PDA

View Full Version : الرجل المجهول - الجزء الأول


Moshtaq
18-12-1999, 02:50 PM
الرجل المجهول!

أكثرنا في انتظار اللمسة الحانية التي تغيره .. في انتظار الكلمة الطيبة التي تشجعه في انتظار لحظة ما .. نظرة ما .. تعينه على احتمال الواقع الشرس ..
في الصراع المحموم على المال .. على السلطة .. على القوة .. نسى الناس اللمسة والكلمة .. واللحظة .. والنظرة التي تجمل الحياة .. وتجعلنا نواصل المسيرة ..
هذه قصة عاطفية نادرة .. أحداثها جرت في عاصمة عربية .. أبطالها أحياء .. عدا رجل واحد ميت .. ربما كان هو بطل القصة الرئيسي .. ولأنه مات .. فقد تحركت الأحداث لتضع هذه القصة الرقيقة النادرة ..
في شركة من الشركات الكبرى .. في مكتب رئيس مجلس الإدارة فتاة لامعة العقل والجمال والثقافة .. وفي المكتب أيضاً فتى من أسرة عريقة الأصل .. مستورة الحال كما يقولون .. ثم مجموعة أخرى من الموظفين .. مستشارين وسكرتارية .. إلى آخره..
نبيلة اسم الفتاة .. منصور اسم الفتى .. قصة يعرفها الجميع .. ويباركها الجميع ، تتوج بأن يتقدم منصور لخطبة نبيلة .. وتوافق الأسرتان .. وفي انتظار إتمام الزواج يمضي لحن الحياة الراقص بالفتاة اللامعة .. والفتى السعيد والكل يبارك القصة .. ويستعجل الزواج ..
نبيلة مشغولة بالمنزل .. والأثاث .. منصور مشغول بترتيبات شهر العسل .. واختار له باريس حيث أتم دراسته وحصل على الماجستير في ادارة الأعمال ..
والأيام تمضي .. ثم تتوقف فجأة وبعنف .. كأنها تعرضت لحادثة ، وقد كانت حادثة فعلاً.. فذات صباح لا يأتي منصور للعمل .. ولأن الأخبار السيئة تصل بسرعة .. فلم تمض ساعة حتى عرف الجميع أن منصور مات .. في حادث سيارة مجنونة على بعد أمتار من منزله!! .
بعد أسابيع من الحداد والسواد .. تعود نبيلة الى العمل .. ولكنها نبيلة أخرى .. الفتاة المتألقة انطفأت .. الابتسامة الواثقة السعيدة انحسرت .. وانهمكت نبيلة في العمل وتدريجياً بدأت الحياة تدب في مجموعة العمل .. وعادت الضحكات والقفشات .. ولكن نبيلة ظلت رغم اشتراكها في كل ما يحدث .. ظلت حاضرةً غائبة !! .،
وذات صباح من أيام الإجازة .. نبيلة في الفراش غارقة في أفكارها وذكرياتها .. تحمل اليها الخادمة باقة ورد حمراء .. رائعة الحمرة والجمال .. والشيء الغريب الذي لفت نظرها أن الباقة ينقصها الكارت المعتاد الذي يحمل اسم المرسل .. وتسأل نبيلة الخادم عن شخص المرسل فتقول أنها لا تعرفه . إن صبياً في محل الورد هو الذي أتى به .. وتظل نبيلة تفكر في شخصية المرسل .. من هو ؟ وتطوف بخاطرها عشرات الأسماء والوجوه .. هل هو أو هي جار من الجيران .. هل هو أو هي زميل أو زميلة في الشركة .. هل هو أو هي من أصدقاء أو صديقات الأسرة .. ولكن -مهما كان أو يكون- لماذا لم يرسل الكارت ؟ لماذا لم يقل من هو ؟ لماذا لم تقل من هي ؟ .
وتبدأ نبيلة في اتصالات مع والأصدقاء والصديقات .. السؤال واحد .. والإجابة واحدة.. هل أنت أرسلت لي .. الإجابة .. لا !! ،
ويمضي اسبوع ويأتي يوم الإجازة التالي .. وتصل باقة الورد .. نفس اللون الأحمر الجميل وبدون كارت أيضاً ، .. ومرة أخرى ينشغل بال نبيلة بالمجهول الذي يرسل الورد الأحمر .. ومرة أخرى تفشل في الوصول الى الإسم .. وفي يوم الإجازة التالي في نفس الموعد تنتظر بجوار الباب .. وعندما يدق الجرس تفتح .. صبي صغير يحمل الباقة .. وتبدأ في استجوابه بعد أن منحته بقشيشاً سخياً .. ولكن معلومات الولد الصغير لا تكشف شيئاً .. أكثر من هذا أنه ليس نفس الولد والصبي الذي حمل الباقة الأولى .. والباقة الثانية!!.،
وتنسى نبيلة كل شيء .. ويصبح شغلها الشاغل أن تعرف من هو المجهول وراء باقات الورود الحمراء .. وتذهب لمقابلة أصحاب محلات الورد القريبة .. ولكن أحداً لم يتذكر شخصية المرسل المجهولة ..
بعد باقة الورد الرابعة بدا واضحاً أنه لا بد من اتخاذ إجراء ما .. هل تطلب معونة الشرطة؟! هل تطلب معونة الأصدقاء ؟ إن منزلها لا يضم سواها ووالدتها شبه المكفوفة وشقيقها المشغول المسافر أكثر الوقت .. ثم شقيقها الصغيرة الطالبة .. أما والدها فرحل منذ سنوات .
اختارت آخر الأمر أن تتحدث الى صديقة لها .. وبدأ حوار طويل في العمل .. وفي التليفونات .. ولاحظت الصديقة أن نبيلة أصبحت مشغولة بالورود الحمراء عن كل شىء حتى عن أحزانها .. ولم يعد اسم منصور يتردد في الأحاديث .. أحست أن نبيلة تغيرت .. غيرتها الورود الحمراء ..

يتبع في الجزء الثاني