بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
وبعد فهذا إن شاء الله تعالى هو سابع موضوع في هذه السلسلة الثالثة من مواضيع "مأدبة الصائمين"
التي نويت بتوفيق من الله كتابتها خلال هذا الشهر الكريم شهر رمضان المبارك لهذا العام 1430 هجري والتي ستنشر أساسا بموقع إعجاز i3jaz.com بالاضافة إلى عدد من المنتديات.
مليون
بليون
تريليون
وقريبا
كوادريليون
بنتيليون
هل لديكم إحساس بكم هذه الارقام ؟
عندما نسمع أن احد الاثرياء لديه عشرون سيارة نحس بشعور الاستغراب ولا نجد صعوبة في تخيلها متوقفة أو على الطريق .
وعندما نسمع أن رجلا تزوج 7 زوجات وانجبن له 44 ولدا و 25 بنتا لا نجد صعوبة في تخيل هذا العدد من البشر في ساحة واحدة بل إن بعضنا سيضحك ويعتبر الامر غريبا.
وعندما نسمع عن عجوز عمرت 120 سنة نستطيع أن نتصور تجاعيد وجهها وقوامها النحيف وظهرها المقوص.
أما عندما نسمع أن أحد المصاريف في أمريكا قد خسر 30 بليون دولار نحس كأن العداد الصغير في عقولنا قد عجز عن تصور هذا الرقم الهائل.
بل إن المذيع الذي يقرأ لنا الخبر عادة ما يخطئ ويقرأ الرقم على أنه مليون ثم يتلعثم ويصحح الخبر
وتستطيع أن تختبر أحد اصدقائك بأن تطلب منه أن يكرر لك أحد الارقام الكبيرة التي سمعها في الاخبار ، فهو سيتذكر رقم الآحاد والعشرات وحتى المئات ولكنه سيجد صعوبة في تذكر هل هو مليون أو بليون
فما المسألة ؟
أتذكر أن صديق لي كان له طفل معاق وكان يسأله اسئلة يحتار في الرد عليها
مثل قوله :أبي لماذا نعتبر أن خمسة فئران هو عدد صغير بينما نعتبر أن خمسة أفيال هو عدد كبير ؟
وهو محق لأن العدد مشترك في الحالتين .
الحقيقة المشتركة بيننا نحن البشر في كل دول العالم أنه من الصعب علينا الاحساس بالارقام الكبيرة
ولربما يتذكر احدكم أن جدته عندما تحكي له حكاية فيها ارقام كبيرة كيف أنها تتذكر عدد العشرات بينما تلخبط الآف ومئات الآلاف كأن تقول لقد إشترى جدك هذا البيت بخمسة آلاف ثم تقول لا لا إنها خمسين ألف أو خمسمائة ألف
فهي تتذكر انها خمس وليست ثلاث او اربع ولكنها ليس لدبها شعور بالمضاعف هل هو آلاف او مئات الالاف
وعادة ما يلجأ بعض الناس لتقريب الرقم الكبير ويحاول ان يخلق لدى الآخرين الاحساس بالرقم ابأن يقول لك إنه رقم واحد وبجانبه 12 صفر
وإلى عهد قريب كان هناك خلاف بين أمريكا وبريطانيا عن البليون أو المليار
هل هو الف مليون او مليون مليون إلى ان اتفقت المصارف على تبنى التسمية الامريكية على انه يعنى الف مليون.
و يحكى ان زنجيا من الجنوب كان يشرب خمرا وعندما حذره الناس انه سيجلد 100 جلدة رد عليهم قائلا "إن شاء الله حتى اتناش"
بمعنى انه سيشرب حتى لو جلد اثنا عشرة جلدة فالرقم 12 بالنسبة له في تلك اللحظة كان يمثل النهاية العظمى للعد.
فالناس لا تجد صعوبة في الاحساس بالارقام الصغيرة ولكنها ليس لديها احساس للارقام الكبيرة
والعرب كانوا يعبرون الرقم سبعين على أنه رقم كبير ولهذا ورد الرقم 70 في الآيات القرآنية "إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم"
وبحكم أن القرآن العظيم كان يخاطب العرب بلغتهم وعلى مستوى فهمهم فتم إستخدام الرقم 70 في عدد من الآيات
اطفالنا الصغار بعد دخولهم المدرسة وتعلمهم اول دروس الحساب يتباهون ويتبارزون في قدراتهم على العد من واحد إلى المئة
حسنا نحن كبار وعلينا أن نختار رقما يناسب حجمنا وعمرنا أو كما يقول إخوتنا في مصر ( على أدنا )
فلو أن احدنا بدأ العد من واحد إلى الالف مستغرقا ثانية واحدة لكل عدد فإنه سينهي عده بعد 17 دقيقة
أما العد من الواحد إلى المليون سيستغرق 12 يوما متواصلة ، بشرط أن يستغرق ثانية واحدة لا غير لكل عدد بمعنى أن ينطق 976794 مثلا في ثانية واحدة .
