العودة سوالف للجميع > سـوالـف الجمـيــــــــع > ســـوالف الأصــدقـاء العامـــة > ريا وسكينة لم تكونا بدعاً ( حوادث الخناقين في التاريخ )
المشاركة في الموضوع
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#1  
ريا وسكينة لم تكونا بدعاً ( حوادث الخناقين في التاريخ )
رغم ما أثارته جرائم ريا وسكينة في بداية القرن العشرين من رعب لدى مجتمع الإسكندرية في ذلك الزمن ، ورغم أن قصة ريا وأسكينة وشهرتهما لا زالت متعارفة حتى عصرنا هذا ..
غير أن ريا وسكينة لما يكونا بدعاً في القيام بمثل هذه الجرائم فقد اشتهر رجال ونساء في التاريخ بمثل هذه الجرائم وذكر في حوادث التاريخ العربي والإسلامي شبيه لمثل ما صنعتى ريا وسكينة !
بل إن أطلعت على بعض الحوادث التي شردها بعض مؤلفي كتب التاريخ ستعجب كثيراً من تشابه هذه الحوادث بما فعل ريا وسكينة في جرائمهم !
وقبل أن نذكر بعض الحوادث من كتب التاريخ فإننا نذكر هنا أن هناك جمعات قد ظهرت في عصور مبكرة يسمون بالخناقين اشتهروا بقتلهم الناس وسيطرتهم على بعض الدور بل اشتهرت بعض القبائل بهذا ككندا وعجل بهذا ، يقول الجاحظ في الحيوان وهو يتحدث عن الخناقين وما يصنعون :
(( وقال صاحب الكلب: ومن مَرافق الكلب أنّ الخنَّاقين يظاهر بعضُهم بعضاً، فلا يكونون في البلاد إلاّ معاً، ولا يسافرون إلاّ معاً؛ فربَّما استولَوا على دربٍ بأسْره، أو على طريقٍ بأسره، ولا ينزلون إلاّ في طريق نافذ، ويكون خلف دُورهم: إما صَحارى وإمَّا بساتين، وإما مزابِلُ وأشباهُ ذلك، وفي كلِّ دارٍ كلابٌ مربوطة، ودُفوف وطُبول، ولا يزالون يجعلون على أبوابهم معلَّمَ كتّابٍ منهم، فإذا خنق أهلُ دارٍ منهم إنساناً ضربَ النِّساءُ بالدُّفوف، وضربَ بعضهم الكلابَ فسمع المعلِّم فصاحَ بالصِّبيان: انبَحُوا وأجابهم أهْلُ كلِّ دَارٍ بالدفوف والصُّنوج، كما يفعل نساءُ أهْلِ القرى، وهَيَّجوا الكلاب، فلو كان المخنوقُ حماراً لما شَعر بمكانه أحد، كما كان ذلك بالرَّقَّة.
وانظرْ كيف أخذُوا أهْلَ دَرْبٍ بأسره وذلك أنّ بعضهم رغِب في ثُوَيب كان على حمّال، وفيهِ دريهمات معَهُ، فألقى الوَهَق في عنقهِ فغُشي عليهِ ولم يمتْ، وتحرَّك بطنُه فأتى المتوضَّأ وتحرَّك الحمَّال والسَّاجور في عنقِه، فرجَعت نفْس الحمال، فلمّا لم يحسّ بأحَدٍ عندَه، قَصَدَ نحوَ باب الدار، وخرح وزِيارهُ في عنقهِ، وتلقّتهُ جماعَتُه فأخبرهم الخبر، وتصايح النَّاس فأُخِذوا عن آخرهم.))

ألا ترى معي تشابه هذا بما فعل ريا وسكينة على الأقل في ما هو مشاهد في بعض الأفلام والمسرحيات !!!

