د . عبد الله قادري الأهدل
16-01-2001, 08:57 AM
( 17 )
رابعا : عدم إذن الوالدين .
من الأعذار الشرعية المبيحة للتأخر عن الجهاد ، أن يكون للرجل والدان أو أحدهما ، ولم يأذنا له بالخروج ، لأنه غير قادر شرعا على الخروج - وإن كان قادرا في نفسه - لوجوب طاعته لوالديه في غير معصية الله ، وقد اعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم قيام الولد بحق والديه جهادا مقدما على الجهاد في سبيل الله ، فلا يجوز له الخروج إلا بإذنهما ، كما في حديث عبد الله بن عمر و رضي الله عنهما ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستأذنه في الجهاد ، فقال : ( أحي والداك ؟ ) قال : نعم . قال : ( ففيهما فجاهد ) . سمى صلى الله عليه وسلم القيام بمصالح الوالدين ، جهادا ، ولم يأذن لابنهما في تركهما ، من اجل الخروج للجهاد في سبيل الله ، فلو تركهما وخرج للجهاد ، كان عاصيا ، وهذا يدل على أنه غير قادر على الجهاد شرعا ، وإن كان قادرا طبعا وعادة .
ويحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، لم يأذن له بالجهاد ، لأنه لم يكن فرض عين – أي ليس النفير عاما – وإذا لم يكن فرض عين ، بل فرض كفاية ، فهو في حقه مندوب ، بخلاف حق الوالدين ، فإنه فرض عين عليه ، وفرض العين مقدم على فرض الكفاية وعلى المندوب .
ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم خشي من أن يضيع والداه إذا خرج للجهاد وتركهما ، ودفع الضرر عنهما فرض عليه لا يقوم به غيره ، بخلاف الجهاد فإن غيره سيقوم به ، وإن كان فرض عين .
وهذا الحديث من النصوص الدالة على أن الجهاد في الشرع أعم من قتال الكفار ، لأنه سمى بر الوالدين جهادا .
ويظهر من أقوال العلماء أن الجهاد أن الجهاد إذا كان فرض عين ، فإنه يجب على الولد أن يخرج للجهاد ، أذن له الوالدان أم لم يأذنا .
وقد استدل ابن حجر على هذا الحديث الذي أخرجه ابن حبان ، عن عبد الله بن عمرو ، من طريق أخرى ، قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله عن أفضل الأعمال ؟ قال : ( الصلاة ) قال : ثم مه ؟ قال : ( الجهاد ) قال : فإن لي والدين ، فقال : ( آمرك بوالديك خيرا ) فقال : والذي بعثك بالحق نبيا لأجاهدنَّ ولأتركنهما ، قال : ( أنت أعلم ) قال الحافظ – بعد ذكر الحديث - : وهو محمول على جهاد فرض العين ، توفيقا بين الحديثين " (1)
قال الكاساني : " وكذا الولد لا يخرج إلا بإذن والديه أو أحدهما ، إذا كان الآخر ميتا ، لأن بر الوالدين فرض عين ، فكان مقدما على فرض الكفاية " إلى أن قال : " هذا إذا لم يكن النفير عاما ، فأما إذا عم النفير ، بأن هجم العدو على بلد ، فهو فرض عيني ، يفترض على كل أحد من آحاد المسلمين " (2)
ويرى ابن حزم رحمه الله أنه لا يجوز للولد أن يخرج للجهاد ، ولو كان فرض عين ، إذا كان في ذلك ضياع والديه أو أحدهما ، لأنه تعارض واجبان فقدم حق الوالدين ، قال : " ولا يجوز الجهاد إلا بإذن الأبوين ، إلا أن ينزل العدو بقوم من المسلمين ، ففرض على كل منن يمكنه أعانتهم أن يقصدهم مغيثا لهم ، أذن البوان أم لم يأذنا ، إلا أن يُضَيَّعا أو أحدهما ، فلا يحل له ترك من يضيع منهما " (3)
والذي يظهر أن خروج الولد للجهاد المفروض عينا ، هو الراجح ، لأن مصلحته عامة راجحة ، إذ تشمل المصلحة فيه المسلمين كلهم ، ولو رجح جانب حق الوالدين الذين يخشى أن يضيعا ، لكان ذلك سببا في تأخر كثير من المسلمين الذين لهم آباء بهذه الصفة ، ووجود الفرد المجاهد في صف المدافعين عن البلد أشد ضرورة من بقائه عند والديه .
قال ابن قدامة رحمه الله : ( إذا وجب عليه الجهاد لم يعتبر إذن والديه ـ لأنه صار فرض عين ، وتركه معصية ، ولا طاعة لأحد في معصية الله " (4)
========================
(1) فتح الباري (6/140)
(2) بدائع الصنائع (9م4300) وراجع المجموع (18/57) وحاشية الدسوقي (2/75)
(3) المحلى (7/292)
(4) المغني (9/209)
رابعا : عدم إذن الوالدين .
