ساهر المغترب
09-01-2001, 01:47 AM
أدرت مقبض الباب الخشبي لشقتي الصغيرة لأرى من يقبع خلفه تحت جنح الظلام ، وحين هممت بفتح الباب أطل علي وجه ألفته ، وهو "ستيف" زميل الدراسة وأعز أصدقائي ...
- "ستيف" !! .. أهلا بك ... تفضل ..
دخل ستيف وأعدت الباب إلى وضعه الذي اعتاد عليه .
- تفضل بالجلوس ..
جلس ستيف على الأريكة الكبيرة في منتصف المجلس .. وأطلق بصره يمنة ويسرة ..
- كما عهدتك يا "ساهر" .. دائما تؤجل عمل اليوم إلى الغد .. حتى أثاث منزلك تهمل في ترتيبه .. عاجل بالزواج يا رجل .
- لا زال الوقت مبكرا يا "ستيف" على الزواج .. ولا تلمني على إهمالي .. فالدراسة وهمومها تشغل جل وقتي .. وكما نقول نحن العرب (( الوقت ماصار فيه بركة )) !
- إذن إهتم بتنظيم وقتك .. فأنتم العرب عرف عنكم أنكم شبهتم الوقت بالسيف حين قلتم (( الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك )) .
- ولكن الدنيا تغيرت .. ونحن تغيرنا .. و..
- لم أرى مثلكم أيها العرب .. من يقرأ أو يطلع على بطولاتكم وأمجادكم يشك فيها تماما حين يرى حالكم وواقعكم الان .. فأنتم ..
- كفى يا ستيف .. لا تقلب علي مواجعي .. دعنا نناقش موضوعا آخر .. ولكن أولا سأقوم بواجب الضيافة وأقدم لك فنجاناً من الشاي العربي بالنعناع المديني الذي تحبه .
- ما أحلاها من فكرة .. عجل به فقد أحببت تناول هذا النوع من الشاي الذي تصنعه .
- من عيوني !!!
***
كان ذلك مساء يوم الخميس الرابع من كانون الثاني للعام الميلادي الأول في القرن الحادي والعشرين ، وكانت عقارب الساعة تشير إلى الرابعة وسبع وثلاثين دقيقة " بتوقيت جرينتش " ...
وضع ستيف فنجانه على المنضدة الخشبية المجاورة له بعد أن ارتشف منه رشفة سريعة وشرع في إخراج علبة السجائر من جيبه وأسرع بإشعال سيجارة منه ونفث دخانها عاليا فأحضرت له طبقا صغيرا ليضع فيه الرماد المتبقي بعد إحراق السيجارة ...
- صحيح .. نسيت أن أسألك عن سر هذه الزيارة المفاجئة ؟؟
- لا شيء جديد .. فكما تعرف اليوم هو آخر يوم من أيام إختباراتنا النهائية ، واردت أن أفاجئك وآتي إليك بلا سابق ميعاد بيننا كي لا تعد أي شيء لضيافتي ، فتكون سهرتنا خفيفة وحلوة بلا تكلف ، لكني خفت أنك تريد النوم مبكرا هذه الليلة .
- قطعاً لا ، فاليوم لدي سهرة ممتعة ولا أريدها أن تفوت علي ومن حسن حظك أنك جئت لتشاركني هذه السهرة .
- بكل سرور ..
وأمسكت بجهاز التحكم عن بعد وقمت بتشغيل جهاز التلفزيون ...
***
أدرت القناة على تلفزيوننا العزيز ( التلفزيون السعودي ) وظهر لنا مذيع التلفزيون وهو يعلن عن نقل مباراة لكرة القدم على قناته (( الأولى )) ..
- ما هذا ؟
- هذا ما كنت أعنيه في كلامي ، ألم أقل لك أنها ستكون سهرة ممتعة !
- رائع !! كم وكم حدثتني عن الكرة في بلادكم لكني لم أحظ بمشاهدة أي مباراة في الدوري السعودي .
- وهذه ليست أي مباراة ، هذه المباراة نسميها في بلادنا ( قمة الكرة السعودية ) ، أترى الفريق الأصفر .. هذا هو الفريق السعودي الذي شارك في كأس العالم الماضية للأندية في البرلزيل عن قارة آسيا واسمه (النصر) ، وهذا الفريق الأزرق هو الفريق السعودي الذي سيشارك في البطولة القادمة في أسبانيا واسمه (الهلال) .
- إذن ستكون مباراة شيقة ؟؟!!
- بالتأكيد ...