وقد ذكر الجاحظ انتشار هؤلاء في عصره في بعض الحواضر كالكوفة ثم يذكر بعض قبائلهم وأهم شخصيتهم ثم يذكر أن هذا قد عرب عن بعض الغالية من الشيعة يقول الجاحظ في الحيوان : (( وقد كان بالكوفة شبيهٌ بذلك، وفي غيرها من البلدان، فقال حمادٌ الرَّاوية، وذكر المرميِّين بالخنق من القبائل وأصحاب القبائل والنِّحَل، وكيف يصنع الخُنَّاق، وسمَّى بعضَهم فقال:

إذا سرتَ في عِجْلٍ فسِرْ في صَحابةٍ ** وكِنْدَةُ فَاحْذَرْها حِذارَكَ للخَـسْـفِ
وفي شيعة الأعمـى زيار وغِـيلَةٌ ** وقَشْبٌ وإعمالٌ لجنْـدلة الـقَـذْف
وكلُّهم شَـرٌّ عَـلَـى أنَّ رأسَـهـم ** حميدةُ والميلاءُ حاضِنَةُ الكِـسْـف
متى كنتَ في حَيَّيْ بَجيلَةَ فَاستمـعْ ** فإنَّ لهم قَصْفاً يدُلُّ علـى حَـتْـف
إذا اعتزموا يوماً على خنْـقِ زائِرٍ ** تداعَوْا عَلَيْهِ بالنُّباح وبـالـعـزف

وأمَّا ذِكره لبني عجل فلمكان ذي الضفرتين وغيره من بني عجل، وأمَّا ذكره كندة، فقد أنشدنا سُفيان بن عيينة، وأبو عبيدة النحويُّ:
إذا ما سرَّك العيشُ ** فلا تأخذ عَلَى كِنْدَه

ومن كِندة أبو قصبة أُخذ بالكوفة وقُتِل وصُلب، وكان بالكوفة ممَّن يأكلُ لحومَ النَّاس عَدِيَّةُ المدَنية الصَّفراء، وكان بالبَصرة رَادَوَيه صاحب قصاب رادويه، وأمَّا الأعمى في بني ضبَّة الذي ذكره فهو المُغيرة بن سعيد صاحب المُغِيرِيَّة، وهم صِنْفٌ ممَّن يعمل في الخنق بطريق المنصوريَّة، والمغيرة هذا من موالي بَجِيلة، وهو الخارج عَلى خالد بن عبد اللّه القَسْرِيّ، وعِند ذلك قال خالد وهو عَلى المِنبر: أطعِمُوني ماءً وفي ذلك يقول يحيى بن نوفل:

وقلتَ لِما أصابَك أطعِموني ** شراباً ثمَّ بُلْتَ عَلَى السَّرِير
لأعلاجٍ ثـمـانـيةٍ وشَـيْخٍ ** كَبيرِ السِّنِّ ذي بَصرٍ ضرير

وأما حميدة فقد كانت لها رياسة في الغالِية، وهي ممَّن استجاب لليلى السبائية الناعِظية، والميلاءُ حاضِنة أبي منصور صاحب المنصوريَّة، وهو الكِسْف، قالت الغالية: إيَّاه عَنَى اللّهُ تبارك وتعالى "وَإنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَرْكُومٌ"، وقد ذَكَرَه أبو السرِيِّ مَعْدَانُ الأَعمى الشُّمَيطي في قصيدته التي صنّف فيها الرَّافضة ثم الغالية، وقدَّم الشُّميطيَّة عَلَى جميع أصناف الشيعة ))

وقد ذكر الجاحظ في موضوع أخر من الحيوان وهو يذكر أشهر رجالهم وبعض تصرفاتهم : ((وممَّن كان يخنق النّاس بالمدينة عَدِيَّة المدنيّةُ الصَّفراءُ، وبالبصرة، رادويْه، والمرميُّون بالخنق من القبائل وأصحاب النِّحل والتأويلات هم الذين ذكَرَهم أعشى هَمْدان في قوله:

