|
عضو فائق النشاط
|
|
المشاركات: 548
|
#1
|
زواج المتعة وسؤال الأخلاق! .. شيعة الخليج أنموذجاً ..
إن ما أثاره مؤخرا تحقيق صحفي نشرته مجلة الشرق السعودية في عددها الأخير برقم 1247 في 7 يناير 2005م الموافق 26 ذوالقعدة 1425هـ، عن ارتفاع معدلات الإيدز ونسبة اللقطاء في الأوساط الشيعية أو في إيران بعنوان: "زواج المتعة إيدز ولقطاء وفاحشة"، واستهله بتصريحات رسمية الأول: لنائب وزير الصحة الإيراني الذي بين فيه أن عدد المصابين بالإيدز في إيران تجاوز 15 ألفا بسبب المتعة، والثاني: لرافسنجاني الذي بين فيه أن عدد اللقطاء يقترب من الربع مليون بسبب المتعة، من ضجة مفتعلة وهجوم صارخ من بعض الكتاب الشيعة في الخليج، يعكس مدى السطحية والانفعال التي تطبع سلوكنا في التعامل مع القضايا الحساسة التي تقض مضجع مجتمعاتنا وبنائنا التربوي وعمقنا الأخلاقي، فبدلا من إعادة النظر والتأمل في مآلات مقولاتنا واختياراتنا الشاذة، وأخص بالذكر زواج المتعة عند الشيعة، إذا ببعض متكلمة الشيعة وتحت ضغط "التفكير الطائفي" والشعور بالمظلومية يفرغون النقاش من محتواه ويستدعون التاريخ لتصفية الحسابات مع جهة معينة.
وهذه أزمة الإنسان المعاصر، غفلته حتى كأنه إنسان جهول، يقدم صريح الضرر على صحيح النفع كما يفعل الجهلة من الخلق! وكلما أبدع شيئا أو استحدثه، ما لبث أن تأذى منه بوجه من الوجوه، إذ لو كان ما أبدعه صحيحا أو نافعا، فكيف يفضي به إلى نقيض مقصوده؟!.
إننا بهذا الصدود والإعراض عن بسط القضية بترو ونظر وتأمل، وبانشغالنا وإغراقنا في الجدل والبراهين لنصرة موقف ما عن التعامل مع الحقائق والتأسيس عليها، إنما نحيي، شعرنا بهذا أو لم نشعر، أو بالأحرى نجسد ما يسمى بـ"قانون هيوم" نسبة إلى الفيلسوف الانجليزي "دافيد هيوم" الذي أتى بفكرة ربما لم يأت بأكثر منها تأثيرا، وهي استقلال الدين عن الأخلاق. وتفرع عن هذا الأصل السقيم "لازمان"، أولاهما، أن "هيوم" يخرج الأحكام الدينية من الأحكام الأخلاقية، وثانيهما، أنه يعتبر أن الأحكام الدينية لا تصلح لأن تؤسس الأحكام الأخلاقية. وهنا تبرز جملة اعتقادات شائعة عن الدين والأخلاق، ونخص بالذكر منها ما أشار إليه بعض المحققين وأهل السلوك والتربية:
- الأصل في الدين حفظ الشعائر الظاهرة فقط، وهو ما يتعارض مع مقصد التدين وحقيقة الدين.
- الأصل في الأخلاق هو حفظ الأفعال الكمالية، وهذا يوهم بأن الأخلاق مجرد كمالات، بمعنى إضافات لا ضرر على الهوية الإنسانية بتركها، وهذا محض توهم، وإنما هي ضرورات تدخل في تعريف هوية الإنسان نفسها، بدليل أن الإنسان لو أتي بما يضادها لعد من الأنعام وليس من الأنام.
وبما أن النظر، كما يقول الإمام الشاطبي، إلى المآلات معتبر مقصود شرعا، فإن الناظر إلى ما ترتب عن بعض مقولات الشيعة في علاقة المرأة بالرجل، زواج المتعة، إنما يتعدى مسألة الخلاف الفقهي إلى تهديد الحصون والأحكام الأخلاقية.
ولو أننا أمعنا النظر وتعاملنا مع الدراسة بمنهجية وعلمية بعيدا عن الخلفيات والهاجس الطائفي والشعور بالمنبوذية، لأمكننا الغوص في معاني ما توصلت إليه التحقيق ودلالاته، ونتعامل مع الحقائق الاجتماعية الناتجة عن بعض الممارسات الشاذة كما هي لا كما نريدها أن تكون. فحيثما وجدت المصلحة المقترنة بالحكم الشرعي، فثمة أخلاق صالحة، وهو المعنى الذي أشار إليه الشاطبي في مقولته الجامعة: "الشريعة كلها إنما هي تخلق بمكارم الأخلاق"، لكن ما يؤخذ عن الفقهاء والأصوليين من أهل السنة من أمثال الشاطبي هو إدراجهم "مكارم الأخلاق" في قسم التحسينيات في ترتيبهم للمصالح الشرعية، منساقين بذلك مع عادة مألوفة في التمثيل على قسم المصالح التحسينية بمكارم الأخلاق، ولهذا فإن المسألة تعني أيضا فقهاء السنة بالحاجة إلى تقسيم جديد للمصالح تراعي حقيقة دمج الأخلاق في جميع أقسام الفقه. ومن هنا يتبين أن قراءة بعض متكلمي وكتاب الشيعة للدراسة المذكورة صُرفت عن حقائقها ومكامنها، والأسوأ من ذلك، أنها تحولت إلى مادة استعدائية وتحريضية ضد جهة معينة، ونُظر إليها على أنها استهداف للشيعة من "الوهابية" وصفحة جديدة من المعارك المستنزفة التي أهدرت الجهد والعقل والقلم والوقت والتفكير.
غير أن المسألة أبلغ مما حوته كتب الفقه عند الشيعة، من إباحة لزواج المتعة وما يترتب عنه من مآسي وأضرار اجتماعية، وإنما الأمر يتعلق بسؤال الأخلاق في سلوكنا وحياتنا وحالنا مع التدين، وكذا تجريد بعض الأحكام الفقهية من الصبغة الأخلاقية.
محرر مجلة العصر
18/01/2005
|
|
18-01-2005 , 07:44 PM
|
الرد مع إقتباس
|