وماذا عن البليون ؟
هل لديكم أي فكرة كم سيستغرق العد من 1 إلى البليون على افتراض اننا نمضي ثانية واحدة فقط لكل عدد ؟
إنها 32 سنة متواصلة دون نوم او اكل او شرب او حتى قضاء الحاجة.
أما إذا ما أراد أحدنا أن يلتزم ببعض قوانين العمل ويعد فقط لمدة ثمان ساعات في اليوم الواحد وبدون استراحة نهاية الاسبوع فإن ذلك سيستغرق 96 سنة .
تتسألون عن التريليون الآن ؟
كم سيستغرق العد من واحد إلى تريليون ؟
فلنجرب ونبدأ العد
إن اعطاكم الله عمرا مديدا وعافية دائمة وقدرة على العد فستنهون العد بعد 32000 سنة
وعليكم أن تحتملوا معي طول هذا الموضوع لأننا سنتطرق لجانب آخر مثير
وسنركز على العدد تريليون
سأحاول أن اعطيكم إحساسا للكم الهائل الذي يمثله هذا الرقم وسنربط ذلك بتاريخنا الاسلامي البهيج
فلو أننا ننفق مليون دولار في اليوم الواحد منذ هجرة الحبيب المصطفى إلى يومنا هذا كم سيبلغ المبلغ النهائي ؟
سنبسط الحساب ونعتبر أن عدد السنين هو 1430 سنة كاملة وأن السنة الهجرية تحوي 355 يوما
1430 سنة * 355 = 506222 اي نصف مليون يوم تقريبا
لو اننا ننفق أو نجمع مليون دولار في اليوم الواحد منذ هجرة الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام إلى يومنا هذا فلن نصل إلى رقم تريليون .
وتحديدا هو 506،222،000،000 أو 506 بليون
منذ هجرة الحبيب المصطفى مرورا بالخلافة الاسلامية والدولة الاموية والدولة العباسية والفاطمية والاندلس والدولة العثمانية والاستعمار .
ولكي نصل للرقم تريليون علينا أن نصرف مليونين ( إثنين ) أو أقل قليلا يوميا منذ هجرة الحبيب المصطفي ليومنا هذا .
تصوروا معي مليونين اثنين في كل يوم
يا ترى كم بئر من الممكن حفره
وكم شجرة كان من الممكن زرعها
وكم بيت كان من الممكن بناءه
وكم مدرسة
وكم مستشفى
وكم مصنع
وكم مكتبة وكم . .
وكم سجن !؟ ! !
يا الهي ! ! !
لك الحمد يا ربي على ما اعطيت وعلى ما اخذت وعلى ما ابقيت
ولو اننا صرفنا هذا المليون في كل ساعة منذ هجرة الحبيب المصطفى هو وصاحبه وهما في الغار
506222 × 24 × مليون = 12،149،328 مليون أ ي 12 ترليون
عدة دول عربية كانت لديها عند استقلالها ميزانية سنوية متواضعة جدا
فمثلا في ليبيا كانت اول ميزانية لها ستة ملايين جنيه وكان الجنيه الليبي يساوي الجنيه الاسترليني .
هل ادركتم الآن الكم الهائل للتريليون
والعجيب أننا نسمع في كل يوم هذه الارقام الهائلة
وأعتذر لكم عن طول الموضوع
ويعلم الله أني حاولت قدر الامكان أن أختصر هذا الموضوع دون أن اسقط أجزاء مهمة منه
وسأنهي هذا الموضوع بجزء طريف بعض الشيئ
فعندما نريد التأكد ان ناقل الصوت او "الميكروفون" يعمل عادة نقول بالعربية واحد واحد
وبالانجليزية نقول one two three
اما المليونير او الملياردير "بفت" اراد ان يضحك الحاضرين جرب ناقل الصوت بقوله
one milion
two milion
three milions
أسأل الله تعالى أن يتقبل منا الصلاة والصيام والقيام
وأن يحشرنا في زمرة خير الانام
وأن يبلغنا ليلة القدر ويمكننا من إحيائها
وأن يلهمنا أن ندعوه فيها بما يحب لنا أن ندعو به
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
مهندس محمد خالد الكيلاني