إذا سِرْتَ في عِجلٍ فسِرْ في صَحابةٍ ** وكِنْدَةَ فاحذَرْهَا حِذَارك للخـسْـفِ
وفي شيعة الأعمى خِنـاقٌ وغِـيلةٌ ** وقَشْبٌ وإعمال لجنـدلة الـقـذفِ
وكلُّهُمُ شَـرٌّ عـلـى أنَّ رأسـهـم ** حميدة والميلاءُ حاضِنة الكِـسْـفِ
متى كُنْتَ في حَيَّيْ بجيلةَ فاستمـعْ ** فإِنَّ لها قصفاً يدلُ علـى حَـتْـفِ
إذا اعتزموا يوماً على قَـتْـل زائر ** تداعَوْا عَلَيه بالنُّباح وبـالـعَـزْفِ

وذلك أن الخناقين لا يسيرون إلاّ معاً، ولا يقيمون في الأمصار إلاّ كذلك، فإذا عزَم أهلُ دارٍ على خنْق إنسانٍ كانت العلامةُ بينهم الضرب على دُفٍّ أوْ طبلٍ، على ما يكون في دوُر الناس، وعندهم كلابٌُ مرتَبطة فإذا تجاوَبُوا بالعزْف ليختفي الصَّوت ضربوا تلك الكِلاب فنبحَتْ، وربّما كان منهم معلِّم يؤدّب في الدّرب، فإذا سمع تلك الأصوات أمَرَ الصِّبيانَ برفع الهجاء والقِراءة والحساب.
المغيرية والغالية والمنصورية وأما الأعمى فهو المغيرة بن سعيدٍ صاحبُ المغيرية، مولى بجيلة والخارج على خالد بن عبد اللّّه القَسري، ومن أجل خُروجه عليه قال: أطعموني ماء حتى نعى عليه ذلك يحيى بنُ نوفل، فقال:
تقول من النَّواكَة أطعموني ** شراباً ثمَّ بُلتَ على السّريرِ
لأعلاجٍ ثـمـانـيةٍ وشـيخ ** كَليلِ الحدّ ذي بصر ضريرِ

وأمَّا حميدة، فكانت من أصحاب لَيلى الناعظية، ولها رياسة في الغالية، والمَيْلاء حاضنة أبي منصور صاحب المنْصوريَّةَ، وهو الكِسْف، قالت الغالية: إيَّاه عَنَى اللّه: "وإنْ يَرَوْا كِسْفاً من السَّماء سَاقِطاً يقُولُوا سَحابٌ مَرْكومٌ" وإيَّاه عنى مَعْدان الأعمى حيثُ يقول:
إنَّ ذا الكِسْفَ صَدَّ آل كُميل ** وكميلٌ رَذْلٌ مـن الأرْذَالِ
تَرَكا بالـعِـراق دَاءً دويّاً ** ضَلَّ فيه تلطُّف المحتـالِ

تفسير بيت وأمَّا قوله:

انزل أبا عمرو على حَدِّ قريةٍ ** تَزيغ إلى سهْل كثيرٍ السّلائق

فأراد الهرب؛ لأنه متى كان في ظهرٍ فظٍّ كثير الجوَادّ والطرائق، كان أمكرَ وأخفى، وما أحسن ما قال النابغةُ في صفة الطّريق إذا كان يتشعَّب، حيث يقول:
وناجيةٍ عدَّيتُ في ظهر لاحـبٍ ** كَسَحْل اليماني قاصداً للمناهـلِ
له خلجٌ تَهْوِي فُرادى وتَرعـوي ** إلى كلِّ ذي نِيرَين بادِي الشَّواكلِ

))

