أحبها
21-03-2001, 12:14 AM
في البداية ... نداء
إليكم ياأهل سوالف ..
ومحبي السمر ..
قصة .. نسجتها من سوالف البشر ..
مدادها ... مدامع حزينة ...
وحروفها ... آهات مدفونة ...
لغتها .. صمت الحنايا ..
ومواويلها ... قلب مكلوم ..
فارفقوا ... بها ...
واقرأوها ... بعين متمعن ...
..................
( 1 )
كنت جالساً ... بالمطار .. وجلس بجانبي .. شاب لطيف المظهر .. حسن الهندام ..
وكان كلانا .. ينتظر رحلته ..
فارتاحت له نفسي .. وارتاح لي .. فتعارفنا .. وتجاذبنا أطراف
الحديث .. وبعد طول حديث .. أتفقنا .. أن يتحدث كل منا .. عن أهم لحظة في حياته ..
وقررنا .. أن نستهم .. أينا يبدأ أولاً .. فوقعت القرعة عليه ..
( 2 )
أطلق ذاك الشاب .. زفرة حارة ..
ثم قال لي بنبرة حزينة ..
وهو يبوح بمكنون صدره ..
لازالت هناك _ يا صاح _ بقايا لحظة .. متشبثة بذهني المكدود ..
وتناتيف ماضيها لم تبارح وجداني .. منذ زمن بعيد ..
لقد عايش عقلي أحداثها .. في بواكير عمري .. صحيح أنني كنت
طفلاً حين وقوعها ؟! إلا أنني أعي تماماً تفاصيلها .. وأدرك معالمها ..
-------
( 3 )
كانت إحدى قريبات والدي .. فتاة يافعة .. أحبها من وقع عليها
بصره وخصوصاً أنا .. كنت متعلق بها إلى أبعد الحدود لا أدري لما؟!
هل لمحياها البهي .. ورقتها وأنوثتها .. دور في ذلك ؟!
أم لبسمتها .. التي لا تغادر مبسمها أثر في نفسي ؟!
أم للطافتها .. وحنانها معي _ أنا بالذات من دون الخلق _
واهتمامها الكبير بي مردوده الحسن على فؤاد من يفتقد لذلك في منزل ذويه ؟!
لن أطيل في بث مكنون مشاعري نحوها .. سأحتفظ بالبقية بين
جوانحي وأغلق عليه أبواب جناني لتبقى لي ذكرى لإنسانة أعزها .
المهم أنني كنت أهيم سروراً كلما يممت أسرتي لزيارتهم .. لا
لشيء إلا لأحظى بلقاء تلك الفتاة التي أستأثرت بمجامع قلبي ؟!
--------
( 4 )
إلا إنني ذات يوم ( للأسف ) لم أرى لها أثراً ؟!
سألت عنها .. أخواتها .. إخوانها .. كل منهم يعطيني جواباً يرتاب منه ؟!
وراعني ما ألحظه من أجواء تلف البيت .. ليست تلك الأجواء التي
عايشتها فيه من قبل ؟! أحسست بأشياء لا ألمس كنهها ؟1 تنقبض منها عضلات لبي الغض ؟!
فالجميع هنا يتحرك بصمت مريع ونظرات شاردة ووجوه متجهمة ؟!
أعدت عليهم السؤال .. أين ( سلوى ) ؟!
فقالت لي .. شقيقتها .. بعدما أخذت بكفي الصغيرة .. وتنحت بي
جانباً .. في زاوية من زوايا المنزل .. اسمع .. ( سلوى ) نائمة
لا تقلق راحتها ؟! دعها وشأنها ؟!
شممت بين طيات حديثها ما يجعل الفزع يتلبس جسدي ؟!
فنزعت يدي منها .. وأندفعت أجوب أنحاء الدار الكبيرة .. أبحث عنها ؟!
أين ياترى هي ؟! لابد أنها في حجرتها ؟!
طرقت الباب طرقات خفيفة ..
ولم أجد جواباً ..
فدفعت الباب ..
وانسللت إلى داخل الغرفة .. حتى لا يبصرني أي كان ؟!
فلمحتها على سريرها مستلقية وعليها دثارها فهدأت خواطري .. إلا
أنني تساءلت في ذاتي .. لما هي نائمة إلى الآن ؟! على غير
عادتها فهي في مثل هذه الساعة تكون مستيقظة وقد بعثت بسجيتها
المرحة الحركة والحيوية في محيطها .. وأيضاً .. لما هي لم تشعر
بوجودي ؟! لا كما عرفته عنها من خفة نوم ؟! فأبسط نسمة توقظها ؟!
يا ترى .. ما بها ؟!
فدنوت منها.. وهززتها .. وأنا أهمس بإسمها .. سلوى .. سلوى ..
إلا أنها لا تحرك ساكناً ؟!
فكشفت عنها غطاءها .. فهالني مارأيت ؟!
