا جهدنا

فلله الحمد والمنة والفضل ..

ثانيا ..
نعم ..
(الايمان وحده هو الذي يشحن الأمل في النفوس و يولد التفاؤل .. )
فنسأل الله سبحانه أن يرزقنا إيماناً صادقا ، ويقينا راسخاً
وثباتاً على ذلك حتى نلقاه وهو راضٍ عنا /..
اللهم آمين

جزاك الله خير الجزاء .. وبارك الله فيك حيثما كنتِ

بو عبدالرحمن
17-03-2006, 11:12 AM
الأخت الفالضة / بشاير
..... بشرك الله بالجنة .. ورضوان من الله أكبر

( نتساءل أحيانا من أين يأتي بعض الناس بكل هذا التفاؤل

في جميع الظروف وفي كل المواقف

فنجد الإجابة واضحة وجلية

إنها قوة الإيمان واليقين بما قسمه الله وما كتبه عليه )

جميل جدا هذا الاستهلال ..

ولو أن الله أكرمني به لجعلته نقطة انظلاق لهذا المقال كله

فسبحان من يعطي من يشاء ما يشاء

ويفتح على من يشاء بما يشاء في الوقت الذي يشاء ..

كان تعقيبك _ رغم قصره _ رائعا بكل ما تعني كلمة رائع

وأحسبه اختزل الموضوع كله في كلمات ..

بارك الله فيك .. وجعلك مباركة أينما كنتِ

بو عبدالرحمن
20-03-2006, 09:19 PM
الأخت الفاضلة / الكلمة الطيبة
........... رحم الله والديك وغفر لك ورفع ذكرك

شكر الله لك هذه المتابعة الرائعة والواعية جداً

اسأل الله أن يجعلك مباركة انما رحلتِ ونزلتِ

وبالنسبة للموضوع الذي أرفقته

فإني اعتبره هو الأصل وموضوعي ملحق به

فقد أجاد الشيخ وأفاد وتألق كعادته حفظه الله

فجزاك الله خير الجزاء على هذه اللفتة الكريمة

وهكذا نريدك دائما .. بل نتوقع منك أكثر من هذا التألق

وأنت جديرة بذلك ... ولا تقللي من شأنك ..

المهم أن تعزمي وتتوكلي على الله ..

واستعيني بالله ولا تعجزي ... وتذكري الأجر المذخور لك عند الله

بارك الله فيك ... ولا تنسي أخاك من دعواتك الكريمة