بسم الله الرحمن الرحيم
الإسراف في كل شيء من شرور هذه الحياة ، فالمؤمن يتوسط في أموره كلها ، والمؤمنة تتوسط في كل الأمور ، وقد أخبر جل وعلا عن منزلة المبذرين بقوله : " وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا "
فالمبذر مضيع للمال ، لا يؤمن على مال ، والمال له شأن عظيم ، والمال الصالح نعم العون للرجل الصالح ، ينفقه في سبيل الله .
فالواجب حفظ المال وعدم إضاعته ، ولذلك جاء التشديد في شهادة الزور لما فيها من أخذ الأموال بغير حق ، وسفك الدماء بغير حق ، وهتك الأعراض بغير حق ، فقال صلى الله عليه وسلم : " ألا أخبركم بأكبر الكبائر ؟ , قلنا بلى يا رسول الله قال : الإشراك بالله وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس فقال ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور " فكررها عليه الصلاة والسلام . لأن شهادة الزور شرها عظيم وعواقبها وخيمة ، تؤخذ بها الأموال بغير حق ، وتزهق بها الأرواح ، وتنتهك بها الأعراض بغير حق . ولهذا حذر منها عليه الصلاة والسلام .
وجاء في كتاب الله العزيز ما يفيد التحذير منها ، كما قال جل وعلا في سورة الحج : " فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ "
أما عقوق الأمهات فهو كبيرة عظيمة ، وجريمة شنيعة يجب الحذر منها ، والتواصي بتركها ، و أما الشرك بالله فهو أعظم الذنوب وأكبرها كما قال سبحانه : " إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ " وقال سبحانه : " إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ", نعود إلى إكمال البحث في التبذير ، يقول سبحانه وتعالى : " وَلا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا " يحذر سبحانه من التبذير وهو الإنفاق في غير الوجه الشرعي ، كإنفاق الأموال في ظلم الناس ، وقصد الإضرار بهم ، أو في ظلم النفس كإنفاقها في المسكرات والمخدرات ، وفي التدخين وفي الزنى وسائر المعاصي كالقمار والربا ونحو ذلك ، وهكذا إتلافها من غير سبب كالإفراط في شراء الأغراض التي لا حاجة إليها . هذا من إضاعة المال ، ومن التبذير ، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن إضاعة المال .
فالتبذير هو : صرف الأموال في غير وجهها ، إما في المعاصي ، وإما في غير فائدة لعبا وتساهلا بالأموال .
أما الإسراف فهو : الزيادة التي لا وجه لها ، يزيد في الطعام والشراب بلا حاجة ، يكفيه مثلا كيلو من الطعام أو كيلو من اللحم ، أو ما شابه ذلك فيزيد طعاما ولحوما لا حاجة لها ، تلقى في التراب وفي القمائم ، هذا يسمى إسرافا .
وأما إتلاف الأموال بغير حق وصرفها في غير حق فيسمى تبذيرا ، وبين سبحانه أن المبذرين إخوان الشياطين . لأنهم شابهوهم في اللعب والإضاعة والمعاصي .
منقول مما قاله
مفتي عام المملكة العربية السعودية
ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية و الإفتاء
عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله -
attaqwaa@hotmail.com