نزل الفريقان إلى أرض الملعب وأخذ الجميع مكانه استعداداً لبدء المباراة .. وبدأت المباراة ، خلال المباراة سألني "ستيف" عن بعض اللاعبين وعن أعمارهم وعن سبب عدم إحترافهم خارجياً وأبدى إعجابه ببعضهم ، وقمت بشرح نظام الاحتراف والدوري في اتحادنا السعودي .
وأستمرت أحداث المباراة ساخنة وحافلة بالإثارة والندية ، بعد ذلك أطلق الحكم صافرته بعد خمسون دقيقة من الإمتاع والإثارة معلناً نهاية الشوط الأول من المباراة .
***
- "ساهر" .. أتمنى منك أن تترجم لي حرفيا ما سيقال في التحليل الرياضي بين الشوطين .
( ترددت قليلا .. )
- آسف يا "ستيف" فليس لدينا تحليل رياضي بين الشوطين .
- إذن قبل المباراة وبعدها فقط ؟
- ولا قبلها ولا بعدها حتى .
- غريبة ! .. ألم تقل لي أن هذين الفريقين هما الأبرز محلياً .
- تقريباً .
- فمن المفترض أن يكون هناك تحليل قبل المباراة وبعدها وحتى بين الشوطين وأن يقوم التلفزيون بعمل لقاءات أيضاً بين الشوطين .. أتعرف يا "ساهر" أن قنوات التلفاز عندنا في أوروبا تقوم بنقل جميع الأحداث الرياضية الهامة ولا يخلو أي منها من تحليل رياضي حتى ولو كانت مسابقة ركوب الخيل !
- نحن أيضا لدينا تحليل لسباقات الخيل .
- عجباً لكم .. لديكم تحليل لسباق الخيل .. وليس لديكم تحليل لمباراة كرة قدم ؟؟
- لكن كثرة البرامج الشيقة و"الأخبار" يجعل من الصعب توفير وقت لتقديم تحليل رياضي .
- عدنا لمشكلة الوقت لديكم .. لماذا لا يتم تنظيم الوقت بخطط مسبوقة وتقديم كل مادة في وقتها المعين وإعطاء كل مادة حقها بحيث يرضي ذلك جمهور المشاهدين ويشبع رغباته ؟
- " في الخطة الخمسية القادمة إنشاء الله "
- أو على الأقل فليقم التلفزيون بإنشاء قناة خاصة بالرياضة .
- قريبا بالتأكيد .
- وما هذا الذي يعرض على الشاشة ؟؟
- سعودي
- أعرف أنه برنامج سعودي فأنا أرى آبار البترول ومصافيها تعرض فيه لكن ما أقصده هو إسمه !
- إسمه "سعودي"
- إسم رائع ! .. وماذا يقدم هذا البرنامج ؟ هذه أول مرة أشاهد فيها تلفزيونكم السعودي في حياتي .
- هو برنامج مفيد ، تتوارثه الأجيال عبر الأزمان ، وهو من عاداتنا وتقاليدنا ومن وحي تراثنا ، بإمكانك أن تسأل أي مواطن عنه سيروي لك تفاصيله وسيناريوه من أوله لآخره ، ولو سألته عن العاملين الفنيين في البرنامج لأجابك بأسماءهم وأعمارهم وعناوينهم والبرامج الأخرى التي يقدموها .
- ألهذه الدرجة هو مشهور ؟
- بل هو ممل ومكرر ( قلتها في نفسي ) !!!
***
هبط الفريقان مرة أخرى إلى أرض الملعب ، وعاد المعلق كعادته بارداً كبرودة الرياض في الشتاء ، على الرغم من إشتعال المباراة ...
- ستيف .. هات فنجانك أسكب لك قليلا من الشاي .
- لا شكراً .. كما تعرف يا "ساهر" فأنا لا أحب أن أنشغل بأي شيء حين مشاهدة المباراة حتى يعلن الحكم عن نهاية المباراة .
- ( قلت في نفسي ) .. عشم إبليس في الجنة !!!!
واستأنفت المباراة وعادت أكثر حماساً من ذي مضى واستمر اللعب سجالاً بين الفريقين واقتربت ساعة المباراة من الدقيقة العشرون .
واللعب يزداد حلاوة ومتعة .. و"ستيف" متحمس جدا للمباراة وخاصة لفريق النصر فهو يريده أن يتعادل ليزيد اشتعال المباراة .. وأحسست أن "ستيف" قد أحب الكرة السعودية وأنه أعجب بها بشدة ، وكان من فرط حماسه بالمباراة أشبه ما يكون بأحد المشجعين المتعصبين منذ زمن .