وقد اشتهرت بعض غالية الشيعة بالخنق فقد ذكر ابن حزم في كتابه الفصل في الملل والأهواء والنحل فرقة من فرق الشيعة ( هي المنصورية التي ذكرها الجاحظ ) تعمل هذا العمل فقال :
((وقالت فرقة منهم بنبوة منصور المستير العجلي وهو الملقب بالكسف وكان يقال انه المراد بقول الله عز وجل وان يرو كسفا من السماء ساقطا وصلبه يوسف بن عمر بالكوفة وكان لعنه الله يقول انه عرج به الى السماء وان الله تعالى مسح رأسه بيده وقال له ابني اذهب فبلغ عني وكان يمين أصحابه لا والكلة وكان لعنه الله يقول بان اول من خلق الله تعالى عيسى بن مريم ثم علي بن أبي طالب وكان يقول بتواتر الرسل واباح المحرمات من الزنا والخمر والميتة والخنازير والدم وقال انما هم أسماء رجال وجمهور
الرافضة اليوم على هذا واسقط الصلاة والزكاة والصيام والحج واصحابه كلهم خناقون رضاخون وكذلك اصحاب المغيرة بن سعيد ومعناهم في ذلك انهم لا يستحلون حمل السلاح حتى يخرج الذي ينتظرونه فهم يقتلون الناس بالخنق وبالحجارة والخشبية بالخشب فقط وذكر هشام بن الحكم الرافضي في كتابه المعروف بالميزان وهو اعلم الناس به لانه جارهم بالكوفة وجارهم في المذهب ان الكسفية خاصة يقتلون من كان منهم ومن خالفهم ويقولون نعجل المؤمن الى الجنة والكافر الى النار ))

الغريب أن هؤلاء الخناقين على قدر ما أثاروا الخوف والرعب على قدر ما كرههم الناس بل شمل هذا الكره حتى اللصوص فقد قال أبو عثمان الخياط وهو معاصر لزمن الجاحظ وألف الجاحظ عنه بعض قصص اللصوص قال كما يذكر الآبي في كتابه نثر الدر :

((كان عثمان الخياط من كبار الفتيان والشطار؛ فقال: ما سرقت جاراً قط ولو كان عدواً، ولا سرقت كريماً رأنا أعرفه، ولا خنت من خانني. ولا كافأت غدراً بغدر، ولقد قتلت بيدي أكثر من مائة خناق ومبنج؛ لأنهما لا يقتلان ولا يسلبان إلا عند وجوب الحرمة، وعند الاسترسال والثقة. وكان يسمى الخياط لأنه نقب نقباً فأخرج كل شيءٍ كان في البيت، حتى دثار الدار صاحب الدار وشعاره، ثم خرج وسد النقب، وسواه تسويةً كأنه خاطه أو رفاه، فلقب بالخياط. ))


ويظهر لي أن مثل هؤلاء الخناقين لم ينقرضوا بعد زمن الجاحظ المتوفى سنة 255هـ فقد ظهر البعض منهم في حوادث التاريخ الإسلامي وبعد وفاة الجاحظ بثلاث سنوات ومن يدري فقد يكون هذا قد شاهد الجاحظ وضحك من حديثه عن الخناقين ! يقول ابن كثير وهو ينقل عن الطبري في حوادث سنة 257هـ :

((قال ابن جرير وفيها ظفر ببغداد بموضع بقال له بركة زلزل برجل خناق قد قتل خلقا من النساء كان يؤلف المرأة ثم يخنقها ويأخذ ما عليها فحمل إلى المعتمد فضرب بين يديه بألفي سوط وأربعمائة فلم يمت حتى ضربه الجلادون على أنثييه بخشب العقابن فمات ورد إلى بغداد وصلب هناك ثم أحرقت جثته
))

وفي حوادث سنة 315هـ ظهر أخر شبيه لهذا يقول ابن كثير في البداية والنهاية :

((منها قبض على رجل خناق قد قتل خلقا من النساء وكان يدعي لهن أنه يعرف العطف والتنجيم فقصده النساء لذلك فإذا انفرد بالمرأة قام إليها ففعل معها الفاحشة وخنقها بوتر وأعانته امرأته وحفر لها في داره فدفنها فإذا امتلأت تلك الدار من القتلى انتقل إلى دار أخرى ولما ظهر عليه وجد في داره التي هو فيها أخيرا سبع عشرة امرأة قد خنقهن ثم تتبعت الدور التي سكنها فوجدوه قد قتل شيئا كثيرا من النساء فضرب ألف سوط ثم خنق حتى مات
))