إن وجهها النظر كساه الشحوب ؟!
ولون شفتيها العذبة .. مزرقة ؟!
وشعرها الأسود منسدل ومبتل بالماء ؟!
يا إلهي .. هل هي نائمة ؟! أم ماذا ؟1
ولم تمهلني جلبة سمعتها خارج الدار .. لأن أسترسل في حيرتي .. وتذكرت تحذيرات أختها لي بعدم إزعاج ( سلوى )
فاضطربت .. كيف لو أنها شاهدتني هنا ؟!
بلا شك ستقرعني .. فلجأت إلى السرير وأختبأت تحته ؟!
ودلفت شقيقتها وبرفقتها أخوها .. وهم يتمتمان بما أفزعني ..
وبعد برهة عادا على أدراجهما فخرجت بدوري مسرعاً ..
-----------
( 5 )
وفيما بعد تناها لمسامعي تهامس الناس .. أن ( سلوى ) ماتت غرقاً في مسبح المنزل .. بين مشكك بذلك ومسلم له ؟!
إلا إنني لم أصدق ما تناجوا به ؟!
وإلى الآن لا أصدق ذلك ؟!
فأنا أحس بها معي .. تحفني بنسماتها الدافئة ؟!
نعم هذا ما ألمسه .. فهي ساكنة في خلجات نفسي .. ؟!
ولذلك لم أذرف عليها ولو عبرة واحدة ؟! كما يذرفه الآخرون على فراق أحبائهم ؟!
--------
( 6 )
قطع حديث الشاب معي وهو يسرد لي أهم لحظة في حياته .. إعلان
المطار عن موعد إقلاع رحلته ..فسكت عن الكلام .. وأنا في لهفة
لمعرفة حقيقة موت ( سلوى ) .. إلا إنني لم ألح عليه لعله يفصح عن ذلك ..
إلا إنه حمل .. حقيبته .. على ظهره .. وتركني في حيرتي وهو
يودعني .. وأنا أستمهله بنظراتي .. وإهتزاز شفايفي .. فتبسم
وهو يمد لي ورقة بها رقم هاتفه .. ثم رحل في حال سبيله
-------------------
هذه قصة حقيقية ليست من خيال العقل .. لعل فيها عزاء لكل من
كان .. حاله نفس حال ذاك الشاب ..
وتقبلوا جميعاً تحيات ( أحبها ) .. وأسمحي لي .. يا( mouza )
أن حركت شجونك من جديد ..
( أحبها )
إليكم ياأهل سوالف ..
ومحبي السمر ..
قصة .. نسجتها من سوالف البشر ..
مدادها ... مدامع حزينة ...
وحروفها ... آهات مدفونة ...
لغتها .. صمت الحنايا ..
ومواويلها ... قلب مكلوم ..
فارفقوا ... بها ...
واقرأوها ... بعين متمعن ...
..................
( 1 )
كنت جالساً ... بالمطار .. وجلس بجانبي .. شاب لطيف المظهر .. حسن الهندام ..
وكان كلانا .. ينتظر رحلته ..
فارتاحت له نفسي .. وارتاح لي .. فتعارفنا .. وتجاذبنا أطراف
الحديث .. وبعد طول حديث .. أتفقنا .. أن يتحدث كل منا .. عن أهم لحظة في حياته ..
وقررنا .. أن نستهم .. أينا يبدأ أولاً .. فوقعت القرعة عليه ..
( 2 )
أطلق ذاك الشاب .. زفرة حارة ..
ثم قال لي بنبرة حزينة ..
وهو يبوح بمكنون صدره ..
لازالت هناك _ يا صاح _ بقايا لحظة .. متشبثة بذهني المكدود ..
وتناتيف ماضيها لم تبارح وجداني .. منذ زمن بعيد ..
لقد عايش عقلي أحداثها .. في بواكير عمري .. صحيح أنني كنت
طفلاً حين وقوعها ؟! إلا أنني أعي تماماً تفاصيلها .. وأدرك معالمها ..
-------
( 3 )
كانت إحدى قريبات والدي .. فتاة يافعة .. أحبها من وقع عليها
بصره وخصوصاً أنا .. كنت متعلق بها إلى أبعد الحدود لا أدري لما؟!
هل لمحياها البهي .. ورقتها وأنوثتها .. دور في ذلك ؟!
أم لبسمتها .. التي لا تغادر مبسمها أثر في نفسي ؟!
أم للطافتها .. وحنانها معي _ أنا بالذات من دون الخلق _
واهتمامها الكبير بي مردوده الحسن على فؤاد من يفتقد لذلك في منزل ذويه ؟!
لن أطيل في بث مكنون مشاعري نحوها .. سأحتفظ بالبقية بين
جوانحي وأغلق عليه أبواب جناني لتبقى لي ذكرى لإنسانة أعزها .