وكاد أن يسقط "براد" الشاي الموجود أمامه حين قفز لا شعوريا مع الهدف الذي أحرزه فريق النصر ، لا ألومه فهو أكثر من ينطبق عليه وصف " مجنون كرة " !
واشتدت المباراة ..
واشتدت أعصاب ستيف معها ..
وكثرت الهجمات ..
والتغيرات ..
ووقف الجمهور ..
والمدربين ..
وأصبح النزال حامي الوطيس بين الفريقين ..
وفجأة ..
أبى تلفزيوننا العزيز إلا أن "ينغص" علينا متعتنا بالمباراة وقطع علينا عرض المباراة وسارع بعرض الساعة المعهودة على شاشته والتي أقتربت عقاربها من الدقيقة الثلاثين بعد الساعة التاسعة مساء .. معلنة موعد نشرة الأخبار المصورة الثانية لهذه الليلة ..
- ماهـذا ؟؟ ماذا حصل ؟؟ أين ذهبت المباراة يا "سوبيا" ؟؟
- "ستيف" آسف لكن اعتبر أن المباراة قد انتهت .
- كيف هذا ؟ .. ألم تكن الدقائق تشير إلى الدقيقة الثلاثين ؟؟؟
- بلى ، ولكن المباراة قد تغيرت إلى القناة الثانية .
- لماذا ؟
- لأن الآن موعد الأخبار !
- وماذا يفعل من يريد متابعة المباراة ؟
- يشاهدها على القناة الثانية ؟
- وماذا يفعل من ليس لديه قناة ثانية ؟؟
- (( يبطل يتابع كورة وينام أصرف له ))
خطف "سيتف" علبة السجائر وهب واقفاً ..
- شكرا لك على أي حال ، لكن أرجو ألا تدعوني مرة أخرى لمباراة كرة قدم "ناقصة" .. إلى اللقاء .
وأسرع الخطى نحو الباب متمتاً بكلمات لم ألتقط منها إلا ..
"وزير" "يا" "شكرا" "الإعلام" ...
لكني لم أفهم ما كان يقصده ...
أقفلت جهاز الاستقبال الفضائي .. وأقفلت الضوء ..
وعدت إلى فراشي وأنا أحمد الله أن "ستيف" مضى مسرعا ولم يشاهد نشرة الأخبار ..
وغطيت في سبات عميق ..
أحلم بما تمتم به "ستيف" ..
- "ستيف" !! .. أهلا بك ... تفضل ..
دخل ستيف وأعدت الباب إلى وضعه الذي اعتاد عليه .
- تفضل بالجلوس ..
جلس ستيف على الأريكة الكبيرة في منتصف المجلس .. وأطلق بصره يمنة ويسرة ..
- كما عهدتك يا "ساهر" .. دائما تؤجل عمل اليوم إلى الغد .. حتى أثاث منزلك تهمل في ترتيبه .. عاجل بالزواج يا رجل .
- لا زال الوقت مبكرا يا "ستيف" على الزواج .. ولا تلمني على إهمالي .. فالدراسة وهمومها تشغل جل وقتي .. وكما نقول نحن العرب (( الوقت ماصار فيه بركة )) !
- إذن إهتم بتنظيم وقتك .. فأنتم العرب عرف عنكم أنكم شبهتم الوقت بالسيف حين قلتم (( الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك )) .
- ولكن الدنيا تغيرت .. ونحن تغيرنا .. و..
- لم أرى مثلكم أيها العرب .. من يقرأ أو يطلع على بطولاتكم وأمجادكم يشك فيها تماما حين يرى حالكم وواقعكم الان .. فأنتم ..
- كفى يا ستيف .. لا تقلب علي مواجعي .. دعنا نناقش موضوعا آخر .. ولكن أولا سأقوم بواجب الضيافة وأقدم لك فنجاناً من الشاي العربي بالنعناع المديني الذي تحبه .
- ما أحلاها من فكرة .. عجل به فقد أحببت تناول هذا النوع من الشاي الذي تصنعه .
- من عيوني !!!
***
كان ذلك مساء يوم الخميس الرابع من كانون الثاني للعام الميلادي الأول في القرن الحادي والعشرين ، وكانت عقارب الساعة تشير إلى الرابعة وسبع وثلاثين دقيقة " بتوقيت جرينتش " ...
وضع ستيف فنجانه على المنضدة الخشبية المجاورة له بعد أن ارتشف منه رشفة سريعة وشرع في إخراج علبة السجائر من جيبه وأسرع بإشعال سيجارة منه ونفث دخانها عاليا فأحضرت له طبقا صغيرا ليضع فيه الرماد المتبقي بعد إحراق السيجارة ...