وذكره ابن الجوزي في المنتظم وبتفاصيل أشمل من هذا فقال :

((وفى يوم الخميس ثلاث عشرة ليلة بقيت من جمادى الأولى اخذ خناق ينزل درب الاقفاص من باب الشام خنق جماعة ودفنهم فى عدة دور سكنها وكان يحتال على النساء يكتب لهن كتاب العطف ويدعى عندهن علم النجوم والعزائم فيقصدنه فاذا حصلت المرأة عنده سلبها ووضع وترا له فى عنقها ورفس ظهرها واعانته امرأته وابنه فاذا ماتت حفر لها ودفنها فعلم بذلك فكبست الدار فاخرج منها بضع عشرة امرأة مقتولة ثم ظهر عليه عدة دوركان يسكنها مملوءة بالقتلى من النساء خاصة فطلب فهرب الى الانبار فأنفذ اليها من طلبه فوجده فقبض عليه وحمل الى بغداد فضرب الف سوط وصلب وهو حى ومات
))

ولاحظ هنا مشاركة المرأة والابن في هذه الجريمة يدل على أن هذه العائلة قد اتخذت حرفة الخناقة لسلب الناس أموالهم !

ورغم هذا فإن معظم – إن لم يكن كل –حوادث الخنق وجرائمهم من الخناقين لم تصدر إلا من قبل رجال وإن عاونهم بعض النساء !

غير أن الحوادث التي حدثت في مصر – وهي بالمناسبة متأخرة نوعا ما تاريخياً عن حوادث العراق وجلها حدثت في أواخر العصر الأيوبي والعصر المملوكي - كان دور النساء فيها ظاهر وبارز بل والدور الرئيسي ويشبه دور النساء فيه بما قام به ريا وسكينة في حوادثهم !


وتأتي أول الحوادث في ذلك العصر وفي القاهرة ما ذكره بدر الدين العيني في كتابه عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان في حوادث سنة 662 هـ عن امرأة خناقة أسمها غازية الخناقة حيث يقول :

(( ومنها: أنه وجدت بظاهر القاهرة، خارج باب الشعرية، أمرأة تتحيل على الناس، وتدخلهم بيتا لها هناك، وقد أعدت فيه رجالا يطابقونها على سوء فعلها، فيخنقون من تأتى به فقتلت خلقا كثيراً من رجال ونساء، فأمر بها فسُمرت.
وكان أسم هذه المرأة السيئة غازية الخناقة، وكانت ذات حسن وجمال، وكانت تمشى بالمدينة ومعها عجوز تطمع الناس في نفسها، وكان من طمع فيها وطلبها تقول له العجوز: أنها لا يمكنها التوجه إلى أحد، ولكن تعال أنت إلى بيتها، فيجىء ، فيطلع له رجلان، فيقتلانه ويأخذون ما معه، وكانوا ينتقلون من مكان إلى مكان، فاتفق أن العجوز أتت إلى بعض المواشط، وأمرتها أن تأخذ ما تقدر عليه من الحلى والحلل، وتمضى معها لعروسة عندها، ففعلت الماشطة، واستصحبت معها جارية لها، ولما دخلت الماشطة منزلهم، رجعت الجارية إلى مكانها، فقتلوا الماشطة، وأخذوا ما معها، فاستبطأتها جاريتها، فجاءت إليهم وطلبتها، فانكروها وادعوا أنها خرجت من يومها، فمضت وأتتهم بصاحب الشرطة، فإحتاط عليهم وعذبهم، فأقروا بما كانوا يفعلون، وأطلعوا في بيتهم على حفرة فيها خلق عظيم مقتولين، وكان بعض الطوابين قد اتفق معهم، وجعلوا يحضرون إليه القتلى مختفياً، فيحرقهم في أقمنة الطوب، فأمسكوا جميعاً وسمروا، وكانوا خمسة أنفس، وأما المرأة فإنها بعد التسمير أطلقت، فأقامت يومين، ثم ماتت، عليها ما تستحق. ))

