الموقف الأول: سارة طفلة صغيرة في الثامنة من عمرها و ربما على مشارف التاسعة ، كم كانت فرحتها غامرة حين استعدت للذهاب لمنزل عمها لحضور وليمة تجمع الأهل و الأقارب، اشتاقت للقاء بنات عمها و كانت تود أن تفاجئ الجميع بتغير جديد في حياتها الصغيرة، و هو بدايتها للبس الحجاب و المحافظة عليه، تذكرت ابنة عمها أماني التي سبقتها لهذا الأمر، عزمت الأمر و خرجت على أخواتها في المنزل و هي تلبس الحجاب معلنةً استعدادها للذهاب للوليمة بالشكل الجديد ، ابتسامتها زادت وجهها الصغير تألقاً و نوراً و هي تنظر لأخواتها الكبار، و لكن ما هذا الذي حصل، لماذا تغيرت ابتسامة سارة لتنقلب إلى بكاء حاد، إنها ردة فعل أخواتها الكبار الغير المتوقعة ، بسرعة و بدون تردد قُلنها في لحظة واحدة ( سارة أنتي صغيرة على الحجاب ) ، ( سارة شكلك قبل أجمل هيا أخلعي الحجاب ، سوف تكبرين و تلبسين الحجاب في وقته) ، ( لا لن تذهبي معنا بالحجاب سيأتي الوقت الذي تلبسين فيه الحجاب فلا تستعجلي ) و غيرها من الكلمات التي أشعرت سارة أنها قد أذنبت ذنباً و لم تحاول فعل الخير ، فلم يحتمل قلب سارة الصغير هذا الهجوم الغير المتوقع لتنقلب فرحتها إلى حزن و بكاء معلنة أنها لن تذهب للوليمة بالحجاب و الكل يضحك على مظهرها ..
التعليق: القصة واقعية ، ومثل هذا موقف رأيته كثيراَ و سمعت به كثيراً ، و أتأثر كثيراً حينما لا يجد الطفل الصغير من يعاونه على فعل الخير، فحينما نرى إقبال صغارنا على فعل الخيرات نستنكر منهم هذا الأمر و نهرنهم عنه ، و إذا رأيناهم قد بدؤا في تقليد المغنين و المغنيات صفقنا لهم و تعجبنا من مهارتهم، و أتعجب أكثر لمن لا يريد طفله الصغير أن يبدأ التعلق بربه ، و يظن أن التعلق بالله فقط للكبار ، ناسياً أن ممن يظلهم الله تعالى تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ( شاب نشأ في طاعة الله )، و إذا تعدى هذا الفتى مرحلة الطفولة لينتقل لمرحلة المراهقة و الشباب شكونا من بعدهم لربهم و من عدم التزام الفتاة بالحجاب الشرعي ، و نحن لم نعودهم على هذا الأمر من قبل .
الموقف الثاني : ريم في التاسعة من عمرها، يحلو لها اللعب في كل الأوقات ، حين يحين موعد الصلاة فلا تنتبه لذلك ولا يوجد من ينبهها لهذا الأمر ، لأن والدتها تعتقد أنه لا زال هناك متسع من الوقت على تعليمها للصلاة ، و هي لم تبلغ بعد العاشرة من عمرها، أما إذا حان وقت الغداء تغضب والدتها إذا لم تتناول الوجبة و لا تزال معها حتى تتناول الغداء مع العائلة و كذلك العشاء ، و لكن إن حلّ وقت الصلاة فلا تهتم بذلك الأمر كثيراً، ربما تبلغ ريم العاشرة و تبدأ والدتها بتوبيخها لعدم محافظتها على الصلاة ، و ربما تنتظر أكثر لاعتقادها أن ابنتها لازالت صغيرةً..
النتيجة
من شبّ على الشيء شاب عليه، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم (: مروا أولادكم بالصلاة لسبع واضربوهم عليها لعشر وفرقوا بينهم في المضاجع) ، إن المتأمل في هذا الحديث يرى حسن التربية و التميز في التعليم على الفريضة التي تفصل بين الإسلام والكفر، فالرسول صلى الله عليه وسلم أمرنا بتعليم بأبنائنا و هم في عمر السابعة و من ثمّ أمر بضربهم و هم في عمر العاشرة ،فكانت ثلاث سنوات كافية لتعليم هذا الطفل الصغير هذه الفريضة العظيمة ، و إن تتدرب الطفل طيلة ثلاث سنوات كاملة على الصلاة في وقتها ، فلن يحتاج والداه لضربه، و لكن للأسف نجد الكثير لا يطبقون إلا الشطر الثاني من الحديث ، فهم يهملون تربية أبنائهم على الصلاة من سن السابعة و إذا بلغ إبنهم العاشرة قاموا بتوبيخه أو ضربه و هم لم يبدؤا بما بدأ به رسولنا الكريم ( عليه أفضل الصلاة و التسليم )، و هذا بالطبع لا يمنع من تدارك الوقت و الاهتمام في الطفل و لو كان قد تجاوز سن العاشرة ..
في حياتنا الواقعية قد نجد الطفل يتعلق بدينه بشكل كبير و يحتاج لمن يشجعه على ذلك و يحفزه للاستمرار ، فنجد طفلاً صغيراً و هو لم يتجاوز سن العاشرة تأثر بشريط محاضرة سمعه في السيارة أو متأثراً بأحد أقاربه و بدأ يعكف على القرءان و حاول الابتعاد عن سماع الغناء، و لكن للأسف قد لا يجد إلا التوبيخ من بعض أفراد أسرته و ربما الضحك و الاستهزاء ، فتسمع البعض يقول له ( من متى صرت مطوع ) ،و غيرها من الكلمات التي قد لا يحتملها من بدأ في الالتزام من الكبار فضلاً عن الصغار.
و على صعيدٍ آخر هناك بعض الأمور التي تحتاج إلى متابعة منذ الصغر حتى يتعود هذا الصغير على فعلها ، كأداء الصلوات في وقتها، و البدء في الصيام في شهر رمضان ، و التصدق على المساكين ، و لبس الحجاب الشرعي، مثل هذه الطاعات يتربى عليها الطفل الصغير و يكبر تعلقه بالطاعات ولا يستطيع أن يتركها ، لأنها أصبحت جزءاً من حياته و إن تركها فإنه يشعر بخللٍ في حياته حتى يعود لما اعتاد عليه ..
من الواقع .. قمت بمتابعة بعض الأشخاص لمعرفة سبب عدم محافظتهم على الصلاة في وقتها ، فوجدت أن كثيراً منهم لم يتعودا على المحافظة على الصلاة في وقتها في مرحلة الطفولة و لم يتربوا على ذلك..
@همســة@
قال تعالى : { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } التحريم / 6
@فــــائدة@
أختكم ..
نـــوربوظبي