- صحيح .. نسيت أن أسألك عن سر هذه الزيارة المفاجئة ؟؟
- لا شيء جديد .. فكما تعرف اليوم هو آخر يوم من أيام إختباراتنا النهائية ، واردت أن أفاجئك وآتي إليك بلا سابق ميعاد بيننا كي لا تعد أي شيء لضيافتي ، فتكون سهرتنا خفيفة وحلوة بلا تكلف ، لكني خفت أنك تريد النوم مبكرا هذه الليلة .
- قطعاً لا ، فاليوم لدي سهرة ممتعة ولا أريدها أن تفوت علي ومن حسن حظك أنك جئت لتشاركني هذه السهرة .
- بكل سرور ..
وأمسكت بجهاز التحكم عن بعد وقمت بتشغيل جهاز التلفزيون ...
***
أدرت القناة على تلفزيوننا العزيز ( التلفزيون السعودي ) وظهر لنا مذيع التلفزيون وهو يعلن عن نقل مباراة لكرة القدم على قناته (( الأولى )) ..
- ما هذا ؟
- هذا ما كنت أعنيه في كلامي ، ألم أقل لك أنها ستكون سهرة ممتعة !
- رائع !! كم وكم حدثتني عن الكرة في بلادكم لكني لم أحظ بمشاهدة أي مباراة في الدوري السعودي .
- وهذه ليست أي مباراة ، هذه المباراة نسميها في بلادنا ( قمة الكرة السعودية ) ، أترى الفريق الأصفر .. هذا هو الفريق السعودي الذي شارك في كأس العالم الماضية للأندية في البرلزيل عن قارة آسيا واسمه (النصر) ، وهذا الفريق الأزرق هو الفريق السعودي الذي سيشارك في البطولة القادمة في أسبانيا واسمه (الهلال) .
- إذن ستكون مباراة شيقة ؟؟!!
- بالتأكيد ...
نزل الفريقان إلى أرض الملعب وأخذ الجميع مكانه استعداداً لبدء المباراة .. وبدأت المباراة ، خلال المباراة سألني "ستيف" عن بعض اللاعبين وعن أعمارهم وعن سبب عدم إحترافهم خارجياً وأبدى إعجابه ببعضهم ، وقمت بشرح نظام الاحتراف والدوري في اتحادنا السعودي .
وأستمرت أحداث المباراة ساخنة وحافلة بالإثارة والندية ، بعد ذلك أطلق الحكم صافرته بعد خمسون دقيقة من الإمتاع والإثارة معلناً نهاية الشوط الأول من المباراة .
***
- "ساهر" .. أتمنى منك أن تترجم لي حرفيا ما سيقال في التحليل الرياضي بين الشوطين .
( ترددت قليلا .. )
- آسف يا "ستيف" فليس لدينا تحليل رياضي بين الشوطين .
- إذن قبل المباراة وبعدها فقط ؟
- ولا قبلها ولا بعدها حتى .
- غريبة ! .. ألم تقل لي أن هذين الفريقين هما الأبرز محلياً .
- تقريباً .
- فمن المفترض أن يكون هناك تحليل قبل المباراة وبعدها وحتى بين الشوطين وأن يقوم التلفزيون بعمل لقاءات أيضاً بين الشوطين .. أتعرف يا "ساهر" أن قنوات التلفاز عندنا في أوروبا تقوم بنقل جميع الأحداث الرياضية الهامة ولا يخلو أي منها من تحليل رياضي حتى ولو كانت مسابقة ركوب الخيل !
- نحن أيضا لدينا تحليل لسباقات الخيل .
- عجباً لكم .. لديكم تحليل لسباق الخيل .. وليس لديكم تحليل لمباراة كرة قدم ؟؟
- لكن كثرة البرامج الشيقة و"الأخبار" يجعل من الصعب توفير وقت لتقديم تحليل رياضي .
- عدنا لمشكلة الوقت لديكم .. لماذا لا يتم تنظيم الوقت بخطط مسبوقة وتقديم كل مادة في وقتها المعين وإعطاء كل مادة حقها بحيث يرضي ذلك جمهور المشاهدين ويشبع رغباته ؟
- " في الخطة الخمسية القادمة إنشاء الله "
- أو على الأقل فليقم التلفزيون بإنشاء قناة خاصة بالرياضة .
- قريبا بالتأكيد .