وقد ذكرها المقريزي في كتابه في السلوك في معرفة الملوك فقال :
(( وكثر في هذه السنة قتل الناس في الخليج، وفقد جماعة، والتبس الأمر في ذلك. ثم ظهر بعد شهر أن امرأة جميلة يقال لها غازية كانت تخرج بزينتها ومعها عجوز، فإذا تعرض لها أحد قالت له العجوز: لا يمكنها المصير إلى أحد، ولكن من أرادها فليأت منزلنا، فإذا وافي الرجل إليها خرج إليه رجال فقتلوه وأخذوا ما معه. وكانت المرأة في كل قليل تنتقل من منزل إلى منزل، حتى سكنت خارج باب الشعرية على الخليج. فأتت العجوز إلى ماشطة مشهورة بالقاهرة واستدعتها إلى فرح، فسارت الماشطة معها بالحلي على العادة ومعها جاريتها، ودخلت الماشطة وانصرفت جاريتها، فقتل الجماعة الماشطة وأخذوا ما كان معها. وجاءت جاريتها إلى الدار تطلب مولاتها فأنكروها، فمضت إلى الوالي وعرفته الخبر، فركب إلى الدار وهجمها فإذا بالصبية والعجوز، فقبض عليهما وعرضهما على العذاب، فأقرتا فحبسهما. واتفق أن رجلا خارجا لفقد أحوالهما، فقبض عليه وعوقب فدل على رفيقه، فإذا هو صاحب أقمنة طوب فعوقب أيضاً. فوجد إنهم كانوا إذا قتلوا أحدا ألقوه في القمين حتى تحترق عظامه، وأظهروا من الدار حفائر قد ملئت بالقتلى، فسمروا جميعا. ثم انطلقت المرأة بعد يومين، فأقامت قليلا وماتت، ثم عملت الدار التي كانوا بها مسجدا، وهو المعروف. بمسجد الخناقة. ))

ويظهر هنا أن غازية الخناقة لا تختلف في فعلها عن ما صنعته ريا وسكينة في بداية القرن العشرين ..


وقد ذكر المقريزي أيضا في كتابه السلوك في معرفة الملوك في حوادث سنة 750 هـ مثل هذا وكان الدور الرئيس أيضاً للمرأة يقول :

(( وقد وقع في أيام المنصور قلاوون أن امرأة كانت تستميل النساء وترغبهن حتى تمضي بهن إلى موضع توهمن أن به من يعاشرهن بفاحشة، فإذا صارت المرأة إليها قبضها رجال قد أعدتهم، وقتلوها وأخذوا ثيابها. فاشتهر بالقاهرة خبرها، وعرفت بالخناقة؛ فما زال بها الأمير علم الدين سنجر الخياط والي القاهرة حتى قبص عليها، و سمرها.
ووقع أيضاً في أيام الملك الناصر محمد بن قلاوون أن امرأة بأرض الطبالة كانت عند طائفة البزادرية تفعل ذلك بالنساء، فقبض عليها، وسمروا وسمرت معهم؛ فكانت تقول - وهي مسمرة يطاف بها على الجمال في القاهرة - إذا رأت النساء وهن يتفرجن عليها: " أه يا [ لفظة بذيئة ] ، لو عشت لكن لأفنيتكن، ولكن ما عشت " ))

وهنا قصة أخر يذكرها المقريزي في كتابه السالف الذكر في حوادث سنة 775 هـ ولم يذكر المقريزي هذه الخناقة وإن كان قد ذكر اسم زوجها وأسمه جمعة فقال :