من الأعذار الشرعية المبيحة للتأخر عن الجهاد ، أن يكون للرجل والدان أو أحدهما ، ولم يأذنا له بالخروج ، لأنه غير قادر شرعا على الخروج - وإن كان قادرا في نفسه - لوجوب طاعته لوالديه في غير معصية الله ، وقد اعتبر الرسول صلى الله عليه وسلم قيام الولد بحق والديه جهادا مقدما على الجهاد في سبيل الله ، فلا يجوز له الخروج إلا بإذنهما ، كما في حديث عبد الله بن عمر و رضي الله عنهما ، قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فاستأذنه في الجهاد ، فقال : ( أحي والداك ؟ ) قال : نعم . قال : ( ففيهما فجاهد ) . سمى صلى الله عليه وسلم القيام بمصالح الوالدين ، جهادا ، ولم يأذن لابنهما في تركهما ، من اجل الخروج للجهاد في سبيل الله ، فلو تركهما وخرج للجهاد ، كان عاصيا ، وهذا يدل على أنه غير قادر على الجهاد شرعا ، وإن كان قادرا طبعا وعادة .
ويحتمل أن الرسول صلى الله عليه وسلم ، لم يأذن له بالجهاد ، لأنه لم يكن فرض عين – أي ليس النفير عاما – وإذا لم يكن فرض عين ، بل فرض كفاية ، فهو في حقه مندوب ، بخلاف حق الوالدين ، فإنه فرض عين عليه ، وفرض العين مقدم على فرض الكفاية وعلى المندوب .
ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم خشي من أن يضيع والداه إذا خرج للجهاد وتركهما ، ودفع الضرر عنهما فرض عليه لا يقوم به غيره ، بخلاف الجهاد فإن غيره سيقوم به ، وإن كان فرض عين .
وهذا الحديث من النصوص الدالة على أن الجهاد في الشرع أعم من قتال الكفار ، لأنه سمى بر الوالدين جهادا .
ويظهر من أقوال العلماء أن الجهاد أن الجهاد إذا كان فرض عين ، فإنه يجب على الولد أن يخرج للجهاد ، أذن له الوالدان أم لم يأذنا .
وقد استدل ابن حجر على هذا الحديث الذي أخرجه ابن حبان ، عن عبد الله بن عمرو ، من طريق أخرى ، قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فسأله عن أفضل الأعمال ؟ قال : ( الصلاة ) قال : ثم مه ؟ قال : ( الجهاد ) قال : فإن لي والدين ، فقال : ( آمرك بوالديك خيرا ) فقال : والذي بعثك بالحق نبيا لأجاهدنَّ ولأتركنهما ، قال : ( أنت أعلم ) قال الحافظ – بعد ذكر الحديث - : وهو محمول على جهاد فرض العين ، توفيقا بين الحديثين " (1)
قال الكاساني : " وكذا الولد لا يخرج إلا بإذن والديه أو أحدهما ، إذا كان الآخر ميتا ، لأن بر الوالدين فرض عين ، فكان مقدما على فرض الكفاية " إلى أن قال : " هذا إذا لم يكن النفير عاما ، فأما إذا عم النفير ، بأن هجم العدو على بلد ، فهو فرض عيني ، يفترض على كل أحد من آحاد المسلمين " (2)
ويرى ابن حزم رحمه الله أنه لا يجوز للولد أن يخرج للجهاد ، ولو كان فرض عين ، إذا كان في ذلك ضياع والديه أو أحدهما ، لأنه تعارض واجبان فقدم حق الوالدين ، قال : " ولا يجوز الجهاد إلا بإذن الأبوين ، إلا أن ينزل العدو بقوم من المسلمين ، ففرض على كل منن يمكنه أعانتهم أن يقصدهم مغيثا لهم ، أذن البوان أم لم يأذنا ، إلا أن يُضَيَّعا أو أحدهما ، فلا يحل له ترك من يضيع منهما " (3)
والذي يظهر أن خروج الولد للجهاد المفروض عينا ، هو الراجح ، لأن مصلحته عامة راجحة ، إذ تشمل المصلحة فيه المسلمين كلهم ، ولو رجح جانب حق الوالدين الذين يخشى أن يضيعا ، لكان ذلك سببا في تأخر كثير من المسلمين الذين لهم آباء بهذه الصفة ، ووجود الفرد المجاهد في صف المدافعين عن البلد أشد ضرورة من بقائه عند والديه .
قال ابن قدامة رحمه الله : ( إذا وجب عليه الجهاد لم يعتبر إذن والديه ـ لأنه صار فرض عين ، وتركه معصية ، ولا طاعة لأحد في معصية الله " (4)
========================
(1) فتح الباري (6/140)
(2) بدائع الصنائع (9م4300) وراجع المجموع (18/57) وحاشية الدسوقي (2/75)
(3) المحلى (7/292)
(4) المغني (9/209)