- وما هذا الذي يعرض على الشاشة ؟؟
- سعودي
- أعرف أنه برنامج سعودي فأنا أرى آبار البترول ومصافيها تعرض فيه لكن ما أقصده هو إسمه !
- إسمه "سعودي"
- إسم رائع ! .. وماذا يقدم هذا البرنامج ؟ هذه أول مرة أشاهد فيها تلفزيونكم السعودي في حياتي .
- هو برنامج مفيد ، تتوارثه الأجيال عبر الأزمان ، وهو من عاداتنا وتقاليدنا ومن وحي تراثنا ، بإمكانك أن تسأل أي مواطن عنه سيروي لك تفاصيله وسيناريوه من أوله لآخره ، ولو سألته عن العاملين الفنيين في البرنامج لأجابك بأسماءهم وأعمارهم وعناوينهم والبرامج الأخرى التي يقدموها .
- ألهذه الدرجة هو مشهور ؟
- بل هو ممل ومكرر ( قلتها في نفسي ) !!!
***
هبط الفريقان مرة أخرى إلى أرض الملعب ، وعاد المعلق كعادته بارداً كبرودة الرياض في الشتاء ، على الرغم من إشتعال المباراة ...
- ستيف .. هات فنجانك أسكب لك قليلا من الشاي .
- لا شكراً .. كما تعرف يا "ساهر" فأنا لا أحب أن أنشغل بأي شيء حين مشاهدة المباراة حتى يعلن الحكم عن نهاية المباراة .
- ( قلت في نفسي ) .. عشم إبليس في الجنة !!!!
واستأنفت المباراة وعادت أكثر حماساً من ذي مضى واستمر اللعب سجالاً بين الفريقين واقتربت ساعة المباراة من الدقيقة العشرون .
واللعب يزداد حلاوة ومتعة .. و"ستيف" متحمس جدا للمباراة وخاصة لفريق النصر فهو يريده أن يتعادل ليزيد اشتعال المباراة .. وأحسست أن "ستيف" قد أحب الكرة السعودية وأنه أعجب بها بشدة ، وكان من فرط حماسه بالمباراة أشبه ما يكون بأحد المشجعين المتعصبين منذ زمن .
وكاد أن يسقط "براد" الشاي الموجود أمامه حين قفز لا شعوريا مع الهدف الذي أحرزه فريق النصر ، لا ألومه فهو أكثر من ينطبق عليه وصف " مجنون كرة " !
واشتدت المباراة ..
واشتدت أعصاب ستيف معها ..
وكثرت الهجمات ..
والتغيرات ..
ووقف الجمهور ..
والمدربين ..
وأصبح النزال حامي الوطيس بين الفريقين ..
وفجأة ..
أبى تلفزيوننا العزيز إلا أن "ينغص" علينا متعتنا بالمباراة وقطع علينا عرض المباراة وسارع بعرض الساعة المعهودة على شاشته والتي أقتربت عقاربها من الدقيقة الثلاثين بعد الساعة التاسعة مساء .. معلنة موعد نشرة الأخبار المصورة الثانية لهذه الليلة ..
- ماهـذا ؟؟ ماذا حصل ؟؟ أين ذهبت المباراة يا "سوبيا" ؟؟
- "ستيف" آسف لكن اعتبر أن المباراة قد انتهت .
- كيف هذا ؟ .. ألم تكن الدقائق تشير إلى الدقيقة الثلاثين ؟؟؟
- بلى ، ولكن المباراة قد تغيرت إلى القناة الثانية .
- لماذا ؟
- لأن الآن موعد الأخبار !
- وماذا يفعل من يريد متابعة المباراة ؟
- يشاهدها على القناة الثانية ؟
- وماذا يفعل من ليس لديه قناة ثانية ؟؟
- (( يبطل يتابع كورة وينام أصرف له ))
خطف "سيتف" علبة السجائر وهب واقفاً ..
- شكرا لك على أي حال ، لكن أرجو ألا تدعوني مرة أخرى لمباراة كرة قدم "ناقصة" .. إلى اللقاء .
وأسرع الخطى نحو الباب متمتاً بكلمات لم ألتقط منها إلا ..
"وزير" "يا" "شكرا" "الإعلام" ...
لكني لم أفهم ما كان يقصده ...
أقفلت جهاز الاستقبال الفضائي .. وأقفلت الضوء ..
وعدت إلى فراشي وأنا أحمد الله أن "ستيف" مضى مسرعا ولم يشاهد نشرة الأخبار ..
وغطيت في سبات عميق ..
أحلم بما تمتم به "ستيف" ..