(( وفيه شنقت المرأة الخناقة وزوجها جمعة الخناق، وكانا في تربة من ترب القاهرة، فيدوران بالقاهرة ومصر وظواهرهما، ويأخذان من أطفال الناس وأولادهم من قدروا عليه، ويخنقاه لأخذ ما عليه من ثياب الجميلة، ففقد الناس عدة أولاد، واشتد حزنهم عليهم، وكثر ذلك في الناس حتى ذعروا منه، ففضح الله جمعة هذا وامرأته، وقبض عليهما، وعوقبا، وأخذ ما وجد عندهما من على الأولاد وثيابهم، ثم شنقا، وكان يوماً مجموع له الناس بالقاهرة، خارج باب النصر منها. ))

وبذلك يتضح أن ريا وسكينة لم تكونا بدعاً ولم يكن لهما السبق في حوادث الجرائم فقد سبقهم وسبقهن الكثير من المجرمين والمجرمات وبعض منهم اشتهر وانتشر خبرهم حتى وفي كتب المؤرخين !

الطارق غير متصل قديم 25-06-2007 , 05:42 PM    الرد مع إقتباس
البحاري البحاري غير متصل    
مبدع فائق التميز السعودية  
المشاركات: 6,857
#2  

مساء الورد .. الطارق

ننتظر مثل هذه المواضيع المميزة ..
معلومات لأول مرة اسمع عنها ..

بارك الله كل جهوووودك ,,

وتقبل تحيات سوالف بحاري

البحاري غير متصل قديم 25-06-2007 , 07:30 PM    الرد مع إقتباس
افكر كثير افكر كثير غير متصل    
كاتب فعال جداً الكون - كوكب الأرض - قارة اسيا - الجزيرة العربية --------->  
المشاركات: 1,738
#3  

اخي الطارق

اقترح على الاداره اعطائك لقب يناسب مالديك من معلومات تاريخيه . فعلاً لديك معلومات تاريخيه عجيبه وتنتقي المواضيع بشكل بديع لاعجب ان يستهوي الاعضاء والزوار قرأة مواضيعك الشيقه جداً .

بارك الله لنا فيك من كاتب يهتم بالتاريخ وحوادثه ويثري معلوماتنا يوماً بعد يوم .


جزاك الله كل خير .

اخوك افكر كثير

افكر كثير غير متصل قديم 26-06-2007 , 01:52 AM    الرد مع إقتباس
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#4  

حياك الله البحاري

معظم هذه المعلومات أخذتها من حوادث سجلها المؤرخون في كتبهم ، كنت استمتع بقراءتها
منذ أكثر من 15 سنة ، وجاءت الكتب الألكترونية فسهلت نسخها ومقارنة ما فيها ومن ثم وضعها هنا ...

تحياتي أخي البحاري
وجزاك الله خير على دعوتك المباركة بإذن الله ..
وجزاك الله على متابعتك الكريمة ..

وتقبل تحيات سوالف طارق

الطارق غير متصل قديم 26-06-2007 , 06:17 PM    الرد مع إقتباس
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#5  

حياك الله أخي أفكر كثير ..
جزاك الله خيراً على هذه الكلمات المشجعة ..
وأشكرك كثيرا على هذا الإطراء ، وأرجو من الله أن أكون عند حسن الظن ..

بالنسبة للقب ، والله لا أحب ولا أرغب أبداً يكفيني المشاركة في السوالف وبهذا المعرف ( الطارق )
بل قد أشعر بالإحراج من هذا فقد يكون أي لقب كثير على شخصي و كتاباتي في السوالف فما أنا إلا محب للتاريخ مطلع على بعض قصصه لا يزيد عن ذلك ولا استحق أبداً أي لقب ولا أرغب فيه ، وقديما قالوا رحم الله رجلاً عرف قدر نفسه



جزاك الله أخي مرة على كلماتك الجميلة
وأرجو أن يكون للموضوع بعض من الفوائد للجميع
تحياتي أخي الكريم ..