المهم أنني كنت أهيم سروراً كلما يممت أسرتي لزيارتهم .. لا
لشيء إلا لأحظى بلقاء تلك الفتاة التي أستأثرت بمجامع قلبي ؟!
--------
( 4 )
إلا إنني ذات يوم ( للأسف ) لم أرى لها أثراً ؟!
سألت عنها .. أخواتها .. إخوانها .. كل منهم يعطيني جواباً يرتاب منه ؟!
وراعني ما ألحظه من أجواء تلف البيت .. ليست تلك الأجواء التي
عايشتها فيه من قبل ؟! أحسست بأشياء لا ألمس كنهها ؟1 تنقبض منها عضلات لبي الغض ؟!
فالجميع هنا يتحرك بصمت مريع ونظرات شاردة ووجوه متجهمة ؟!
أعدت عليهم السؤال .. أين ( سلوى ) ؟!
فقالت لي .. شقيقتها .. بعدما أخذت بكفي الصغيرة .. وتنحت بي
جانباً .. في زاوية من زوايا المنزل .. اسمع .. ( سلوى ) نائمة
لا تقلق راحتها ؟! دعها وشأنها ؟!
شممت بين طيات حديثها ما يجعل الفزع يتلبس جسدي ؟!
فنزعت يدي منها .. وأندفعت أجوب أنحاء الدار الكبيرة .. أبحث عنها ؟!
أين ياترى هي ؟! لابد أنها في حجرتها ؟!
طرقت الباب طرقات خفيفة ..
ولم أجد جواباً ..
فدفعت الباب ..
وانسللت إلى داخل الغرفة .. حتى لا يبصرني أي كان ؟!
فلمحتها على سريرها مستلقية وعليها دثارها فهدأت خواطري .. إلا
أنني تساءلت في ذاتي .. لما هي نائمة إلى الآن ؟! على غير
عادتها فهي في مثل هذه الساعة تكون مستيقظة وقد بعثت بسجيتها
المرحة الحركة والحيوية في محيطها .. وأيضاً .. لما هي لم تشعر
بوجودي ؟! لا كما عرفته عنها من خفة نوم ؟! فأبسط نسمة توقظها ؟!
يا ترى .. ما بها ؟!
فدنوت منها.. وهززتها .. وأنا أهمس بإسمها .. سلوى .. سلوى ..
إلا أنها لا تحرك ساكناً ؟!
فكشفت عنها غطاءها .. فهالني مارأيت ؟!
إن وجهها النظر كساه الشحوب ؟!
ولون شفتيها العذبة .. مزرقة ؟!
وشعرها الأسود منسدل ومبتل بالماء ؟!
يا إلهي .. هل هي نائمة ؟! أم ماذا ؟1
ولم تمهلني جلبة سمعتها خارج الدار .. لأن أسترسل في حيرتي .. وتذكرت تحذيرات أختها لي بعدم إزعاج ( سلوى )
فاضطربت .. كيف لو أنها شاهدتني هنا ؟!
بلا شك ستقرعني .. فلجأت إلى السرير وأختبأت تحته ؟!
ودلفت شقيقتها وبرفقتها أخوها .. وهم يتمتمان بما أفزعني ..
وبعد برهة عادا على أدراجهما فخرجت بدوري مسرعاً ..
-----------
( 5 )
وفيما بعد تناها لمسامعي تهامس الناس .. أن ( سلوى ) ماتت غرقاً في مسبح المنزل .. بين مشكك بذلك ومسلم له ؟!
إلا إنني لم أصدق ما تناجوا به ؟!
وإلى الآن لا أصدق ذلك ؟!
فأنا أحس بها معي .. تحفني بنسماتها الدافئة ؟!
نعم هذا ما ألمسه .. فهي ساكنة في خلجات نفسي .. ؟!
ولذلك لم أذرف عليها ولو عبرة واحدة ؟! كما يذرفه الآخرون على فراق أحبائهم ؟!
--------
( 6 )
قطع حديث الشاب معي وهو يسرد لي أهم لحظة في حياته .. إعلان
المطار عن موعد إقلاع رحلته ..فسكت عن الكلام .. وأنا في لهفة
لمعرفة حقيقة موت ( سلوى ) .. إلا إنني لم ألح عليه لعله يفصح عن ذلك ..
إلا إنه حمل .. حقيبته .. على ظهره .. وتركني في حيرتي وهو
يودعني .. وأنا أستمهله بنظراتي .. وإهتزاز شفايفي .. فتبسم
وهو يمد لي ورقة بها رقم هاتفه .. ثم رحل في حال سبيله
-------------------
هذه قصة حقيقية ليست من خيال العقل .. لعل فيها عزاء لكل من
كان .. حاله نفس حال ذاك الشاب ..
وتقبلوا جميعاً تحيات ( أحبها ) .. وأسمحي لي .. يا( mouza )
أن حركت شجونك من جديد ..
( أحبها )