الطارق غير متصل قديم 26-06-2007 , 06:30 PM    الرد مع إقتباس
أسد الدين شيركوه أسد الدين شيركوه غير متصل    
عضو نشيط جدا  
المشاركات: 214
#6  
الطارق
بحق أنت كنز ،، ليس هذا والله مجاملة ،، انت جدير بذلك والله
صفحات التاريخ مليئة دروس وعبر وطرائف وعجائب وغرائب ،، لكن من يقرأ ...؟؟
وقد سخرك الله لنا هنا ، حتى تقتطف لنا مما تراه مناسب ،،
لكن أقترح ( مجرد اقتراح ) لو كان الموضوع طويلا أن تجعله على أجزاء في نفس المكان
اقصد يكون جزؤ هو أصل الموضوع ،، وفي مكان الرد الأول الجزء الثاني ،، وفي مكان الرد الثاني الجزاء الثالث ،،، وهكذا
حتى يسهل علينا قراءته بالتقسيط المريح
= =
أما بالنسبة لموضوع اليوم ، فقد استوقفتني ، واضحكتني هذه الفقرة :
( قالت الغالية: إيَّاه عَنَى اللّه: "وإنْ يَرَوْا كِسْفاً من السَّماء سَاقِطاً يقُولُوا سَحابٌ مَرْكومٌ"

وإيَّاه عنى مَعْدان الأعمى حيثُ يقول:
إنَّ ذا الكِسْفَ صَدَّ آل كُميل ** وكميلٌ رَذْلٌ مـن الأرْذَالِ
تَرَكا بالـعِـراق دَاءً دويّاً ** ضَلَّ فيه تلطُّف المحتـالِ )

وخاصة ما يتعلق بالقرآن .!
مرة أخرى ألف شكر لك ، وجزاك الله بلا حساب

أسد الدين شيركوه غير متصل قديم 29-06-2007 , 10:17 AM    الرد مع إقتباس
الطارق الطارق غير متصل    
مبدع  
المشاركات: 2,307
#7  

حياك الله أخي أسد الدين شيركوه ..
جزاك الله خير أخي على هذه الكلمات المشجعة ..
صدقت اخ الكريم فما أكثر ما في تاريخنا من فوائد وغرائب وعجائب وطرف
ومع الأسف أن الكثير منا غير مطلعين على ما يزخر به هذا التاريخ العظيم ..
وما أكثر ما تجد البعض منا يطلع على تاريخ أوروبا والغرب ويتمثل بما فيه
من أحداث وغرائب وعجائب وينسى تاريخ أمته !

بالنسبة لا إقتراحك أخي الكريم سأحاول عمل هذا في المرة القادمة
وقد طلبت مني أخت فاضله هذا من قبل ويبدوا أني سأتبع هذا ...
طبعاً ما عدى بعض المواضيع الطويلة جداً والتي قد أكتبها وأرجو أن تكون في القريب العاجل

بالنسب لقصة الكسف ، للأسف كثير ما استغل الجهلة مثل هؤلاء القرأن الكريم
للتدليل على دعواهم الباطلة ، وعند بعض الطوائف هناك العجائب والغرائب
في هذا الباب !

تحياتي أخي الكريم .

الطارق غير متصل قديم 29-06-2007 , 11:57 PM    الرد مع إقتباس
المشاركة في الموضوع


[عرض نسخة للطّباعة عرض نسخة للطّباعة | ارسل هذه الصفحة لصديق ارسل هذه الصفحة لصديق]

الانتقال السريع
   قوانين المشاركة :
لا بإمكانك إضافة موضوع جديد لا بإمكانك إضافة مشاركات جديدة لا بإمكانك إضافة مرفقات لا بإمكانك تعديل مشاركاتك
كود في بي vB متاح الإبتسامات متاح كود [IMG] متاح كود HTML متاح



لمراسلتنا - شبكة سوالف - الأرشيف

Powered by: vBulletin
Copyright © Jelsoft Enterprises Limited 2000.